كشفت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية «جويك»، أن التصنيع والقطاع الصناعي القائم على المعرفة والابتكار يشكل حالياً من 9 إلى 14 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون، ومن المستهدف الوصول إلى نسبة 25 بالمائة في بعض الدول الخليجية بحلول عام 2025م.
جاء ذلك خلال مشاركة المنظمة في ندوة «اقتصاديات لعصر ما بعد النفط.. آفاق وحلول»، التي نظمتها الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، في العاصمة العمانية مسقط، حيث قدمت مستشارة التخطيط الاستراتيجي في «جويك» الدكتورة ليلى ذياب ورقة حول « الخريطة الصنـاعية لدول المجلس واقتصاديات المعرفة ودورها المحوري في دفع عجلة التنمية»، تناولت فيها التوسع الكبير في القاعدة الصناعية في دول الخليج، من حيث عدد المصانع، وحجم الاستثمارات خلال السنوات الخمس الماضية، والذي يعتبر مؤشراً واضحاً لكون التصنيع قطاعاً رئيسياً، سيسهم إلى حد كبير في تنويع اقتصادات المنطقة».
وكشفت ورقة عمل المنظمة عن وجود حوالي 17,000 منشأة صناعية مع تسجيل نسبة نمو 5 % سنوياً تقريباً على مدى السنوات الخمس الماضية، فيما وصل عدد العاملين في القطاع إلى حوالي 1,6 مليون عامل بنمو 6.5 % سنوياً، وبلغ حجم الاستثمارات التراكمية 394 مليار دولار مع نمو 5 % سنوياً، بينما بلغت نسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر من 90 % من الشركات في دول المنطقة.
وأشارت ليلى إلى أن الخريطة الصناعية أظهرت المملكة والإمارات من الدول الرائدة في مجال الاستثمارات بالصناعات التحويلية والأنشطة الصناعية ذات الصلة.
يذكر أن «منظمة الخليج للاستشارات الصناعية» كانت قد أعدت دراسة الخريطة الصناعية لدول مجلس التعاون الخليجي، بتكليف من الأمانة العامة للمجلس، وذلك بناءً على اعتماد أصحاب المعالي وزراء الصناعة في دول المجلس، وأعلنت عن نتائجها في العام 2012م.
وأوصت الندوة، بضرورة تسخير الفوائض المالية في الصناديق الاستثمارية والسيادية وتوجيهها نحو صناعات تخلق تنوعاً اقتصادياً مثل المعرفة وتقنية المعلومات والتحويلية وغيرها من الصناعات غير النفطية، إضافة إلى البحث عن آليات للاستفادة من وسائل التمويل المبتكرة لتعزيز قنوات التمويل الأخرى التي تغذي مشروعات التنمية المستقبلية في دول المجلس، والعمل على تقليل البيروقراطية من خلال إيجاد مؤشر لها ومن تم السعي إلى تخفيضه وتقليله.
وأشار المشاركون في الندوة التي اختتمت أعمالها أمس الخميس في العاصمة العمانية مسقط، إلى أهمية بناء إدارات مختصة في كل الغرف التجارية تعنى بتشجيع ودعم التجارة والصناعة والاستثمار في دول المجلس، وإعداد دراسة الخارطة الصناعية وفرص الاستثمار الواعدة للشركات والترويج للمشاريع الاستثمارية الخليجية المشتركة، وقاعدة بيانات تعنى بتسريع انتقال وتبادل المعلومات ذات العلاقة بالاستثمار وقضايا التنمية الأخرى، إلى جانب البحث عن آليات عمل لترسيخ مفهوم القيمة الخليجية المضافة وتعزيز الاستفادة منها لأهميتها في الدفع بعجلة النمو والتنمية في دول المجلس وتوفير آفاق أوسع لأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ودعا المشاركون الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص إلى الاستثمار في قطاعات تقنية المعلومات والبحث والتطوير، مما يسهم في دعم برامج التنمية المستدامة بعيداً عن النفط، مقترحين أن يستثمر القطاع الخاص بما لا يقل عن 5% من أرباحه السنوية في هذه المجالات، والاستفادة من نتائج الدراسة الخاصة بالخارطة الصناعية التي أعدتها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية والتي من خلالها تم تحديد الفرص الاستثمارية المتاحة في عدد من الصناعات الغائبة عن المنطقة مثل الصناعات الغذائية، الصناعات الأساسية لمنتجات الحديد - الصناعات الكيماوية.
واقترح اللقاء، أيضاً إطلاق جائزة خليجية للاقتصاد المعرفي يتبناها اتحاد غرف التجارة والصناعة بدول المجلس تهدف إلى حث شركات القطاع الخاص على تخصيص بنود لتمويل برامج اقتصاد المعرفة.
وسلطت الندوة الضوء على أهمية التكامل الاقتصادي وتعزيز المواطنة الخليجية، واستشراف النظرة المستقبلية للاقتصاد الخليجي وتمكينه من قيادة التنمية الاقتصادية، متطرقة إلى استعراض الفرص الواعدة في القطاعات غير النفطية، وكذلك مصادر السيولة المالية والتمويل المستقبلي.
من جهته، قدم الدكتور عبداللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورقة بعنوان «نظرة استشرافية لمستقبل الاقتصاد الخليجي» ثم عقدت بعدها ثلاث جلسات عمل حوارية لمناقشة تمكين القطاع الخاص الخليجي لقيادة دفة التنمية الاقتصادية، الفرص الواعدة من القطاعات غير النفطية، مصادر السيولة المالية والتمويل المستقبلية في دول مجلس التعاون.
وخرجت الندوة بتوصيات عدة أبرزها التأكيد على أهمية العمل المشترك في إطار مجلس التعاون الخليجي لمواجهة المستقبل بروح التكامل نحو ما يعزز المقدرة الاقتصادية للدول الأعضاء ويمهد لها سبل التنمية المستدامة ومواجهة التحديات، وإعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر في صياغة برامج التكامل الاقتصادي وتعزيز روح المواطنة الخليجية من خلال تبني ودعم مبادرات القطاع الخاص التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل خاصة تلك المرتبطة بالميزة التنافسية واقتصاديات المعرفة، وعلى مؤسسات القطاع الخاص إعادة النظر في نماذجها التنظيمية والتجارية التقليدية وإعادة اختراع نفسها لتكون ذات صلة باحتياجات الاقتصاد المعاصر بالتوجه نحو الأدوات الرقمية والنطاق الترددي الواسع.