بناءً على الزخم الناتج عن مخرجات مؤتمر الأطراف (كوب 28) الذي استضافته دولة الإمارات العربية المتحدة العام الماضي، دعا "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء" صناع السياسات والجهات التنظيمية وقادة القطاعات والأوساط الأكاديمية في مؤتمره السنوي الثالث عشر لاستكشاف الدور المهم للبيئة المبنية في تسهيل التحول العالمي إلى الاستدامة وتسريع وتيرة العمل المناخي.
وانعقد مؤتمر "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء" تحت عنوان "ما بعد (كوب 28): دور البيئة المبنية في تحقيق مخرجات اتفاق الإمارات للعمل المناخي"، في فندق "جراند حياة دبي"، حيث جمع الجهات والأطراف المعنية لتعزيز الحوار والمناقشات حول سبل الإيفاء بالالتزامات الرئيسية المتعلقة بالطاقة والمناخ الصادرة عن مؤتمر الأطراف (كوب 28) من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة تهدف إلى بقاء معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند حدود 1.5 درجة مئوية.
كما استضاف "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء"، وهو منظمة غير ربحية تهدف إلى تعزيز الاستدامة في البيئة المبنية من خلال تعزيز ممارسات الأبنية الخضراء والترويج لها، عدداً من أبرز الخبراء الإقليميين والدوليين لمناقشة ودراسة التحديات المشتركة، وتحديد الفرص، ومشاركة أفضل الممارسات لدفع التحول عبر القطاعات المتنوعة وتنفيذ إجراءات ملموسة للإيفاء بالالتزامات الطموحة المنصوص عليها في "اتفاق الإمارات للعمل المناخي".
ورحب خالد بشناق، رئيس مجلس إدارة "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء"، بالضيوف، وألقت إلهام القاسم، الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والتكنولوجيا لماجد الفطيم القابضة، الكلمة الافتتاحية نيابة عن الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس الفخري لـ "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء"، الرئيس والمدير التنفيذي للمسرّعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغيُّر المناخي، في يوم افتتاح المؤتمر.
ونظمت نسخة المؤتمر لعام 2024 عروضا تقديمية معمقة وحلقات نقاشية في إطار خمس جلسات حوارية تناولت مواضيع: تنفيذ مخرجات مؤتمر الأطراف (كوب 28)، والسياسات التي تقود الاستدامة في البيئة المبنية، وسلاسل التوريد الخضراء، وتسريع التقدم نحو الحياد المناخي، وتمويل التحول في البيئة المبنية.
ودعت إلهام القاسم في كلمتها الافتتاحية، المشاركين والحاضرين في المؤتمر إلى التعاون وتضافر الجهود نحو الوصول إلى خفض الانبعاثات والحد منها، ومرونة الأبنية، لا سيما أنه من المتوقع أن يساهم قطاع البناء بحوالي 81.4% من إجمالي خفض الانبعاثات المستهدف بحلول عام 2030. وأكدت التزام الدولة بالاستدامة البيئية والتخفيف من آثار التغير المناخي، مشددة على دور البيئة المبنية في تحفيز الاستجابة الواقعية لنتائج ومخرجات "الحصيلة العالمية" للتقييم.
وقالت إلهام القاسم إنه رغم أن قطاع البناء والتشييد مسؤول عما يقرب من 40% من الانبعاثات الكربونية العالمية، فإن القطاع لديه أيضاً فرصة لسد الفجوة لإبقاء ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند حدود 1.5 درجة مئوية من خلال تحول فعال ومتجدد وعادل في استخدام الطاقة. وسلطت الضوء على إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز ممارسات البناء الصديقة للبيئة والتنمية الحضرية المستدامة، وشددت على الحاجة إلى التركيز المستمر على مصادر الطاقة المتجددة، وإدارة جانب الطلب، وكفاءة استخدام المياه والطاقة، وتقليل استهلاك الموارد والنفايات للمضي قدماً نحو تحقيق أهداف الدولة في الوصول إلى الحياد المناخي.
"يستهلك قطاع البناء والتشييد نحو نصف المواد الخام العالمية، ويساهم بما يقارب 40% من مجموع الانبعاثات الكربونية المرتبطة بالطاقة والنفايات الصلبة عالميًا. ومع ذلك، يمتلك هذا القطاع فرصة قيمة لتضييق الفجوة نحو هدف 1.5 درجة مئوية من خلال تحول يتسم بالكفاءة الطاقية، والتجديد، والعدالة،" حسبما ذكرت. كما سلطت الضوء على ما حققته دولة الإمارات العربية المتحدة من تقدم في دعم ممارسات البناء الصديقة للبيئة وفي تطوير المناطق الحضرية بطريقة مستدامة، مشددة على الحاجة الماسة لمواصلة التركيز على الطاقة المتجددة، وتعزيز كفاءة الطاقة، وخفض استهلاك الموارد لتعزيز أهداف الاستدامة الوطنية.
وأكد خالد بشناق، رئيس مجلس إدارة "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء"، على الحاجة إلى الاستفادة من التقنيات المتطورة واستراتيجيات التصميم المبتكرة وتحديث قوانين البناء لدفع أجندة الأبنية الخضراء في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقال: "منذ مؤتمر الأطراف (كوب 28)، تتزايد الرغبة في التغيير داخل قطاعنا، وقد بدأنا نرى ذلك يترجم إلى أفعال. وستضمن خياراتنا في تصميم وبناء وإدارة بيئتنا المبنية خلو مبانينا وبنيتنا التحتية من الكربون ومرونتها واستدامتها، فضلاً عن تحديد الإرث الذي نتركه للأجيال القادمة".
ودعا رئيس "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء" إلى استكشاف الإمكانات غير المستغلة لآليات التحديث والتمويل الأخضر للحد من نقاط الضعف الحالية في المدن العربية والحفاظ على المرونة المحلية وتحسينها. وقال: "لقد زودنا ’اتفاق الإمارات للعمل المناخي‘ بإطار عمل قوي، وأصبح الأمر متروكاً لنا الآن للمضي قدماً بهذا الإرث من خلال التزام راسخ. ولا شك أن اتخاذ القرارات المستنيرة المدعومة ببيانات قوية، سيكون عاملاً حاسماً لتقدمنا".
واختتم خالد بوشناق حديثه بالقول: "إن تحقيق الحياد المناخي لم يعد هدفاً بعيد المنال، لقد بات مستقبل البيئة المبنية في أيدينا الآن".
وسلط المشاركون والمتحدثون الضوء على كيفية مساهمة استراتيجية دولة الإمارات الداعمة للنمو ومواجهة التغير المناخي والتكيف معه في آن معاً، في تقليل البصمة البيئية للدولة وتحديد أهداف أعلى للعمل المناخي. وبموجب التحديث الثالث من الإصدار الثاني لتقرير المساهمات المحددة وطنياً، تستهدف دولة الإمارات خفض الانبعاثات بنسبة 40% بحلول عام 2030 مقارنة بسيناريو الوضع الاعتيادي للأعمال. وكان قطاع البناء مسؤولاً عن 27% من انبعاثات الغازات الدفيئة في دولة الإمارات اعتباراً من عام 2019، لكن البيئة المبنية تتيح الفرصة أيضاً لخفض الانبعاثات بنسبة 56% بحلول عام 2030، ما يجعلها قطاعاً مهماً لدولة الإمارات لتحقيق أهدافها في الوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050 بموجب اتفاق باريس.
وبينما تناول المؤتمر أهمية سياسات البناء الفعالة وممارسات البناء المستدامة، ودور التمويل الأخضر، وتوافر بيانات الأداء في إنشاء قطاع مرن، أكد المؤتمر أيضاً على أن زيادة الوعي بالمواد الخضراء لمعالجة الانبعاثات، وزيادة التعاون مع القطاع الخاص، وتعزيز التمويل الأخضر سيكون أمراً بالغ الأهمية لتحقيق الأهداف. كما ناقش المتحدثون التحديات وخمسة عوامل تمكين رئيسية لإطلاق المزيد من العمل المناخي للبيئة المبنية في دولة الإمارات على النحو المبين في "تقرير مخطط استدامة البيئة المبنية في الإمارات". ويشمل ذلك السياسات واللوائح، ومواد وأنظمة البناء، والمالية، والبيانات، والمهارات.
يُذكر أن مدينة إكسبو دبي كانت الراعي الذهبي للنسخة الثالثة عشرة من مؤتمر "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء".