بلا شك أن جزءاً كبيراً ليس باليسير من الاستهلاك المحلي للنفط والغاز بالمملكة يوجه لإنتاج الكهرباء. والمملكة كدولة قارية تتصف بالطقس الحار تحتاج سنويا إلى إنتاج معدلات أعلى من الكهرباء، بل إنها تمكنت من الحفاظ على معدلات مستقرة من إنتاج الكهرباء تكفي لمواجهة الاحتياجات السكنية والتجارية وغيرها، خلافا لدول عربية كثيرة تواجه عجزا كبيرا ومستعصيا ما بين الاحتياجات من الكهرباء وبين حجم إنتاجها، وإذا كانت المملكة الآن تنادي بكل قوة بزيادة حجم إنتاج القطاع الخاص غير النفطي، والذي يتجلى جوهريا في زيادة عدد المصانع وارتفاع حجم طاقاتها التصنيعية، فإن ارتفاعا مستمرا يتوقع أن يحدث في الطلب على الكهرباء. بل إن مشاريع الإسكان الجديدة والتمدد العمراني الذي تشهده كافة مدن المملكة، وخاصة في مناطق جديدة غير مأهولة عمرانيا يعني مزيدا من الطلب على الكهرباء.
الطلب على الكهرباء أصبح مرتبطا بشكل واضح بزيادة الطلب على الوقود لإنتاج الكهرباء، وهذا الطلب يتم تلبيته بالنفط والغاز.. وتشير الاحصاءات إلى أن الطلب على الوقود لإنتاج الكهرباء يلبي بنسبة 50% من الوقود الثقيل و50% من الغاز.
كما تقدر تلك الاحصاءات أن المملكة تستهلك يوميا حوالي 1.6 مليون برميل نفط مكافئ لإنتاج الكهرباء، وذلك حسب احصاءات عام 2012م.. وحسب توقعات زيادة الطلب على الكهرباء في عام 2032م والتي تتنبأ بالحاجة إلى 120 جيجا واط، فإن هناك توقعات مؤكدة بارتفاع الطلب على النفط إلى حوالي 3.0 مليون برميل نفط مكافئ يومياً.
والمعلوم أن المملكة تنتج يوميا حوالي 10.3 الى 11.1 مليون برميل من النفط يوميا، تصدر منها حوالي 7.7 مليون برميل يوميا، أي أنها تستهلك حوالي 3.4 مليون برميل يوميا .. نصف هذا الوقود بمشتقاته يستخدم تقريبا لإنتاج الكهرباء.. أي أن 1.7 مليون برميل نفط مكافئ يذهب لإنتاج الكهرباء، وهي كمية كبيرة ومستمرة ولا يمكن الاستغناء عنها لأهمية إنتاج الكهرباء لتلبية الاحتياجات السكنية والتجارية.
وفي المفاضلة بين النفط والغاز تتجه الأنظار إلى تفضيل الغاز كوقود نظيف عن النفط الثقيل .. إلا إن الآمال تنعقد على وقود وطاقة أكثر نظافة من ناحية، وطاقة تحافظ على الوقود الأحفوري لمجالات تزداد فيها تكلفة الفرصة البديلة.. فالغاز السعودي بالكامل يتم استهلاكه محلياً، وله فرصة بديلة مرتفعة في جوانب أخرى.
وتشير تقارير عديدة إلى أن استمرار معدلات استهلاك الوقود بنفس معدلاتها الحالية يوشك أن يستنزف كافة الطاقات الإنتاجية من النفط والغاز في 2032م نتيجة الزيادة الكبيرة والمتواصلة في معدلات إنتاج الكهرباء، وأيضا نظرا لارتفاع معدل استهلاك الفرد السعودي من الطاقة مقارنة بمعدلات استهلاك الفرد في أغلب الدول الصناعية الكبرى.
لكل ذلك، فإن الأنظار والخطط الآن تتجه إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة والأكثر توافقاً مع العناصر البيئية والمناخية، وهي الطاقة الشمسية.. والتي تستطيع تغطية نسب عالية للغاية من إنتاج الكهرباء بعيدا عن استنزاف الوقود الأحفوري.
وتظهر مؤشرات «إرنست ويونغ» حول الدول الأكثر جاذبية في مجالات الطاقة المتجددة إلى امتلاك المملكة لإمكانات عالية في طاقة الرياح والطاقة الشمسية.. وتتجه التوقعات العالمية لمراقبي الطاقة إلى أن المملكة من المتوقع أن تصبح واحدة من أهم منتجي الطاقة الشمسية النظيفة في العالم وأنها يمكن أن تتحول خلال السنوات المقبلة من تصديرها إلى العالم، لتصبح أكبر منتج للطاقة التقليدية والطاقة المتجددة على مستوى العالم بنفس الوقت.
وقد رصدت المملكة مخصصات مالية بما يناهز 400 مليار ريال لإطلاق مشاريع عملاقة يتوقع أن تنتج كميات ضخمة من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية.. ومن المقدر أن تتمكن المملكة من تشغيل محطات للطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية تصل إلى 41 جيجاوات بحلول العام 2032، وهي المشاريع التي من المفترض أن تلبي أكثر من 30% من حاجات المملكة من الكهرباء.