نبه منتدى الرياض الاقتصادي إلى الآثار السلبية المترتبة على استمرار اعتماد المملكة على النفط لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه بنفس معدلات الاستهلاك الحالية،وقال هناك احتمال خسارة إيرادات المملكة بنحو 795 مليون ريال ( 212 مليون دولار ) يومياً بحلول عام 2035م، وطالب المنتدى بأهمية مواصلة الجهود والخطط المتعلقة بالاستفادة من إمكانات الطاقة البديلة والمتجددة، والحد من الاستهلاك المفرط للثروة البترولية.
وتركزت مناقشات المنتدى في حلقة نقاش متخصصة عقدت مساء الاربعاء الماضي حول الخروج بتوصيات تقترح مبادرات عملية قابلة للتطبيق من أجل تعزيز جهود المملكة لبلوغ موقع الريادة الإقليمية في قطاع الطاقة البديلة والمتجددة، واقتراح الخيارات الأفضل للمملكة لتطوير القطاع، بهدف تقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية والحفاظ على ثرواتها النفطية للأجيال القادمة، وخفض الاستهلاك المتنامي بصورة كبيرة من البترول المستخدم في إنتاج الطاقة وتحلية المياه، والبحث عن أفضل البدائل الاقتصادية لتوليد الطاقة.
وجاءت حلقة النقاش الثالثة التي عقدها المنتدى لمناقشة سير الدراسة التي يعدها في هذا الخصوص بعنوان: "اقتصاديات الطاقة البديلة والمتجددة في المملكة.. التحديات وآفاق المستقبل" وعقدت الحلقة في إطار التحضير لفعاليات الدورة السابعة للمنتدى،والتي ستقام تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ خلال الفترة من 8 ـ 10ديسمبر 2015، وشارك فيها نخبة بارزة من الخبراء الفنيين والاقتصاديين والأكاديميين والمختصين بعدد من الجهات المعنية مثل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، الهيئة الملكية للجبيل وينبع، الشركة السعودية للكهرباء، شركات الطاقة، وعدد من رجال الأعمال.
ولفت المشاركون إلى خطورة استمرار معدلات استهلاك البترول الحالي لتوليد الكهرباء وتحلية المياه والبالغ حالياً وفق الإحصاءات المتخصصة نحو 4.2 مليون برميل نفط مكافئ يومياً، والمتوقع أن تتضاعفتقريباً بحلول عام 2030، بينما يتوقع أن تزيد عن نحو 9.5 مليون برميل نفط مكافئ يومياً عام 2035، وهو الأمر الذي يفرض على المملكة التوجه بقوة نحو الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، لوقف الاستهلاك المفرط والمتزايد للبترول،فضلاً عما يحدثه الاستهلاك من آثار بيئية ضارة للمجتمع.
وتناولت مناقشات المتخصصين المفاضلة بين البدائل والخيارات الأفضل للمملكة من الناحية الاقتصادية وبما يحفظ ثرواتها النفطية من الاستنزاف،ويتوافق مع ظروفها المناخية، وفي ضوء التجارب الدولية، سواءً فيما يتعلق ببدائل الطاقة المتجددة، والتي تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح، أو الطاقة النووية، وأشار المشاركون في الحلقة إلى أهمية أن تركز الدراسة الجارية في هذا الشأن على اختيار أفضل التقنيات والتجارب العالمية في هذا الخصوص.
ولفت الدكتور عبدالعزيز السويلم رئيس الفريق المشرف على الدراسة إلى أن هذه الدراسة تعد الأولى من نوعها التي يبادر القطاع الخاص بإعدادها ممثلاً في المنتدى المنبثق عن غرفة الرياض،حيث كان يقتصر إعدادهذا النوع من الدراسات على القطاع الحكومي، وقال إن الحلقة الثالثة عملت على مناقشة وصياغة الأطر الاقتصادية الأمثل للمملكة لتطوير قطاع الطاقة البديلة والمتجددة.
وأضاف أن الحلقة الرابعة والأخيرة القادمة ستركز النقاش على بحث خريطة الطريق العملية لإشراك القطاع الخاص في قطاع الطاقة البديلة والمتجددة، من أجل دعم أهداف المملكة في المحافظة على معدلات تصدير البترول وزيادتها والحفاظ على معدلات صادراتها وعائداتها، وأشار إلى أن فريق الدراسة سيتمكن من إتمامها في غضون الأسابيع المقبلة، حيث ستوضع أمام مجلس أمناء المنتدى لمراجعتها وتقييمها حتى تكون جاهزة للنقاش في جلسات المنتدى الرئيسية في ديسمبر القادم.
وطرح المشاركون بعض المقترحات التي تعزز البنية الأساسيةللمملكة للاستعداد لدخول عصر الطاقة البديلة والمتجددة، منها تأسيس منظومة لنقل التقنية المتطورة في القطاع بالتعاون مع الشركات العالمية المتقدمة في مجالات الطاقة البديلة والمتجددة، وتأسيس برنامج وطني للبحوث والتطوير في هذا القطاع، وتشكيل ائتلاف يدعم البحوث التي تتماشى مع طبيعة المملكة الجغرافية والمناخية، وإدخال مناهج تعليمية خاصة بالقطاع في الجامعات التقنية.
كما لفت البعض إلى ضرورة الاهتمام ببرامج رفع كفاءة استهلاك الطاقة، بالتوازي مع جهود تطوير قطاع الطاقة البديلة والمتجددة، من خلال تعزيز البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة والهادف إلى توفير نحو 1.5 مليون برميل نفط مكافئ يومياً بحلول عام 2030، حيث يتبنى البرنامج تنفيذ مجموعة من الإجراءات من أهمها برنامج رفع كفاءة الطاقة في كافة القطاعات السكنية والصناعية والنقل البري، ويركز على تعميم عزل المباني بهدف منع تسريب الطاقة، واستخدام أجهزة التكييف، والأجهزة الكهربائية الأخرى في المنازل ذات المواصفات القياسية الموفرة لاستهلاك الطاقة.
وكانت الحلقة قد افتتحت بكلمة مجلس أمناء المنتدى ألقاها نائب رئيس المجلس الأستاذ عبدالعزيز العجلان عبر فيها عن الأمل في أن يتمكن المنتدى من الخروج بدراسة رصينة تعزز جهود المملكة في تطوير الطاقة البديلة والمتجددة والاعتماد عليها في سد جانب مهم من احتياجاتها، بما يمكنها من وقف الهدر الكبير الناتج عن الاستخدام المفرط في النفط والتوسع في استخدامه، للحصول على الطاقة التقليدية، مما يترتب عليه أضرار كبيرة للبيئة.
وقال إنه يتوجب على الدراسة أن تجيب على التساؤلات الأساسية حول المبادرات العملية التي تسهم في تعزيز مشاركة القطاع الخاص في بلوغ المملكة موقع الريادة الإقليمية في قطاع الطاقة البديلة والمتجددة، وبلورة الصيغة المثلى لتنمية الاعتماد على الطاقة البديلة والمتجددة وأنسب وسائلها وتعزيز أقدام المملكة على طريق استخدام واستثمار الطاقة البديلة والمتجددة، بما يخدم أهداف الاقتصاد الوطني في تحقيق التنمية والوفاء بالاحتياجات الحقيقية للمجتمع.