عكف شركة "أرامكو السعودية" على نقلة مبتكرة في أضخم مشروعات تحويل النفط الخام إلى كيميائيات في العالم والذي تنفذه بالتحالف مع شركة "سابك" في ينبع الصناعية حيث أنجز خبراء "أرامكو" بكل عزيمة وإرادة مراحل متقدمة في مبادرات تقنية رائدة في شؤون تحويل النفط الخام بصورة مباشرة ومعزّزة إلى مواد كيميائية حيث عملوا على تطوير أعمال تحويل تنافسية محسنة تؤدي إلى انخفاض كبير في التكلفة للحصول على إنتاجية أعلى من المواد الكيميائية للبرميل الواحد، مع تبسيط العملية برمتها وتقليل استهلاك الطاقة وتقليص حجم رأس المال وزيادة الربح.
واستعرضت أرامكو ضخامة حجم المشروع وتقنياته وتحدياته في تقريرها الأسبوعي حيث يقول كبير المسؤولين التقنيين في أرامكو أ. أحمد الخويطر:" تمثّل المواد الكيميائية، في الوقت الراهن، أسرع قطاعات الطلب على النفط الخام نموًا وتتيح لنا تقنيات تحويل النفط الخام إلى مواد كيميائية زيادة كمية إنتاجنا من الكيميائيات ذات القيمة العالية وفي الوقت نفسه تقليل الآثار الناجمة عن انبعاثات الكربون المرتبطة باستخدام النفط الذي ننتجه. كما أن تنمية أعمالنا في مجال المواد الكيميائية تمكّننا من التوسع في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق وخلق مزيد من فرص العمل في المملكة".
ووضعت أرامكو السعودية نصب عينيها أن تصبح شركة عالمية رائدة ومتكاملة في مجال الطاقة والكيميائيات. وللمساعدة في بلوغ هذا الهدف، عقدت الشركة مجموعة من المبادرات التعاونية وأعمال الاستحواذ والمشروعات المشتركة، بالتوازي مع إطلاق إستراتيجية تقنية طموحة بشكل كامل في مركز البحوث والتطوير للمساعدة في تحقيق هذه الرؤية بالعمل على آفاقٍ جديدة والكشف عن كيمياء تكوين النفط الخام وتحويله إلى مواد كيميائية مع وجود أجندة أبحاث متنوّعة تتضمّن الاستدامة ومشروعات الاستخلاص والتجزئة والنقل والتكرير والمعالجة والتسويق.
من جهته قال مدير إدارة مركز البحوث والتطوير أ. عمار النحوي:" إننا ننطلق من النفط الخام بحثًا عن أفضل وأقصر الطرق لاستخلاص المواد الكيميائية مباشرة من خلال التطورات التي حدثت في مجال وسائط التحفيز والفصل، بهدف تحويل نسبة من 70 إلى 80 % من كل برميل نفط إلى مواد كيميائية بطريقة تنافسية. وقد تمكّنا من إبراز دورنا القيادي والتقني في هذا المجال".
وأشار إلى سلسلة تعقيدات أمكن حلها منها تجاوز العمليات التقليدية والتي تقوم على تحويل النفط الخام عبر عمليات المعالجة الاعتيادية للمصافي إلى منتجات متنوّعة مثل النافثا والديزل والكيروسين وزيت الغاز ومخلفات التقطير. وتُستخدم بعض هذه المنتجات كلقيم للإنتاج التقليدي للبتروكيميائيات. إلا أن هذه العملية مكلفة وتتطلب خطوات تكرير كثيرة وباهظة التكلفة وتستهلك طاقة عالية.
في حين تتمثل إحدى الطرق المتبعة لتحسين هذه العملية في تحقيق التكامل الأمثل بين عمليات التكرير الحالية للحصول على مزيد من المواد الكيميائية لكل برميل من النفط. وهذا ينطوي على إدخال تعديات على التقنيات والعمليات المثبتة القائمة في مجمع التكرير المتكامل لزيادة مستوى إنتاج المواد الكيميائية لكل برميل من النفط من النسبة المعتادة التي تتراوح ما بين 8 و12 % ليصل إلى 50 %. وطور الفريق أسلوبًا مبتكرًا يقوم على تقنيات التكرير والبتروكيميائيات التي ثبتت فعاليتها لإنتاج المواد الكيميائية مباشرة من النفط الخام.
فيما ذهب م. إبراهيم أبا، عالم أول وكبير تقنيين في قسم الأبحاث والتطوير الكيميائي ويقود فريقًا مكونًا من 80 عالمًا ومهندسًا، بالقول إلى أن كل مسار بحثي سيقدّم لنا خيارًا تقنيًا مختلفًا ونحن حريصون على ألا نصبَّ جل تركيزنا في مشروع واحد، فمن خال متابعة مسارات بحثية متعدّدة نقوم بتنويع خياراتنا ونقدّم جميع الفرص الممكنة في المستقبل للشركة والمملكة.
من جانبه قال عبدالنور بوران من فريق العمل إننا بالتأكيد نحرز تقدمًا ونسير في الاتجاه الصحيح في وقت بدأت أولى الأعمال على البرنامج عام 2006 بدءًا من البحث في تكسير غاز خف المكثف والانتقال إلى استخدام أنواع أخرى من اللقيم مثل الزيت الخام العربي الخفيف والخفيف جدًا وأنواع أخرى من النفط الخام للتوسع في خياراتنا.