نظمت هيئة الثقافة والفنون في دبي "دبي للثقافة" ندوة تخصصية عن بُعد تحت عنوان: "الفنون الشعبية في دولة الإمارات العربية المتحدة" قدمها الباحث الإماراتي مسعود راشد السويدي، رئيس جمعية عيال ناصر للفنون الشعبية، بمشاركة المحاور ناصر جمعة بن سليمان، مدير حي الفهيدي التاريخي، وذلك بهدف نشر الوعي والمعرفة بين أفراد مجتمع الإمارات بمختلف شرائحهم حول مفردات الفنون الشعبية الإمارتية الأصيلة التي تشكّل جزءاً من ثقافة وتاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة العريقين، وتعزيز القيم الجميلة المرتبطة بها.
وأوضح السويدي خلال الندوة أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحفل بفنون شعبية أصيلة لها مكانتها العالية في نفوس أبنائها، وتعكس حياة الأجداد وأفراحهم ومناسباتهم الاجتماعية، ويعكس بعضها مواهب وإبداعات امتلكها الكثير منهم، نظراً لما تتطلبه من توفر لقدرات خاصة وبراعة لدى مؤديها.
وانطلاقاً من حرصها على الاحتفاء بالتراث الشعبي الإماراتي الذي يشكّل هويّة كل مواطن إماراتي، والذي تمثل الفنون الشعبية جزءاً منه، أخذت"دبي للثقافة" خلال الندوة التي عقدتها عبر برنامج "زوم" الأسبوع الفائت، الجمهور في رحلة موثّقة بالصور للتعرّف إلى أبرز الفنون الشعبية الإماراتية الأصيلة والوافدة والبحرية والجبلية التي تعكس التنوع الثقافي والاجتماعي في الدولة، مسلّطةً الضوء على أهم تفاصيلها وكيفية تأديتها والقيم التي تحملها.
العيّالة والرزفة
وأوضح السويدي في الندوة أن الموسيقى الشعبية والرقص يمثلان جزءاً من التراث الشعبي لدولة الإمارات، وتعد العيّالة، أحد أشكال الرقص الشعبي، حيث قدم شرحاً مفصلاً عن كيفية أدائها وطقوسها ومقامات فن العيالة ومسمياته المختلفة، مشيراً إلى أن العيّالة تعدّ من أهم الفنون الشعبية الإماراتية التي تجسّد معاني القوة والفروسية والتلاحم، والتي لها مكانة خاصة في نفوس أبناء الإمارات وشعوب منطقة الخليج العربية، إذ تعتمد في الأساس على اللحن الصوتي والإبداع الإنساني، ولا يستخدم في تلحينها الآلات الموسيقية، إنما صدحت بها حناجر الآباء والأجداد على مر العصور.
أما الرزفة، وهي رقصة الانتصار بعد الحرب، فأشار السويدي إلى أنها تجمع ما بين الشعر الأصيل والرقص، وتتم تأديتها باستخدام عصي الخيزران الرفيعة، حيث يبدأ الرجال الذين يؤدونها بإنشاد الشعر، الذي غالباً ما يكون نبطياً، دون الاستعانة بأي آلة موسيقية أو إيقاعية، وكثيراً ما يتم تأديتها في المناسبات الاجتماعية والوطنية وحفلات الزفاف. وما زال هذا الفن ينتقل من جيل إلى جيل، ويحتفى به في المناسبات الاجتماعية.
فن أصيل وافد
كما أتاحت الندوة الفرصة أمام الجمهور لاستكشاف نوع من الفنون الشعبية التقليدية الوافدة إلى المجتمع الإماراتي وهو الليوا الذي تأصل ضمن الفنون الشعبية المحلية قادماً من إفريقيا. يعتمد هذا الفن السواحلي على آلة نفخ رئيسية تسمى (الزمر أو الصرناي) وطبل كبير يتوسط الحلقة الدائرية الراقصة، ويسمى (مسيندو، مشيندو، الشيندو)، وصفيحة معدنية يضرب عليها بالعصا لضبط وحدة الإيقاع تسمى (البيب أو الباتو)، إضافة إلى طبل صغير يسمى (الكاسر، الجبوة، الشبوة)، وطبل صغير آخر يسمى (الجاتم).
المالد والأهالة
وألقى السويدي بعد ذلك الضوء على فن "المالد" الذي يعتبر جزءاً أصيلاً من التراث الشعبي الإماراتي الذي تحرص الدولة على احتضان الفرق المؤدية له، وتكريم رواده، مشيراً إلى أن بداياته ترجع إلى رحلات الحج التي كانت تخرج من أبوظبي ودبي إلى مكة المكرمة، وأنه يقوم على ثلاثة عناصر: النص، وهو عبارة عن منظومة طويلة موضوعها قصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والسيرة النبوية، والمنشد الذي عادة ما يكون من الفقهاء الذين يتمتعون بجمال الصوت وحلاوة النبرة، ومهارة القيادة للفريق المؤدي للفن، إضافة إلى مجموعة المنشدين.
وانتقل السويدي بعدها إلى فن "الآهالة" أو "الأهله'' الجميل، الذي يميز الإمارات عن سائر دول المنطقة، ويؤدى بكثرة في مناطق البادية أو المناطق القريبة منها، موضحاً أنه يتطلب من مؤديه رصيداً كبيراً محفوظاً من الشعر الشعبي المؤثر. ومن خصائص هذا الفن أن أداءه لا تصاحبه أي آلة موسيقية فهو ليس غناءً، بل مجرد إلقاء قصائد ملحّنة تلقائياً في صورة مطارحة شعرية تتفوق فيها قصائد ''الغزل'' الذي يعدّ أهم الموضوعات التي يتناولها شاعر فن الأهله،
وتتناغم هذه المبادرة مع رسالة "دبي للثقافة" بوصفها قيّمة على الفنون والثقافة والتراث في إمارة دبي، وتهدف إلى توصيل المعارف إلى الجمهور، وإبراز الثقافة الإماراتية الأصيلة وصون تراث الدولة العريق والتعريف به من خلال توفير منصات تفاعلية تلهم شركائها من المختصين وتشركهم في حراكها الثقافي.