بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي مؤسس ورئيس جمعية الناشرين الإماراتيين، انطلقت صباح اليوم (الإثنين) في غرفة تجارة وصناعة الشارقة فعاليات "مؤتمر الناشرين" الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب سنوياً، ليشكل واحداً من أهم البرامج المهنية في العالم لبيع وشراء حقوق الترجمات.
وجاء افتتاح المؤتمر بحضور سعادة أحمد العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، وميكيل كولمان، رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، ومشاركة أكثر من 360 ناشراً، ليقدم على مدار ثلاثة أيام سلسلة من الورشة والجلسات النقاشية والحوارية والتدريبية مع نخبة من المتخصصين في قضايا النشر العالمي، والمشتغلين في صناعة الكتاب.
استهل سعادة أحمد العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب افتتاحية المؤتمر بكلمة ترحيبية قال فيها: "نلتقي اليوم على حبّ الكتاب والكلمة، للعام الثامن على التوالي من دورة مؤتمر الناشرين، الذي اكتسب أهمية كبيرة خلال سنوات انعقاده نظراً لحجم التبادل المعرفي والفكري الذي يقدمه نخبة من المعنيين في صناعة الكتاب من مختلف أنحاء العالم، الحريصون على المشاركة وتقديم الخبرات والآراء حول أفضل الممارسات والبرامج الخاصة في النشر".
وأضاف العامري: "يقوم المؤتمر لهذا العالم على محاور رئيسية وهي: التواصل، والتدريب، والتسويق، وتعد هذه المحاور هي همزة الوصل التي تجمع ما يزيد على 360دار نشر عربية وعالمية، على رؤية واحد تسعى إلى مدّ جسور التواصل الحضاري مع جميع ثقافات العالم، وكلنا أمل أن يكون هذا المؤتمر فرصة تغني تجاربكم، وتفتح الباب أمام مزيد من علاقات التعاون والعمل المشترك بينكم".
من جهته تحدث الدكتور مايكل كولمان، رئيس الاتحاد الدولي للناشرين:" هناك تحولات كبيرة يشهدها قطاع النشر، لا سيما في المجال الرقمي الذي يوفر فرصاً أكثر قابلية في الوصول إلى جمهور كبير حول العالم، لكن هذا النشر الرقمي يواجه هو الآخر تحديات تتمثل في كثرة الكتب الرقمية وكثرة المنصات التي توفرها."
ودعا كولمان الناشرين إلى الإهتمام بتوسيع وتطوير مهاراتهم التنافسية، والتركيز على نوادي الكتب التي تفتح آفاق جديدة ومتنوعة للتواصل وتعمل باتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشيراً إلى أهمية معرض الشارقة الدولي للكتاب بكونه تعزيز مفاهيم القراءة والنشر، والحفاظ على اللغة العربية.
وناقشت الجلسة الأولىالتي أدارها ﻣﺎﻳﻜﻞ ﻣﻮﺷﺎﺑﻴﻚ مشهد اﻟﻨﺸﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ وأﺣﺪث اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت واﻟﺘﺤﺪﻳﺎت التي تواجهه، حيث توقف ﻣﻮﺷﺎﺑﻴﻚ عند أهمية ردم الفجوة في الفهم الأوروبي للأدب والثقافة العربية، باعتبار أن الأدب هو أعلى الأصوات التي يمكن أن تلهم الأفراد، وتزرع التقارب والتفاهم بين الشعوب، داعياً إلى ضرورة العناية بالترجمة بوصفها جسراً حياً للتبادل الثقافي العالمي.
وتحدث في الجلسة ﺧﺎﻟﺪ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﻨﺎﺻﺮي مدير منشورات المتوسط من إيطاليا عن التجربة الأدبية العربية في ايطالياً، مؤكداً وجود اهتمام متبادل بين الحراك الثقافي الإيطالي والعربي يتجسد في الترجمات من وإلى العربية، وأوضح أن ذلك يعد انعكساً لارتفاع نسبة الجالية العربية في أوروبا، مطالباً بفتح أقسام متخصصة لدراسة النشر في الجامعات العربية لتوفير دعم أكبر للصناعة.
وأشار مدير دار الربيع أﺣﻤﺪ سعيد من مصر إلى أن العمل التجاري في النشر يحتاج إلى مهنية أكبر ترتقي بالمحتوى إلى أطر تتعدى تكثير المطبوعات أو عدد الطبعات، وأكد أهمية سد الثغرات من خلال العمل المشترك على غلق أبواب القرصنة والتزوير وفتح الطريق أمام الناشر لدخول أسواق جديدة، ودعم حرية التعبير عن الرأي والتواصل المثمر حول العالم.
بدورها قالت ﻛﺮم يوسف ممثلة دار "الكتب خان للنشر والتوزيع" المصرية:"إن المنتج الثقافي الجيد هو الذي يفرض نفسه في أي مكان من العالم، ويمكن ملاحظة سرعة تحرك الناشرين نحوه لتجرمه كتابه إلى لغات مختلفة" مبينة أن مشكلة القراءة في المنطقة العربية أن القارئ لا يهتدي إلى الكاتب المبدع إلا بعد حصوله على جوائز كبيرة، مع أن نتاج الكثير منهم سبق حصولهم على تلك الجوائز المهمة.
وأكد مسؤول "منشورات الشامل" الفلسطينية ﺑﻜﺮ رﻣﻀﺎن أن المعارض الثقافية -ومنها معرض الشارقة الدولي للكتاب- هي بوابات ثقافية للتعريف بالمثقف والناشر الفلسطيني الذي لا يزال يعاني إلى الآن من عدم حماية حقوقه، واختراقها من قبل القرصنة، كما تؤدي مشاكل انتاج الكتب إلى ضعف التسويق وعدم قدرته في تجاوز حدود البلد، ولذلك يتم طبع معظم الإنتاج الثقافي الفلسطيني خارجها، وهذه إشارة جيدة لكنها تصطدم بعدم قدرتها في الوصول إلى القارئ الفلسطيني ما لم يكن يعيش خارج حدود البلاد".
وفي كلمة القاها الأديب العراقي أﺣﻤﺪ ﺳﻌﺪاوي الذي ترجمت روايته (فرانكشتاين في بغداد) إلى عشرات اللغات العالمية تحدث عن التجارب التي يطلع عليها الكاتب والناشر العربي خلال لقاءاته المستمرة مع كتاب وناشرين من خارج المنطقة العربية فقال: "إن القراء غير العرب غير محكومين بالضرورة بنظام أو أولويات القارئ العربي، كما أن سوق الكتاب الأجنبي أكثر غزارة وتنوعاً من السوق العربية، وتقاليد القراءة أكثر قوة ومتانة"، وتساءل السعداوي عن ما هية المنظومات الواجب اتباعها لإيجاد هذا التنوع في القراءة وأسواق الكتب.
وأشار السعداوي إلى أن القارئ غير العربي – لا سيما الأوروبي – يهتم كثيراً بمعلومات أخرى تتجاوز حدود ما انتجه الكاتب من رواية، أبرزها طبيعة الوضع السياسي لبلد الكاتب كون الكاتب في تلك الحالة يعد شاهداً عليها وأكثر من يستطيع وصفها وتقديمها للقارئ غير العربي.
في الإطار ذاته، ناقش متخصصون في الجلسة الثانية التي أدارها ﺳﻴﻤﻮن دا ﺟﺎﻛﻮس مهارات إدارة اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﻨﺎﺷﺮﻳﻦ اﻟﻌﺮب، حيث استهل الحديث ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻠﺒﻴﺴﻲ مدير "دار المنهل" الأردنية، بالقول :"لا يزال النشر الإلكتروني يعاني تراجعاً لافتاً في المنطقة العربية برغم النقاشات الجارية حوله حول العالم، وفيما إذا كان الأنجح التحول الرقمي الكامل أو الجزئي، ومع وجود منصات رقمية كثيرة للكتب إلا أننا لا نزال نعاني من النقص في مجالات كثيرة ومتنوعة"، داعياً الناشرين إلى ضرورة الإهتمام بالمحتوى التعليمي الرقمي.
وقال مدير "معالم للطباعة" الإماراتية، الناشر ﻧﺎﺻﺮ ﻋﺎﺻﻲ:" إن أفضل السبل للتعاون بين الناشر العربي والأجنبي تتلخص بأهمية تقديم محتوى جيد وغير مكرر، وضرورة تضافر جهود أكثر من ناشر في دعم الموسوعات التي تحتاج إلى إمكانات وتقنيات كبيرة، والعمل على طباعة الكتب في أكثر من دولة بما يضمن تخفيف تكاليف الشحن، وضرورة تعريف الناشرين ببعضهم قبل الإقدام على أي نوع من التعاون".
وأكد ﺑﻴﻴﺮ اﺳﺘﻴﺮ مدير وكالة أستير بيشر الأدبية ووكيل الأفلام العالمي:" إن الكتب تحتاج إلى المزيد من التطور والإستدامة كي تضمن بقاءها على أرض الواقع، حيث تغيرت السوق ومرت بقفزات سريعة خلال 15 سنة ماضية"، مؤكداً أن اللغات تلعب دوراً مهماً في عملية النشر، وبشكل يتناسب مع قوة تلك اللغة، وأعداد القراء، لافتاً إلى أن اللغة العربية لاعب أساسي ومهم في سوق صناعة الكتاب العالمي.
واتفق كل من د. ﻋﻤﺎد اﻷﻛﺤﻞ ممثل شركة أي بي دي البريطانية، واﻟﺤﺎرث ﻣﺤﻤﻮد مدير دار الفن للتصميم الأردنية، على أن الكثير من الناشرين العرب نجحوا بشكل لافت في أعمالهم نتيجة دراستهم الوافية لاهتمامات القراء، وتقديم الصورة المناسبة التي تستقطبهم، وتوصل الرسائل المناسبة، وركز الحارث محمود على أهمية التصميم في إنتاج الكتب، وأهمية أن يتمتع المصمم بثقافة واسعة يستطيع معها تطويع هذا المجال المهم في تصميم الكتب وتوجيه الرسائل المناسبة لا سيما إذا كانت الشريحة المستقبلة من الأطفال التي تحتاج إلى اهتمام مضاعف.
كما شهد اليوم الأول لمؤتمر الناشرين ﻟﻘﺎءات ﺗﻌﺮﻳﻔﻴﺔ ﺑﻴﻦ إدارة ﺻﻨﺪوق ﻣﻨﺤﺔ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻤﻌﺮض اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب واﻟﻤﺘﻘﺪﻣﻴﻦ ﻟﻠﻤﻨﺤﺔ، وعقدت سلسلة اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت للناﺷﺮﻳﻦ المتقدمين لمنحة الترجمة.
وتقام يوم غد جلستان نقاشيتان اﻷوﻟﻰ بعنوان "ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﻨﺸﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ" يديرها: ﺧﻮﺳﻴﻪ ﺑﻮرﻏﻴﻨﻮ اﻷﻣﻴﻦ اﻟﻌﺎم ﻻﺗﺤﺎد اﻟﻨﺎﺷﺮﻳﻦ اﻟﺪوﻟﻴﻴﻦ، ويتحدث فيها كل من: د.ﺣﻤﺪ اﻟﻴﺤﻴﺎﺋﻲ وﻛﻴﻞ اﻟﻮزارة اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ﻟﻘﻄﺎع اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ واﻟﺘﻘﻴﻴﻢ بوزارة اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، ووﻳﻠﻤﺎرد ﻳﺒﻐﺮوﻧﺪ رﺋﻴﺲ ﻣﻨﺘﺪى اﻟﻨﺸﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻓﻲ اﺗﺤﺎد اﻟﻨﺎﺷﺮﻳﻦ اﻟﺪوﻟﻴﻴﻦ ﻫﻮاﻣﻔﻴﺴﻨﺰ، ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ ﻣﻨﺘﺪى اﻟﻨﺸﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻓﻲ اﺗﺤﺎد اﻟﻨﺎﺷﺮﻳﻦ اﻟﺪوﻟﻴﻴﻦ، وراﺷﺪ اﻟﻜﻮس اﻟﻤﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻨﺎﺷﺮﻳﻦ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ.
وستسلط الجلسة الثانية اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ "ﻧﺸﺮ ﻛﺘﺐ اﻷﻃﻔﺎل واﻟﺸﺒﺎب اﻟﻌﺮب" ويديرها: اﻧﺪرﻳﻮ ﺷﺎرب ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺣﻘﻮق ﻫﺎﺷﻴﺖ ﻟﻜﺘﺐ اﻷﻃﻔﺎل، ويشارك فيها د. اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﺧﻠﻴﻔﺔ من اﻟﻔﻠﻚ ﻟﻠﺘﺮﺟﻤﺔ بدولة اﻻﻣﺎرات، ود. ﻓﺪوى ﺑﺴﺘﺎﻧﻲ عن دار ﺑﺴﺘﺎﻧﻲ من ﻣﺼر، وﻣﺆﻧﺲ ﺣﻄﺎب عن أﻟﻒ ﺑﺎء ﺗﺎء ﻧﺎﺷﺮون في اﻷردن، وﻫﻴﺜﻢ ﺣﺎﻓﻆ عن دار اﻟﺤﺎﻓﻆ في ﺳﻮرﻳﺎ، وروس ﺟﺎﻧﺴﻴﻨﺲ ﻣﺪﻳﺮة اﻟﺤﻘﻮق من ﻛﻼﻓﻴﺲ ﻟﻠﻜﺘﺐ.