أعلنت شركة تنمية نفط عمان، أكبر شركة منتجة للنفط والغاز في سلطنة عمان، وشركة جلاس بوينت سولار، شركة رائدة عالمياً في مجال الاستخلاص المعزز للنفط باستخدام الطاقة الشمسية، اليوم عن خطط لبناء إحدى أكبر محطات توليد البخار بالطاقة الشمسية في العالم.
وستبلغ طاقة مشروع "مرآة" 1021 ميجاواط حراري، وسيقع في جنوب منطقة الامتياز التابعة لشركة تنمية نفط عمان وسيعمل على استخدام الطاقة الشمسية لتوليد البخار الذي سيستخدم بدوره في أساليب الاستخلاص المعزز للنفط الحرارية لاستخلاص النفط الثقيل من حقل أمل. والجدير بالذكر أن "مرآة"سينتج أكبر كمية من الطاقة الحرارية عند الذروة مقارنة بأي مشروع للطاقة الشمسية في العالم. ويؤكد نطاق هذا المشروع البارز على وجود سوق ضخمة لاستخدام الطاقة الشمسية في صناعة النفط والغاز.
وإضافة إلى ذلك، ستوفر المحطة حلاً مستداماً لتوليد البخار المستخدم في أساليب الاستخلاص المعزز للنفط والذي يولّد حالياً بحرق الغاز الطبيعي. وسيوفر مشروع "مرآة" بعد استكماله، 5,6 تريليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز الطبيعي سنوياً، وهي كمية يمكن الاستفادة منها في توفير الكهرباء للمنازل لأكثر من 209 آلاف شخص في عُمان.
وفي حفل توقيع العقد الذي عقد بمسقط، قال مدير عام شركة تنمية نفط عمان راؤول ريستوشي: "إن الشركة فخورة بتبوّئها مركز الصدارة في خريطة الصناعة في اعتمادها أساليب لاستخلاص النفط باستخدام الطاقة الشمسية بحجم ودرجة من الكفاءة لا مثيل لهما من قبل. وسيوفر المشروع نسبة كبيرة من الطلب على الغاز بحقل أمل وهو من خطط الإنتاج الهامة للشركة".
"إن استخدام الطاقة الشمسية في أساليب استخلاص النفط من الحلول الاستراتيجية طويلة الأمد لتطوير مشاريعنا لاستخلاص النفط الثقيل والتقليل من استهلاك الغاز الطبيعي الثمين، والذي يتزايد الطلب عليه لاستخدامه في أماكن أخرى لتنويع اقتصاد السلطنة وتحقيق النمو الاقتصادي. كما سيكون من شأنه أن يحل محل الديزل وغيره من موارد توليد الطاقة وحرق النفط التي تولد كميات كبيرة من الكربون في المشاريع الحرارية مستقبلاً".
"لقد أثبتت شركة تنمية نفط عمان بأنها من الرواد في مجال الاستخلاص المعزز للنفط لسنوات عدة، ولا شك في أن دوره سيزيد أهمية في مختلف مشاريع الشركة حيث سيستحوذ الاستخلاص المعزز للنفط على ثلث إنتاجنا بحلول عام 2023".
وتجدر الإشارة إلى أن التعاون بين الشركتين بدأ عام 2010 في مشروع تجريبي تكلل بالنجاح بحقل أمل يهدف إلى تجربة الجدوى التجارية من توليد البخار بالطاقة الشمسية، وقد أنتج المشروع 50 طناً من البخار في اليوم. ومن المخطط أن يستمر عمل هذا المشروع التجريبي الذي يولد 7 ميجاواط من الطاقة إلى جانب المشروع التطويري المتكامل.
وأضاف راؤول: "تم إرساء العقد لشركة جلاس بوينت نظراً للنجاح الذي حققه المشروع التجريبي لتوليد البخار بالطاقة الشمسية والذي فاق التوقعات من حيث موثوقية عمله وتوليده للبخار خلال العامين المنصرمين. ولا شك في أن النجاحات التي سجلتها شركة جلاس بوينت قد دفعتنا نحو الإقدام على هذا المشروع التاريخي والذي سيكون أكبر عن نظيره التجريبي بمئة مرة".
وسيولد هذا المشروع حوالي 6 آلاف طن من البخار بالحرارة الشمسية يومياً ليتم استخدامه في عمليات إنتاج النفط، حيث تتضاءل أمامه كافة المرافق الأخرى للاستخلاص المعزز بالنفط بالأسلوب الحراري. وسيزود المرفق عمليات الاستخلاص المعزز للنفط الحراري بحقل أمل بالبخار، ليلبي بذلك جزءاً كبيراً من حاجة الحقل للبخار. وسيتكون المشروع المتكامل من 36 بيتاً زجاجياً يتم بناؤها وتشغيلها على 9 دفعات – كل دفعة مكونة من 4 بيوت زجاجية، وستبلغ المساحة الكاملة للمشروع 3 كيلومترات مربعة أي ما يعادل 360 ملعب كرة قدم، إلا أن حقل الطاقة الشمسية نفسه سيمتد على مساحة تقل بعض الشيء عن كيلومترين مربعين.
وسيبدأ العمل على المشروع خلال هذا العام، مع توقع توليد البخار من أول بيت زجاجي خلال عام 2017. وفور اكتماله، سيولد مشروع "مرآة" كمية طاقة هائلة للمستهلكين تفوق ما تنتجه محطات الطاقة الشمسية الأخرى في العالم. ومن المتوقع أيضاً أن يساهم مشروع "مرآة" في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 300 ألف طن سنوياً، وهو ما يعادل ما تنتجه 63 ألف سيارة.
ومن جانبه، قال رود ماكجريجور، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة جلاس بوينت سولار: "تعد صناعة النفط والغاز السوق الكبرى التالية للطاقة الشمسية. ولا شك في أن إنتاج النفط الثقيل يتطلب كميات هائلة من الطاقة، حيث يتطلب الإنتاج من حقل للنفط ما يوازي استهلاك مدينة صغيرة من الطاقة. وشركة تنمية نفط عمان هي من الرواد العالميين على صعيد الابتكار في مجال النفط والغاز، وهي أول شركة تدرك قيمة استبدال مصادر الوقود التقليدية بالطاقة الشمسية لتوليد البخار المستخدم في أساليب الاستخلاص المعزز للنفط".
وأضاف قائلاً: "نحن في شركة جلاس بوينت سعيدون للغاية لولوج عصر جديد ينبني على الشراكة بين صناعتي النفط والطاقة الشمسية. ولا شك في أن شراكتنا مع شركة تنمية نفط عمان ستمهد الطريق لإنشاء مشاريع أكبر حجماً في هذا المجال في حقول مختلفة حول العالم".
والجدير بالذكر أن العالم قد استنفد الكثير من مخزونه من ما يعرف بالنفط السهل. وللإبقاء على مستويات الإنتاج، باتت شركات النفط تبتعد أكثر عن استخدام الأساليب الأولية والثانوية لإنتاج النفط وغدت تعتمد أساليب الاستخلاص المعزز للنفط فضلاً عن تطوير مصادر غير تقليدية، إلا أن عملية الإنتاج منها معقدة ومكلفة. وكذلك هو الحال مع استخلاص النفط الثقيل، الذي يمثل الجزء الأكبر من احتياطي العالم المتبقي من النفط، والذي يتطلب كمية هائلة من الطاقة لإنتاجه. فعادة، يتم استهلاك ما يعادل برميل واحد من النفط الثقيل من الطاقة في عملية إنتاج 5 براميل من النفط نفسه.
ومن الأساليب الأكثر اعتماداً لاستخلاص النفط الثقيل هو أسلوب الغمر بالبخار، وهو نوع من أنواع الاستخلاص المعزز للنفط بالأسلوب الحراري وينطوي على حقن بخار في المكمن لرفع درجة حرارة النفط وخفض لزوجته مما يسهل ضخه إلى السطح. وعادة ما ينتج البخار المستخدم في هذه العملية عن طريق حرق كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على الغاز مع زيادة مشاريع الاستخلاص المعزز للنفط.
أما تقنية شركة جلاس بوينت، فهي تعتمد على الطاقة الشمسية في توليد البخار مما يساهم في خفض استهلاك حقل ما للغاز بنسبة 80٪. وبإمكان السلطنة استخدام وفورات الغاز هذه لتلبية الطلب المتزايد على الغاز لتوليد الطاقة وعمليات التحلية والتطور الصناعي وصادرات الغاز الطبيعي المسال.
وقد صممت جلاس بوينت تقنية لتركيز الطاقة الشمسية لتلبية الاحتياجات الخاصة لصناعة النفط والغاز. وعلى خلاف الألواح الشمسية التي تولد الكهرباء، تستخدم تقنية الأحواض المغلقة لجلاس بوينت مرايا كبيرة مقوسة لتوجيه أشعة الشمس إلى أنبوب غليان يحتوي على كمية من المياه. وتعمل هذه الطاقة المركزة على غلي المياه وتوليد بخار عالي الجودة والذي سيتم ضخه في شبكة توزيع البخار القائمة.
وقد تم وضع نظام الطاقة الشمسية المركزة داخل بيت زجاجي مزود بآلية تنظيف أوتوماتيكية لحماية المرايا من الظروف المناخية كالرياح والرمال والعواصف الترابية التي تتسم بها السلطنة ومنطقة الخليج عموماً. وتوفر البيوت الزجاجية بيئة خالية من الرياح تمكن من جعل المرايا والقطع الأخرى خفيفة ورفيعة جداً. وبما أن وزن المرايا الموجودة داخل الأحواض المغلقة يعادل جزءاً بسيطاً من وزن أنظمة الطاقة الشمسية الخارجية، فهي تؤدي إلى تحقيق وفورات في المواد والتكاليف.
وينطوي مشروع "مرآة" على إمكانيات كبيرة لإيجاد قيمة للسلطنة وخلق فرص جديدة في مجالات تطوير سلسلة التموين العمانية والقدرة التصنيعية، والتدريب والتوظيف. ويتم حالياً تطوير خطط لتوطين سلسلة التموين والتي تتضمن تأسيس مصنع محلي في السلطنة.
وعلى صعيد آخر، عززت شركة تنمية نفط عمان من جهودها لإدارة الطاقة من خلال تركيب محطة توليد بنظام الدورة المركبة واستخلاص الطاقة المهدرة وأنظمة تقليل فاقد الطاقة في شبكات التوزيع، وضوابط الغاز، إلى جانب استخدام توربينات ومضخات انغمارية كهربائية أكثر كفاءة، وأنظمة استخلاص الغاز بضغط منخفض ووفق ضغط الغلاف الجوي، والإضاءة التي تعمل بالطاقة الشمسية وتقنية التوليد الثنائي (LED).
ويعد مشروع مستنقعات القصب الاصطناعية، الذي حاز على جوائز عدة، أكبر مستنقع صناعي في العالم ويستخدم طاقة الطبيعة المتمثلة في أحواض كبيرة للقصب لمعالجة ما يربو على 700 ألف برميل من المياه المصاحبة لإنتاج النفط في اليوم ، بجزء بسيط من التكلفة والطاقة الكبيرة التي يتطلبها الأسلوب التقليدي للتخلص من المياه في الطبقات العميقة. وقد أسفر هذا المشروع عن توفير الطاقة وغاز الوقود وتقليل الانبعاثات بنسبة 98٪، كما يتيح الفرصة لتحويل المياه المصاحبة للإنتاج إلى مورد ذا قيمة.
وقال راؤول: "سيكون ربط تقنية الاستخلاص المعزز للنفط باستخدام الطاقة الشمسية بعمليات حقول النفط القائمة عملية سلسة وستساهم في تعزيز جهودنا لحفظ الطاقة والبناء على مشروعنا لمعالجة المياه المعترف به عالمياً وغيره من المبادرات في سائر مواقع الشركة".
"وبإمكان هذا المشروع جعل عُمان مركزاً عالمياً للتميز في مجال الاستخلاص المعزز للنفط باستخدام الطاقة الشمسية، ناهيك عن الفوائد الاقتصادية كإيجاد فرص التدريب والتوظيف للمواطنين، وبناء سلسلة تموين محلية قوية واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، فضلاً عن تمهيد الطريق لاعتماد أساليب الاستخلاص المعزز للنفط باستخدام الطاقة الشمسية في كافة أنحاء العالم بكونها أسلوب موثوق ومستدام".
"ما نهدف إليه هو تأمين استخلاص أكبر من الهايدروكربونات، وفي الوقت نفسه خفض استهلاك الطاقة وما يترتب على ذلك من تكاليف. ونحن على ثقة بأن هذا سيكون مشروعاً مستداماً سيعود بالفائدة على شركة تنمية نفط عمان، وشركة جلاس بوينت وسلطنة عمان على حد سواء".