أكدت هنادي صالح اليافعي، مدير إدارة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، رئيس اللجنة المنظمة لحملة سلامة الطفل، أن مبادرة "إعلام مسؤول.. طفل آمن" التوعوية، التي أطلقتها الحملة مؤخراً، بالتعاون مع المؤسسات الاتحادية والإعلامية في الدولة، تهدف إلى تعزيز الريادة الإماراتية في رعاية الأطفال من خلال العاملين في المؤسسات الإعلامية الإماراتية، المرئية منها والمكتوبة، والمسموعة، والإلكترونيّة، مشيدة بمستوى الوعي العام لدى الصحافيين والمحررين في الدولة بشأن تناول القضايا المتعلقة بالطفل والحفاظ على خصوصيته عبر المواد والوسائط الصحافية بأنواعها.
وتأتي هذه المبادرة بتوجيهات قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، كما تترجم رؤية سموها في حماية الطفولة والأطفال من كل ما قد يمس بحقوقهم الطبيعية، ويؤثر على مستقبلهم.
وأوضحت اليافعي أن هذه المبادرة تنسجم مع سياسات دولة الإمارات العربية المتحدة الهادفة إلى تمكين الأطفال واليافعين من الريادة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقالت: "إن المساس بحقوق الأطفال في الإعلام يتنافى مع هذه السياسات، إذ يشير الخبراء إلى أن الأطفال هم الأكثر عرضة للتأثر بما يطّلعون عليه في وسائل الإعلام، وأن ما يشاهدونه أو يسمعونه يبقى في ذاكرتهم طويلاً، وقد يسبب لهم المحتوى الإعلامي غير المناسب أزمات نفسية وعاطفية، تنعكس عليهم سلباً وتهز ثقتهم بأنفسهم، وتولّد لديهم مشاعر الخوف من المجتمع، وهذا الأثر سيتضاعف بلا شك إذا شاهد الطفل صورته أو تابع ما يتداوله الإعلام بشكل غير لائق لقضية تتعلق به".
وتابعت اليافعي: "ثقتنا في الإعلام الإماراتي كبيرة، فقد كان ولا يزال شريكاً فاعلاً في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ بدايات التجربة الإماراتية، ولا شك لدينا أنه يحترم خصوصية الأطفال وكل من يتناول قضاياهم، ونتوقع من رواد قطاع الإعلام في الإمارات أن يستثمروا هذه الحملة لتشكيل حراك عربي إعلامي واسع يفضي في النهاية إلى استعادة مواثيق هذه المهنة والحفاظ على أخلاقياتها التي نحن في أمس الحاجة إليها الآن وفي ظل الظروف الاستثنائية التي تسود العالم، حيث أصبحت صور الأطفال وخصوصياتهم ومعاناتهم توظّف لتحقيق سبق صحفي أو لتقديم محتوى يشد انتباه المشاهد بغض النظر عن نتائجه بعيدة المدى".
ونوهت اليافعي إلى تنامي ظاهرة عالمية تتمثل في استقطاب الجمهور من خلال القضايا الغريبة والمثيرة للجدل، وبالرغم من الصوابية النسبية لهذا التصور عن الجمهور، إلا أن وظيفتنا هي التنبيه من خطورته وتصويبه وتقديم المحتوى الموضوعي الملتزم بأخلاقيات المهنة.
وأشارت اليافعي إلى أن مبادرة "إعلام مسؤول.. طفل آمن"، تنسجم مع المساعي التي تبذلهاالجهات والمؤسسات الوطنية والاتحادية، حيث أصدر المجلس الوطني للإعلام في مارس الماضي "نظام الإعلام الإلكتروني"، الذي ينظم الأنشطة الإعلامية في الدولة، بما في ذلك مواقع تداول وعرض وبيع المواد المرئية والمسموعة والمقروءة والمواقع الإلكترونية الإعلانية والإخبارية، وأنشطة النشر الإلكتروني والطباعة تحت الطلب، بما فيها الأنشطة التي تتم ممارستها عبر وسائل التواصل الاجتماعي من داخل الدولة وعلى أسس تجارية".
وأشار المجلس حينها إلى أن من الأهداف الرئيسة للنظام توفير محتوى إعلامي متوازن ومسؤول يحترم خصوصية الأفراد، ويحمي فئات المجتمع، بما في ذلك الأطفال، من أي تأثيرات سلبية محتملة، لاسيما أن الإعلام الإلكتروني بات يشكل مصدراً رئيساً للأخبار والمعلومات بالنسبة إلى شريحة واسعة من الناس.
وتابعت اليافعي: "في بعض الحالات يتعرض الإعلام للإرباك وعدم الوضوح في التعاطي مع قضايا الأطفال على وجه التحديد لاسيما الفضاء الإلكتروني، لذا جاء النظام الجديد الذي حدده المجلس ليضع الضوابط الكفيلة بمنع تداول أي محتوى إعلامي غير آمن، خصوصاً لأطفالنا، وأعتقد أن هذه الخطوة كانت في غاية الأهمية".
استخدام صور الأطفال من قبل المنظمات غير الحكومية
ونوهت اليافعي إلى تنامي ظاهرة نشر صور الأطفال ضحايا النزاعات والكوارث والمجاعات، والتي تُستخدم بغرض ترويجي لتشجيع الجمهور على دعم ومساندة الضحايا الأبرياء، وقالت: "قد يلجأ البعض إلى نشر صور الأطفال الضحايا بهدف تشجيع الناس على المساعدة لكنه لن يحقق مبتغاه إلا بشكل مؤقت، لأن تكرار نشر الصور ينفّر الجمهور شيئاً فشيئاً وقد تتحول هذه الحالة إلى أزمة أخلاقية بالنسبة لهم، مما يدفعهم إلى عدم النظر إليها مرةً أخرى، ما يثبت أن هذا النوع من التوظيف للصورة التي تحرك العواطف على حساب الوعي بالقضية، خاطىء منذ البداية وعلى الجهات التي تعتمد هذا الأسلوب أن تجد طريقة أكثر استدامة لكسب الرأي العام".
مسؤولية الأهالي في حماية خصوصية أبنائهم
وأشارت اليافعي إلى أن الدراسات التي تبحث في سبل حماية الطفل وخصوصيته في الإعلام لم تستثن دور الأهالي ومساهمتهم لتحقيق هذه الغاية، مضيفة بأن سهولة التقاط الصور ومقاطع الفيديو ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في التسبب بالعديد من الانتهاكات التي ألحقت الأذى النفسي والاجتماعي بالأطفال، مشددين الاحتياطات الوقائية اللازمة.
وكانت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي قد نوهّت في رسالة وجهتها للمجتمع الإماراتي بمناسبة إطلاق مبادرة "إعلام مسؤول.. طفل آمن"، إلى أهمية تنبّه أولياء الأمور لما ينشروه لأبنائهم من محتوى بغرض التفاخر بمنجزاتهم، أو المواقف المحرجة والعفوية لهم، وذلك لما له من أثر على سلامة الأطفال.
وحول ظاهرة تنامي الاهتمام العالمي بالظهور الإعلامي للأطفال وكيف يجب أن يكون لائقاً بحيث لا يسبب الأذى المباشر وبعيد المدى على الأطفال، قالت هنادي اليافعي: "إن تنامي الاهتمام العالمي بهذه الظاهرة دليل على أن بناء مستقبل آمن يبدأ من حماية الطفولة برمزيتها وجمالها ونقائها وعدم تشويه ذاكرة الطفولة، لإن الإساءة التي قد يتعرض لها الطفل في هذه المرحلة الحساسة من العمر ستبقى ظاهرة ومن الصعب أن تزول".
وشددت اليافعي على أن "رسالة مبادرة (إعلام مسؤول.. طفل آمن) تؤكد على المسؤولية والأمانة الإعلامية في تسليط الضوء على قضايا الطفل، وأهمية مراعاة القوانين والأنظمة الخاصة بحقوق الطفل عموماً، والإماراتي خصوصاً، خلال تناول قضاياه في مختلف وسائل الإعلام، وما يمكن أن تحدثه الكلمة، أو الصورة من أثر في مستقبل الصغار، وهو ما يتفق أساساً مع توجهات الدولة برعاية الأطفال وضمان سلامتهم كركيزة أساسية في رؤية دولة الإمارات للمستقبل".
وتعقد المبادرة شراكات مع مؤسسات عدة، بهدف تفعيل قانون حقوق الطفل الإماراتي، واستحداث إجراءات وسياسات تجسد رؤية المبادرة، أبرزها: وزارة تنمية المجتمع كشريك استراتيجي، والمجلس الوطني للإعلام، وجمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، وجمعية الصحافيين في دولة الإمارات، والمجلس الاستشاري بالشارقة، والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، ومكتب الشارقة صديقة للطفل، ونادي الشارقة للصحافة، ومؤسسة أبوظبي للإعلام، ومؤسسة الشارقة للإعلام، وغيرها من المؤسسات الإعلامية من مختلف إمارات الدولة.