عالمنا يتغيّر بوتيرة فائقة السرعة. والتكنولوجيا تدخل كل قطاع لتصبح المحفّز الرئيسي لهذا التحوّل الهائل. أساليب عيشنا وعملنا وتواصلنا تغيّرت. والابتكار الرقمي في طرق استخدامنا للطاقة سيشكل أساس عالم كهربائي جديد أكثر استدامة ومرونة وكفاءة.
والتكنولوجيا الرقمية الكهربائية تتوسع كل يوم، وينمو دورها في الحد من الانبعاثات الكربونية وتقليص آثار التغير المناخي في كوكبنا الذي ترتفع حرارته بسرعة أيضاً. فالكهرباء مصدر نظيف ومتجدد وعالي الكفاءة للطاقة يمكن استخدامه لتشغيل كل القطاعات، بدءاً من المنازل والشركات ووصولاً إلى السيارات وشبكات النقل ومدن المستقبل.
وعلى مستوى الأرقام، تشير أبحاث الاستدامة التي أجرتها "شنايدر إلكتريك" العالمية المتخصصة في مجال التحول الرقمي لإدارة الطاقة والتحكّم الآلي، إلى إمكانية مكافحة التغير المناخي عبر الابتكار الرقمي، بوجود تقنيات جديدة تستطيع خفض نسبة 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بحلول عام 2050.
ومع تحديد المملكة العربية السعودية لهدف توليد 50% من طاقتها الكهربائية من المصادر المتجددة بحلول عام 2030[1]، لا بد من تضافر الجهود لتسريع هذا التحول الجريء والطَموح والملهِم.
جاهزية للجيل الرابع من الكهرباء 4.0
ولإحداث تحوّل جذري في أسلوب إدارتنا للطاقة وتصميم المباني والصناعات والنقل والتوصل إلى عالم خالٍ من الكربون، لا بديل عن التفكير الإبداعي والابتكار. فخلال القرنين الماضيين، حصلت أربع ثورات صناعية وتكنولوجية كبرى غيرت مشهد عالمنا مراراً.
ومع استبدال نظام الكهرباء التقليدي الذي اعتمدنا عليه لفترة طويلة بنظام جديد تماماً يحدث تحول على نطاق غير مسبوق، وينتج عن تقارب العالمين الرقمي والكهربائي، ليشرق بذلك فجر العالم الكهربائي الجديد، أو ما نسميه الجيل الرابع من الكهرباء 4.0.
تكامل الكهرباء والابتكار الرقمي
وعن هذا التحوّل، يقول محمد فرج، نائب رئيس شنايدر إلكتريك لمنتجات الطاقة والطاقة الرقمية: "يشكّل تبنّي تكامل الكهرباء والابتكار الرقمي عاملاً حاسماً في الاستفادة من قدرات العالم الكهربائي الجديد، في حقبة جديدة يمكن فيها للشركات تعزيز الاستفادة من الطاقة والموارد بالتزامن مع تنفيذ خططها الاستراتيجية الخاصة بالاستدامة".
ويؤكد فرج التزام شنايدر إلكتريك بتمكين جميع القطاعات من الاستفادة المثلى من الطاقة والموارد، مع دعم سعي الشركات لتطبيق الحلول التي تسرّع الانتقال نحو الطاقة الكهربائية الرقمية واللامركزية والخالية من الكربون بصورة متزايدة.
إن تقارب العالمين الرقمي والكهربائي ضمن الجيل الرابع من الكهرباء 4.0 يسهم في إحداث تحول جوهري في كيفية قياسنا واستخدامنا وتخزيننا وتوزيعنا للطاقة، مما يوفر المزيد ويقلل الهدر، ويمكننا من بناء عالم أكثر استدامة، عن طريق الاستثمار في رقمنة العمليات، وتبني التكنولوجيا الجديدة، والفهم المعمق للسبل التي يمكن عبرها للمؤسسات والشركات والمجتمعات إحداث التغيير الإيجابي المنشود.
وهذا ما يمكن أن تساعد فيه "شنايدر إلكتريك"، إحدى شركات قائمة فورتشن 500، حيث تقدم الحلول البرمجية للشركات. ويمكن اعتماد برامج إدارة المباني الجاهزة للتشغيل والقابلة للتحكم البيني والممكّنة بإنترنت الأشياء لتحسين دورة الطاقة بأكملها والمساعدة على التخفيف من آثار التغير المناخي، والتكيف معه، وتعزيز المرونة في مواجهته.
وتوفر تلك الأنظمة تحليلاً آنياً للبيانات وإجراءات فورية تستخدم مستشعرات مرتبطة بالحوسبة السحابية، مما يساعد الشركات على تعزيز كامل دورة الطاقة واستخدامها بصورة أكثر كفاءة.
نقلة في إدارة الطاقة
ولا يقتصر الابتكار الرقمي على الصناعات فقط، بل يمكن للأفراد والمجتمعات الاستفادة منه، عبر مجموعة ابتكارات تكنولوجية تساعدهم على مراقبة استهلاكهم للطاقة وإيجاد سبل لتقليصه. وباستخدام البرامج والتحليلات، يمكننا توليد بيانات تزودنا بمعلومات حول أنماط استهلاكنا للطاقة وتحديد المجالات التي يمكن فيها تقليص استهلاك الطاقة.
وإذا ما توفرت الإرادة المشتركة يمكننا إرساء البنية التحتية اللازمة لدعم التكنولوجيا الكهربائية والرقمية بالاستفادة من استثمارات كبيرة، وابتكار الحلول لمخاوف التأثير البيئي لإنتاج البطاريات والمكونات الأخرى. فالفوائد تفوق التكاليف بمراحل، لأن التحول نحو الطاقة المستدامة والتكنولوجيا الرقمية سيدعم توفير وظائف جديدة، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين جودة حياتنا.
ومع انتقالنا نحو مستقبل أكثر استدامة، علينا أن نعمل معاً، على مستوى الحكومات والمؤسسات والشركات والأفراد لدفع عجلة تبني التكنولوجيا الرقمية والكهربائية، لأن النقلة الرقمية التي ستغيّر سبل استهلاكنا وإدارتنا للطاقة، ستصبح واقعنا الجديد القائم على دمج الكهرباء والابتكار الرقمي لجني ثمار وفوائد العالم الكهربائي الجديد.