لم تشهد جزيرة العرب قبل الإسلام نظما مالية بالمعنى المعروف بسبب غياب الدولة الواحدة، وبعد ظهور الإسلام جرى تنظيم شؤون الدولة المالية والإدارية ونظراً لقة الموارد المالية لم تنشأ فكرة تأسيس بيت مال المسلمين إلا في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حيث توسعت الفتوحات الإسلامية، وازداد تدفق الثروة وكان من الطبيعي أن يختلط العرب بالشعوب والأمم الأخرى كالفرس والروم، ويتأثروا بنظمهم الحضارية، لذلك تم تدوين الدواوين بأمر من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة 20هـ وتم إنشاء أول بيت للمال في عهده، وكان معنياً بتنظيم إيرادات الدولة ومصروفاتها وحفظ الأموال التي لا حافظ لها حقيقة أو حكماً. بعد ذلك مرّ بيت مال المسلمين بعدد من المراحل التاريخية وفقاً لتعاقب الدول حتى وقتنا الحاضر وكانت مهامه واختصاصاته تختلف باختلاف المراحل التاريخية التي يمر بها. ففي وقتنا الحاضر سعت المملكة منذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- إلى تنظيم شؤون القصٌّر ومن في حكمهم من خلال صدور أول نظام إداري في المملكة في عهده - يرحمه الله - حيث صدر نظام (أوضاع المحاكم الشرعية وتشكيلاتها) بتاريخ 4 صفر عام 1346هـ (الموافق 1927م) ونصت الفقرة (جـ) من الفصل الخامس عن إنشاء بيوت المال في محاكم مكة وجدة والمدينة وينبع ويتولى كاتب المحكمة في الملحقات التي ليس فيها دائرة لبيت المال أعمال هذه الوظيفة حسب ما قرره هذا النظام ، ثم صدر بعد ذلك نظام تركيز مسئوليات القضاء الشرعي بالأمر السامي رقم 132/1/3 في 1357/01/04 هـ (الموافق 1938م) ثم أعيدت صياغة هذا النظام بالتصديق العالي رقـم 109 في 1372/01/24 هـ (الموافق 1953م) حيث أختص الـباب السابع من هذا النظام بتنظيم أعمال دوائر بيوت المال في المحاكم وقد اشتمل على خمسة فصول واحتوى على (44) مادة لتنظيم أعمال بيوت المال. وتكمن أهمية وظيفة مأمور بيت المال في كونها تعنى بخدمة فئات ضعيفة في المجتمع كالأيتام والغائبين ونحو ذلك ، وكانت مهام بيت المال عند إنشائه في المملكة متشعبة فبالإضافة إلى حفظ أموال القصر والغيب ومن في حكمهم كان من مهامه أيضاً مساعدة المعسرين والمساجين وتجهيز الموتى وتسجيل المتوفين من المواطنين والأجانب، بعد ذلك توزعت هذه المهام بين عدة وزارات، فأما ما يتعلق بالأرامل والأيتام والمعسرين والمساجين فيتولى شئونهم وزارة الشئون الاجتماعية من خلال الضمان الاجتماعي، وأما تجهيز الموتى فيتم عن طريق البلديات ، وأما تسجيل المواليد والوفيات فيتم من خلال مكاتب الأحوال المدنية. واقتصرت أعمال بيوت المال التابعة لوزارة العدل على حفظ الأموال التي لا حافظ لها حقيقة أو حكماً ، كأموال القصر الذين لا ولي لهم، والغيب الذين لا وكيل لهم، وكذلك المجهولة التي لا يعرف أصحابها كاللقطات والسرقات فتحفظ حتى يتم التعرف على أصحابها، والأموال و الديات التي يكون فيها نزاع حتى ينتهي الإيجاب الشرعي فيها و غير ذلك. وتعرف وظيفة مأمور بيت المال في كثير من الدول باسم الأمين الحكومي أو الراعي الحكومي أو المندوب الحمائي ، وهو الشخص المعني بحفظ أموال القاصرين ومن في حكهمم.