كشفت وزارة التربية والتعليم عن نتائج دراسة "التخصصات المطلوبة في سوق العمل" لعام 2018، والتي انتهت من إعدادها مؤخراً، حيث تشكل الدراسة قيمة مضافة وخطوة عملية في إطار جهود الوزارة الحثيثة لتقديم كافة أنواع الرعاية والإرشاد الأكاديمي والمهني للطلبة المقبلين على بدء دراستهم الجامعية ضمن مؤسسات التعليم العالي في الدولة.
ويأتي نشر هذه الدراسة بالتزامن مع بدء مرحلة التسجيل في مؤسسات التعليم العالي في الدولة، وذلك بهدف توعية الطلبة المقبلين على بدء الدراسة الجامعية بمتطلبات سوق العمل والفرص المرتبطة بالتخصصات المختلفة، ورفع فرصهم المستقبلية في إيجاد وظائف مناسبة وتوجيههم نحو تنمية المهارات المطلوبة.
واستندت الدراسة على منهجية واضحة هدفها تقديم صورة واقعية عن كيفية توزّع الخريجين ضمن التخصصات الدراسية الرئيسية والفرعية، وتبيان فرص هذه التخصصات في الانخراط في سوق العمل، بالإضافة إلى سرعة التوظيف، وشملت الدراسة مجموعة من التخصصات الرئيسية وهي الهندسة وإدارة الأعمال والآداب والعلوم الإنسانية والتربية وتقنيات المعلومات والعلوم البيئية والصحية والطب والقانون والعلوم والزراعة، بالإضافة إلى التخصصات الفرعية التابعة لها.
وقال معالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي، وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة،: "تولي القيادة الرشيدة في دولة الإمارات أولوية عظمى للاستثمار في رأس المال البشري، وبناء الكفاءات والمواهب العلمية، ويأتي هذا من إيمانها العميق بأن أي استثمار في الإنسان هو استثمار للمستقبل، كما أن تزويد هذه الكفاءات بالعلوم والمهارات المتقدمة -والتي تشكل عنصر السبق في ميدان التنافسية العالمية- هو الطريق الأمثل للانتقال من مرحلة تلقي المعرفة إلى صناعتها، مما يدعم خطط وجهود بناء اقتصاد المعرفة واقتصاد ما بعد النفط، وصولاً إلى تحقيق مستهدفات مئوية الإمارات 2071."
وأضاف معاليه: "لدى دولة الإمارات منظومة تعليمية رائدة على المستوى الإقليمي والعالمي، وتستقطب هذه المنظومة من خلال كلياتها وجامعاتها ومراكزها البحثية مئات الآلاف من الطلبة بشكل سنوي، ليتابعوا تحصيلهم العلمي في حزمة واسعة من التخصصات والمجالات، لذا من الضروري تقديم الدعم والإرشاد الأكاديمي والمهني للطلبة وذويهم، واطلاعهم على الخيارات والتخصصات المتاحة، ومدى ملاءمتها لمتطلبات سوق العمل بقطاعيه الحكومي والخاص."
وعن الخطوات المستقبلية ما بعد إجراء هذه الدراسة، تابع معاليه: "تشكل الدراسة التي قامت بها الوزارة أداة استشرافية للطلبة من مواطنين ومقيمين لمساعدتهم في تحديد مساراتهم وتخصصاتهم ضمن مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة في الدولة، وهذا يصب في إطار توجهاتنا الاستراتيجية الهادفة إلى مواءمة مخرجات قطاع التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل، ورفع جودة مخرجات المنظومة التعليمية، كما سنناقش نتائج الدراسة مع "مجلس التعليم العالي والقطاع الخاص" وأيضا مع مؤسسات التعليم العالي المختلفة، لتعزيز التعاون والتنسيق المستمر في التعرف على احتياجات سوق العمل وتطوير التخصصات والبرامج المناسبة، تحقيقاً لآمال الطلبة وتطلعاتهم في الحصول على فرص عمل ملائمة في المستقبل."
الهندسة وإدارة الأعمال الأكثر طلباً في سوق العمل
وضمن التخصصات الفرعية للهندسة، تصدرت الهندسة المدنية كأكثر التخصصات طلباً تليها الهندسة الميكانيكية ثم هندسة البترول. ومن جهة أخرى برزت مجموعة من التخصصات الصاعدة والمطلوبة في سوق العمل، حيث تصدرت هذه التخصصات هندسة الميكاترونيك، والهندسة الصناعية بالترتيب.
أما ضمن تخصصات إدارة الأعمال، والتي جاءت في المرتبة الثانية بحسب الدراسة من حيث الطلب في سوق العمل، فاحتل تخصص التسويق صدارة الترتيب، يليه تخصص المالية، ثم المحاسبة ثم إدارة الجودة، وكان تخصص التجزئة، ودراسات السياحة الأقل طلباً. وجاءت التخصصات الطبية في المرتبة الثالثة ضمن التصنيف، حيث كان الطلب مرتفعاً على تخصص الطب والجراحة، ومنخفضاً بالنسبة لطب الأسنان العام.
كما أظهرت نتائج الدراسة أهمية دراسة تخصصات متعمقة بدلاً من دراسة التخصصات العامة، وهذا بدا جلياً من حيث تزايد الطلب في سوق العمل على مثل هذه التخصصات، فمثلاً برزت تخصصات المحاسبة والمالية كأعلى طلباً مقارنة بتخصص إدارة الأعمال، وكذلك بالنسبة لتخصصات التربية، حيث تفوقت تخصصات الطفولة المبكرة والتربية الخاصة على تخصص التدريس العام.
وفي ذات السياق، أظهرت الدراسة تزايد الطلب على الدراسات القانونية المتخصصة، كالقانون التجاري والقانون الدولي، حيث أن الوزارة تعمل حالياً مع مؤسسات التعليم العالي على توفير تلك التخصصات القانونية التي تتلاءم مع متطلبات سوق العمل على أن يتم تدريسها باللغتين العربية والإنجليزية مقارنة بالبرامج الحالية التي يقتصر تدريسها على اللغة العربية في معظم المؤسسات، فقد أضحت الإمارات سوقاً عالمياً جاذباً للاستثمارات والشركات الكبرى من مختلف أنحاء العالم.
وقال سعادة الدكتور محمد إبراهيم المعلا، وكيل الوزارة للشؤون الأكاديمية للتعليم العالي: "تشكل الدراسة التي أجرتها الوزارة مرآة حقيقية تعكس واقع الطلبة الخريجين في مسيرتهم المهنية بسوق العمل في داخل الدولة وخارجها، وتساهم في قياس مدى مواءمة تخصصاتهم لمتطلبات الأوساط الوظيفية والمهنية، في ظل التغيرات التكنولوجية العالمية المتسارعة، والتي تفرض على المشهد التعليمي إدخال عناصر الابتكار في استشراف مستقبل قطاعات العمل المختلفة، وتوجيه مسارات التحصيل الجامعي نحو وظائف ومهارات المستقبل."
وأكد سعادته: "سنعمل لتكون هذه الدراسة نقطة انطلاق نحو بناء منظومة عملية متكاملة لمواءمة التوجهات والطموحات العلمية والعملية للطلبة مع متطلبات سوق العمل، حيث ان اختيار التخصص بالنسبة للطالب المقبل على الدراسة الجامعية هو قضية محورية بالنسبة لمستقبله، وتدخل فيها العديد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والشخصية. لذا بادرت الوزارة إلى تقديم قيمة مضافة للطلبة من خلال هذه الدراسة، التي تشكل عامل مساعد لتمكين الشباب من الوصول إلى قرارات مدروسة فيما يتعلق باختيار تخصصاتهم عن طريق ربطها بالمسارات المهنية المطلوبة، وتوجيههم نحو فرص العمل الملائمة والتي تسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة الشاملة."
التخصصات التربوية والتعليمية الأسرع في التوظيف
وأظهرت نتائج الدراسة بأن التخصصات التربوية والتعليمية هي الأسرع للتوظيف، يليها في ذلك إدارة الأعمال ثم تقنيات المعلومات، ثم الهندسة، ثم العلوم البيئية والصحية.
وضمن التخصصات التربوية والتعليمية، كان تخصص تدريس العلوم هو الأسرع من حيث التوظيف، يليه تخصص الطفولة المبكرة، ثم تخصص تدريس اللغة الإنجليزية. وجاء تخصص المحاسبة كأسرع تخصص من حيث التوظيف ضمن التخصصات الفرعية في إدارة الأعمال، يليه تخصص إدارة الأعمال الدولية، ثم البنوك والمصارف، بينما كانت التخصصات الأبطأ من ناحية التوظيف هي الدراسات السياحية، وإدارة الرعاية الصحية.
وفي الإطار نفسه، حل تخصص نظم المعلومات في المرتبة الأولى من حيث سرعة التوظيف ضمن تخصصات تقنيات المعلومات، ثم تخصص الشبكات، ثم أمن المعلومات. وبالنسبة لتخصصات الهندسة، فتصدرت هندسة الحاسوب القائمة من حيث سرعة التوظيف ضمن هذه التخصصات، ثم الهندسة الكيميائية، ثم الهندسة المعمارية.