أظهرت دراسة حديثة أجراها زميل باحث في العلوم البيئية في الجامعة الأميركية في الشارقة وجود آلية تتيح للشعاب المرجانية في منطقة الخليج العربي التواصل مع بعضها البعض في فترات التكاثر مما يعزز من فرص بقائها. وتلعب هذه الآلية دوراً أساسياً في السماح ليرقات المرجان بالتنقل من مناطق مائية صحية نسبياً إلى مناطق في حاجة ماسة لهذه اليرقات نتيجة تعرضها لإجهاد ناتج عن عوامل طبيعية أو بفعل الانسان.
وقال كاتب البحث الدكتور جوجينيس كافالانكانتيه، زميل باحث في العلوم البيئية في كلية الآداب والعلوم في الجامعة الأميركية في الشارقة: " يتعرض الخليج العربي لارتفاع مطرد في درجات الحرارة ويواجه ديناميكيات بيئية متغيرة مما يعرض الشعاب المرجانية للخطر. إن الشعاب المرجانية هي واحدة من أكثر النظم البيئية تنوعًا بيولوجيًا وحيوية في النظام البيئي العالمي، وهي ثروة في غاية الأهمية في الخليج العربي. ولقد شهدنا خلال العقود الأخيرة حالة من التدهور بسبب تغير المناخ العالمي والنشاط البشري وانتشار ظاهرة ابيضاض المرجان بشكل كبير بسبب ارتفاع درجات حرارة المحيطات. إلا أنه وعلى الرغم من هذه الظروف، لا تزال المجتمعات المرجانية تتواجد في مياه جميع الدول الثماني المطلة على الخليج العربي، لذلك، فإنه من الضروري فهم مسارات وآليات الاتصال المحتملة بين الشعاب المرجانية في الخليج حتى نستطيع التوصل لفهم آليات تكيفها وبقائها."
وأضاف: "تشير نتائج البحث إلى أن كمية اليرقات الموجودة في مناطق الامداد المحتملة في الخليج العربي قد تكون كافية لصيانة المناطق الواقعة تحت الضغط وتواجه تآكلاً في شعابها. لقد لاحظنا أن هناك إمكانات كبيرة لتوطين ذاتي تثبت فيها اليرقات نفسها على الشعاب المرجانية الأبوية، بالإضافة إلى فرص حصول اتصال بين الأقاليم حيث تتنقل اليرقات من منطقة إلى أخرى. فعلى سبيل المثال، يمكن لليرقات أن تنتقل من الكويت إلى البحرين ثم إلى دولة الامارات."
وأشار الدكتور كافالانكانتيه إلى أن نتائج البحث مهمة للغاية لمجتمع الأبحاث العلمية لأنها تقوم بالكشف شيئا فشيئاً عن مصادر مستعمرات اليرقات المرجانية التي تساعد في إعادة إحياء الشعاب المرجانية المتآكلة على شواطئ الخليج وتدعم عملية تعافيها وشفائها، وهو ما لم يكن واضحاً بشكل كبير في الماضي.
وقال: "تؤثر ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي على المجتمعات المرجانية في جميع أنحاء العالم. وهذه الظاهرة مهمة في منطقة الخليج العربي بالنسبة للشعاب المرجانية فيها والتي تتعرض بالفعل لارتفاع درجات الحرارة. تعيش المجتمعات المرجانية الإقليمية حالياً في أقصى مستوى تكيف يمكنها تحمله، وبالتالي فإن أي زيادة في درجة الحرارة ستعرضها لخطر فوري."
واعتمد الدكتور كافالانكانتيه في بحثه على أحدث النماذج الرقمية لمحاكاة سلوك اليرقات المرجانية وانتشارها لتقييم حركتها المحتملة من منطقة إلى أخرى، وبالتالي تحديد مسارات الاتصال بين المجمعات المرجانية داخل الخليج العربي. وقد شارك كل من الدكتور إدمو كامبوس، زميل باحث، وفيليبي فييرا، باحث زائر من الجامعة الأميركية في الشارقة في مناقشة النتائج النهائية لهذا البحث.
وقال الدكتور كافالانكانتيه أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تطوير مثل هذه الدراسة في المنطقة، والتي اعتمدت نهجًا متحفظًا قائمًا على المعارف المتاحة والمتوفرة عن المرجان في الخليج العربي والتي ركزت على سنوات محددة لدراسة السيناريوهات. وبالرغم من ذلك، وبما أن حركة يرقات المرجان تعتمد على أنماط تيارات المياه والتي تختلف من عام إلى آخر، فهو يعمل حاليًا على دراسة جديدة معتمداً على مجموعة أخرى من السنوات لتقييم انتشار اليرقات المرجانية ضمن هذه الأطر الزمنية واكتشاف أي اتصال محتمل.
قال: "ستمنحنا هذه الإستراتيجية تمثيلاً أفضل للحالات والظروف المختلفة للمحيطات والمتواجدة داخل الخليج العربي، وتعزز من معرفتنا بالمواقع التي تتمتع بإمكانية أكبر لتكون بمثابة مصدر (مناطق تزود اليرقات) أو مصب (منطقة توطين)."