تم اختيار أربعة معلّمين من العالم العربي، ثلاثة من فلسطين ومعلّمة من الأردن، ضمن القائمة النهائية لأفضل 50 معلماً مرشحاً لنيل "جائزة المعلم العالمية 2016" عبر الموقع الإلكتروني globalteacherprize.org.
ويعد هذا العام الثاني للجائزة التي يشير إليها الكثيرون باسم "جائزة نوبل للتعليم"؛ وهي تعتبر أكبر جائزة من نوعها في العالم بقيمتها البالغة مليون دولار أمريكي، وقد أطلقتها "مؤسسة فاركي" تقديراً للمعلم الأفضل الذي يقدم أداءً وإسهامات متميزة في مجال التربية والتعليم، ولتسليط الضوء على الدور النبيل الذي يلعبه المعلمون في المجتمع. ومن خلال استكشاف آلاف القصص الاستثنائية التي ساهمت بإحداث نقلة نوعية في حياة الشباب، تتطلع الجائزة إلى بث الحياة في هذه المهنة النبيلة التي يمتهنها ملايين الأشخاص حول العالم.
وتم اختيار القائمة النهائية التي تضم 50 مرشحاً من بين 8 آلاف طلب ترشيح من 148 بلداً حول العالم، فيما ينتمي مرشحو القائمة إلى 29 بلداً؛ ومن خلال تسليط الضوء على قصصهم، تأمل "مؤسسة فاركي" أن تتمكن من إثارة اهتمام عامة الناس ووعيهم بدور المعلم في بناء المجتمع. وسيتم الإعلان عن اسم الفائز النهائي بالجائزة خلال "المنتدى العالمي للتعليم والمهارات" الذي ينعقد في دبي يوم الاثنين 16 مارس 2016.
وشملت القائمة النهائية أربعة معلمين من العالم العربي هم:
المدرّسة حنان خليل من مدرسة سميحة خليل في منطقة سطح مرحبا بمدينة البيرة في رام الله. نشأت حنان في مخيم للاجئين الفلسطينين، وعانت من إصابة أطفالها بالصدمة إثر حادثة إطلاق نار لقوات الاحتلال الإسرائيلي. ونظراً لكون معظم أطفال فلسطين معرضون للعنف داخل وخارج المدراس، تبذل حنان قصارى جهدها لتوفير بيئة آمنة ضمن الصف، مع إيلاء اهتمام خاص لاحتياجات كل طفل. ويعتمد أسلوبها بشكل رئيسي على العمل الجماعي، المعرفة، ومكافأة السلوك الإيجابي. وقد شاركت أسلوبها التدريسي الشيّق ضمن كتاب "نلعب ونتعلم"، وذلك خلال مؤتمرات وزارية، واجتماعات المعلمين، وبرامج تدريب المعلمين.
ويقوم جودت صيصان من مدرسة مغتربي بيرنبالا الثانوية، على تشجيع طلابه على المشاركة في عروض الأداء ضمن مجموعات، وتنظيم الفعاليات المتنوعة مثل الدبكة. وحضر هذه العروض أكثر من 20 ألف شخص، وحصل هو وطلابه على المركز الأول في العديد من المسابقات. كما كتب جودت وأخرج العديد من المسرحيات لطلابه. وقد طوّر لطلابه في المرحلة 12 في صف التاريخ أوراق مراجعة الكترونية متطورة، ضمت نحو 1000 سؤال. وكانت نسبة نجاح طلابه في امتحانات الوزارة 100%.
وأما المعلمة فداء زعتر من مدرسة الخنساء في نابلس، فقد أصرّت على أن تصبح معلمة على الرغم من الظروف الصعبة خلال الانتفاضة الثانية. وتدرس طالبات المرحلة الإعدادية، وقد أصبحت رائدة في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واستراتيجيات التعليم النشط، وخاصة في تعليم القراءة والكتابة. وهي من كبار مناصري تعليم المرأة، إذ تنظم ندوات دورية حول أهمية هذا الأمر في تطوير المجتمع.
وتتولى نسرين شفيق البقاعين تعليم مادة الرياضيات للصفوف الثانوية، وقد كان لها الفضل في تأسيس الكثير من المشاريع الخيرية التي يرمي العديد منها إلى تفعيل دور المرأة في المجتمع عبر توفير دورات احترافية للتدريب ومحو الأمية وغالباً ما كان يتم اختيار الطالبات لإدارتها.
وقد أثمرت المشاريع التعليمية الإقليمية التي أطلقتها البقاعين، ولاسيما تلك التي تركز على الطلاب ممن يخشون مادة الرياضيات، عن رفع معدل النجاح في المادة بين أوساط طلاب مدرستها التي باتت بفضلها مدرسة نموذجية. وكانت البقاعين قد أطلقت مبادرة لتزويد معلمي الرياضيات في الأردن بباقة من الأدوات والوسائل التعليمية التي تم تطبيقها بالتعاون مع "مؤسسة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي". كما نظمت البقاعين مجموعة كبيرة من الدورات التدريبية للمعلمين، ونشرت مقالات عدة في مجلة "رسالة المعلم الأردني". وقادت مشاريع طلابية دولية كان هدفها تشجيع التبادل الثقافي وتوحيد المجتمعات من خلال التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد. وتكريماً لإنجازاتها المرموقة، فقد حازت المعلمة على جائزة "المعلم المتميز" في المملكة الأردنية الهاشمية لعام 2009.
وقال صني فاركي، مؤسس "مؤسسة فاركي": "لقد ذهلنا بحجم الدعم الكبير الذي حظيت به ’جائزة المعلم العالمية‘ في عامها الأول. ونتطلع إلى مواصلة الزخم نفسه هذا العام وصولاً إلى استعادة المكانة الصحيحة للتدريس بوصفه المهنة الأكثر احتراماً في المجتمع".
وأضاف فاركي: "إن تلقي آلاف طلبات الترشيح من مختلف بقاع الأرض ما هو إلا دليل على إنجازات المعلمين وأثرهم العظيم على جميع جوانب حياتنا".
من جانبه، قال بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة: "أنا شخصياً أعتبر أساتذتي من الأشخاص الذين كان لهم كبير الأثر في حياتي. فالمعلمون يأخذون على عاتقهم مسؤولية تنمية إمكانات الشباب ومساعدتهم كي يصبحوا أفراداً فاعلين ومنتجين في مجتمعاتهم. ولذلك لا يمكن لأحد إنكار فضلهم الكبير في نهضة الأمم".
وأضاف بان كي مون: "من الرائع أن نشهد إطلاق ’جائزة أفضل معلم في العالم‘ التي تحتفي بالرسالة النبيلة التي يضطلع بها المعلمون؛ والتي تتماشى مع مبادرة ’التعليم أولاً‘ التي أطلقتها في عام 2012 لحفز الجهود العالمية الرامية إلى إلحاق كل طفل بالمدرسة، وتحسين جودة التعليم، وتنشئة الأطفال ليكونوا مواطنين عالميين".
من جانبه قال بيل غيتس، الرئيس المشارك لمؤسسة "بيل ومليندا غيتس": "كنا متحمسين جداً لإطلاق ’جائزة أفضل معلم في العالم‘. وننظر بمنتهى التقدير إلى السمات الريادية للسيد صني فاركي، مؤسس مجموعة ’جيمس للتعليم‘، الذي ابتكر فكرة الجائزة وكان خير شريك لمؤسستنا".
وقال كيفن سبيسي، الممثل الأمريكي الحائز على جائزة الأوسكار وعضو "أكاديمية جائزة المعلم العالمية" المسؤولة عن اختيار الفائز النهائي: "لقد كنت في بداية حياتي أستمد إلهامي من ممثل أكبر وأكثر خبرة مني قال لي ذات مرة إنني أصلح لدخول مهنة التمثيل. وأعتقد أن ذلك النوع من التوجيه والدعم الشخصي هو ما يحتاجه كل شاب اليوم لإدراك إمكاناته".
وأضاف سبيسي: "إنه ذلك النوع من الإرشاد والتشجيع الذي يمنحه المعلمون الحقيقيون لطلابهم يومياً، وهذا بالضبط ما يدفعني لدعم ’جائزة المعلم العالمية‘ التي أطلقتها مؤسسة ’فاركي جيمس‘. ومهما حققنا من إنجازات في الحياة، يجب ألا ننسى أن الفضل يعود أولاً وأخيراً إلى الأساسيات الي تعلمناها من معلمينا في المدرسة. ولذلك فهم يستحقون منا كل التقدير والاحترام لما يكرسونه من خبرات ووقت للارتقاء بإمكانات غيرهم".
وتم تقييم القائمة النهائية التي تضم 50 مرشحاً من قبل لجنة الجائزة، وسيتم إعلان أسماء المرشحين العشرة النهائيين في فبراير 2016. ويصار بعدها إلى اختيار الفائز من القائمة النهائية من قبل "أكاديمية جائزة المعلم العالمية". وستتم دعوة المرشحين النهائيين العشرة إلى دبي لحضور حفل توزيع الجوائز خلال فعاليات "المنتدى العالمي للتعليم والمهارات" في مارس 2016، حيث يتم الإعلان عن اسم الفائز مباشرة.