يعد معرض المدينة المنورة للكتاب - الذي يحتضنه مركز الملك سلمان للمعارض والمؤتمرات بتنظيم من هيئة الأدب والنشر والترجمة – سوقا تنويريا ومنتجعا معرفيا بامتياز، وتظاهرة ثقافية بنسخة هي الأكثر حداثة بين نظيراتها، تسعى لتجاوز الأزمات الأربع المحيطة بالمعارض التقليدية " التأليف والحقوق والتوزيع والقراءة "، ويعكس المعرض بوصفه نافذة لنتاج الفكر في مختلف العلوم والمعارف، غنى أدبيا وحراكا وتطورا في صناعة التأليف والنشر، ويتجه بثبات نحو قائمة المنصات الأكبر لدور النشر مستوعبا أوعية متعددة تواكب شغف مرتاديه، سعيا للحاق بإيقاع الحياة المتسارع في عصر الرقمنة، تنافسية تفرض عناوين جديدة، ومثيرة للاهتمام تؤكد أن الكتاب ليس صناعة ورقية أو رقمية بل جزء من وعي الناس واحتياجاتهم اليومية.
وبعد عامين من الجائحة التي عصفت بالعالم، وأرخت بظلالها القاتمة على المشهد الثقافي يبرز معرض المدينة المنورة بحلة قشيبة وطابع استثنائي فريد، وسط شغف وترقب الرواد المدنيين لمؤلفات تلامس همومهم واتجاهاتهم الفكرية في مختلف العناوين الدينية والفلسفية، وشتى العلوم الإنسانية والتجريبية، كل ذلك يأتي في سياقات إبداعية تنهض بها وزارة الثقافة لرسم خارطة حديثة لبلد العلم والثقافة بدعم لا محدود من القيادة الرشيدة – حفظها الله -.
وأكد المدرب والمستشار الإداري المشارك في الفعاليات غزاري أحمد أن معرض الكتاب حديقة غناء بزهوره المتباينة، وألوانه البراقة، يجذب الطيور المغردة من كل الأطياف، أكاديمي يبحث عن ضالته، وطالب علم متعطش، ومثقف متطلع، وسائح وباحث، ومتذوق يزين مكتبته بأغلفة الكتب، وفي المعارض نحتاج مزيدا من التشويق عبر برامج فاعلة جاذبة نحو القراءة التحليلية التي تنعكس على السلوك والتوجه، لتدفع عجلة التنمية وتبني الوطن، منوها بالحراك الثقافي المتسارع الذي يشهده معرض الكتاب من خلال تهيئة القاعات والأجنحة والأركان، وتعدد الفعاليات والأمسيات، وجذب المثقفين والمهتمين، احتفالا بالبطل وهو الكتاب، منوها بعلاقة الود والمحبة التي تربط جيلا من مرتادي المعرض بالنسخة الورقية بلونها ورائحتها ومذاقها مع مزاحمة الكتاب الرقمي المرتبط بالتطور التقني والمعلوماتي في عالم متسارع نحتاج إلى مواكبته.
وأشار غزاري إلى أن صناعة قارئ ومثقف جاد وعميق المعرفة، تأثرت بوسائل التواصل الاجتماعي، فالسواد الأعظم يستقي ثقافته منها، ويتناقل أحيانا معلومات مضللة ومغلوطة، أو ناقصة ومبهمة تزيد تخبطه وحيرته التي لا تنجلي إلا بنبع الكتاب النقي، غوصا في أعماقه ودرره وفوائده، لافتا إلى أن الاتجاهات المتعددة في اقتناء عناوين الكتب ترتبط بالمزاج والحالة النفسية أحيانا.