بقلم: خالد سالم، الرئيس والرئيس التنفيذي لـ "ميتسوبيشي باور" الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
ألقت أزمة انتشار فيروس "كوفيد -19" بظلالها بشكل كبير على سبل العيش وأعمال الشركات في جميع أنحاء العالم، ومنها بالطبع منطقة الشرق الأوسط. فقد بات التأثير ملموساً في جميع الصناعات، وليس قطاع الطاقة استثناءً من هذا الوضع. ففي حين أنه يصعب التكهّن بمسار التطور والتعافي المنشود من هذا الوباء، فإن مراجعة عدد من التأثيرات المحتملة على قطاع الطاقة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمكن أن تلقي بالضوء على أنماط الأعمال والقرارات الناجمة عن ذلك على المديين القصير والطويل.
ومن جانبها، تلتزم شركة "ميتسوبيشي باور "، كشركة رائدة عالمياً في مجال تكنولوجيا الطاقة ولديها عمليات وحضور واسع النطاق في جميع أنحاء العالم، بجميع الإرشادات الحكومية اللازمة في المنطقة وفي المملكة العربية السعودية، والرامية إلى ضمان السلامة التشغيلية على نطاق واسع، وبالتنسيق الوثيق مع العملاء، والذي أسهم بدوره في عدم ظهور أية حالات إصابة بالفيروس على امتداد عملياتها. ويلتزم جميع موظفي الشركة باستخدام معدات وأدوات أمان وفق أعلى معايير السلامة الصناعية، ويتبعون بروتوكولات التباعد الاجتماعي أثناء تشغيلهم للعمليات اليومية.
لا تزال الآثار البشرية والاقتصادية لهذا الوباء متداخلة بشكل لا يمكن إنكاره، وهو ما تجلى بطرق عديدة. فالانخفاض في توافر القوى العاملة والإنتاجية، إما بسبب المرض أو نتيجة إجراءات التباعد الاجتماعي المفروضة أو الموصى بها، يؤدي إلى تباطؤ النشاط التجاري والتنقل، ومن ثَمّ تراجع الطلب العالمي على الطاقة.
وعلى المدى القصير، تسبب ضعف الأنشطة التجارية إلى انخفاض في استهلاك الطاقة والكهرباء، على الأقل من جانب قطاعات الأعمال، إن لم يكن الكثير من المناطق السكنية، مثل إغلاق المدارس والتحول إلى العمل من المنزل، والذي أثر بشكل جزئي على الطلب على الطاقة في مقار الشركات لصالح القطاع السكني.
وقد يكون الركود المحتمل في الطلب على الطاقة قصير الأجل، وفي هذه الحالة سيتعين على القطاع التكيف لفترة محدودة من الوقت لخفض عوامل الأحمال. وسوف تخفف بداية موسم الطقس الحار من هذا الانخفاض. وسوف تتوفر لمنتجي الطاقة المزيد من الخيارات فيما يتعلق بأصول الطاقة للاستفادة منها. وقد يتم إيقاف تشغيل الأصول ذات الأداء المنخفض لصالح توربينات الغاز ذات الكفاءة الكبيرة، مما يساعد على تحقيق المزيد من خفض تكلفة التوليد. وفي إطار دعمها لارتفاع الاستهلاك في موسم الصيف، تساعد "ميتسوبيشي باور" عملاءها في المملكة العربية السعودية من خلال التأكد من أن الوحدات التي يتم توريدها تعمل بموثوقية بنسبة 100% دون التأثير على الكفاءة وضمان الاستجابة في الوقت المناسب لتقلبات تردد الشبكة المحلية من خلال إجراء الاختبار الدوري.
وسيشكل إيقاف تشغيل التوربينات ذات الأداء المنخفض ومصادر الطاقة المتجددة، خاصة أثناء فترة النهار، حصة أكبر من الطاقة المولدة، ولكن في الوقت نفسه سوف تتطلب توربينات الغاز مزيداً من التوازن في الأحمال بفترة الليل. وتعتبر أصول توربينات الغاز المتقدمة ذات الأداء المرن والموثوقة من الناحية التشغيلية أكثر أهمية لاستقرار الشبكة بشكل عام، وتهيئة إنتاج الطاقة.
وسوف يحظى الاستخدام المتزايد للشبكات الرقمية للغاية والاستفادة من تحليلات البيانات والأتمتة، بوضعية أفضل للاستفادة من الكفاءات والحصول على أقصى قيمة من خلال إدارة أصول الطاقة بشكل ديناميكي وفق نهج شامل.
وعلى المدى المتوسط، إذا استمر الانخفاض في النشاط التجاري والطلب على الطاقة خلال الربعين الثالث والرابع 2020، فقد يواجه كل من قطاع تنفيذ المشروعات وسوق خدمات الطاقة بعض التأثيرات. وبالنسبة لخدمات الطاقة، كما هي الحال في أجزاء من الأسطول المستخدم في العديد من البلدان، خاصة تلك التي لديها فائض في الطاقة، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية والأردن، سوف تكون أقل استخداماً، وبالتالي كانت عناصر الخدمة المجدولة سيتم تأجيل تنفيذها. كذلك الأمر بالنسبة لتفاصيل الصيانة اللازمة، سيتم اختبار التميز في تنفيذ هذا العمل. وبالإضافة إلى ذلك، تتيح مهمة المراقبة والتحليل عن بُعد التي تقوم بها "ميتسوبيشي باور" تتبع حالة تشغيل المعدات المختلفة بسهولة ودون القلق، فيما يتعلق بسرعة الاتصال من عدة مواقع متنوعة، مثل مبنى آخر داخل مصنع، أو منشأة خارج المصنع، أو من موقع خارجي لمساعدة المشغلين الذين قد يكون لديهم عدد أقل من الموظفين المتاحين.
وسوف تحظى شركات الخدمات التي لديها فرق محلية وإقليمية قوية ودائمة وورش عمل محلية وسلاسل توريد إقليمية في وضعية أفضل لتلبية التزامات الخدمة التعاقدية. وفي المملكة العربية السعودية، تواصل "ميتسوبيشي باور" تقديم حلول الطاقة التعاقدية المستمرة لشركاء مثل "أرامكو" أثناء تشغيل العمليات الأرضية في ورش العمل التابعة لها في الدمام، مع اتباع كافة إرشادات السلامة والمشتريات اللازمة. كما قامت شركة "ميتسوبيشي باور" بإعادة النظر في خطتها الرئيسية لتنفيذ الحلول بناءً على خطة "أرامكو" وجدولها الزمني.
وعلى المدى الطويل، إذا طالت فترة التباطؤ الاقتصادي حتى عام 2021، فسوف يواجه القطاع عدداً لا يحصى من العواقب جراء ذلك. ويمكن أن تتسبب الميزانيات المالية الأكثر تشدداً وتوقعات انخفاض الطلب على الطاقة في إعادة النظر في خطط توسيع قدرات الطاقة، وسيؤثر ذلك على المشاريع الأكثر أهمية وذات الجدوى الاقتصادية. ولتعزيز استمرارية الأعمال والتخطيط في المملكة، حظيت الكوادر الهندسية الوطنية التابعة لـ "ميتسوبيشي باور" وطواقم الاستشاريين الفنيين بالمزيد من الدعم، والذي أثمر بدوره عن استمرارية العمل في المواقع حتى الآن. وتهدف الشركة إلى الاستمرار في توفير حلول الطاقة لعملائها خلال هذه الظروف الصعبة، من خلال اتباع استراتيجية ونهج مخطط لهما بعناية.
وقد تشمل التأثيرات طويلة المدى الأخرى تقليصاً محتملاً أو تباطؤاً في معدل نمو مصادر الطاقة المتجددة، مصحوباً بزيادات في نشاط أنظمة مراقبة جودة الهواء، وهي ضرورية لتعزيز محطات توليد الطاقة الغازية بحيث تكون أكثر محافظة على البيئة وامتثالاً للمعايير البيئية والتزاماً برؤية الطاقة النظيفة. ويمكن لأنظمة التحكم في الانبعاثات المتقدمة، في ظل الأداء الرائد في الصناعة والاقتصاد التنافسي، أن تزيد الجدوى التجارية التقنية لمحطات الغاز مقارنة بخيارات توليد الطاقة الأخرى.
وبالنظر إلى توسع نطاق "كوفيد-19" والعواقب الناجمة عن حالة التعقيد التي تسبب فيها هذا الوباء، خاصة على المدى الطويل، فإن الأمر يتطلب إعادة تقييم مستمرة للأحداث والدوافع والمخاطر. وقد انتهجت "ميتسوبيشي باور" نهجاً ديناميكياً منذ بداية الأزمة، حيث سارعت بدعم أصحاب المصلحة في توليد الطاقة من القطاعين العام والخاص بالمملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من أجل تجاوز التبعات المحتملة على المدى القصير، مع إدخال تعديلات على الاستراتيجيات طويلة الأمد لتطبيقها، بما يتماشى مع الاستراتيجيات الاجتماعية والبيئية والخاصة بدول المنطقة، وأولوياتها التجارية.