تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - التقريرين السنويين الخمسين والحادي والخمسين لمؤسسة النقد العربي السعودي، الذي يستعرض أبرز التطورات الاقتصادية المحلية والعالمية للعامين الماليين 2013 م و 2014 م .
جاء ذلك خلال استقباله - أيده الله - في مكتبه بقصر السلام بجدة اليوم، معالي وزير المالية إبراهيم العساف، ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي فهد المبارك، ونائب المحافظ عبدالعزيز الفريح، ووكلاء المحافظ.
واشتمل التقريران على التطورات النقدية والمصرفية وميزان المدفوعات وآخر تطورات القطاع الخارجي والمالية العامة والقطاعات النفطية وغير النفطية بما في ذلك تطورات أنشطة التأمين والتمويل والسوق المالية ، بالإضافة لسلسلة زمنية من احصاءات المالية العامة والنفط والاحصاءات النقدية والبنكية واحصاءات القطاع الحقيقي .
وقد تشرف بتسليم التقريرين لخادم الحرمين الشريفين محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الذي ألقى الكلمة التالية: يشرفني ياخادم الحرمين الشريفين تقديم التقريرين السنويين الخمسين والحادي والخمسين لمؤسسة النقد العربي السعودي اللذين يستعرضان أحدث التطورات الاقتصادية والمالية في المملكة للعامين الماليين الماضيين .
وأوضح أن البيانات تشير إلى أن الاقتصاد الوطني حقق نتائج جيدة في عام 2014م ، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 5ر3 في المئة ، متجاوزاً بذلك معدل نموه في عام 2013 البالغ 7ر2 في المئة ، وكذلك معدل نمو الاقتصاد العالمي البالغ 4ر3 في المئة ، وحقق القطاع الخاص نمواً نسبته 6ر5 في المئة وسجلت المالية العامة أعلى مستوى إنقاق في تاريخها بنحو 1110 مليار ريال أي مايعادل 40 في المئة من الناتج المحلي وتراجعت نسبة الدين العام إلى 6ر1 في المئة من الناتج المحلي واستمر ميزان المدفوعات بتحقيق فائض لعامه السادس عشر على التوالي ليبلغ في عام 2014م حوالي 288 مليار ريال وتراجع معدل نمو الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة بشكل تدريجي من نحو ستة بالمئة في عام 2008م إلى أقل من 8ر2 بالمئة في عام 2014م.
وبين معاليه أن القطاع النقدي والمصرفي ساهم بدور فاعل في الحركة الاقتصادية من خلال توفير السيولة الملائمة لتمويل الأنشطة الاقتصادية المتنامية، فقد ارتفع إجمالي عرض النقود في عام 2014م بنسبة 12 في المئة وواصلت المصارف تقديم خدمات مصرفية ومالية حديثة وشاملة في مختلف مدن ومناطق المملكة عبر فروعها ومكائن الصرف الآلي والقنوات الالكترونية ، وحقق نشاط التأمين تحسناً في أدائه ، فقد ارتفع إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها في عام 2014م بنسبة 20 في المئة لتبلغ أكثر من 30 مليار ريال . كما ركزت المؤسسة على حماية عملاء القطاع المالي وشمولية الخدمات المقدمة لهم.
وأشار إلى أن المؤسسة واصلت دورها الأساسي في تنفيذ سياسة نقدية فاعلة للمحافظة على مستوى السيولة الملائمة في النظام المالي والمحافظة على استقرار الأسعار ودعم سياسة صرف الريال التي خدمت وتخدم الأنشطة الاقتصادية وكذلك استمرار الرقابة الحصيفة على المصارف وشركات التأمين والتمويل ، حيث أدى ذلك بالإضافة إلى قوة الاقتصاد الوطني إلى محافظة المملكة على معدلات تصنيف سيادية مرتفعة من وكالات التقييم الدولية ، مما يجعل اقتصادنا الوطني أكثر استقراراً وجاذبية للاستثمارات المحلية والأجنبية.
وقال معاليه "يتوقع أن تستمر التنمية الشاملة للاقتصاد في عام 2015م والأعوام القادمة ، إن شاء الله في ظل قيادتكم الحكيمة ، فقد شهد الاقتصاد الوطني اتخاذ مجموعة واسعة من القرارات والإجراءات لإعادة هيكلة وتنظيم القطاعات الاقتصادية بهدف رفع مستوى كفاءته وتنافسيته ودعم التشغيل الأمثل للموارد الاقتصادية ، وقد ركزت السياسات الاقتصادية للمملكة على مجالات حيوية منها تنمية وتطوير القوى البشرية الوطنية ، وتحديث وصيانة مشاريع البنية التحتية ، والسعي لتنويع القاعدة الإنتاجية ، وبناء الاحتياطيات المالية للدولة بهدف مواجهة التطورات غير المتوقعة في أسعار النفط العالمية ،واستمراراً لنهج التطور والبناء ، جاءت أوامركم الكريمة - أيدكم الله - بدمج الشئون الاقتصادية والتنموية في مجلس واحد بهدف توحيد صنع القرارات الاقتصادية ورفع كفاءة الأداء والتنسيق بين رؤى واستراتيجيات وأنشطة الجهات الحكومية المختلفة ذات العلاقة بتحقيق التنمية المستدامة والمتكاملة لخدمة ورفاهية المواطن.
وأضاف " كما أن استمرار المملكة بممارسة دورها العالمي الهادف إلى استقرار وتوازن أسواق النفط العالمية على المدى المتوسط والبعيد في ضوء ما يخدم مصالح المملكة بالحفاظ على حصتها السوقية وتوثيق علاقتها بعملائها حول العالم هو تنفيذ حكيم لسياسة حكومتنا الرشيدة".
وأشار إلى أن خطط التنمية الخمسية المتعاقبة اشتملت على أهداف وبرامج لمعالجة التحديات الاقتصادية القائمة والتي - لا تألون جهداً حفظكم الله - في متابعتها وتذليلها ، ومن هذه التحديات التي تتطلب مواصلة تعزيز الجهود وتكاتف مؤسسات الدولة لمواجهتها التحول من اقتصاد يعتمد بشكل كبير على مصدر واحد قابل للنضوب إلى اقتصاد متنوع في قاعدته الإنتاجية لتشمل مجالات أوسع ليسهم القطاع الخاص بدوره في التنمية ، ويقدم فرص توظيف حقيقية للقوى العاملة الوطنية، ومن البرامج التي تتطلب استمرار العمل عليها تنفيذ استراتيجية الإسكان ، ودراسة البدائل المتاحة للحد من التوسع السريع في الاستهلاك المحلي من النفط الخام والغاز الطبيعي والمنتجات البترولية.
وقال معالي محافظ مؤسسة النقد إن الوضع الجيد لسوق النفط العالمية في الأعوام الماضية إنعكس إيجاباً على المالية العامة للدولة ، فقد بلغ حجم الإنفاق الفعلي في خمسة الأعوام الماضية نحو 4ر4 تريليون ريال. صرف منها نحو 30 في المئة على مشاريع رأسمالية مختلفة إلا أن التراجع الذي شهدته أسعار النفط منذ النصف الثاني من العام الماضي يمثل تحدياً متجدداً للاقتصاد الوطني في دورته الحالية وهذا يتطلب اتخاذ التدابير اللازمة بهدف الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لمواصلة مسيرة التنمية في ظل قيادتكم المباركة" .
وقد أشاد خادم الحرمين الشريفين -أيده - الله بالوضع المالي في المملكة نتيجة ما تتمتع به ولله الحمد من أمن واستقرار ، مؤكدا أهمية دور المؤسسة واستمرارية العمل ومواصلة النجاح .
حضر الاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ومعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، ومعالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير.