أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن قطاع السياحة والتراث الوطني في المملكة يشهد نقلة نوعية وغير مسبوقة، بدعم واهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-, الذي وجَّه بالاهتمام بهذا القطاع الحيوي ودعمه مؤخرًا بالقرارات والميزانيات التي تسهم في تطويره؛ ليكون رافدًا أساسيًّا في الاقتصاد الوطني، وربط المواطنين بتاريخ وطنهم من خلال تأهيل المواقع التراثية، وتمكين المواطنين من زيارتها.
ونقل سموه في كلمته خلال افتتاح اجتماعات الدورة الـ(105) للمجلس التنفيذي في منظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية، التي بدأت أمس في مقر المنظمة بالعاصمة الإسبانية مدريد، تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- للمشاركين في الاجتماع، واهتمامه -حفظه الله- بمنظمة السياحة العالمية وبقطاع السياحة الذي يعد عنصرًا أساسًا في التنمية الاقتصادية. وأشار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز إلى أن صناعة السياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية تطورت بشكل ملحوظ خلال السنوات الـ16 الماضية، لافتًا إلى دور الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمملكة في وضع الأسس القوية لصناعة سياحة وطنية قادرة على المنافسة في السوق المحلية والإقليمية، والإسهام بفاعلية في نمو الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص العمل للمواطنين، والمشاركة بالخطط التنموية للدولة في المجالات كافة.
ولفت سموه إلى تبني الهيئة برنامجًا غير مسبوق، حظي برعاية خادم الحرمين الشريفين له، ورصد الدولة المبالغ المالية له، وهو برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، الذي يشمل منظومة من البرامج والمشروعات والمسارات المتعلقة بالتراث الوطني بمجالاته كافة. وقد حظي البرنامج بإشادة دولية، إضافة إلى مبادرة (السعودية وجهة المسلمين) التي أعلنتها الهيئة، وتؤسس من خلالها لسياحة متميزة للمسلمين في بلاد الحرمين الشريفين؛ لتكون رحلة مميزة وثرية، تشمل الأنماط السياحية المختلفة، خاصة السياحة الاستشفائية وسياحة الأعمال ومواقع التاريخ الإسلامي.
وتابع سموه: قد كانت بداية السياحة في المملكة العربية السعودية مثل بداية منظمة السياحة العالمية؛ إذ لم تكن السياحة ينظر لها وقتها على أنها قطاع أساسي وضروري، وكان من الصعب جدًّا تأسيس هذا القطاع بالمملكة، وتحويل وتطوير نظرة المسؤولين والمجتمع له ولإبعاده الاقتصادية والوطنية. ولا أخفيكم أنني لم أكن أرغب في البداية في أن أكون مسؤولاً عن السياحة في المملكة، ولم يكن أحد يريد حقًّا العمل معي في ذلك الوقت الصعب للغاية، إلا أننا أدركنا الأهمية الكبرى لإنشاء هذا القطاع الذي هو أحد أهم الروافد الرئيسة للاقتصاد والبدائل المهمة للنفط، والموفر الكبير لفرص العمل. وما قمنا به في المملكة العربية السعودية في السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة كان كبيرًا بحمد الله؛ إذ لم أكن أتوقع إنجاز حتى 30 % من استراتيجية السياحة الوطنية التي أقرت عام 2005، ووصلنا في هذا العام إلى مرحلة متقدمة من الإنجازات بدعم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود؛ إذ شهدت السياحة إطلاقًا لعدد من المبادرات والمشروعات وبرامج التمويل.
وأبان سموه أن قطاع السياحة والتراث الوطني في المملكة يشرف على أكثر من 22 قطاعًا في المملكة، وتعمل الهيئة بالتعاون والشراكة مع عدد من الجهات الحكومية المشرفة على قطاعات رئيسة على تطوير البنية التحتية الداعمة للسياحة مثل المطارات؛ إذ تشهد المملكة منظومة من المطارات المتطورة، وتحسين وتطوير استراحات الطرق، وتطوير الخدمات المقدمة للمعتمرين، وإطلاق برامج سياحية جديدة لهم، كانت باكورتها برنامج (رحلات ما بعد العمرة) الذي أطلق هذا العام، والذي يستهدف المعتمرين ببرامج ورحلات سياحية خارج المدينتين المقدستين. وقد اتبعنا منهجًا جديدًا بالشراكة مع الجهات الحكومية وتوقيع اتفاقيات تعاون معها، أصبحت نموذجًا للجهات الأخرى، وكان العمل جنبًا إلى جنب مع المجتمع المحلي والوزارات والقطاعات ومع الشركاء الآخرين. وأشار سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى أن هناك عددًا من الإحصائيات التي ترصد نمو قطاع السياحة في المملكة، من أبرزها زيادة الإيرادات السياحية إلى أكثر من الضعف؛ إذ ارتفعت من (57.3) مليار ريـال عام 2004؛ لتصل إلى (166.8) مليار ريـال نهاية عام 2016م، ونمو قطاع الإيواء السياحي بفئاته كافة بشكل فاق النمو المتوقع للطلب؛ إذ زاد عدد المنشآت السياحية المرخصة منذ بدء إشراف الهيئة على قطاع الإيواء عام 2009م أربعة أضعاف؛ إذ ارتفع من (1402) منشأة عام 2009م إلى (6454) منشأة نهاية عام 2016م. وزاد عدد الشركات العالمية الدولية لتشغيل الفنادق من (8) شركات عام 2002م إلى (25) شركة دولية نهاية عام 2016م، بنسبة نمو (300 %)، وتضاعف عدد العلامات الفندقية السعودية؛ ليصبح الآن (7) علامات فندقية سعودية, وارتفع عدد العاملين في قطاعات صناعة السياحة المباشرة من (333) ألفًا عام 2004م إلى أكثر من (936) ألفًا عام 2016م، بنسبة (181 %) مقارنة مع العام 2004م. ومن المتوقع أن يزيد عدد الفرص الوظيفية إلى (1,2) مليون وظيفة بحلول عام 2020م. وبلغت نسبة التوطين في الوظائف السياحية المباشرة (28 %) عام 2016م. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة عام 2020م إلى (30 %). وأعرب سموه عن شكره وتقديره لحكومة مملكة إسبانيا (الدولة التي تستضيف مقر منظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية) على الجهود كافة، والدعم الذي قدمته للمنظمة لتسهيل القيام بمهامها الموكلة إليها للإسهام مع الدول الأعضاء الأخرى بالمنظمة في الارتقاء بصناعة الياحة العالمية.
وثمن سمو الأمير سلطان بن سلمان الجهود الكبيرة لمعالي الأمين العام للمنظمة الدكتور طالب الرفاعي، وقال: «لعلي أجدها فرصة سانحة ونحن نقترب من توديع أخي معالي الأمين العام لهذه المنظمة العريقة الدكتور طالب الرفاعي، الذي سيغادر نهاية العام الحالي هذا المنصب، أن أتقدم لمعاليه - باسمنا جمعيًا - بخالص الشكر والتقدير على ما بذله من جهود عظيمة ومتواصلة وأعمال كبيرة طيلة السنوات الثماني الماضية، أسهمت بكل تأكيد في علو شأن قطاع السياحة عالميًّا، حتى بات هذا القطاع يحظى باهتمام بالغ وعناية كبيرة من قِبل ملوك وقادة ورؤساء دول العالم، وأصبح للسياحة دور كبير في مد جسور التواصل، وزيادة التفاهم والاستقرار بين شعوب العالم، وأصبحت واحدة من أهم الصناعات الاقتصادية الكبرى ذات النمو المرتفع، والعوائد المتزايدة، تسهم بصورة جلية في تنويع مصادر الدخل، ورفع معدلات النمو، وجذب الاستثمارات، وإيجاد المزيد من فرص العمل التي يحتاج إليها المواطنون. ولعل الأهم من ذلك دورها الرئيس في المحافظة على ما تراكم لدى دول العالم - عبر مر العصور - من مقومات تاريخية، وإرث ثقافي، وتراث متنوع».