تشكل العودة إلى المدارس مرحلة حساسة للأطفال واليافعين والأسر في جميع المجتمعات، وتكاد تتشابه الاستعدادات وأساليب "التعود" على إيقاع العام الدراسي في تلك المجتمعات فنقرأ في الكثير من المراجع العالمية تحقيقات صحفية ولقاءات مع خبراء يقدمون نصائح للأهل والطلبة لتفادي أزمات موسم العودة إلى المدرسة وأبرزها الخروج من "المنطقة المريحة" التي عاش فيها الأطفال طوال إجازة الصيف سواء بصحبة أهاليهم أو أصدقائهم والدخول إلى مرحلة عنوانها: مواجهة "غرباء" قد يهددون أمنهم النفسي وهؤلاء هم المدرسون والطلبة الجدد.
وقالت الشيخة عائشة خالد القاسمي، مدير سجايا فتيات الشارقةالتابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين: "إن التهيئة للعودة للمدارس عملية يتشارك فيها الأهل والمدارس والطلبة، فلا شك أن الأهالي سيشعرون بالتوتر مع اقتراب الدوام المدرسي نتيجة للتغيير في أنماط حياتهم والإلتزام بمواعيد ذهاب وعودة أبنائهم من وإلى المدرسة، إلى جانب الجهد الذي ينتظرهم للاستيقاظ باكراً وتحضير الطعام والملابس وغيرها من احتياجات الأبناء. لذا يجب على الأهالي ألا يظهروا لأبنائهم انعكاسات هذا التغيير وألا يعبروا عن استيائهم منه لأنهم بذلك يساهمون عن غير قصد في رفع حدة توتر الأبناء وخوفهم من العام الدراسي الجديد".
وتابعت القاسمي: "إن سياسة العودة إلى المدارس التي أطلقتها الحكومة الاتحادية بمبادرة من البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة، تشكل خطوة متقدمة في مسيرة دعم الأسر للتغلب على تحديات بداية العام الدراسي من خلال توفير ساعات عمل مرنة في الأسبوع الأول من العام الدراسي."
وشددت على أن المهمة الرئيسية تقع على عاتق المدارس وتتمثل في كيفية استيعاب الطلبة في الأيام الأولى من الدوام المدرسي، وهنا من المفيد أن تكون هذه الأيام ملأى بالفرح والتفاعل الإيجابي بين الطلبة أنفسهم وبينهم وبين طاقم التعليم وإدارة المدرسة، فالأيام الأولى للطالب في مدرسته ستحدد علاقته بها ومشاعره تجاهها وستؤثر على مستواه الدراسي وقدرته على التعلم".
وقالت الشيخة عائشة: "من المهم النظر إلى موسم العودة إلى المدارس كجزء غير منفصل عن موسم الصيف والإجازات، بمعنى أن سهولة العودة إلى المدرسة ترتبط بشكل وثيق بما عايشه واختبره الأطفال واليافعون من تجارب خلال الإجازة الصيفية وحجم الرعاية والاهتمام الذي أولاه الوالدين في موسم الصيف ليستكمل أطفالهم رحلة التعلم واكتساب المهارات الحياتية التي تساعدهم على تخطي الصعوبات في المستقبل."
وأوضحت القاسمي قائلة: "علينا أن ننظر إلى التعليم كمسار متواصل في حياة اليافعين بحيث لا يقتصر على مراحل التعلم الأكاديمي ولا ينحصر في المدرسة، وأساليب التعليم الحديثة أصبحت أكثر مرونة بحيث تتنوع الأنشطة التي تساعد الطلبة على اكتساب المعارف بأسلوب ترفيهي وممتع. من هنا نعمل نحن في سجايا فتيات الشارقة على إعداد برامج وأنشطة على مدار العام بهدف أن تبقى منتسباتنا في أجواء التعلم وفي ذهنية الاستعداد الدائم لاكتساب مهارات جديدة."
وأضافت مدير سجايا: "إن المخيمات الصيفية والأنشطة التفاعلية على مدار موسم الصيف مصممة لتخدم عدة أهداف أولها تحفيز النشاط الذهني والبدني، التغلب على الخمول والكسل، الالتزام بنظام حياة يومي لممارسة عدة مهام، التفاعل المستمر مع المجتمع، والتعرف على تجارب جديدة لمحاربة أي مخاوف وهواجس تفرضها تلك التجارب." وأوضحت أن الاستعداد للعام الدراسي لا يتم خلال أسبوع خاصة فيما يتعلق بالاستعداد الذهني والنفسي والعاطفي، وأن السياق العام للحياة اليومية خلال الأشهر التي تسبق فتح المدراس أبوابها هو العامل الحاسم في تسهيل اندماج الطلبة مع نمط الحياة المدرسية وتبديد العقبات التي قد تعترض هذا النمط.
ونوهت القاسمي بأن الأنشطة والفعاليات والبرامج التي تصممها سجايا تستمر على مدار العام لتكون استكمالاً للمناهج المدرسية والأنشطة الذهنية والفكرية التي تخوضها الطالبات خلال العام الدراسي، مشيرة إلى أن تعدد وسائط المعرفة مع تطور تكنولوجيا المعلومات يفرض مسارات جديدة لتطوير مهارات الطلبة خاصة في المراحل العمرية الدقيقة والمتمثلة في فترة المراهقة.
وحول التحديات الأبرز التي تواجه الطلبة في المرحلة العمرية من 13 إلى 18 عاماً قالت القاسمي: "نحن ندرك تماماً أن تلك المرحلة من عمر الفتيات بشكل خاص واليافعين بشكل عام تتسم بجملة متغيرات على الصعيدين الفيزيولوجي والنفسي – العاطفي، والتي تنعكس في الكثير من السلوكيات على شكل الاستسلام للمخاوف والتحديات والتراجع عن القيام بأي عمل أو نشاط، أو على شكل التركيز المكثف على الذات وعدم الاهتمام بالآخرين، وصولاً إلى الاستخفاف بالمدرسة ومتطلباتها. وانطلاقاً من هذا الواقع، نحرص في سجايا فتيات الشارقة على بناء ثقافة المسؤولية والالتزام لدى الفتيات من خلال الأنشطة المتنوعة الترفيهية منها والتثقيفية والاجتماعية كسبيل إلى تمكين الجيل الجديد من مهارات أساسية تساعدهم على بناء شخصية مسؤولة وواعية لدورها ومدركة لمتطلبات النجاح والتميز."
وشددت القاسمي على أهمية استكمال الجهات التعليمية لمهام المخيمات الصيفية والأنشطة الاجتماعية معتبرة أن الجيل الجديد يتوقع من المدارس أن تراعي رغبته في التميز من خلال مساعدته على فهم متطلباته واستكشاف مهاراته الكامنة والتغلب على مخاوفه الاجتماعية التي تعوق نجاحه وقالت: " إن دور المدرسة في عصرنا الحديث أصبح يتعدى التعليم البحت وتمكين الطلبة من المعارف والعلوم ليشمل بشكل رئيسي تطوير المواهب وبناء القدرات وتعزيز روح القيادة والعمل الجماعي، وهي مهارات يحتاجها الجيل الجديد ليكون فاعلاً ومتميزاً ليس فقط كطالب بل كإنسان".