حالات تعافٍ كبيرة مرت بها أسواق النفط خلال الأسبوع الماضي ولا زالت إلى الآن، نتيجة العديد من العوامل أهمها سريان اتفاق الخفض النفطي مما عزز حالات التفاؤل التي طغت على الأسواق منذ انطلاقة يناير الجاري، فأسعار خام الإشارة برنت سجلت ارتفاعات كبيرة تجاوزت مستويات الستين دولاراً، لذلك نجد أن أقوى عاملين ساعدت على تعافي الأسعار بشكل سريع وعاجل هي سريان اتفاق الخفض النفطي والتهدئة الحاصلة في أحداث الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى تعزيز تأثير العوامل الأساسية للأسواق في اتجاهاتها وتخفيف تأثير ما دون ذلك، إلا إنها من الملاحظ القوة التصاعدية المتلاحقة لأسعار النفط خلال الأسبوع الماضي مما ينبئ عن وجود اختلاف لواقع الأسعار عن التكهنات السابقة التي قادها الخبراء خلال الأيام الماضية التي سبقت انطلاقة شهر يناير الجاري.
وفي المقابل تتلقى الأسواق النفطية بين الحين والآخر المزيد من التأكيدات التي تنبئ عن الالتزام التام باتفاق الخفض النفطي، حيث تواترت على فترات متلاحقة تأكيدات وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بالالتزام باتفاق الخفض النفطي الذي تم إبرامه في السابع من ديسمبر الماضي مع أعضاء دول منظمة الأوبك ودول أخرى عبر التخفيضات المتلاحقة في إنتاج روسيا النفطي، ما عزز التوقعات التي تشير إلى أن متوسط أسعار النفط خلال العام 2019م ستكون في حدود الـ70 دولاراً، كما برزت عدّة مؤثرات متوقعة على أسواق النفط خلال العام 2019م أهمها التزام المنتجين من خارج وداخل منظمة الأوبك باتفاق الخفض النفطي، كذلك مستجدات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، إلا أن مستجدات أسواق النفط خلال الأسبوع الماضي جاءت مخالفة لجميع التوقعات التي قال بها خبراء الصناعة النفطية.
ويبدو أن الأسواق النفطية في اتجاه استباقي لجميع التوقعات التي علّقت جميع آفاق الاتزان خلال الربع الثاني من العام الجاري لتقليص حجم الفجوة بين العرض والطلب، وفي الملفت للنظر أن الحالات العكسية لما شهدته الأسواق خلال الربع الأخير من العام الماضي 2018م لخام الإشارة برنت على الرغم من بوادر الالتزام باتفاق الخفض والتطمينات المتواترة، لا سيمّا تلك التطمينات التي أطلقها الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط OPEC محمد باركيندو الذي قال باعتزام المنظمة على تعديل حصص الخفض للدول الأعضاء لـ3.02 % وذلك من النسبة السابقة التي تم الاتفاق عليها 2.5 % في توجّه لضمان احتواء الدول التي تم إعفائها من الخفض النفطي، وبالتدقيق في تلك الدول نجد أنها قادت أسباب الاختلال في أسواق النفط التي برزت خلال الربع الأخير من العام الماضي 2018م، على الرغم من جهود منظمة الأوبك التي استطاعت عبر إدارتها للأسواق من تحييد المخاطر عن أسواق النفط، وهو ما تعيشه الأسواق خلال الوقت الحالي من دعم لمؤشرات أسعار النفط التي عاشت خلال الأسبوع المنصرم وتيرة تصاعد قوية لم تكن متوقعة، حيث انطلق العام الحالي وسط العديد من الضغوط التي شكلّت ضغوطاً كبيراً على الأسواق، وحالات من الضبابية على توقعات وقراءات خبراء النفط للأسواق، وانعكس ذلك على حالات عدم اليقين التي عاشوها تجاه الأسواق النفطية.
الوضع الراهن للأسواق ينبئ عن حالات تعافٍ قوية لم يكن أحد ينتظرها، مما عزز العوامل النفسية للأسواق والمتعاملين فيها، لذلك من المتوقع أن تستمر الأسعار في الصعود إلا أنه من غير المتوقع أن تصعد الأسعار فوق مستويات الـ70 دولاراً خلال شهر على أقل تقدير، ومع ذلك تظل أبواب التوقعات مفتوحة؛ كونها خارج إمكانية التقييد.