الاستثمار في السلع واحد من الخيارات الاستثمارية الجذابة للعديد من المستثمرين حول العالم، خصوصًا هؤلاء الذين يسعون إلى تنويع محافظهم الاستثمارية، وحماية أصولهم من التضخم، والتغيرات الاقتصادية، حيث يمكنهم اعتماد الاستثمار في السلع بجانب أسواق استثمارية أخرى.
تداول السلع يتم من خلال عقد صفقات البيع والشراء على المنتجات المادية المختلفة كالمعادن النفسية التي منها الذهب والفضة، أو سلع الطاقة كالنفط، والغاز الطبيعي، أو سلع المنتجات الزراعية كالقمح والذرة، وغيرها الكثير من أنواع السلع الأخرى التي يمكن للمستثمرين التداول عليها بكل أريحية.
لتحقيق النجاح عند التداول في السلع، يجب الالتزام بمجموعة من الاستراتيجيات والمعايير المدروسة التي تساعد على احتراف هذا السوق، وفي التقرير التالي سنتعرف معًا على ما هي أفضل استراتيجية للاستثمار في السلع؟ فابقوا معنا.
لاحتراف الاستثمار في السلع عليك الالتزام بالاستراتيجيات التالية.
لا يمكن أن تدخل إلى سوق تداول بدون أن يكون لديك فهم عميق لهذا السوق، بما في ذلك، الية عمل الأسهم، ومؤشرات الأسواق العالمية، لأن الجهل بطبيعة السوق الذي تريد الاستثمار فيه قد يجعلك جاهلًا استثماريًا، مما يعرضك للكثير من الخسائر، لذا قبل البدء في الاستثمار بسوق السلع ينبغي أن يكون لديك فهم عميق للسوق والسلع التي تعتزم الاستثمار فيها، لأنه تختلف كل فئة من السلع بناءً على عوامل عدة منها العرض والطلب، والأحداث الجيوسياسية، فمثلًا أسعار النفط يمكن أن تتأثر بالتوترات السياسية التي تشهدها الدول المنتجة له، في حين تتأثر المنتجات الزراعية بالأحوال الجوية.
من أجل البدء في تداول السلع، ينبغي عليك في البداية تحديد نوع السلع التي تريد الاستثمار فيها، سواء سلع زراعية مثل القمح أو القهوة، أو سلعًا صناعية مثل النحاس أو الألمنيوم، أو حتى سلع الطاقة مثل الغاز الطبيعي والنفط. وبعد الاستقرار على نوع السلع التي ستتداول عليها، يجب متابعة الأخبار المتعلقة بالسوق، والتحقق من تقارير الإنتاج والعرض والطلب، والمخزونات العالمية لتلك السلعة.
من أهم الاستراتيجيات التي يجب أن تعتمد عليها عند التداول في السلع، أو حتى في أي أصول مالية أخرى هو تنويع هذه الأصول من أجل توزيع المخاطر، المقصود بذلك هو عدم حصر استثمارك في نوع واحد من السلع، ولكن توزيع استثمارك على أكثر من نوع، كالاستثمار مثلًا في السلع الغذائية بجانب الاستثمار في السلع النفطية، هذا يقلل من تعرض محفظتك المالية لمخاطر تقلبات الأسعار، ويبقي تداولاتك آمنة بشكل كبير، لأنه عندما تنخفض أسعار أصل مالي من الأصول التي تتداول عليها، قد يرتفع الأصل المالي الأخر، ويؤدي هذا إلى زيادة أرباحك، وبهذا تكون أجريت موازنة بين الربح والخسارة في محفظتك المالية، وحافظت على استقرار العوائد المالية الخاصة بك عند عائد معقول نسبيًا. فبشكل عام التنوع ضروري لتجنب تقلبات السوق الخطرة، وغير المتوقعة.
مهما بدت استراتيجية التداول التي تعتمدها مميزة، لكن ليس بالضرورة أن تنجح عند تطبيقها، لأن عامل الحسم في ذلك يعتمد على التوقيت الصحيح لتنفيذ هذه الاستراتيجية، فعندما نتحدث عن سوق السلع نجد أنه يمتاز بتقلبات عالية جدًا، وبالتالي كمستثمر يتداول في هذا السوق يجب عليك دراسة دقيقة للسوق، وتحديد التوقيت المثالي لدخول السوق، وهذا طبعًا بناءً على دراسة الاتجاهات العامة للأسعار والتحليل الفني والأساسي.
الاستثمار في السلع لديه آليتين يمكن اعتمادهم، استثمار طويل الأجل يمكن اعتمادة من قبل الأشخاص الذين لا يملكون خبرة كافية في سوق التداول السريع، ويريدون تداول آمن وهاديء ذو تقلبات قليلة ويمكنهم انتظاره لحين تحقيق عوائد مالية مجزية، في حين أن الاستثمار القصير الأجل هو مثالي للأشخاص الذين يعشقون المجازفة، ويريدون تحقيق عوائد مالية بسرعة مهما كانت المخاطر التي قد تواجههم.
كذلك الاستثمار على المدى الطويل قد يكون مناسب لسلع مثل الذهب، فهو يعتبر الملاذ الأمن الذي يمكن الاعتماد عليه في أوقات الأزمات، أما الاستثمار قصير الأجل يمكن أن يكون مناسب لتداول السلع النفطية، وسلع المنتجات الزراعية، حيث يمكن فيه استغلال تقلبات السوق لتحقيق أرباح سريعة، ولكن مع مراعاة المخاطر المرتفعة.
من أجل التنبؤ بحركة أسعار السلع بشكل أفضل، يعتمد المستثمرون في سوق السلع على التحليل الفني والأساسي والمؤشرات مثل المتوسطات المتحركة، فالأخير يتناول دراسة العوامل الاقتصادية التي قد تؤثر على عملية العرض والطلب على السلع، مثل الإنتاج، الاستهلاك، المخزونات العالمية، والأحداث الجيوسياسية. أما التحليل الفني، فهو يعتمد على دراسة الرسوم البيانية و الأنماط السعرية لتحديد الاتجاهات المحتملة للأسعار.
من الجدير بالذكر، أنه يدون إجراء التحليل الأساسي والفني لن يستطيع المتداول تحديد نقاط الدخول والخروج المثلى من السوق، لذا يمكننا القول إن إجراء التحليل الأساسي والفني يساعد المتداولين على اتخاذ قرارات تداول مستنيرة، وبالتالي تحقيق أرباح أفضل.
الاستثمار في السلع مثله مثل أي نوع استثمار آخر، لذا فإن إدارة المخاطر فيه هو عنصر أساسي من عناصر النجاح في استثماره، والأسواق السلعية تميل إلى أن تكون أكثر تقلبًا من الأسواق المالية الأخرى، وهذا يعني أن المستثمرين يجب أن يكونوا على دراية جيدة بالمخاطر المحتملة وكيفية التعامل معها؟
يمكن أن يعتمد المستثمرون استراتيجيات الحد من المخاطر كوقف الخسارة (Stop-Loss)، والتي تمكنهم من تحديد الحد الأقصى للخسارة التي يمكنهم تحملها في حالة تقلب السوق بشكل غير متوقع.
مع التقدم التكنولوجي الذي بات محيط بكل جوانب حياتنا لامس هذا التقدم أيضًا مجال الاستثمار المالي، وفي سوق التداول يمكن الاعتماد على التكنولوجيا سواء في خدمات إدارة المحافظ أو التداول من خلال استخدام الروبوتات الاستثمارية (Robo-Advisors) في الاستثمار بالسلع.
يمكن لهذه الروبوتات أن تقدم للمتداولين التحليل الآلي للسوق، وبالتالي يساعدهم هذا على إتخاذ قرارات تداول مستنيرة، الميزة في هذه الروبوتات أنها قادرة على تحليل بيانات ضخمة في وقت زمني قصير بعكس إذا اعتمد المتداول على تحليل السوق بنفسه، وهذا بالتالي يعد خيارًا رائع للمستثمرين الذين يرغبون بتحسين استراتيجياتهم باستخدام التكنولوجيا.
سوق الاستثمار في السلع لن يتوقف عند حد معين، فهو سوق دائم التطور والتجدد، لذا فإن النجاح فيه يتطلب التعلم المستمر والتكيف مع تغيرات السوق، ويأتي هذا من خلال متابعة الأخبار الاقتصادية والتحليلات الفنية للسوق بصفة مستمرة، بالإضافة إلى توسيع المعرفة حول السلع المختلفة الموجودة في السوق، وأيهما مناسب للاستثمار فيه ولديه مستقبل استثماري أفضل من نظيره، ناهيك عن التحليل المستمر والمرونة في تعديل الاستراتيجية حسب السوق، فكل هذه التفاصيل يمكنها أن تعزز من فرص النجاح وتقلل من المخاطر.
في النهاية يعد الاستثمار في السلع فرصة استثمارية كبيرة لتحقيق الأرباح، ولكن يتطلب الأمر فهم عميق للسوق وأبرز الاستراتيجيات الفعالة فيه، وفي السابق كشفنا لكم عن أهمها.