أكد أكاديمي متخصص في شؤون الوقف الخيري تميز واحترافية تجربة الوقف الخيري البريطانية المعروفة باسم "ويلكوم " (WELLCOME) نسبة لمؤسسها "هنري ويلكوم"، وعمرها 100 سنة، ودعا إلى استفادة قطاع الوقف الإسلامي بالمملكة من خصائص هذه التجربة التي تتميز بالمؤسسية والاحترافية، لافتاً إلى أنها تعمل كمؤسسة خيرية في خدمة القطاع الصحي وليست كمؤسسة مانحة للمال، حيث يبلغ حجم الإنفاق السنوي لهذا الوقف مليار جنيه استرليني.
جاء ذلك على لسان الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى الدكتور أسامة الأشقر في المحاضرة التي نظمتها غرفة الرياض ممثلة في لجنة الأوقاف وأدارها عضو اللجنة الأستاذ سليمان الزكري، واستهلت بكلمة لعضو مجلس الإدارة ورئيس لجنة الأوقاف بالغرفة الأستاذ عبدالله بن فهد العجلان، أكد فيها أهمية التعرف على التجارب الوقفية المتميزة سواءً المحلية أو الخارجية ومنها هذه التجربة البريطانية، كي نشجع ونوسع ونرتقي بالمشاريع الوقفية إحياءً لسنة الوقف الخيري والإسلامي، واستثماره لخدمة المجتمع.
ووصف الأشقر "وقف ويلكوم" البريطاني بأنه ثالث أكبر وقف خيري في العالم، بعد وقفي إيكيا، وجمعية بيل جيتس، لافتاً إلى أن الوقف يتخصص وفق وصية صاحبه منذ تأسيسه عام 1936م، على الإنفاق الخيري في مجالات البحث العلمي الطبي وخدمة البشرية، حيث كان لها إسهاماتها العالمية في اختراع أدوية مهمة مثل الدواء الشهير لعلاج الصداع "البنادول"، والمضاد الحيوي "الأوجمانتين"، وقال إن أهم ما يميز هذه التجربة التزامها بأنظمة إدارية وقانونية ومحاسبية مؤسسية صارمة، وبإدارة مجلس أمناء متخصص ومحترف.
وتابع المحاضر أن الالتزام الصارم بالأنظمة مكن الوقفية البريطانية من استمرار عملها على مدى قرن دون اهتزاز أو تعثر مالي، كما تمكنت من تنمية أصولها وتعظيم ربحيتها بصورة متواصلة، حتى أنها لم تتأثر بأية أزمات مالية عالمية مثل أزمة 2008 التي عصفت بالاقتصاد العالمي كله، لافتاً إلى أن حجم أصولها ظل يتنامى منذ عام 2012 من 14.48 مليار استرليني، إلى 20.85 ملياراً عام 2016 نتيجة الإدارة السليمة الناجحة.
وأشار الأشقر إلى أن هنري ويلكوم مؤسس الوقفية، ولد في أمريكا عام 1853، وتوفي عام 1936، حيث بدأت المؤسسة ممارسة أعمالها وأوصى أن تعمل في بريطانيا التي كانت آنذاك الدولة العظمى الأولى في العالم، وكانت وصيته وقف أمواله لخدمة القطاع الصحي، وقال المحاضر إن مما يميز هذه التجربة أيضاً أنها أسست عدة مؤسسات علمية كبرى لخدمة البحث العلمي الصحي مثل مركز أبحاث علمي للعناصر الوراثية "الجينات" والأكبر من نوعه في العالم، ومعهد الأبحاث السرطانية، حيث قدما إسهامات بحثية طبية خدمت البشرية.
ولفت المحاضر قطاع الأوقاف السعودي من واقفين ونظار وباحثين إلى الاستفادة من التجربة البريطانية من خلال اتباع أساليب إبداعية في إدارة المؤسسات الوقفية لإنجاح عملها، إضافة إلى توسيع نطاق استثماراتها وتنويعها، مشيراً إلى أن توجه الأوقاف السعودية يميل إلى الاستثمار العقاري بنسبة تصل إلى أكثر من 90%، وطالب بتنويع الاستثمارات مع التمسك بالقنوات الاستثمارية الشرعية، كما دعا الهيئة العامة للأوقاف بالمملكة بدراسة التجربة البريطانية والاستفادة من دروسها التنظيمية والإدارية والمحاسبية والإبداعية.