تقرَّر رسمياً استضافة المملكة العربية السعودية أعمال قمة قادة مجموعة العشرين G20 في العام 2020، وذلك بعد أن أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس في الجلسة الختامية لأعمال قمة المجموعة في مدينة هامبورج الألمانية عن قرار المجموعة استضافة المملكة لقمة المجموعة عام 2020، حيث ستقود المملكة أعمال وبرنامج عمل المجموعة لذلك العام وترأس اجتماعاتها. وقد تضمن البيان الختامي لقادة دول مجموعة العشرين هذه الموافقة.
وأعلن وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور إبراهيم العساف أمس عزم المملكة العربية السعودية استضافة قمة قادة مجموعة العشرين في عام 2020، وذلك بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - . جاء ذلك في تصريح صحفي أدلى به الدكتور العساف عقب ترؤسه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وفد المملكة في أعمال قمة قادة مجموعة العشرين التي اختتمت أعمالها في مدينة هامبورج الألمانية أمس. وقال: إن قادة الدول الأعضاء في قمة مجموعة العشرين رحبوا باستضافة المملكة العربية السعودية لأعمال القمة خلال عام 2020، ولقد بدأنا العمل من الآن لتنظيم اجتماع قمة العشرين في المملكة بإذن الله بمتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. وأضاف: "إن مشاركة المملكة العربية السعودية خلال أعمال القمة كانت موفقة ولله الحمد، وأكدنا فيها على موقف المملكة تجاه عدد من الموضوعات ومنها الموضوعات الاقتصادية التي تهم المملكة وتعود بالنفع على مصالح دول الأعضاء". وأفاد الدكتور العساف "أن قادة دول مجموعة العشرين ناقشوا في جلساتهم المغلقة خلال أعمال القمة ملف الإرهاب، وثمن الجميع جهود المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود تجاه هذا الملف، وفي مقدمتهم فخامة الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وسوف يكون هناك تعاون دولي مكثف ومحدد وأكبر مما كان يتم بالسابق". ولفت النظر إلى أن قمة العشرين تميزت بمناقشة موضوعية لموضوع العلاقة بين الطاقة والبيئة، مبينًا أن ذلك يعد تأييدًا لمواقف المملكة الدائمة التي تدعو إلى التوازن في التعامل مع مصادر الطاقة المختلفة. وأعرب عن شكره وامتنانه لجمهورية ألمانيا الاتحادية ممثلة في دولة المستشارة الألمانية الدكتورة أنجيلا ميركل على حسن التنظيم وإدارة العمل في قمة قادة مجموعة العشرين.
وأشار وزير المالية محمد الجدعان بهذه المناسبة، إلى أن المملكة قد بذلت جهوداً كبيرة قادها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالتواصل مع دول المجموعة لتأييد طلبها باستضافة اجتماعات مجموعة العشرين لعام 2020. وأضاف أن نجاح المملكة في استضافة اجتماعات المجموعة يعكس ثقلها السياسي والاقتصادي الدولي، وتثمينا لدورها، وثقة بقدرتها على تنظيم مثل هذه الاجتماعات المهمة.
وتعد المجموعة المنتدى الرئيس للتعاون الاقتصادي بين دولها الأعضاء التي تمثل 90 بالمائة من الناتج الإجمالي العالمي وثلثي سكان العالم. وأوضح الجدعان تطلع المملكة خلال رئاستها للخروج بنتائج ملموسة تسهم في دعم النمو الاقتصادي العالمي وتعزيز التنمية المستدامة، وأنها تنظر لاستضافتها لأعمال المجموعة على أنها فرصة لإبراز دور المملكة في هذه المجموعة العالمية، وفي مواصلتها سياستها بالتعاون مع المجتمع الدولي في التصدي للتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي وتحد من نموه، وإبراز القضايا المهمة لتحقيق نمو اقتصادي عالمي قوي ومتوازن ومستدام، كما أنها تمثل فرصة أيضا لعرض هذه القضايا والتحديات ومعالجتها من منظور يراعي سياسة المملكة الشاملة والمتوازنة، كما يراعي حاجات ومتطلبات دول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية بالإضافة إلى الدول النامية.
وتعد المملكة دولة فاعلة في مجموعة العشرين التي تشكّل دولها ما يقرب من ثلثي سكان العالم، وأكثر من أربعة أخماس الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وثلاثة أرباع التجارة العالمية، كما يعبّر دخول المملكة عضوًا في أكبر مجموعة اقتصادية في العالم اعترافاً بأهميتها الاقتصادية ليس في الوقت الحاضر فحسب، وإنما في المستقبل أيضاً، وتعطي العضوية في هذه المجموعة للمملكة قوة ونفوذاً سياسياً واقتصادياً ومعنوياً كبيراً يجعلها طرفاً مؤثِّراً في صنع السياسات الاقتصادية العالمية التي تؤثِّر في اقتصاد المملكة واقتصادات دول المنطقة. وكان للسياسات الاقتصادية ودعم الاقتصاد وقطاع الأعمال السعودي أبلغ الأثر في جعل المملكة - بفضل الله تعالى - دولة فاعلة في رسم سياسة الاقتصاد العالمي، وسوقًا آمنًا للاستثمارات من مختلف دول العالم، وشريكًا مهمًا في اجتماعات قمة العشرين، إلى جانب ما تتمتع به من مكانة وثقل مؤثِّرين على الاقتصاد العالمي، ولمواقفها المعتدلة وقراراتها الاقتصادية الرشيدة التي تبنتها خلال سنوات التنمية الشاملة، إضافة إلى النمو المتوازن للنظام المصرفي السعودي. يذكر أن السعودية جاءت أقل دول مجموعة العشرين من حيث نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، إذ بلغت النسبة بنهاية العام الماضي 2016 نحو 13.1 % من إجمال الناتج المحلي للسعودية، تلتها روسيا بـ 17 %، ثم إندونيسيا بـ 27.9 %.
واتفق قادة مجموعة العشرين أمس في هامبورج على تحفيز النمو الاقتصادي العالمي لتوفير المزيد من فرص العمل في كافة أنحاء العالم. وأقرّ زعماء دول وحكومات الدول الصناعية والصاعدة العشرين الكبرى خلال قمتهم على خطة عمل مشتركة تنص على إبقاء مشاركة الولايات المتحدة في تنظيم أسواق المال. وجاء في الخطة أن من التحديات طويلة المدى التي تواجه نمو الاقتصاد العالمي ضعف النمو الإنتاجي وعدم التكافؤ في الدخول وشيخوخة المجتمعات. واعترفت مجموعة العشرين في الخطة بأنها لن تستطيع على ما يبدو تحقيق الهدف الذي اتفقت عليه عام 2014 بزيادة الناتج المحلي الإجمالي لدولها بنسبة 2 % بحلول عام 2018 . وجاء في الخطة، أن تطبيق هذا الهدف حدث ببطء أكبر مما كان متوقعاً، "لذلك فإنه من المحتمل أن نصل إلى طموحنا في النمو الاقتصادي الجماعي متأخراً عمَّا كنا نتوقّع في الأساس". ودعا القادة مجدداً إلى إصلاحات هيكلية وتحفيز النشاط الاقتصادي بالمزج بين السياسة المالية والنقدية والإصلاحات الهيكلية. وأكدت مجموعة العشرين أنها لا تريد التلاعب بأسعار الصرف، وأنها ستتخلّى عن إضعاف متعمد لسعر صرف عملاتها، والذي من الممكن أن تحقق من خلاله امتيازات تنافسية غير عادلة.
وتعهد عدد من قادة دول وحكومات مجموعة العشرين خلال اجتماعهم أمس في هامبورج مع رئيس البنك الدولي جيم يونج كيم، بتمويل صندوق تابع للبنك لدعم سيدات الأعمال في الدول النامية بـ 325 مليون دولار. وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن المبادرة تمثّل قيمة مضافة، ورأت أنه في حال اكتمالها على نحو سريع لدى البنك الدولي في إنشاء هذا الصندوق فإن مجموعة العشرين ليست فقط قمة تعقد على مدار يومين، بل ستكون أكثر فعالية في الهيكل الدولي. وبحسب بيانات رئيس البنك الدولي، فقد قدمت بريطانيا وأستراليا والصين وكندا وكوريا الجنوبية وهولندا مساهمات سخية في هذا الصندوق، كما تعهدت ألمانيا بتقديم مساعدات مالية، فيما ساهمت الولايات المتحدة في هذا الصندوق بنحو 50 مليون دولار. كما رحبت ميركل بتوصل دول المجموعة إلى حل توافقي فيما يتعلّق بسياسة التجارة. وقالت "أنا مسرورة الآن بنجاحنا في أن نقول بوضوح: يجب الإبقاء على الأسواق مفتوحة". وأضافت أن دول المجموعة اتفقت على مكافحة الحمائية والعمل من أجل ممارسات تجارية عادلة.