بعد أحد عشر يوماً حافلة بالنشاطات القرائية، والورش التعليمية، والعروض الترفيهية، ودع مهرجان الشارقة القرائي للطفل، الذي يقام بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبرعاية كريمة من سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، يوم أمس (السبت)، عشاقه الصغار، والذين عاشوا خلال دورته الثامنة، نحو 1518 فعالية، تركت كل واحدة منها في نفوسهم الكثير من التأثير الإيجابي الذي يساهم في تنمية مواهبهم وإثراء معارفهم.
وتمكنت الدورة الثامنة، التي أقيمت بتنظيم من هيئة الشارقة للكتاب، وحملت شعار "تألق بها"، أي "بالقراءة"، خلال الفترة من 20-30 ابريل 2016، في مركز اكسبو الشارقة، من استقطاب أكثر من 254 ألف زائر، من الصغار والكبار، والذين توافدوا على المهرجان من داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها، ليشهدوا إحدى أكثر دوراته تميزاً، نظراً لتزامنها مع مبادرة "2016.. عام القراءة" التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
وحظي المهرجان بشرف زيارة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي أعلن عن إثراء مكتبات إمارة الشارقة بمجموعة كبيرة من كتب الأطفال واليافعين والشباب القيّمة، من دور النشر المشاركة في دورة المهرجان الثامنة، وبقيمة 2.5 مليون درهم، وذلك إسهاماً من سموه في رفد المكتبات العامة والجامعية والمدرسية والحكومية بأحدث الإصدارات تماشياً مع عام القراءة ودعماً للناشرين ولصناعة الكتاب.
وجاءت هذه الدورة التي افتتحها سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد نائب حاكم الشارقة، مفعمة بكافة أشكال الفعاليات والعروض الثقافية، والتعليمية، والتوعوية، والترفيهية، والفنية، إلى جانب الندوات، والحلقات الفكرية، التي قدمها مجموعة من المفكرين والمثقفين العرب والأجانب، وصاحب المهرجان للمرة الأولى عدد من المعارض المتخصصة، أقيمت بالتزامن مع انطلاق فعالياته، وتناولت الفضاء والمخطوطات، وساهمت في استقطاب فئات أوسع من الزوار، وخاصة من خارج إمارة الشارقة.
وقال سعادة أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب: "حققت دورة مهرجان الشارقة القرائي للطفل الثامنة، نجاحاً ملحوظاً، وبلا شك فإن ارتفاع أعداد الزوار هذا العام بنسبة 18% مقارنة مع دورة العام الماضي، فيه دلالة على مدى تأثير المهرجان وفعالياته بين الأطفال، حيث تحول إلى وجهة مفضلة لهم، ومنصة فاعلة قادرة على توجيههم نحو القراءة واتخاذ الكتاب صديقاً لهم، إلى جانب التعلم بطرق ممتعة ومرحة، وهذا بلا شك يؤكد على أننا نسير في الطريق الصحيح لتحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بضرورة الاهتمام بالأطفال كونهم يشكلون المستقبل، وتوفير كافة ما يحتاجونه من سبل تمكنهم من الحصول على المعرفة وتعينهم على الابتكار".
وأكد العامري أن الإقبال الكبير على المهرجان من قبل الأطفال والعائلات، يضع هيئة الشارقة للكتاب وإدارة المهرجان، أمام مسؤوليات كبيرة، لمواصلة التطوير والعمل على إضافة فعاليات وخدمات جديدة في الأعوام المقبلة، تواكب اهتمامات الزوار الصغار، وتطورات العصر المختلفة، حتى يظل المهرجان بيئة إبداعية وتثقيفية للأطفال في دولة الإمارات العربية المتحدة والقادمين من خارجها، من الدول الشقيقة والصديقة.
وأضاف رئيس هيئة الشارقة للكتاب: "استقطب المهرجان مئات المدارس التي وجدت فيه مكاناً جميلاً ومفيداً لمنح طلبتها فرصة الاطلاع على أحدث أساليب التعلم والمعرفة، خاصة وأن المهرجان أطلق هذا العام أول كتاب يتم تنفيذه بتقنية الواقع الافتراضي للأطفال في العالم، والتي تمكن الطفل من العيش داخل الكتاب نفسه وملامسة أحداثه مباشرة، واعتمادنا لهذه التقنية جاء بهدف توظيف كافة أشكال التكنولوجيا، لاستقطاب شريحة الأطفال، وحثهم على القراءة، عبر استغلال شغفهم بالتكنولوجيا وجديدها".
ومع اختتام فعالياته، سجل مهرجان الشارقة القرائي للطفل دورة ناجحة بالكامل، حيث اعتمد أساليب عدة لتشجيع الأطفال على القراءة والاطلاع، وذلك عبر استضافته لفعالية "لعبة المتاهة" التي قدمت للأطفال فرصة اكتشاف كلاسيكات الأدب العالمي من خلال عرضها لنحو 10 قصص مستوحاة من التراث الأدبي العالمي، أبرزها حكاية "علي بابا والأربعين حرامي"، و"ذات الرداء الأحمر"، و"ملكة الثلج" وغيرها، إضافة إلى تنظيمه لعشرات الجلسات القرائية، التي ساهمت في تقريب عالم الكتاب الممتع من الطفل، من خلال رواية القصص والحكايات، كي ينتقي الأفضل من بينها، ويعيد قراءته من جديد في بيته ومدرسته.
وشهد المهرجان أيضاً استضافة عشرات العروض المسرحية والترفيهية، ولعل أبرزها مسرحية "شكسبير المذهل" التي احتفت من خلالها إدارة المهرجان بذكرى مرور 400 عام على رحيل الشاعر والكاتب الإنجليزي الشهير وليام شكسبير، وكذلك مسرحية "النول" التي تعد أول مسرحية من تقديم وإبداع ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب منصة التواصل الاجتماعي، التي استضافت مجموعة من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، وأصحاب المشاريع والمبادرات المتميزة على هذه المواقع، لنقل تجاربهم إلى الأطفال، وتوعيتهم بكيفية توظيف تطورات العصر فميا يعود بالنفع عليهم، وعلى مجتمعهم، وبلدهم.
وللمرة الأولى استضاف مهرجان الشارقة القرائي للطفل، ثلاثة معارض متخصصة في آن واحد، بعد أن كان يكتفي بمعرضين أو معرض واحد في الدورات الماضية، حيث استمتع الزوار وتفاعلوا بما قدمه لهم معرض "بعيداً عن كوكب الأرض" الذي تضمن مجموعة من العروض المصغرة التفاعلية التي تأخذ الزوار في رحلة لاكتشاف عالم الفضاء وما يضمه من موجودات، وشملت أقسام المعرض مسرح المجموعة الشمسية، وركن العودة إلى القمر، واستكشاف الكويكبات، والرحلة إلى المريخ والوصول إلى محيط المجموعة الشمسية وما ورائها.
ونظم المهرجان كذلك لأول مرة، معرض "سراج الحضارات" الذي احتوى على عدد من المخطوطات، والكتب، والصور، والخرائط النادرة، التي تعود إلى الفترة الممتدة ما بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، وشكلت فرصة للصغار للاطلاع على جانب مشرق من تاريخ حضارتهم العربية والإسلامية، واهتمام المستشرقين، والباحثين، والسياح بها. أما المعرض الثالث فكان معرض رسوم كتب الطفل، الذي يقام للعام الخامس على التوالي، واشتمل على 1380 عملاً لرسامين محترفين من 46 دولة، ونظم 35 فعالية فنية لغرس هذا المجال الإبداعي في نفوسهم، وتحفيزهم لاحتراف رسوم الأعمال التي تزين كتبهم.
وكان المهرجان قد استقطب في دورته الثامنة 130 دار نشر من 15 دولة عربية وأجنبية، حيث تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة، قائمة الدول المشاركة بالمهرجان بـ55 داراً تليها لبنان بـ 25 داراً ثم مصر بـ20 داراً إضافة إلى مشاركات من كندا، والصين، والهند، والمملكة المتحدة، والعديد من دول العالم، وتوافرت الكتب المعرضة في قسم "دور النشر" بالعديد من اللغات أبرزها العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والهندية، والآردو.
من جهة ثانية، تضمن المهرجان عدداً من البرنامج المتخصصة، التدريبية، والتوعوية، والتثقيفية، والترفيهية، من بينها برنامج الطفل الذي تضمن 1245 فعالية، والبرنامج الثقافي والفكري الذي شهد إقامة 74 فعالية، وبرنامج الطهي الذي احتوى على 61 فعالية، كما شهد المهرجان إقامة 27 ورشة تدريبية، إلى جانب 45 فعالية ضمن معرض الفضاء. ونظمت المؤسسات الحكومية ودور النشر الكبرى المشاركة، فعاليات إضافية ساهمت في إثراء المهرجان، وحولته إلى ميدان إبداعي متكامل.