أذِنَت انطلاقة أولى رحلات قطار المشاعر في العام 1431هـ، بمرحلة جديدة في وسائل نقل الحجاج ، وشاهدًا على الجهود التي تبذلها المملكة لخدمة ضيوف الرحمن ،وتطوير المشاعر المقدسة.
ويعد مشروع قطار المشاعر، واحدًا من المشروعات الحيوية التي نفّذتها المملكة خلال الأعوام الماضية في المشاعر المقدسة، رابطاً بين جنوب شرق مشعر عرفات وجنوب غرب مشعر منى (منطقة الجمرات)، عبر مشعر مزدلفة بمسار يبلغ حوالي 20 كيلو متراً , في إنشاءات مرتفعة على أعمدة في الجزر الوسطية للطرق .
ويشتمل المشروع على تسع محطات مرتفعة عن الأرض بطول 300 متر لكل محطة، ويتم الوصول إلى أرصفة القطار عن طريق منحدرات ومصاعد وسلالم عادية وكهربائية، وبوابات أوتوماتيكية تفصل بين القطار ومناطق التحميل ومناطق الانتظار، وتتميز بتقنية الاستشعار عن بعد للتعرف على حاملي التذاكر التي تباع للشركات والمؤسسات فقط، ولا يمكن بيعها للأفراد لأهداف تنظيمية، فيما يتم تفويج الحشود إلى المحطات في مسارات محددة إلى مناطق الانتظار أسفل المحطات التي تستوعب أكثر من 3000 حاج .
ويستهدف قطار المشاعر في موسم حج 1439هـ, نقل 350 ألف حاج عبر أكثر من 1000 رحلة خلال سبعة أيام ، ويقدم خدمات التفويج لأكثر من 72 ألف حاج في الساعة، ويصل عدد القطارات إلى 17 قطارًا، تضم 204 عربات مكيفة بطول 300 متر، وتستوعب كل عربة 300 حاج، إضافة إلى عربتين أمامية وخلفية .
ويمر القطار عبر المحطات الموزعة في عرفات ومزدلفة ومنى، بثلاث محطات لكل مشعر، حيث يمر القطار بثلاث محطات مختلفة في مشعر عرفات، ويمر بعدها بثلاث محطات أخرى في مزدلفة، ثم يتوقف في المحطة الأولى في أول مشعر منى، ثم في وسطه، فيما تصل محطته الأخيرة إلى الطابق الرابع في منشأة جسر الجمرات .
ويبدأ مساره من محطة الجمرات، ماراً بمشعر منى، ثم إلى مزدلفة، ومنها إلى عرفات، بسرعة تتراوح بين 80-120 كم في الساعة، ويسير دون سائق، بواسطة أنظمة آلية للتشغيل يتم التحكم بها من عن طريق مركز التشغيل والمراقبة، ويصل ارتفاعه عن الأرض إلى 45 متراً عند الجمرات، وتم إنشاؤه بأرقى المواصفات على أعمدة خرسانية في الجزيرة الوسطى للطريق، وبُني بهذه الطريقة لتستغل المساحات الأرضية في نصب خيام الحجاج .
وكانت وزارة الشؤون البلدية والقروية قد حصلت على جائزة (فيديك) العالمية، وذلك لتنفيذها مشروع قطار المشاعر المقدسة، الذي تم اختياره من قبل منظمة الاتحاد الدولي للاستشارات الهندسية (فيديك) من بين أفضل 24 مشروعاً على مستوى العالم خلال الـ100 عام الماضية، وذلك لتميّز المشروع وإسهامه في تحسين ظروف الحياة، وتخفيف الزحام، والمحافظة على نظافة البيئة من آثار التلوث الناجم عن عوادم السيارات .
كما فاز مشروع قطار المشاعر (الخط الجنوبي) ضمن (منشأة الجمرات)، بجائزة (فرانس إيدل مان أوارد) بالولايات المتحدة الأميركية، لأفضل البحوث التطبيقية والتشغيلية .
وبحسب ما تضمنه تقرير تقييم تشغيل قطار المشاعر المقدسة لموسم حج العام الماضي 1437هـ، فقد حصل أداء مشروع القطار على نسبة نجاح 100% في جميع مراحل النقل .
ويأتي مشروع تظليل ممرات ومنحدرات المشاة المؤدية لمحطات القطار بمشعر منى ، وممرات مشروع ربط العزيزية بمنشأة الجمرات، الذي تم الانتهاء من تنفيذه مؤخراً هذا العام 1439هـ, ليخدم سالكي هذه الممرات ويقيهم من أشعة الشمس والعوامل الجوية الأخرى.
ويعد مشروع ضبط الحشود واحداً من المشروعات التنظيمية التي تقدم جهوداً ملموسة بمحطات قطار المشاعر المقدسة، ويهدف إلى ضبط وفرز وتنظيم حركة الحجاج في المسارات المؤدية إلى بوابات محطات القطار، وفرز حملة التذاكر على بوابات القطار، وضبط وتنظيم حركة الحجاج أسفل محطات القطار، وتسهيل حركتهم للصعود إلى أرصفة محطات القطار عبر المصاعد والسلالم، وحماية أسوار وبوابات المحطات، ومنع الافتراش داخل المحطات.
وفي هذا الشأن، لا يمكن إغفال دور أول تطبيق ذكي يتم تنفيذه في الحج، واطلقته هيئة تطوير مكة المكرمة، لربط الحجاج بمركز السيطرة على الحشود بقطار المشاعر المقدسة، بهدف تنظيم تنقلاتهم من المخيمات وحتى وصولهم إلى القطار، وفق جداول تحركاتهم الزمنية.
كما يأتي التطبيق بمثابة حلقة وصل بين قادة أفواج الحجاج وغرفة التحكم الخاصة بمركز السيطرة على الحشود، ويحتوي على الجدول الزمني لتفويج الحجاج، كما يتيح الفرصة أمام الجهات ذات العلاقة للاستعداد للتفويج بحسب الجدول الزمني المحدد لكل فوج .
ويتكامل مشروع قطار المشاعر مع بقية المشروعات التي تقدمها المملكة لضيوف الرحمن، في منظومة تجسّد اهتمام المملكة بشؤون الحرمين الشريفين، وبخدمة وراحة حجاج بيت الله الحرام.