منذ إطلاق برنامج الإنتاجية الوطني والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" تستهدف تطعيم التنمية الصناعية في المملكة بالمنهج العلمي القائم على البحث والتطوير والابتكار، حيث بادرت بتبني تصميم وتنفيذ برامج بحثية وتطبيقية بالتعاون مع شركائها بالجامعات السعودية ومؤسسات القطاعين العام والخاص لدعم الصناعة السعودية، والمساهمة في تغيير التركيبة الديموغرافية لسوق العمل بالقطاع الصناعي لصالح أبناء وبنات الوطن المؤهلين تأهيلاً علمياً.
وذكر الأستاذ قصي العبدالكريم المتحدث الرسمي للهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" أن "مدن" وفي ظل سعيها الدائم والحثيث لتمكين الصناعة والمساهمة في زيادة المحتوى المحلي وذلك لمواكبة ما يشهده قطاع التصنيع العالمي من تطورات وتغيرات باتت تتسم بالسرعة الهائلة والاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة وأدوات البحث والتطوير والابتكار، بجانب توفير البيئة الاستثمارية الجاذبة والخدمات والمنتجات النوعية التي تلبي كافة متطلبات شركاء "مدن" بالقطاع الخاص من أجل نقل وتوطين المعرفة الصناعية إلى المملكة.
وأوضح أنه مع نهاية الربع الأخير من العام الماضي 2019م، وتحديداً في شهر نوفمبر بدأت "مدن" أولى خطواتها لتوظيف العلم لصالح تنمية القطاع الصناعي وتطويره، وذلك بتوقيعها مذكرة تعاون مع جامعة الملك عبدالعزيز للارتقاء بتنافسية قطاع الصناعة المحلي إلى المستويات العالمية تماشياً مع رؤية السعودية 2030، حيث تستهدف المذكرة خلق شراكة استراتيجية في المجالات الأكاديمية والعلمية والتطبيقية، لتلبية احتياجات "مدن" والشركات والمصانع من الكوادر الوطنية المؤهلة، وتعزيز التوجه نحو الثورة الصناعية الرابعة.
وأبان أن المذكرة تستهدف كذلك تطوير النظم والإجراءات التي تؤثر إيجاباً في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والصناعية، ودعم البحث العلمي المختص بتطوير وتمكين الصناعة، ودراسة توجهات وخطط الشركات والمصانع بالمدن الصناعية فيما يتعلق بالتوظيف والمهن المستهدفة، مع بناء قاعدة بيانات عن احتياجات سوق العمل من الوظائف الحالية والمستقبلية.
وذكر أنه بعد ما يقارب الشهر من المذكرة الأولى، وقعت "مدن" مذكرة تفاهم مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية " كاوست"، لدعم وتنفيذ مشاريع بحثية تساعد في خلق اقتصاد قائم على المعرفة عبر البحث العلمي، وتحقيق الاكتشافات التي تعالج أبرز التحديات الاقتصادية وخاصة في القطاع الصناعي، وهو ما يتماشى مع مبادرات "مدن" للتحوّل الرقمي، وتبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
وأفاد بأن المذكرة تشمل تطوير وتحسين الأداء الصناعي وزيادة الإنتاجية والكفاءة في المدن الصناعية، والحد من التحديات البيئية بواسطة البحث العلمي والاكتشافات، كما تتيح للمستثمرين والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وروّاد الأعمال في المدن الصناعية تلقي الدعم من الحاضنات ومسرّعات الأعمال بالجامعة، واطلاع ملاك ومشغلي المصانع على آخر الأبحاث في مجالات البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، وكيفية الاستفادة من هذه الأبحاث لتعزيز الإنتاجية، بالإضافة إلى تحديد البرامج البحثية التي تهم القطاع الصناعي، وتوطين الصناعات المتقدمة، وتوفير منتجات عالية الجودة من خلال تطوير بيئة عمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ودعم "مدن" بخطط لاحتضان مراكز البحوث والابتكار في المدن الصناعية".
ومن جانب آخر سعت مدن إلى تطوير البنية التحتية الرقمية للمدن الصناعية وذلك لدعم وتحفيز شركاء مدن على تنفيذ خطط التحول الرقمي وتبني التقنيات الرقمية حيث وقعت مدن اتفاقية بشهر ديسمبر من العام 2019 مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والتي بموجبها تم إطلاق الألياف الضوئية في خمس مدن صناعية وكذلك إطلاق مبادرة تحفيز الحلول الرقمية الأساسية للمنشآت الصناعية "رقمنة" والتي تهدف إلى العمل على برنامج متكامل من خلال توفير حلول رقمية أساسية تشمل : حلول الاتصالات الصوتية عبر الأنترنت ، حلول إدارة المحتوى الإلكتروني ، حلول التواصل البريد الإلكتروني ، حلول تخطيط موارد المنشأة ، حلول النماذج والاستبيانات الإلكترونية ، حلول التخزين السحابي ، ومن أهدافها أيضا توعية القطاع الصناعي وتوجيهه إلى تبني برمجيات المصدر المفتوح والمنصات السحابية حيث يجري العمل حالياً مع 20 مصنع على تركيب وتشغيل نظام تخطيط موارد المنشأة.
وأشار العبدالكريم إلى أنه في نفس الشهر تم توقيع اتفاقية تعاون مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية " كاكست"، بحضور معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريّف، ومعالي نائب الوزير المهندس أسامة بن عبدالعزيز الزامل، إذ تهدف الاتفاقية إلى التعاون في تنفيذ المشروعات البحثية والميدانية المتعلقة بتقنيات إنتاج الطاقة و التكييف ومعالجة المياه بالطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التبادل المعرفي بين "مدن" وباحثي المدينة في تنفيذ الدراسات والمشروعات المشتركة، والعمل على نشر النتائج البحثية لتتم الاستفادة منها من قبل أكبر فئة ممكنة.
وأضاف أن الاتفاقية، تقضي بتعاون الطرفين في المجال البحثي والتقني، وتحقيق متطلبات برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية "ندلب" بما يتسق مع مبادرات "مدن" في البرنامج ومنها استكمال الخدمات الأساسية، وتعزيز الإنتاجية الصناعية والخدمات اللوجستية، وتأسيس تجمعات صناعية متخصصة بالمدن الصناعية، فضلاً عن تحسين كفاءة توليد واستهلاك الطاقة، ورفع مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الوطني.
ولفت العبدالكريم إلى أن "مدن" استبقت الاتفاقيات الثلاث بإطلاق برنامج الإنتاجية الوطني بالشراكة مع صندوق التنمية الصناعية السعودي ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية KACST، بهدف مساعدة المصانع على التحوُّل الرقمي وتحقيق أعلى معدلات الكفاءة الإنتاجية من خلال وضع خطط تحوُّل لتطبيق مبادئ التميز التشغيلي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة على 100 مصنع قائم لتكون مثالاً لباقي المُصنِّعين.
واختتم بقوله أن المرحلة الثانية في الثورة الصناعية الرابعة تستهدف 40 مصنعاً قائماً في المدن الصناعية ليصبح إجمالي المصانع المستهدفة للمرحلتين الأولى والثانية 60 مصنعاً، وذلك بعد التوقيع وتسليم خطط التحول للثورة الصناعية الرابعة لثلاثة عشرة مصنع قائم من أصل 20 مصنعاً سيتم التوقيع معهم للمرحلة الأولى، تتمثل أبرزها في حلول لزيادة الإنتاجية وجودتها.
وتهتم "مدن" منذ انطلاقتها عام 2001 بتطوير الأراضي الصناعية متكاملة الخدمات، إذ تشرف اليوم على 35 مدينة صناعية قائمة وتحت التطوير في مختلف مناطق المملكة، إضافة إلى إشرافها على المجمعات والمدن الصناعية الخاصة. وتجاوزت الأراضي الصناعية المطورة 198.8 مليون متر مربع حتى الآن، وتضم المدن الصناعية القائمة أكثر من 3500 مصنع منتج.