استحوذ دور الحوكمة وأهميتها في الجهود المحلية والإقليمية والدولية لمعالجة تدهور الأراضي والجفاف والتصحر على مرتبة الصدارة في المناقشات التي جرت خلال يوم الحوكمة في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر "كوب 16" الرياض. وتضمنت الفعاليات جلسات حوارية رئيسية لتحفيز العمل لمواجهة تدهور الأراضي، بما في ذلك دور السلطات الإقليمية وندرة المياه والتصحر، وتعزيز حقوق المرأة في الأراضي والروابط الحضرية والريفية.
وجاءت هذه المناقشات بعد إطلاق أجندة عمل الرياض، المبادرة المهمة التي سيتم العمل بها طوال فترة رئاسة المملكة العربية السعودية لمؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر على مدى العامين القادمين، إلى جانب حشد الجهات الفاعلة من الدول والأطراف لدعم أهدافها. وستسهم المبادرة في تعزيز الجهود الرامية لتوفير التمويل اللازم لاستعادة الأراضي، ودعم القدرات على مواجهة الجفاف، والدفع نحو إحراز تقدم ملموس لتحقيق هدف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر المتمثل في استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي حتى العام 2030. وأحرزت أجندة عمل الرياض المزيد من التقدم في يوم الحوكمة، وذلك بصدور إعلان يدعو إلى المشاركة بين الحكومات المحلية والإقليمية لوضع خريطة طريق لمعالجة تدهور الأراضي والجفاف والتصحر.
وفي الوقت نفسه، سعى منتدى رؤساء البلديات، الذي يضم رؤساء بلديات حاليين وسابقين وصناع سياسات وخبراء، إلى الارتقاء بدور الحكومات المحلية والإقليمية في معالجة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف. ودعا المشاركون إلى تعزيز التعاون والتمويل الشامل، فضلاً عن مجالات رئيسية أخرى تتعلق بالسياسات.
وقال الدكتور أسامة فقيها، وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة، ومستشار رئاسة مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر "كوب 16" الرياض: "ينبغي علينا العمل على توطين عملية صنع القرار في إطار جهودنا الرامية لمكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الأعداد المتزايدة من سكان المناطق الحضرية والمنتجين في المناطق الريفية".
وأضاف: "بعد أن أصبحت أجندة عمل الرياض جاهزة للعمل، تعمل الآن على حشد مجموعة من الأطراف الرئيسية المعنيّة لتسريع العمل على استعادة حيوية الأراضي، وتعزيز القدرات على مواجهة تحديات الجفاف. وتجمع أيضاً بين الجهات الفاعلة على المستوى الدولي، بما في ذلك الدول والأطراف من المؤسسات والمنظمات، وصولاً إلى تغيير ملموس يعود نفعه على الناس في جميع أنحاء العالم، خلال الأيام القادمة من مؤتمر الأطراف "كوب 16" الرياض وبعد انتهاء فعالياته".
وقال أوغور إبراهيم ألتاي، رئيس بلدية قونية في تركيا والرئيس المشارك لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة: "يتطلب العمل الهادف توفير موارد مفيدة. وبصفتي رئيس وفد فريق العمل العالمي للحكومات المحلية والإقليمية، أشارك هنا اليوم لأوجه نداءً قوياً لدعوة القادة المحليين من مديري ومسؤولي المدن والمناطق والمحافظات للعمل معاً لمكافحة تدهور الأراضي والجفاف. ويمكن تحقيق ذلك من خلال اتباع آليات تعطي الأولوية للاستثمارات في البنية التحتية المقاومة للجفاف واستعادة النظم البيئية، مع ضمان الوصول المباشر لجميع الجهات الوطنية، وخاصة في النصف الجنوبي من العالم".
وألقى وليد العكرش، وكيل أمانة منطقة الرياض للمشاريع في المملكة العربية السعودية، كلمة رئيسية في هذا المنتدى، حيث قال: "يجب علينا إدراك حجم التحديات التي نواجهها، بما في ذلك النمو السكاني والتوسع الحضري السريع والممارسات الزراعية غير المستدامة، حيث أدت بمجملها إلى معدلات مُقلقة من تدهور الأراضي وفقدان التنوع البيولوجي".
ويؤدي التوسع الحضري إلى تكثيف الضغوط على المناطق الداخلية وموارد المياه والغذاء، كما يزيد من سرعة وتيرة تدهور الأراضي، إذ تُرجّح توقعات الأمم المتحدة نمو المناطق الحضرية، واستحواذها على ما نسبته 68% من سكان العالم في المناطق الحضرية بحلول العام 2050. وسيؤثر التوسع الحضري السريع بشكل كبير على المناطق الريفية المحيطة، خاصة في الدول النامية. وهنا تبرز أهمية دور السلطات الإقليمية والمحلية في إدارة الموارد للسكان المتزايدين.
وإلى جانب منتدى رؤساء البلديات، نُظّمت فعالية أخرى حول الروابط الحضرية والريفية التي ناقشت أطر الحوكمة وأدوات التمويل التي يمكن استخدامها لتعزيز الروابط بين المنتجين في المناطق الريفية والمستهلكين في المناطق الحضرية.
يشار إلى أن المملكة العربية السعودية قد أطلقت يوم الخميس أجندة عمل الرياض. وستشجع هذه الأجندة الدول والقطاع الخاص والمؤسسات المالية والمنظمات الدولية وأصحاب العلاقة الآخرين على تعزيز الاتفاقية، إما من خلال الانضمام إلى المبادرات القائمة التي تدعم العمل العالمي بشأن تدهور الأراضي والتصحر والجفاف، مثل مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وسور أفريقيا العظيم، وشراكة الرياض العالمية لمكافحة الجفاف، أو تقديم الدعم للمبادرات جديدة.
وتمكن مؤتمر الأطراف "كوب 16" الرياض في تأمين أكثر من 12 مليار دولار من تعهدات التمويل من المنظمات الدولية الكبرى، ما أدى إلى إبراز دور المؤسسات المالية ودور القطاع الخاص في مكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف، كما تم إطلاق المبادرة الرائدة: "شراكة الرياض العالمية لمكافحة الجفاف".