يفتح الإصدار الجديد الذي توفره الهيئة عبر متاجرها بعنوان "النقوش والكتابات القديمة في إمارة الشارقة" : دراسة تحليلية مقارنة، للمؤلف خالد حسين صالح منصور، باحث أول بمتحف الشارقة للآثار، الباب أمام المهتمين والمعنيين بتاريخ النقوش والكتابات للاطلاع على تاريخ وحضارة إمارة الشارقة ودولة الإمارات عموماً، عبر دراسة تحليلية تتبعيه للحضارات القديمة في هذه المنطقة.
ويعتبر هذا الكتاب أحد الإصدارات المهمة للباحثين وعلماء الأثار والطلبة، باعتباره مرجعاً تاريخياً يوثق للعديد من المراحل التاريخية في إمارة الشارقة، عبر تتبع النقوش والخطوط والكتابات التي تم اكتشافها في منطقتين من مناطق الإمارة، وهما مويلح حيث تم اكتشاف نقش وحيد يعتبر الأقدم ويعود للقرن السابع ق.م، والمنطقة الثانية هي مليحة والتي وجدت فيها نقوش كثيرة وتعتبر هذه المنطقة بآثارها المختلفة ونقوشها المتنوّعة شاهداً على الحراك الحضاري العام الذي شمل جنوب شرقي شبه الجزيرة العربيّة منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى مجيء الإسلام.
ويقدم المؤلف للقارئ توثيقاً ومرجعاً تاريخياً من خلال تتبّع النقوش والكتابات والتعرّف عليها، وقراءتها وتحليلها، بالإضافة إلى تطرق الكاتب إلى محتويات المسكوكات وما تتضمنه من رموز وأشكال وحروف، حيث تؤكد الدراسات أن وجود الكتابة في مجتمع ما يدل على المستوى الثقافي والوعي لأفراده، كما توضح الدراسات أن النصوص المكتوبة كلما أوغلت في القدم كلما كانت ذات أهمية أكبر.
يتألف الإصدار من قسمين رئيسين يتضمنان خمسة أجزاء، يتناول الأول تمهيداً شاملاً حول الكتابة وبداياته وأشكالها وأنواعها واختراع أبجديّتها، واستعمال شعوب الشرق الأدنى لها مع الإشارة إلى نقوش شبه الجزيرة العربيّة ويتطرق الكتاب كذلك إلى ما شملته نقوش بلاد الرافدين حول حضارة ماجان الشّهيرة، ثم الانتقال إلى التعريف بأهمّ لغات هذه الكتابات وحروفها ومفرداتها.
ويسلط القسم الثاني الضوء على لغات الكتابات المكتشفة في إمارة الشارقة، من خلال الإشارة إلى خطّ المسند وخطّ الزبور، المكتشفين في موقع مليحة، وكذلك النّقوش الآراميّة، التي تعتبر لغة مهمة انتشرت في بلاد الشرق الأدنى القديم.
ويتضمن الإصدار قسماً بعنوان "الإنسان والكتابة" التي تشتمل على الكتابة واللغة، وما قبل الكتابة، ونشأة الكتابة، والحاجة إلى الكتابة، ورحلة الكتابة، كما يتضمن قسماً بعنوان "الكتابة وعلم الآثار"، ويندرج تحت هذا الجزء النصوص والنقوش الكتابية التي يستقى منها تاريخ شبه الجزيرة العربية، وماذا قالت النقوش الكتابية الخارجية عن جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، والنقوش الكتابية في شبه الجزيرة العربية
ويشمل قسم "بدايات الكتابة في الشارقة" على الكتابة في الشارقة والإمارات، والنقوش الكتابية المكتشفة في الشارقة فيما يشمل قسم "النقوش الكتابية المكتشفة في مليحة"، كلاً من النقوش المكتوبة بخط المسند الجنوبي في مليحة، والنقوش المكتوبة بخط الزبور، والنقوش المكتوبة باللغة الآرامية، والنقوش المكتوبة باللغة اليونانية، والنقوش المكتوبة بالهيروغليفية، والنقوش الكتابية التي وجدت على العملات المكتشفة في مليحة وتلك التي نُهبت منها.
ويتضمن قسم "دلالات النقوش الكتابية المكتشفة في مليحة"، التأكيد على عدد من الأدلة التي أثبتتها النقوش المكتشفة في مليحة وأهما: عروبة مليحة، والعلاقات مع جنوب شبه الجزيرة العربية، وتطور النظام السياسي في مليحة، والاستخدام المبكر للكتابة في مليحة، وتشابه الأسماء الواردة في النقوش الكتابية في مليحة مع ما ورد في النقوش والمصادر التاريخية العربية، وكذلك التعايش في مليحة.
ويمكن للجمهور الاطلاع على المعلومات التي يستعرضها الكتاب من خلال زيارة متحف الشارقة للآثار وأيضاً على الآثار التي تم اكتشافها في إمارة الشارقة منذ بدء التنقيبات الأثرية عام 1973م وحتى الآن، حيث أثبتت الحفريات المتلاحقة أن تاريخ الشارقة موغل في القدم، وأن مستوطنات وقرى ظهرت على أراضيها قبل آلاف السنين، ويتمكن زوار المتحف من مشاهدة الماضي والتعرف على الحضارات التي تعاقبت على المنطقة منذ العصر الحجري من خلال مشاهدة أدوات الحياة اليومية والمسكوكات والحُلي والأواني الفخارية والأسلحة القديمة التي كان يستخدمها أناس عاشوا على نفس الأرض التي تقف عليها الآن منذ آلاف السنين، والتعرف على أشكال القبور والبيوت والمدافن الخاصة بهم من خلال مشاهدة نماذج لها، فضلًا عن مشاهدة نصوص الكتابة الأولى التي ظهرت أولى حروفها في الشارقة قبل ما يزيد عن 2500 عام.