١٧ جمادى الأولى ١٤٤٦هـ - ١٨ نوفمبر ٢٠٢٤م
الاشتراك في النشرة البريدية
عين الرياض
الثقافة والتعليم | الثلاثاء 12 ديسمبر, 2017 7:26 صباحاً |
مشاركة:

برعاية الشيخ عبدالله بن زايد انطلقت فعاليات منتدى تعزيز السلم

برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وحضور سمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح، انطلقت فعاليات الملتقى السنوي الرابع لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة برئاسة معالي الشيخ عبدالله بن بيه، ومشاركة سعادة الدكتور محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أمين عام منتدى تعزيز السلم، وأصحاب المعالي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي، والدكتور أحمد توفيق وزير الأوقاف  والشؤون الإسلامية للمملكة المغربية، والدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، والدكتور لقمان حكيم سيف الدين وزير الشؤون الإسلامية في أندونيسيا، والدكتور سردار محمد يوسف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في باكستان، والسيد آدما ديينغ المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بمنع الإبادة الجماعية، ونحو سبعمائة شخصية من العلماء والعقلاء والمفكرين والباحثين على مستوى العالم. 

 

وألقى سمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح، كلمة، رحب فيها بالضيوف الكرام،

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ المُرسَلين ،

فضيلةْ الشَّيْخ الدكتور / عبدالله بن بَيَّه ، رئيس مُنْتَدَى تَعزيزِ السِّلْمِ في المجتمعاتِ المُسْلِمَة ،

فضيلة الشيخ الدكتور / محمد بن عبدالكريم العيسى ، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ،

أصحابَ المعالي والفَضيلة ، المشاركون في المُلتقى الرابع ، لِلمُنتدى ،

الضيوفُ الأعزاء ،

الحفلُ الكريم :

السلامُ عليْكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ،

يُسعدُني وَيُشرِّفُني ، أنْ أكونَ معَكم اليَوْم ، في هذا المُلتَقَى الرابِع ، لِمُنْتَدَى تَعْزيزِ السِّلْمِ في المُجتمعاتِ المُسْلِمَة ، الذي يَنعَقِدْ ، في ظِلِّ الرِّعايةِ الكَريمَة ، لِسموِّ الشيخ / عبدالله بن زايد آل نهيان ، وزير الخارجيةِ والتعاوُنِ الدَّوليّ ، تَجسيداً لِاعْتِزازِ سُموِّه ، بِتُراثِنا الخالد ، بل وحِرْصِهِ كذلك ، على تَعزيزِ كافَّةِ قِيَمِ التَّسامُحِ ، والتَّعايُشِ ، والسَّلام : في العَلاقاتْ بَيْنَ جميعِ الدُّولِ والشُّعوب .

 

إنَّني أُرحِّبُ كثيراً ، بِانعقادِ هذا المُلتَقَى، على أرضِ الإماراتِ الطيِّبة ، ذلك ، لأنَّ هذه الدولةَ الرائِدة ، تُقَدِّمُ في كلِّ يَوْم ، أَدِلَّةً جَديدة ، لِحِرصِها الكبير ، على تَأكيدِ دَوْرِ الدِّين، في مَسيرةِ المُجتمعات ، وعلى أَهِميَّةِ الحِوار ، والتَّواصُلِ الإيجابِيّ، بَيْنَ أهلِ كُلِّ الأَديانِ والمُعْتَقدات ، بل وكذلك ، في الأَخْذِ بِكُلِّ الأساليب ، والأَدواتِ الضَّرورية ، لِتَحقيقِ السَّلامْ ، والتَّفاهُمْ ، والاسْتِقرارْ ، في كافَّة رُبوعِ العالَم .

 

إنَّ نَموذَجَ دولةِ الإمارات ، في الانْفتاحِ النَّاجحِ على العالَم، والإِسْهامِ النَّشِط، في كافَّةْ إِنجازاتِه ، إنَّما يَعودُ أوَّلاً وقَبْلَ كُلِّ شَيْء ، إلى الرُّؤْيَةِ الرَّشيدَة ، لِمؤسِّسِ الدولة ، المغفورِ لَهُ الوالد ، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، عَليْهِ رحمةُ اللهِ ورِضوانُه ، وهي الرُّؤْيَة ، التي كانت تُؤَكِّدُ لَنا دائماً ، على أنَّ الالتِقاءَ بين البَشَر ،  وتَحقيقَ التَّفاهُمِ والسَّلامِ بَيْنَهُم ، والعملَ المُشتَرَكَ مَعَهُم ، يُؤَدِّي دائماً ، إلى تَحقيقِ الخَيْرِ ، والرَّخاءِ ، لِلفَرْدِ والمُجتمعِ ، والعالَمِ كُلِّهْ – والحمد لله ، فإن هذه الرُّؤْيَة الحَكيمة، يَدْعَمُها في حاضِرِنا الزَّاهِر، وبِكُلِّ قُوَّة : صاحبُ السموِّ الوالد ، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ، رئيسِ الدولة – حَفِظَهُ اللهُ ورَعاه – ومَعَهْ أخيه صاحبُ السمو : الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، نائب رئيسِ الدولة ، رئيس مجلسِ الوزراء ، حاكم دبي ، وأخيه ، صاحبِ السموّ : الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، وليِّ عهدِ أبوظبي، نائبِ القائدِ الأعلى للقواتِ المُسلَّحة – إنَّ قادةَ الدولةِ الكِرام ، يُؤكِّدون لَنا دائماً ، أنَّ الحِوار ، والتَّسامُح ، والتَّفاهُم، بَيْنَ بَنِي الإنسان ، هو الطريق ، إلى عالَمٍ يَسُودُهُ السَّلامْ ، والرَّخاءْ ، والاستِقرارْ .

 

أَيُّها الإخوةُ والأَخَوات :

إنَّني إِذْ أَبْدَأْ كَلِمَتي إليْكُمُ الْيَوْم ، قد لا أَجِدُ ضَرورة ، لِسَرْدِ القضايا والأَسباب ، التي أَدَّت ، إلى أنْ نَكونَ معاً اليَوْم ، في هذا المُلْتقَى – ذلك ، لِأَنَّ مَعَنا اليَوْم ، نُخْبَةً مُتَمَيِّزَة ، مِنْ أصحابِ الخِبرةِ والكَفاءة ، يَتَطارَحُونَ مَعاً ، الأفكارَ والتَّحليلات ، التي سوف تُمَكِّنُكُم بِإذْنِ الله ، مِنْ وَضْعِ اسْتراتيجِيَّاتْ ، ومُقْترَحاتٍ مُلائِمَة ، لِتحقيقِ السَّلامِ العالَمِيّ ، ومُواجَهةْ ظاهرةِ الخَوْفِ ، مِنَ الإسلامِ والمُسلِمين – سوف أَكْتَفي بِأنْ أَعْرِضَ أَمامَكُم ، بَعْضَ مُلاحَظاتي ، وأَفكاري الشَّخْصِيَّة ، حَوْلَ هذه القضايا والأُمور .

 

أبْدَأُ بِالقَوْل ، في أنَّ قِراءَةَ السُّلوكِ البَشَريّ ، والفَهْمَ العامْ ، لِلتَّاريخِ الإِنسانيّ ، تَقودُنا إلى حَقيقةٍ مُؤَدَّاها ، أنَ الناسْ : رِجالاً ونِساءً – في كلِّ مَكانٍ وزَمان – يَعْتَبِرُونَ المَجْهولَ دائماً ، مَصْدَرَ خَوْفٍ وتَهْديد ، يَجِبُ الحَذَرُ مِنْهْ ، بل وتَجِبُ مُقاوَمَتُه ، ومُجابَهَتُه ، بِاسْتِخدامِ القوةِ في بعضِ الأَحْيان – لَيْسَ هذا فقط ، بل إنَّ الأمرْ ، قد يَنْتَهي في كَثيرٍ مِنَ الحَالات ، إلى النَّظْرَةِ إلى هذا المَجهُول ، بِاعْتِبارِهِ شيْطاناً ، تَجِبُ مُقاوَمَتُهْ ، بِكُلِّ السُّبُلْ – ولِلْأَسَفِ الشَّديد ، نَجِدْ : أنَّ ظاهِرةَ الخَوْفِ مِنَ الإسلام ، تَعْكِسُ بعضَ هذه المُؤشِّراتْ ، في كثيرٍ من بُلْدانِ العالَم .

 

يَرْتَبِطُ بِهذا الأَمْر ، ما يُسَجِّلُهُ تاريخُ البَشَر ، عَبْرَ الأَزْمان ، مِنْ عَدَمِ وُجودِ مُحاولاتٍ كثيرةٍ وَناجحة ، لِلتَّعارُفِ بَيْنَ الشُّعوبِ والثَّقافات ، ومعَ الأسَفِ الشَّديدِ أيضاً ، لازِلْنا نُلاحِظ : وجودَ هذه الظاهرة ، حتّى في عَصْرِنا الحالي ، الذي يَتسمُ بِانْتِشارِ تَقنياتِ المَعلومات والاتِّصال ، وسُهولةِ التَّنَقُّلْ ، بَيْنَ بُلْدانِ العالَم – إنَّنا ما نَزالُ نَشْهَدْ ، أنَّ الغالِبِيَّةَ السَّاحِقَةْ ، مِنْ سُكَّانِ العالَم ، ذاتَ اهْتِماماتٍ مَحَلِّيَّةٍ ضَيِّقَة ، لا يوجدُ لديْهم ، مَعْرِفَةٌ تُذْكَر ، بِالشُّعوبِ أو الحَضاراتِ الأُخْرى – هذا الوَضْعْ ، يَسْتَخْدِمُهُ المُغْرِضُون ، وأصحابُ النَّوايا السَّيِّئة ، في نَشْرِ الأَكاذيبِ والافْتِراءات ، عن الإسلامِ والمُسلِمين – بعضُهم يُقَدِّمُ المُسلِمينَ والمُهاجِرين ، لِأبناءِ وطَنِهِم ، بِاعْتبارِهِمْ أَسبابَ المُعاناةِ الاقتِصاديةِ لَهُم – على حِين ، أَنَّ بَعْضَهُمُ الآخَر ، يَدَّعِي : أنَّ الهُجومَ على الإسلامِ والمُسلِمين ، هو دِفاعٌ عن الديمقراطية ، وحُقوقِ الإنسان . وهؤلاءْ ، يَتَّهِمُونَ الإسلامْ : زُوراً وبُهْتاناً ، بأنَّهُ لا يَتَّسِقْ ، مَعَ هذه القِيَمِ والمَفاهيم – نَرى نتيجةَ ذلك ، في خَوْفِ البَعْض من الإسلامِ والمُسلِمين ، في مُجتمعاتٍ كثيرة - يَتَجسَّدُ هذا ، في التَّفْرِقةِ والتَّمْيِيزْ ، في مُعامَلَة المسلمين ، وتَزايُدِ العُنْفِ ضِدَّهُم ، والنَّظْرةِ السِّلْبيَّةِ في وَسائلِ الإِعلام ، عندَ عَرْضِ أّيَّةِ أحداثْ ، تَتَعلَّقُ بِهِم، بِالإضافةِ إلى ما نَراه ، في المُجتمعاتِ الغَرْبِيَّة، بِشَكْلٍ خاصّ ، منْ كُتب ، ومُؤَلَّفات ، ومَواقِعَ إلكترونيَّة ، تُهاجِمُ الإسلامَ والمسلمين ، وتَعملُ بِقَصْدٍ ، على قَلْبِ الحَقائق ، وتَزْييفِ الأُمور – ولِلْأَسفِ الشَّديد ، فَإنَّهم يَستخدِمونَ في ذلك ، تَحَدِّياتِ وآثارِ ظاهرةِ العَوْلَمَة ، وما قَد يَنْشَأُ عَنْها ، مِنْ تَهْميشٍ لِبَعْضِ فِئاتِ المُجتمع ، بِالإضافةِ إلى حَرَكاتِ الِهِجْرةْ ، واللَّاجِئين ، والهَجَماتِ الإِرْهابِيَّة ، التي يُنَفِّذُها : بعضُ المَحْسُوبِينَ على الإِسلام ، في أراضي تِلْكَ الدُّوَل .

 

إنَّني أُحَيِّي حِرْصَكم ، في هذا المُلتقَى ، على تَحليلِ هذه الظَّاهرة ، وتَأثيرِها على السَّلام العالَمِيّ . إنني آمُلْ : أنْ تُرَكِّزوا في مُناقشاتِكم ، على أنَّ الخوْفَ مِنَ الإِسلام ، في كَثيرٍ من المُجتمَعات ، ليسَ فقط ، ظاهِرةً تَتَعَلَّقُ بِسُلُوكِ الأَفراد ، إنَّما هي في حقيقتِها أيضاً ، نَزْعَةٌ عُنْصُرِيَّةٌ بَغِيضَة ، تَتَعَلَّقُ بِبِنْيَةِ المجتمع ، ومَدَى فاعليةِ مُؤسَّساتِهْ ، في اسْتِيعابْ وتَمْكينْ فِئاتِ السُّكَّان ، بِما فِيهِمْ المُسلِمون والمُهاجِرون ، في هذا المُجتمع .

 

إنَّني أَذْكُرْ : أنَّني تَحَدَّثْتُ في هذا المَوْضوعِ ، لِأوَّلِ مَرَّة ، مُنْذُ أَكْثرَ مِنْ خَمْسةَ عَشَرَ عاماً ، وكانَ تركيزي حِينَئِذٍ ، على أنَّ التَّعليمَ الفَعَّال ، هو الطريقُ الأَكيدْ ، الذي نُوضِّحُ مِنْ خِلالِهْ ، لِغَيْرِ المُسلِمين : طَبيعةَ الإسلامِ السَّمْحَةْ ، وإِسْهاماتِهِ الكُبْرَى ، في مَسيرةِ البَشَريِّة – نُوضِّحُ مِنْ خِلالِهْ ، أنَّ الإسلامْ ، دِينٌ عَظيم : يَدعو لِلْحِوار ، واحْتِرامِ الآخَر ، يَدعو إلى المَعْرِفَةْ ، والتَّواصُلِ الإيجابيِّ ، مَعَ الجَميع ، الإسلام ، لا يُمَثِّلُ تَهديداً لِمُجتمعاتِهْ ، ولا لِلمُجتمَعاتِ الأُخْرَى . الإسلامْ ، يَحْتَفي دائماً ، بِمَبادِئِ الشُّورَى ، وحُقُوقِ الإِنسان ، وسِيادةِ القانون ، وتَحَمُّلِ المَسؤُولِيَّة – الإسلامْ ، دِينٌ سَماوِيّ ، يَعْتَزُّ بِهِ أَتْباعُهْ ، ويُمارِسونَهُ بِخُشُوعٍ ، ومَحَبَّةْ ، واعْتِزازْ .

 

اِسمَحوا لِي هُنا ، أنْ أقول ، بأنني قد أشرتُ ، مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ خمسَةَ عَشَرَ عاماً ، أنَّ لِلتَّعليمِ ، دَوْراً مُهِمّاً ، لِتَعريفِ الآخَرين ، بِما يَتَّسِمُ بِهِ المُسلِمون ، مِنْ ثَراءٍ كبير ، في القِيَمْ ، والمَبادئْ ، والتَّاريخ – قُلْتُ كذلك ، إنَّ عَليْنا أنْ نَعْمَلْ ، مع كافَّةِ الدُّولِ والشُّعوب ، مِنْ أجلْ : تَحسينْ ظُروفِ المَعيشة ، والقَضاءِ على الفَقْرْ ، في كُلِّ مَكان ، وإِتاحَةِ الفُرَصْ الاقتصادية ، أَمامَ الجَميع – أَضَفْتُ إلى ذلك أيْضاً ، أنَّ الإرهابْ ، والعُنْفْ ، والتَّطَرُّفً ، والعُنْصُرِيَّة ، لَدَى البَعْض ، ليس قاصراً ، على دِينٍ دُونَ آخَر ، أو على مِنْطَقَةٍ دُونَ أُخْرى ، وأنَّ واجبَنا جميعاً ، هو أنْ نَتَضامَنْ ، في سبيلِ مُساعَدةِ المُجتمعات ، على التَّعامُلْ مَعَ هذه الظَّاهِرة ، بِشَكْلٍ ناجح – إنَّنا نَتَّفِقُ جَميعاً ، أنَّ الخوْفَ مِنَ الإسلام ، له جُذورْ ، في الفَقْرْ ، والفَشَلْ ، والتَّشاؤُمْ ، بَيْنَما النَّجاحْ ، والرَّخاء : عامِلانِ مُهِمّان ، يُحَقِّقانِ الثِّقَةَ والأَمَل ، والانْفِتاحَ الكريمَ على الآخَر .

 

والآن ، ونَتيجةَ ما لاحظتُهُ مِن تَطَوُّراتْ ، في السَّنواتِ الماضِية ، فإنَّنِي لازِلْتُ أُؤَكِّدْ ، على أَهَميَّةِ ذلك كُلِّهْ ، ولَكِنَّني أُضِيفُ أيضاً ، أَهميَّةَ وُجودِ مَرْصَدٍ إسلاميّ ، لِرَصْدِ وَتَوْثيقْ : كافَّةْ حالاتِ الكَراهِيَّةِ والعُنْف ، ضِدَّ الإسلامِ والمسلمين ، في أَيِّ مَكانٍ في العالَم ، مَعَ أَهَمِيَّةِ العَمَلْ ، بِجِدٍّ ونَشاط ، مِنْ أَجْلِ بِناءِ تَحالُفاتٍ ناجحة ، داخلَ كُلِّ دولة ، تَضُمُّ المسلمين وَغَيْرَ المسلمين مَعاً ، مِنْ ذَوِي النَّوايا الطَّيِّبَة : اِسْتِهدافاً ، لِمُجابَهَةِ كُلِّ حالَة ، وتَحليلِ أَسبابِها ، وَدَوَافِعِها ، والعَمَلْ ، مِنْ أجْلِ تَطويرِ القوانينْ ، والتَّشريعاتِ المُتَعَلِّقةِ بِها ، وأنَّ المسلمين ، لا يَجِبْ ، أنْ يَكُونُوا أَبَداً ، كَبْشَ فِداءْ ، لِلظُّروفِ الاقتصاديةِ والمجتمعيةِ السَّائِدة ، في تلك المُجتمعات .

إنني آملُ ، أن تتضمن مناقشاتكم ، سُبل التخلصِ من الصور النمطية السلبية ، عن الإسلام والمسلمين ، حول العالم ، بالإضافة إلى دراسةِ كيفية فتح قنوات فعالة ، للتواصل مع غير المسلم ، من خلال تنظيم الزيارات المتبادلة ، وجهود الدبلوماسية الشعبية ، ومن خلال الكُتّاب والمفكرين والجامعات ووسائل الإعلام ، من أجل أن يعتادَ الجميعُ ، على تبادل الأفكار والآراء مع المسلمين ، ومن أجل أن يعيشوا معاً ، في سلامٍ ووفاق .

أَيُّها الإخوةُ والأَخَوات :

إنَّني أُشيرُ إلى ذلك كُلِّهْ ، لأنَّنا في وَزارةِ التَّسامُح ، نَعْتَبِرُ نَشْرَ قِيَمِ التسامُحِ الدِّينيّ ، وتَعْميقَ أَواصِرِ المَحبَّةِ والتَّفاهُم ، بَيْنَ أتْباعِ الأَديانِ المُختلفة ، نَعْتَبِرُهْ : جُزْءاً مُهمَّاً ، في عَمَلِ الوَزارة – إنَّني أَتَطَلَّعْ ، إلى تَأَسيسِ عَلاقاتٍ قويةْ ، لِلْعَمَلِ المُشْترَك ، مع كافَّةْ فَعَّالِيّاتْ ومُؤَسَّساتْ المُجتمعِ والعالَم ، مِنْ أَجْلِ الأَخْذْ ، بِمُبادَراتٍ مُهمَّةٍ وفاعِلَة ، لِنَشْرِ ثَقافةِ التسامُح ، والتَّخلُّصِ مِنَ خوف الآخرين ، من الإسلام والمُسلِمينْ – إنَّني أَتَطلَّعْ : إلى العَمَلْ ، مَعَ الجَميع ، مِنْ أَجْلِ نَشْرِ المَعْرِفةِ والوَعْيِ ، بِالحضاراتْ ، والثَّقافاتْ ، والأَدْيانِ المُختلِفة – نَعْمَلُ جَميعاً مَعاً، مِنْ أجْلْ : تَعْزيزِ قِيَمِ هذه الدولةِ الرَّائدة ، في مَنْعِ التَّطَرُّفْ ، والعُنْصُريةْ ، والكَراهِيةْ ، والإرْهاب ، وَمُكافَحَةْ : كافَّةْ أَشْكالِ التَّفْرِقَةِ والتَّمْيِيز – إنَّني أَنْتهزُ مُناسَبةَ هذا المُنْتَدَى ، لِأَدْعُوَكُمْ جَميعاً ، إلى الإسهامْ ، في جُهُودِنا ، مِنْ أجلِ أنْ يَكُونَ ذلك كُلُّهْ : أساساً لِبِناءِ العَلاقاتِ الدَّوليَّةِ المُفيدة ، وعُنْصُراً فَعَّالاً ، مِنَ القُوَّةِ الناعِمَة ، لِدولةِ الإماراتِ الحَبيبة ، بل ومَدْخلَاً أميناً ، لِإسْهامِنا جَميعاً ، في تَحقيقِ السَّلامِ العالَمِيّْ . وفي هذا الإطار تؤكد الإمارات أن القدس بوضعها النهائي تمثل جوهر عملية السلام التي تشكل الضامن الأساسي للإستقرار في المنطقة وأي إخلال بهذه المعادلة قد يفتح أبواباً جديدة لخطاب متطرف جديد,

إن القدس بعروبتها وهويتها التاريخية والدينية قبلة لجميع الشعوب وموقف الإمارات هو ترسيخ مبادئ واستقرار حقيقي.وأعرب الإمارات عن أملها في تراجع الإدارة الأميركية عن خطوتها الأخيرة بشأن القدس وأن تعمل بشكل أساي ومؤثر ومحايد في صياغة مبادئ سلام حقيقي يخدم الجميع ويحقق التنمية والإستقرار.

 

مَرَّةً أُخْرى ، أُرَحِّبُ بِكُمْ جميعاً ، وأَعبِّرْ : عن شُكري الجَزيل ، لِسموِّ الأخ الشيخ / عبدالله بن زايد آل نهيان ، لِرِعايَتِهِ الكريمة ، لِهَذا المُلتَقَى ، وأَتَمنَّى لَكُمْ : كُلَّ نَجاحٍ وتَوْفيق .

أَشكُركُم ، والسلامُ عليْكم ورحمةُ اللهِ وبَرَكاتُه .

معربا عن سعادته بحضور الملتقى الرابع المنعقد برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجة والتعاون الدولي، الذي يرعى قيم التسامح والتعايش في العلاقات بين جميع الدول والشعوب. وبَيَّنَ معاليه أن دولة الإمارات العربية تقدم أدلة ملموسة على أهمية التواصل الإيجابي بين كل الأديان والمجتمعات. مؤكداً أن النموذج الإماراتي في الانفتاح على العالم يعود إلى الرؤية الرشيدة لمؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله)، والتي يدعمها في حاضرنا الزاهر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد العام للقوات المسلحة، وإخوانهم حكام الإمارات (حفظهم الله أجمعين). ملاحظاً أن قادة الدولة الكرام يؤكدون أن الحوار والتسامح هو الطريق إلى عالم يسوده السلام الرخاء والاستقرار، وأن الدولة تعمل على نشر ثقافة السلام في كل مكان.

 

 وتطرق الشيخ مبارك بن نهيان إلى أسباب التطرف والعنف فقال: إن قراءة السلوك البشري تقودنا إلى حقيقة أن الانسان في كل زمان يعتبرون الجهل مصدر خوف وتهديد يجب الحذر منه ومقاومته. ملاحظاً أن الغالبية الساحقة من العالم ذات اهتمامات محلية ضيقة تغيب فيها معرفة الآخر، ما يفتح الباب لنشر الأكاذيب والافتراءات عن المسلمين، كمن يعتبرهم أسباب المعاناة الاقتصادية لهم، وبعضهم يدعي أن الهجوم على الإسلام والمسلمين هو دفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وغير ذلك من الاتهامات التي لا تتفق مع قيم الإسلام ومفاهيه. وبين أن التعليم هو الطريق إلى تعريف غير المسلمين بطبيعة الإسلام السمح، ومن خلاله يمكن توضيح أن الإسلام دين عظيم يدعو للمعرفة والتواصل. وأن الإرهاب والعنف والتطرف والعنصرية ليس قاصرا على دين دون آخر، أو منطقة دون أخرى. وواجبنا مساعدة المجتمعات على معالجة هذه الظاهرة بشكل ناجح؛ لأن الخوف من الإسلام له جذور في الفقر والفشل، والظلم. ولذلك يتعين علينا أن نعمل مع كافة الدول والمجتمعات لمحاربة الفقر، وأتاحة الفرصة للشباب في أن يحلموا ويطمحوا إلى مستقبل أفضل.

 

   وأكد سمو الشيخ نهيان أن الإرهاب والعنف والتطرف والعنصرية، كلها سمات ومفردات لا تقتصر على دين أو مجموعة عرقية، وإنما هي حالات شاذة موزعة على جميع الأمم. وهذا ما يستدعي من الجميع العمل الدؤوب بصدق وشفافية؛ لتجاوز محنة الكراهية والغلو والتعصب، الذي في الغالب يدفع المسلمين ثمنه غاليا. داعياً إلى تشكيل مرصد، لرصد كل حالات الكراهية والعنصرية ضد المسلمين في العالم، وحملها إلى المسؤولين في تلك البلدان؛ لأن المسلمين لا يمكن أن يتحملوا وزر الاخفاقات الإقتصادية. وختم الشيخ نهيان باستعداد وزارة التسامح من أجل المعرفة والوعي بالحضارات والثقافات لتعزيز القيم الإنسانية الراسخة في دولتنا الرائدة بثقافة التسامح.

إن دولة الإمارات ستبقى داعمة

إلى ذلك افتتح معالي الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" أعمال الملتقى الرابع فقال: "لقد غرسنا شجرة السلام في هذا البلد الطيب (الإمارات العربية المتحدة) ونحن الآن نجني ثمرات هذا الغرس، وأول هذه الثمرات هو هذا اللقاء المنتظم بين قادة وعلماء الدول الإسلامية وغيرها، وهم أولو بقية من جميع الديانات، وهم أولو عقل وأولو تمييز". وأضاف أننا بحاجة إلى العقلاء والحكماء، وهم موجودون في كل مكان، لكن المشكلة، أن هؤلاء لم يجمعوا جهودهم ولم يوحدوا صفوفهم؛ ليواجهوا الإشكالات التي يعاني منها هذا العالم، سواء في التنظير أو التنزيل.

 

وأضاف معالي الشيخ ابن بيه أن المنتدى يواصل عمله لتقديم الرواية الصحيحة، التي نرى أنها رواية السلام في الإسلام، وهذا اللقاء إنما هو إحدى الحلقات في هذا الإطار. ملاحظاً أن المنتدى منذ نشأته الأولى، بدأ بتصحيح المفاهيم المفجرة للعنف، وإعادتها إلى مجاريها الحقيقية، كمفهوم الدار الذي انتقل إلى مفهوم الجوار، ومفهوم الجهاد الذي انتقل من القتال إلى جهود الوصال. وقمنا بذلك بمنهجية صحيحة، من خلال النصوص والمقاصد الناظمة، وكشفنا عوار تلك الطوائف التي تدعي سلوك طريق الإسلام، وهم قد ضلوا الطريق. ملاحظاً أن الأمر يتعلق بأكثر من مائة مفردة، فجرى توثيقها، من خلال "موسوعة السلام"، وكذلك في مجلة "السلم".

 

  ونوه معالي الشيخ ابن بيه إلى أن "معالجة ظاهرة الخوف من الإسلام- الصورة والعوامل" لا تتقصد المحاكمات لأحد ولا المرافعات عن أحد؛ لأننا لا نريد أن نجعل من الملتقى منصة اتهام أو تبرئة، وإنما نبحث عن المقاربة الإيجابية التي تعيد الثقة بين المسلمين وغيرهم، وتجلي الصورة الحقيقية والصحيحة للإسلام. فبحثنا هو محاولة لتشخيص العلاج لهذه الظاهرة، من خلال رصد تمظهراتها، التي تتمثَّل في نمو خطابات الكراهية والتمييز، التي راحت تضخها أحزاب اليمين المتطرف والنازيات الجديدة، وهي أفكار ليست بجديدة، ولكن اللافت فيها أنها جذبت قطاعات واسعة من الجمهور، وراحت خطاباتها تسهم في صناعة السياسات في الدول الكبرى، وخاصة فيما يتعلق بالهجرة، وتحديد الموقف من الأقليات المسلمة، بل وحتّى في توجيه السياسة الخارجية أحيانا. نحاول تقديم خارطة طريق لمعالجة ظاهرة "الإسلاموفوبيا" التي هي الوجه الآخر للتطرف. داعيا إلى فك الارتباط بين الإسلاموفوبيا وبين التطرف.

 

وأكد الشيخ ابن بيه على ضرورة معالجة هذه الظاهرة من خلال ثلاث دوائر:

  • داخلية: إعادة ترتيب البيت الداخلي.

 الحوار مع كل من يقبل الحوار. لعلنا نمضي قدماً إلى حلف فضول مع أولي بقية وهم موجودن، وهي المجموعات التي تحب السعادة لهذا الكوكبن فعليها أن تجتمع لتكون ضد الكراهية والحروب والعنف. لأن السلام العالمي مهدد، ولأن البشرية تمتلك مخزونا من الأسلحة التي قد تقع في أيدي المتطرفين، أو قد تستعملها الحكومات المجنونة.

- وجدنا في الشرق بين بعض الديانات التي كانت مسلمة هذه الخاصية أيضا.

- بالتأكيد توجد قيم مشتركة، وتوجد قيم مشتركة لصالح الإنسانية، وهي قيم الفضيلة والتسامح

- استقبلت الإمارات العربية القافلة الأمريكية للسلام لعيش تجربة التسامح والعيش المشترك، ثم انتقلوا إلى الرباط، ونؤمل أن يكون اللقاء المقبل في واشنطن. متمنياً أن تكون هذه التجربة، نموذجا من العائلة الإبراهيمة وغيرها لنشر السلام؛ لعله يكون فاتحة عهد جديد لحوار دائم بالأرواح والأجساد معا. وها نحن الآن ننتقل من عهد التذكير والكلام إلى عهد المشاركات والشراكات. هذا عهد جديد.

 

     من جهته تحدث معالي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي فقال: "نتشرف باسم رابطة العالم الإسلامي أن نكون معكم في هذا الملتقى المبارك، ونتضامن مع غاياتكم النبيلة، فالسلم والوئام مفردة كثيرة الدوران في المصطلح الإسلامي، وتصاحب المسلم في عبادته ومعاملاته. هذا فضلاً أن السلام من أسمائه تعالى. ملاحظاً أن السلام  كثيرا ما حالت دونه المصالح السياسية والإعلامية، وما تكتنزه بعص النفوس البشرية من حواجز مصطنعة، تعود في مجملها إلى الكراهية المفتعلة، وإلى غياب دور التواصل ومهاراته.

 

وأضاف العيسى إن السلام معنى شامل يشمل السلام والأمل والوئام الفكري. وعندما لا نعي لغة التواصل ولا أسلوب الحوار الحضاري الواعي، نفقد مقدمة مهمة في السلام. ملاحظاً أن هناك تفسيرات خاطئة ومجتزأة حول كثير من المعاني، تحدث عنها معالي الشيخ بن بيه، وأن هذه التفسيرات قد شوهت مفهوم الإسلام الذي هو بريء منها. فالجهاد لم يكن يوما من الأيام، إلا للدفاع عن النفس، وحرية العبادة. إن هذه المفاهيم خطفها خاطف، وزور مضمونها، فأنشأ أنظمة إرهابية، وهي ما نشرت  "الإسلاموفوبيا". أما التطرف أو الإرهاب فيغيب ويحضر من دين لدين، ومن ثقافة لثقافة، ومن حضارة لأخرى. ملاحظاً أن غياب المفكر الإسلامي خلق التطرف في طرفي نقيض، الأول محسوب على الإسلام زورا، والثانية "الإسلاموفوبيا".

 

من جهته تحدث معالي الدكتور أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في المملكة المغربية، فقال: "يستحق هذا المنتدى، ودولة الإمارات العربية الراعية للمنتدى كل الإكبار والتقدير". ولدى تناول موضوع الخوف من الإسلام، لاحظ معاليه أنه لا يجوز أن تغيب المقاربات السياسية لمسألة السلم والسلام، من المقاربة الفكرية. معتبراً أن المعنيين في هذا المقام هم علماء الدين أصلا وأساسا. ومن حقهم أن يعرفوا ويعرفوا للناس مسؤوليتهم في السلم والحرب، ومن واجبهم أن ينبهوا الناس إلى أهمية التواصي بالحق وبالصبر أيضا. فهم مطالبون ببيان الوسائل اللاعنفية.

 

وأضاف معالي الوزير التوفيق أن المفاهيم ينبغي أن تصحح، وهو ما يقوم به مندى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة. وهذا من شأنه الحد من خطاب الفتنة، ونشر خطاب السلم والسكينة.

 

 كما تحدث معالي الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، فعبر عن شكره وتقديره لمنتدى تعزيز السلم برئاسة معالي الشيخ ابن بيه؛ مثمنا الجهود المباركة التي يبذلها المنتدى في تعزيز ثقافة السلم، وعلى اختياره لهذا الموضوع المهم في المرحلة الراهنة.

وأشار شومان إلى ما سماه "وجود شبه بين هذا المنتدى وبين الحلف الذي انعقد بحضور رسول الله عليه الصلاة والسلام وإن اختلف الزمان والمكان والأشخاص، فالفكرة حاضرة.

 

ونوّه بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في تنزيل قيم السلام على أرض الواقع، وذلك باحتضان العلماء والمفكرين وأهل الحكمة في نشر السلام الروحي. وأشار شومان إلى أسباب التطرف والإسلاموفوبيا، وذكر أنها من جراء سوء فهم الإسلام في مقاصده وأبعاده، وهذا الذي نراه فاشيا عند بعض المنتسبين إلى الإسلام، وقد افتروا عليه افتراء بقصد وبغير قصد، فالإسلام دين رحمة وتسامح، وليس دين عنف وكراهية. فالناظر في تاريخ الإسلام يرى نماذج من التسامح أظهرها رسول الإسلام سواء في مرحلته المكية أو المدنية،

وقال شومان إن بعض ممارسات بعض المسلمين من أسباب الإسلاموفوبيا، فهناك سبب آخر، وهو رفض بعض أبناء الجالية المسلمة المقيمة في الخارج في الاندماج في تلك المجتمعات التي يعيشون بينها. وليس هذا فحسب، فهناك سبب آخر من جهة الغرب، إذ تبيّن أنه في بعض مواقفه أبان عن عنصرية وعنف تجاه الإسلام والمسلمين، ولا أدلّ على ذلك من القرار الباطل بخصوص القدس وفلسطين، حيث تم رفض هذا القرار من جميع علماء العالم، بل مثل ذا التصرفات لا يمكن ظان تخدم السلام ولا أن تؤدي إليه أبدا.

 

كما تحدث معالي لقمان حكيم سيف الدين وزير الشؤون الإسلامية في أندونيسيا، فأعرب عن كبير التقدير والامتنان لدولة الإمارات تحت القيادة الرشيدة لصاحب السمو خليفة بن زايد، التي تحتضن هذا المنتدى القائم لتعزيز السلم ونشر ثقافة التسامح. فالمنتدى يقوم بدور كبير في هذه المرحلة، ويأتي في أوانه؛ نظرا للحاجة الداعية إليه، سواء في المجتمع الإسلامي أو المجتمع الدولي. مندّداً بالقرار الأمريكي، الذي يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأن هذا لا يمكن أن يؤدّي إلى سلام عالمي أبدا، وقد عبر عن استنكار حكومة أندونسيا لهذا القرار المجحف، وأنه انتهاك لقرار الأمم المتحدة.

 

وتحدث معاليه عن مساوئ المرحلة فأشار إلى مسؤولية علماء الأمة، وضرورة أن يكونوا إطفائيين، وهي مهمة صعبة، دون أن ننكر وجود التطرف بسبب بعض الفهوم المخطئة لدى بعض المسلمين، ولكن من ناحية أخرى، فإننا نواجه ظاهرة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين؛ بطريقة ممنهجة، ينبغي تصحيحها. ملاحظاً أن هذه الكراهية تندرج في إطار مقولة صدام الحضارات الحمقاء. وطالب العلماء بتحصين فكر الأمة وبيان صورة الإسلام الصحيحة وتصحيحها. كما لا بد من مدّ جسور التواصل بين المسلمين وغيرهم حتى تتوثق مفاهيم المحبة والتسامح بين مختلف المجتمعات. كما يجب إنهاء الهيمنة على الضعفاء في العالم، وتبادل الاحترام  بين الديانات والحضارات، فمن شأن ذلك الإسهام في تحقيق السلام وتكريسه على أرض الواقع.

 

    كذلك تحدث الدكتور سردار محمد يوسف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في باكستان، فعبر عن موقف باكستان من القرار الأمريكي المجحف بخصوص القدس الشريف، وذكر أن هذا لا يمكن أن يؤدي إلى السلام أبدا، لأنه من شانه أن يزيد في الكراهية والعنف. وقال: إنالإسلام دين السلام للمسلمين وغير المسلمين، وقد دعا رسول الإسلام إلى السلام والرحمة، وبناء على هذا، فإنه من الضروري أن نتجنب أعمال العنف، لأنها لا تمت إلى الإسلام بصلة. ولا بد من تحسين العلاقات من أجل فكرة السلام، وهي احترام الآخر، ولا بد من التضامن بين المجتمع الإسلامي والمجتمع الدولي، فإن الإسلاموفوبيا ليست في صالح المسلمين ولا في صالح غيرهم. العالم في حاجة إلى الاستقرار والأمن.

 

   بدوره تحدث السيد آدما ديينغ المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بمنع الإبادة الجماعية، فحيا جهود السلام في كل مكان وزمان، باعتبارها الوسيلة الوحيدة النافعة في انقاذ الإنسان المعاصر وخلاصه من آفة التوحش. وفي هذا السياق تعتبر جهود منتدى تعزيز السلم على الطريق الصحيح، مثمنا عالياً أفكار العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، التي راحت تلقى القبول على مستوى العالم. كما توجه بالشكر لدولة الإمارات وقيادتها، التي سارعت إلى تجريم التكفير، فضلاً عن حضورها الدولي في المساعدات الإنسانية وغيرها من الأعمال الجليلة.

 

وفي الختام تحدث سعادة الدكتور محمد مطر سالم الكعبي أمين عام مُنْتَدَى تَعْزِيزِ السِّلْمِ، رَئِيسِ الْهَيْئَةِ الْعَامَّةِ لِلشُّؤُونِ الإِسْلاَمِيَّةِ وَالأَوْقَافِ، فتوجه بالشُّكْرِ وَالاِمْتِنَانِ إِلَى  صَاحِبِ السُّمُوِّ الشيخ/ خليفة بن زايد آل نهيان، رَئِيسِ الدَّوْلَةِ –حَفِظَهُ اللَّهُ– وَصَاحِبِ السُّمُوِّ الشيخ/ محمد بن راشد آل مكتوم، نَائِبِ رَئِيسِ الدَّوْلَةِ، رَئِيسِ مَجْلِسِ الْوُزَرَاءِ، حَاكِمِ دُبَي رَعَاهُ اللَّهُ، وَصَاحِبِ السُّمُوِّ الشيخ/ محمد بن زايد آل نهيان وَلِيِّ عَهْدِ أَبُوظَبْي، نَائِبِ الْقَائِدِ الأَعْلَى لِلْقُوَّاتِ الْمُسَلَّحَةِ، وَإِخْوَانِهِمْ أَصْحَابِ السُّمُوِّ حُكَّامِ الإِمَارَاتِ، وَإِلَى سُمُوِّ الشيخ/ عبد الله بن زايد آل نهيان وَزِيرِ الْخَارِجِيَّةِ وَالتَّعَاوُنِ الدُّوَلِيِّ، رَاعِي الْمُنْتَدَى. ورحب بالحضور قائلاً: إنَّ أَرْضَ الإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ وَهِيَ تُوَدِّعُ عَامَ الْخَيْرِ، وَتَتَطَلَّعُ نَحْوَ عَامِ زَايدِ الْخَيْرِ تَسْتَقْبِلُكُمْ بِكُلِّ مَظَاهِرِ التِّرْحَابِ، وَتُعَبِّرُ لَكُمْ بِكُلِّ مَعَانِي التَّكْرِيمِ وَالتَّقْدِيرِ عَنْ شُكْرِهَا لَكُمْ، كَوْنُكُمْ تُشَارِكُونَهَا آمَالَهَا، وَتُقَاسِمُونَهَا جُهُودَ قِيَادَتِهَا الرَّشِيدَةِ فِي الْبَحْثِ عَنْ سُبُلِ اسْتِعَادَةِ أَعَزِّ مَا يُطْلَبُ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ الْحَرِجَةِ مِنَ التَّارِيخِ، وَهُوَ "السِّلْمُ" الَّذِي أَصْبَحَ مِنْ أُمْنِيَاتِ مُجْتَمَعَاتٍ إِنْسَانِيَّةٍ فَقَدَتْ مَعْنَاهُ، وَافْتَقَدَتْ نِعْمَتَهُ، وَصَمَتَ فِيهَا الْعَقْلُ، وَخُنِقَتِ الْحِكْمَةُ، وَنَطَقَتْ فِيهَا أَفْوَاهُ الْمَدَافِعِ، وَأَصْبَحَ الْعُنْفُ فِيهَا الْحَاكِمَ بِأَمْرِهِ.

 

وَقال الكعبي إِنَّ الْقِيَادَةَ الْحَكِيمَةَ فِي دَوْلَةِ الإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ قَدْ تَبَنَّتْ نَهْجًا سَدِيدًا لِتَبْدِيدِ مَشَاعِرِ الْخَوْفِ مِنَ الإِسْلَامِ عَلَى الْمُسْتَوَى الْعَالَمِيِّ، فَقَامَ نَهْجُهَا الْفِكْرِيُّ فِي الشُّؤُونِ الإِسْلَامِيَّةِ عَلَى التَّسَامُحِ وَالاِعْتِدَالِ، وَالْفَهْمِ الصَّحِيحِ لِنُصُوصِ الدِّينِ الإِسْلَامِيِّ الْحَنِيفِ، وَتَرْسِيخِ الصُّورَةِ الْحَضَارِيَّةِ اللَّامِعَةِ لِجَوْهَرِ الإِسْلَامِ وَحَقِيقَتِهِ النَّاصِعَةِ، مِنْ خِلَالِ مَنَابِرِ الْجُمُعَةِ وَدُرُوسِ الْمَسَاجِدِ وَبَرَامِجِ التَّوْعِيَةِ الدِّينِيَّةِ فِي الْمُؤَسَّسَاتِ الْمُجْتَمَعِيَّةِ وَوَسَائِلِ الإِعْلَامِ، وَمَرَاكِزِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالْفَتَاوَى الصَّادِرَةِ عَنِ الْمَرْكَزِ الرَّسْمِيِّ لِلإِفْتَاءِ، وَمَنَاهِجِ التَّرْبِيَةِ الإِسْلَامِيَّةِ وَالتَّرْبِيَةِ الأَخْلَاقِيَّةِ فِي الْمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِيَّةِ.

 

وَاكْتَسَبَ الْخِطَابُ الدِّينِيُّ الَّذِي تَبَنَّتْهُ دَوْلَةُ الإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ سُمْعَةً عَالَمِيَّةً لِمَا يَقُومُ بِهِ مِنْ بِنَاءِ مُجْتَمَعٍ آمِنٍ مُتَلَاحِمٍ، مُحَافِظٍ عَلَى هُوِيَّتِهِ، مُتَمَسِّكٍ بِوَلَائِهِ وَانْتِمَائِهِ لِوَطَنِهِ، وَتَرْسِيخِ الاِعْتِدَالِ الدِّينِيِّ، وَتَعْزِيزِ مَبَادِئِ الرَّحْمَةِ وَالتَّسَامُحِ وَالسَّلَامِ، وَنَشْرِ ثَقَافَةِ الاِحْتِرَامِ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ أَتْبَاعِ الدِّيَانَاتِ، وَتَحْقِيقِ الأَمْنِ الْفِكْرِيِّ وَالاِجْتِمَاعِيِّ، وَحِمَايَةِ الْمُجْتَمَعِ مِنَ الأَفْكَارِ الْهَدَّامَةِ وَالْمُمَارَسَاتِ الدَّخِيلَةِ الْوَافِدَةِ الَّتِي تَتَعَارَضُ مَعَ الْقِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ النَّبِيلَةِ.

 

وَبِالتَّزَامُنِ مَعَ نَهْجِ الْفِكْرِ الدِّينِيِّ الْمُعْتَدِلِ؛ تُشَارِكُ الإِمَارَاتُ بِقُوَّةٍ وَرِيَادَةٍ فِي مُكَافَحَةِ الإِرْهَابِ ضِمْنَ قُوَّاتِ التَّحَالُفِ الإِسْلَامِيِّ، وَقُوَّاتِ التَّحَالُفِ الدُّوَلَيِّ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْجَمَاعَاتِ الإِرْهَابِيَّةِ الإِجْرَامِيَّةِ، وَالْحَرَكَاتِ الطَّائِفِيَّةِ الَّتِي تُثِيرُ الْفِتَنَ، وَتُمَارِسُ الإِجْرَامَ بِاسِمِ الإِسْلَامِ.

 

وَمِنَ النَّاحِيَةِ الْعَمَلِيَّةِ قَدَّمَتْ دَوْلَةُ الإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ النَّمُوذَجَ الْحَضَارِيَّ الرَّاقِيَ الْمُعَاصِرَ لِلإِسْلَامِ، لِتُصَحِّحَ الصُّورَةَ النَّمَطِيَّةَ الَّتِي تَكَوَّنَتْ عَنِ الإِسْلَامِ نَتِيجَةَ الْمُمَارَسَاتِ الإِجْرَامِيَّةِ لِبَعْضِ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى الإِسْلَامِ زُورًا وَبُهْتَانًا.

 

فَعَلَى صَعِيِد الْوَاقِعِ تَقُولُ الإِمَارَاتُ لِلْمُصَابِينَ بِالْهَلَعِ وَالْخَوْفِ مِنَ الإِسْلَامِ: هَا نَحْنُ مُسْلِمُونَ، يَعِيشُ عَلَى أَرْضِنَا أَكْثَرُ مِنْ (200) مِئَتَيْ جِنْسِيَّةٍ مِنْ مُخْتَلَفِ دُوَلِ الْعَالَمِ، تَتَعَدَّدُ انْتِمَاءَاتُهُمُ الْعِرْقِيَّةُ، وَتَتَنَوَّعُ مُعْتَقَدَاتُهُمُ الدِّينِيَّةُ، وَتَخْتَلِفُ التَّوَجُّهَاتُ السِّيَاسِيَّةُ لِبُلْدَانِهِمْ، وَرُغْمَ كُلِّ ذَلِكَ يَتَعَاوَنُونَ جَمِيعًا لِتَحْقِيقِ أَهْدَافٍ مُشْتَرَكَةٍ فِي بِنَاءِ الْوَطَنِ وَخِدْمَةِ الْمُجْتَمَعِ، وَإِسْعَادِ النَّاسِ، وَيَتَمَتَّعُونَ بِكَامِلِ الْحُقُوقِ وَالْحُرِّيَّاتِ، وَيَنْعَمُونَ بِالأَمْنِ وَالسَّلَامِ دَاخِلَ رُبُوعِ دَوْلَةِ الإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ.

 

فِيمَ الْخَوْفُ مِنَ الإِسْلَامِ؟ فَالإِسْلَامُ عَلَّمَنَا أَنْ نَكُونَ الرَّقَمَ وَاحِدَ عَلَى الْمُسْتَوى الْعَالَمِيِّ فِي التَّعَاوُنِ الإِنْسَانِيِّ، وَمَدِّ يَدِ الْعَوْنِ لِلْمُحْتَاجِينَ، وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِينَ، وَنَجْدَةِ اللَّاجِئِينَ وَالْمَنْكُوبِينَ، وَرَسْمِ الاِبْتِسَامَةِ عَلَى وُجُوهِ الْمَحْزُونِينَ.

 

لَا تَخَافُوا مِنَ الإِسْلَامِ، فَتَعَالِيمُ الإِسْلَامِ السَّمْحَةُ جَعَلَتْ مِنْ دَوْلَتِنَا دَوْلَةً حَضَارِيَّةً تَضَعُ فِي أَوْلَوِيَّاتِ اسْتِرَاتِيجِيَّاتِهَا مُكَافَحَةَ الْفَقْرِ وَالْمَرَضِ فِي الْعَالَمِ، وَنْشَرَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَمُحَارَبَةَ الْجَهْلِ وَالأُمِّيَّةِ، وَتَشْجِيعَ الْقِرَاءَةِ، وَتَنْشِيطَ حَرَكَةِ التَّرْجَمَةِ لِلْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ وَالثَّقَافَاتِ، وَإِطْلَاقَ مَشَارِيعِ التَّنْمِيَةِ، وَدَعْمَ الاِبْتِكَارِ، وَصُنْعَ الْمُسْتَقْبَلِ.

 

لَا خَوْفَ مِنَ الإِسْلَامِ، فَفِي ظِلِّ مَبَادِئِهِ السَّامِيَةِ تَعَلَّمْنَا فِي دَوْلَتِنَا أَنْ نَحْمِيَ الطُّفُولَةَ وَنَرْعَاهَا، وَنُكْرِمَ الْمَرْأَةَ وَنَقُومَ بِتَمْكِينِهَا وَنُحَقِّقَ مُسَاوَاتَهَا بِالرِّجَالِ، وَنُحَافِظَ عَلَى الْبِيئَةِ وَتَنَوُّعِهَا، وَنُمَارِسَ الرِّيَاضَةَ وَنُشَجِّعَهَا، وَنُقَدِّرَ الْفُنُونَ، وَنَتَبَنَّى الإِبْدَاعَ، وَعِنْدَنَا وِزَارَاتٌ لِلسَّعَادَةِ وَالتَّسَامُحِ وَالشَّبَابِ وَالْمُسْتَقْبَلِ وَالْبِيئَةِ وَالذَّكَاءِ الاِصْطِنَاعِيِّ، نَسْتَثْمِرُ فِي بِنَاءِ الإِنْسَانِ لِخَلْقِ بِيئَةٍ مُتَكَامِلَةٍ لِلْمُبْدِعِينَ وَالْمُبْتَكِرِينَ، لِنُحَقِّقَ السَّعَادَةَ لِلإِنْسَانِيَّةِ جَمْعَاءَ.

مشاركة:
طباعة
اكتب تعليقك
إضافة إلى عين الرياض
أخبار متعلقة
الأخبار المفضلة