حفزت الطفرة الهائلة الحالية والمرتقبة للغاز الصخري في أنحاء مختلفة من العالم بشكل عام وفي الولايات المتحدة الأميركية بشكل خاص كبار وقادة منتجي البتروكيماويات في العالم وأبرزها عملاق البتروكيماويات العالي شركة "سابك" لتوجيه خططهم واستثماراتهم القادمة صوب تلك الدول التي تكتنز ثروات هائلة من مدخرات الغاز الصخري لاستخدامه لقيما اقتصادياً لإنتاج البتروكيماويات بديلاً عن المواد الخام الأخرى الأكثر كلفة والأقل توافراً مثل الغاز الطبيعي والنافثا وغيرها.
وأحرزت "سابك" تقدماً في مساعيها نحو عقد صفقات استثمارية عالمية عابرة للقارات لإمدادات الغاز الصخري لدعم مصانعها البتروكيماوية العالمية وفي مقدمتها مجمع تيسايد للبتروكيماويات في بريطانيا الذي قررت "سابك" وفق خططها بهذا الشأن أن يحظى هذا المجمع بإمدادات الغاز الصخري المستورد من المكامن الأميركية بخليج المكسيك حيث تجري حالياً المفاوضات مع الموردين حيث من المقرر ان تغطي الإمدادات طاقات تفي بحاجة المجمع لعشرة سنوات قابلة للتجديد.
في وقت تواصل "سابك" حالياً خططها المكثفة لبحث إمكانية الانخراط في استثمارات الغاز الصخري في الولايات المتحدة الأميركية بعد سنوات من الدراسات المعمقة والمباحثات والمفاوضات التي ارتكزت على سبل استغلال ظفرة الغاز الصخري الأميركي من خلال إقامة مصانع بتروكيماوية مشتركة في الولايات المتحدة تعتمد على الغاز الصخري أو بحث سبل تصديره من الولايات المتحدة لمصانع "سابك" في دول أخرى مثل بريطانيا التي هيأت "سابك" وحدات تجزئة الإثيلين فيها اعتماداً على تقنية الغاز الصخري.
إلى ذلك توقعت الصين أن تنتج أكثر من 20 مليار قدم مكعب من الغاز الصخري يوميا بحلول عام 2040، لتصبح حينها ثاني أكبر منتج في العالم بعد الولايات المتحدة، وفق ما أعلنته إدارة معلومات الطاقة الأميركية الاثنين الماضي والتي بدورها توقعت أن يمثل إنتاج الصين أكثر من 40 في المئة من إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في البلاد بحلول عام 2040. وسعت الصين في السنوات الخمس الماضية لحفر أكثر من 600 بئر للغاز الصخري وأنتجت 0.5 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز الصخري إلى عام 2015، وفق تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية 2016، الذي أشار أيضاً إلى أن إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية سوف يظل في المرتبة الأولى حيث من المتوقع أن يكون أكثر من الضعف، وذلك من 37 مليار قدم مكعب يوميا في 2015 إلى 79 مليار قدم مكعب يوميا بحلول 2040، وهو ما يمثل 70 في المئة من إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.
في وقت تعد كندا الان ثاني أكبر منتج في العالم لغاز الصخري الغاز، بطاقة 4.1 مليار قدم مكعب يوميا عام 2015، ومن المتوقع أن تواصل زيادة إنتاجها من الغاز الصخري لتصل إلى أقل من 10 مليار قدم مكعب يوميا، بنسبة 30 في المئة تقريبا من إجمالي إنتاجها من الغاز الطبيعي بحلول عام 2040.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية سوف يصبح الغاز الصخري المحرك الرئيس لنمو الغاز الطبيعي في العالم في السنوات الـ24 القادمة، ومن المتوقع أن يبلغ الإنتاج العالمي للغاز الصخري في عام 2040 أربعة أضعاف المستوى المحقق عام 2015 ليصل إلى 168 مليار قدم مكعب يومياً، وهو ما يمثل نسبة 30% من إنتاج الغاز الطبيعي في العالم، في وقت من المتوقع أن يزيد الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي 62% خلال الفترة الزمنية ذاتها.
وتمتلك في الوقت الراهن دول الولايات المتحدة، وكندا، والصين، والأرجنتين فقط قدرات إنتاجية تجارية للغاز الصخري، حيث تعتقد إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مع تطوير التقنيات سوف تبدأ المزيد من الدول إنتاج الغاز الصخري وفي مقدمتها المكسيك والجزائر، ومن المتوقع أن يمثل إنتاج تلك الدول الستة 70% من الإنتاج العالمي للغاز الصخري بحلول عام 2040.
وتتزامن خطط "سابك" في استثمارات الغاز الصخري في الولايات المتحدة مع ثورة الغاز الصخري في أميركا والتي قررت استغلالها واستخدامها لإنتاج طاقات جديدة للإثيلين تضيف قدرات إضافية تصل طاقة 23 مليون طن سنوياً لتصبح مصدراً رئيسياً في سوق البتروكيماويات العالمي. في وقت تشكل التعريفات المرتفعة على الصادرات البتروكيماوية من دول مجلس التعاون الخليجي إلى أوروبا عبئاً وعائق أمام منافستها لصادرات البتروكيماويات من الولايات المتحدة بفضل اقتصادية الغاز الصخري الذي سوف يمنح الصادرات الأميركية قوة تنافسية هائلة وإحلالها محل الصادرات الخليجية البتروكيماوية لأوروبا، وأكد خبراء أمريكيون بأن صادرات الولايات المتحدة للكيماويات المشتقة أساسا من الإيثان الصخري، يمكن أن تكون أكثر من الضعف من 60 مليار دولار في 2014 إلى 123 مليار دولار بحلول عام 2030، معظمها يتم توجيهه إلى الأسواق الآسيوية في حين يتم توجيه القدر الأكبر إلى أوروبا.