٢١ ربيع الأول ١٤٤٦هـ - ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤م
الاشتراك في النشرة البريدية
عين الرياض
المال والأعمال | السبت 27 أغسطس, 2016 3:48 صباحاً |
مشاركة:

الرياض وبكين.. سبعة عقود من الصداقة والشراكة في كافة المجالات

عززت الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة، والمتغيرات السياسية المتأزمة دوراً لا يستهان به في تعزيز التقارب السعودي - الصيني على كل المستويات، أبرزها المستوى الاقتصادي، وإذا كانت الأعوام الماضية شهدت تقارباً أكثر بين بكين والرياض، فإن قمة العشرين المنعقدة في الصين، ستشهد المزيد من التقارب بين البلدين.

الصين تدرك ثقل المملكة الاقتصادي باعتبارها أكبر دولة منتجة للنفط في العالم، بجانب الثقل السياسي والديني في منطقة الشرق الأوسط، وتدرك أيضاً أن المملكة قادرة على جمع كلمة المسلمين والعرب متى أرادت ذلك، والمملكة من جانبها تدرك أن الصين قوة اقتصادية وسياسية وصناعية عالمية، وصاحبة تجربة فريدة في بناء دولة حديثة، يشكل فيها الجميع خلية نحل، الكل يعمل بجد واجتهاد على مدار الساعة.

علاقات تاريخية

وشهد تاريخ العلاقات الاقتصادية بين المملكة والصين نمواً مطرداً، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.73 تريليون ريال خلال ال12 عاماً الماضية، بصادرات بلغت نحو 1.2 تريليون ريال، وواردات 532 مليار ريال، لتسجل بذلك المملكة فائضاً في ميزانها التجاري مع الصين بنحو 662 مليار ريال، يعادل 38% من التبادل التجاري بين البلدين.

وخلال الـ10 سنوات الماضية، بلغت صادرات المملكة إلى الصين، نحو 1.16 تريليون ريال، بينما بلغت الواردات منها خلال الفترة نفسها 511 مليار ريال، بتبادل تجاري قيمته 1.67 تريليون ريال، مسجلة فائضا في ميزانها التجاري مع الصين بنحو 645 مليار ريال، وكانت الصين أهم شريك تجاري للسعودية خلال عام 2014، بتبادل تجاري قيمته 247.8 مليار ريال، تعادل 13% من إجمالي التبادل التجاري بين المملكة والعالم في نفس العام، البالغ 1.94 تريليون ريال.

طريق الحرير

وتعود العلاقات السعودية - الصينية إلى أكثر من سبعة عقود مضت، وتحديداً في القرن التاسع عشر، حيث أطلق الجغرافي الألماني فرديناند فون ريتشهوفتن اسم «طريق الحرير» على الطرق البرية والبحرية التي كانت القوافل والسفن تسلكها مروراً بجنوب الصين وعبر الروابط البحرية والبرية مع أنطاكيا التركية وجغرافيات أخرى، وهو الطريق الذي كان سببا في ازدهار عدد كبير من الحضارات القديمة مثل الحضارة الهندية والرومانية والصينية وحضارات أخرى، وما بين القرن الـ19 والقرن الـ21، توسع طرق الحرير ليشمل الأرض والبحر والجو، ولتصبح الصادرات والواردات لا تسلك طريق حرير واحداً، بل طريق الذهب والنفط والتحالفات الاستراتيجية التي جعلت من الاقتصاد السعودي يرسم طرقا حريرية أخرى أساسها النفط.

أول معاهدة

وبدأت العلاقات بين الصين والمملكة عندما قررت الأخيرة في عام 1939 اتخاذ خطوات نحو تعزيز العلاقات السياسية مع بكين، هذا القرار استغرق ستة أعوام قبل توقيع أول معاهدة صداقة بين البلدين في 15 نوفمبر عام 1946 في جدة. توقفت العلاقات بين البلدين لمدة 20 عاماً بدءاً من 1949 وحتى 1979، وهو التاريخ الذي لم يخلُ من علاقات واتصالات دائمة، لكنها ليست بذلك المستوى الرسمي رفيع المستوى، حين بدأت جمهورية الصين الشعبية علاقاتها من جديد مع العالم.

تعاون اقتصادي

وتُعدُّ المملكة من أهم شركاء الصين في التعاون الاقتصادي والتجاري، وأكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وإفريقيا. وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقة الاقتصادية والتجارية بين البلدين تطوراً ملحوظاً ومستقراً، ويتوسع نطاق التعاون باستمرار.

ووفقا لإحصاءات الجمارك الصينية، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 72.2 مليار دولار في عام 2013، كما شهد زيادة كبيرة في حجم مشروعات المقاولات للشركات الصينية في المملكة، وتولي الصين اهتماماً بالغاً للتعاون في مجال الطاقة مع المملكة وتتمتع الرياض وبكين بإمكانات التكامل القوية في هذا المجال.

بيان مشترك

وفي عام 2008، زار تشي جينبينغ (حين كان نائبا للرئيس) المملكة وجرى توقيع بيان مشترك سمي بـ"البيان المشترك لتعزيز التعاون وعلاقات الصداقة الاستراتيجية بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة"، وبعد عام واحد من تلك الاتفاقية، قام الرئيس الصيني هو جينتاو بزيارة ثانية للمملكة شهدت حينها توقيع 5 اتفاقيات للتعاون في مجالات الطاقة والصحة والحجر الصحي والمواصلات والثقافة، وزار الأمير سلمان بن عبدالعزيز الصين عندما كان ولياً للعهد الصين، وتمتعت هذه الزيارة بأهمية كبيرة في توطيد العلاقات بين المملكة والصين وتعميق التعاون المتبادل، وتبادل مسؤولو البلدين وجهات النظر على نطاق واسع حول العلاقة الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

الموقف السعودي

ويثمن الصينيون الموقف السعودي في مايو من عام 2008 بعد وقوع الزلزال في سيتشوان الصينية، حين قرر الملك عبدالله وقتها التبرع بـ50 مليون دولار وتقديم المساعدة المادية بقيمة 10 ملايين دولار، والتي عُدَّت وقتها أكبر مساعدة خارجية، ألحقتها المملكة بتقديم المملكة 1460 غرفة متنقلة والتبرع بـ1.5 مليون دولار لإعادة الإعمار في منطقة الزلزال.

وحرصا من المملكة على مواصلة تعزيز الشراكة الاقتصادية، استثمرت المملكة 150 مليون دولار لبناء «الجناح السعودي» في «إكسبو شنغهاي الصين 2010»، حيث يُعدُّ الجناح السعودي من أكثر الأجنحة زيارة وإقبالا وقتها، وفي عام 2013، وجهت الدعوة للصين كضيف شرف في مهرجان الجنادرية السعودي، حيث تلاقت الفعاليات الثقافية الصينية مع التراث السعودي وحظيت الفعاليات الصينية بإقبال كثيف.

البنية التحتية

وتعد الصين أكثر البلاد استيراداً للنفط السعودي بعد الولايات المتحدة واليابان، ففي عام 2013، استوردت الصين 53.9 مليون طن من النفط الخام من السعودية، ما يمثل خُمس إجمالي واردات النفط في الصين، وإضافة إلى ذلك، لدى البلدين آفاق واسعة في التعاون في مجال الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والطاقة الرياحية وغيرها، وتبلغ القدرة الإنتاجية للخلايا الكهروضوئية في الصين.

80 %في العالم، وفي مجال البنية التحتية السعودية، تشارك الشركات الصينية في المقاولات بعقد مشروعات كبيرة في كل نشاط، وتأتي بالتقنيات والخبرات الناجحة من الصين، بينما تلتزم بسياسة السعودة لتقديم فرص عمل أكثر محلياً، وبنت الصين 10 آلاف كيلومتر من خطوط سكك حديدية عالية السرعة في المملكة.

الأسر المنتجة

ولا يستبعد المحللون أن تحاكي المملكة التجربة الاقتصادية الصينية، في إطار خطط الرياض لتنويع مصادر الدخل في البلاد، وتعزيز اقتصاد المعرفة، وعدم الاعتماد على دخل النفط، الذي هبط بنحو 70% منذ يونيو من العام قبل الماضي، فالمملكة تركز على دعم برامج الأسر المنتجة، وتمدها بكل ما تحتاج إليه من مال ومنتجات أولية، في الوقت نفسه، تلعب الأسر المنتجة في الصين دوراً لا يستهان به في دعم الاقتصاد الصيني، بإيجاد منتجات عدة، يتم تصديرها إلى خارج البلاد، وتدر على أصحابها دخلاً جيداً.

شراكة اقتصادية

وأكد مسؤولون بشركة الصين للبتروكيماويات «سينوبك» أن هناك ثلاثة مشروعات تم التعاون فيها بين سينوبك، والدول العربية، من أهمها المشروع الأول وهو شركة فوجيان المتحدة للبتروكيماويات، بالتعاون بين كل من سينوبك وشركة أرامكو السعودية وشركة إكسون موبيل، وتقع هذه الشركة في منطقة الميناء بمدينة تشيوانتشو بمقاطعة فوجيان، باستثمار 6.18 مليارات دولار أميركي، وتبلغ قدرتها الإنتاجية 14 مليون طن كل سنة، وتعمل على تكرير النفط السعودي الكبريتي، ويمكن أن تقدم كل سنة للسوق السريعة النمو 7.5 ملايين طن من النفط المكرر بجودة عالية، و1.3 مليون طن من المواد البلاستيكية، و700 ألف طن من المواد الخام للألياف الكيماوية وغيرها من المنتجات البتروكيماوية، تتخذ شركة فوجيان أحدث تكنولوجيا في العالم في التحكم الآلي، وقد تحققت الإدارة الرقمية في الشركة.

وأضافوا أن المشروع الثاني هو شركة سينوبك سابك (تيانجين) المحدودة للبتروكيماويات، والتي تم تأسيسها بالتعاون بين مدينة تيانجين والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، وتقع الشركة في المنطقة الساحلية الجديدة بمدينة تيانجين، باعتبارها واحدة من أكبر المؤسسات المشتركة لإنتاج الإثيلين في الصين، وتعمل أساساً في إنتاج وتسويق وبحوث الإثيلين ومشتقاته، ولدى الشركة ثماني معدات للإنتاج الواسع ولديها أحدث التقنيات في العالم، وتبلغ قدرة الإنتاج السنوي للإثيلين مليون طن، وهي الأضخم على مستوى العالم، ومعدة إنتاج البولي بروبلين بقدرة 450 ألف طن كل سنة وتمثل أكبر معدة فردية للإنتاج في العالم، وفي كل سنة تقدم الشركة للسوق العالمية 3.2 ملايين طن من المنتجات الكيماوية العالية الجودة.

تسويق النفط

وأشاروا إلى أنه في مجال تسويق النفط المكرر، هناك مشروع واحد بالتعاون بين سينوبك والدول العربية، وهو شركة سينوبك سينمي المحدودة للبترول، حيث تم إنشاؤها باستثمارات مشتركة من قبل سينوبك وشركة أرامكو السعودية وإكسون موبيل، ويبلغ حجم رأس المال المسجل 280 مليون دولار، ويعتبر النفط والغاز الطبيعي من أهم ركائز العلاقات الاقتصادية بين الصين والمملكة، فعلى الرغم من أن معدل النمو الاقتصادي الصيني في الفترة الأخيرة قد انخفض إلا أن الصين استمرت بشراء كميات كبيرة من النفط الخام لملء خزاناتها الاحتياطية، وترغب المملكة في أن تحافظ الصين على مكانتها كأكبر بلد مستورد للنفط السعودي، في ظل تنوع الواردات الصينية من الطاقة وثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة.

ومن المنتظر أن يكون هناك نمو في الطلب الصيني على النفط، تماشياً مع تراجع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، حيث وصف كثيرون هذا التحول في تجارة الطاقة من الغرب إلى الشرق بأنه تحول في الجغرافيا السياسية للنفط، والصادرات النفطية من شركة أرامكو إلى الصين تتزايد في ظل التنمية الاقتصادية الصينية، متوقعاً أن يستمر الطلب الصيني على النفط والمنتجات الكيماوية والغاز الطبيعي المسال في النمو مع تسارع عملية التحضر في الصين، وتتطلع المملكة إلى زيادة الاستثمارات في التجارة غير النفطية في الصين، بما فيها التعدين والمجوهرات وتجارة التجزئة والتكنولوجيا الحيوية.

تعاون علمي وأمني

مذكرات التعاون في مجال العلوم التقنية والملاحة بالأقمار الصناعية وتنمية الربط المعلوماتي ستؤدي إلى المزيد من التعاون في مجال الشركات المتخصصة في هذا المجال كما أنها ستسهم في تدريب وتوظيف العديد من الشباب والشابات في المملكة على هذا الجانب بالإضافة إلى تعزيز الإبتعاث لتقوية الجانب الأكاديمي للمتخصصين في تقنية المعلومات، كا لم تغفل المذكرات الجانب البيئي والذي كان واضحاً من خلال قرضين للتطوير البيئي للمناطق المأهولة بقومية الهوي في منطقة جنتاي بأقليم شنشى وآخر لصالح مشروع حماية الأراضي كثيرة الرطوبة وتطوير بحيرة هيوانقي بإقليم أنهوي يدلان على اهتمام المملكة بهذا الجانب الذي يشكل هاجسا عالمياً لكل دول والمنظمات، والإرهاب بالطبع كان ضيفا ثقيلا على طاولة المفاوضات مما أدى إلى توقيع مذكرة تفاهم بشأن إقامة آلية للمشاورات حول مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى أن المجال الصناعي وتطوراته وسبل تعزيز العلاقات التجاربة بين البلدين كان واضحاً من خلال ثلاث مذكرات تم التوقيع عليها حيث تم توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الاستراتيجي بين شركة الزيت العربية السعودية أرامكو والشركة الصينية الوطنية للبتروكيماويات، ومذكرة تفاهم خاصة بالتعاون الاستراتيجي لتنمية الاستثمارات الصناعية والمحتوى المحلي.

تراث متبادل

التراث أيضا كان حاضراً في جملة المذكرات التي تم توقيعها بين البلدين حيث وقع الجانبان على مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وإدارة التراث الثقافي في جمهورية الصين الشعبية للتعاون والتبادل المعرفي في مجال التراث الثقافي، مما نتج عنها إعلان إقامة معرض «روائع آثار المملكة عبر العصور» في جمهورية الصين الشعبية، بالإضافة إلى المعرض الصيني الزائر في المتحف الوطني بالرياض خلال العام الجاري 2016، نظراً لكون توسع مصالح الدولة الدخول في تكتلات إقليمية والدولية على أساس مفهوم المصالح المشتركة والأهداف الواحدة دون الإخلال بخطط التنمية الداخلية يجب على هذه التكتلات أن تنعكس واقعاً على حياة المواطنين الأمنية والاقتصادية والثقافية.

مذكرات تفاهم

المملكة لم تقف عند تلك الاتفاقيات وحدها، بل تجاوزتها من خلال موافقة مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على تفويض عدد من الوزراء بالتباحث مع الجانب الياباني والصيني للتعاون في قطاع الطاقة.

وهي مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في قطاع الثروة المعدنية، ومشروع مذكرة تعاون في مجال تخزين الزيت، ومشروع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال موارد المياه، ومشروع برنامج تعاون فني، ومشروع البرنامج التنفيذي لإنشاء المركز السعودي الصيني لنقل التقنية.

مشاركة:
طباعة
اكتب تعليقك
إضافة إلى عين الرياض
أخبار متعلقة
الأخبار المفضلة