دفعت الهوة بين احتياجات الإنفاق في البلدان النامية من ناحية والضغوطات التي تشهدها المؤسسات المالية بهدف رصد مخاطر الائتمان وتحسين إدارة رأسمالها في ظل القيود التي تضعها الهيئات الناظمة على الملاءة المالية، إلى خلق فرص لمجموعة أكثر تنوعاً من خدمات التمويل البديل. وقد دفع هذا الأمرإلى تفعيل النقاش حول "التمويل البديل" ليتصدر جدول أعمال إدارة مخاطر الائتمان وإلى تعزيز وتنمية سوق الصكوك الإسلامية، مما يخلق إمكانات كبيرة لنمو خدمات التمويل الاسلامي من حيث الأصول أو الأدوات التابعة له.
وقد عقدت ديلويت في هذا الإطار بالتعاون مع مجموعة المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب والبنك الاسلامي للتنمية IRTI-IDB ورشة عمل تنفيذية بعنوان "سوق الصكوك الإسلامية للشركات في اوروبا: التمويل البديل". وقد جذب الإجتماع الذي عقد في 30 نوفمبر في لندن، عدداً من كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع الخدمات المالية، بالإضافة إلى علماء في الشريعة الإسلامية والمدققين والمحامين ومؤسسات التنمية والتدريب .
في هذا الإطار، أشار الدكتور حاتم الطاهر، مدير مركز ديلويت لإستشارات التمويل الإسلامي في الشرق الأوسط: "يشكل هذا الحدث منصة قيمة للهيئات الناظمة وصانعي القرار والمهنيين لمناقشة التحديات والفرص المتاحة لإصدارصكوك اسلامية من قبل الشركات وآفاق نموها في أوروبا. كما أنه يتناسب مع سياسة وخطط ديلويت في إشراك صانعي القرار في هذا القطاع في القضايا المتعلقة بتنمية أسواق الصكوك الاسلامية ومناقشة الاستراتيجيات، والأنظمة والتشريعات الخاصة بها بالإضافة إلى الاستراتيجيات الاستثمارية."
وقد ركّز البرنامج الذي استمر لمدة يوم كامل على خمسة مواضيع رئيسية هي: الأنظمة والتشريعات الخاصة بسوق الصكوك الاسلامية في أوروبا؛ تحضير الأسواق لإصدار الصكوك الاسلامية في أوروبا؛ الاعتبارات المتصلة بالهيئات الرقابية والقانونية والتصنيفات؛ توحيد وتنسيق الممارسات في كافة الأسواق؛ معالجة نقص المهارات والقياديين في هذا القطاع. وتولّى تقديم ورشة العمل هذه أخصائيون من ديلويت، والمركز الدولي لتعليم التمويل الإسلامي INCEIF، وكلية هنلي للأعمال، ومجموعة المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب والبنك الاسلامي للتنمية IRTI-IDB، ومجموعة DDCAP، والمعهد المعتمد للأوراق المالية والاستثمار CISI، وCityUK للخدمات المالية وخبراء في القطاع عينه.
وخلال ورشة العمل، تم مناقشة التقرير الصادر عن ديلويت بعنوان "الصكوك الاسلامية للشركات في أوروبا: تمويل بديل للمشاريع الاستثمارية الكبيرة"، الذي يتناول الجوانب المختلفة لنمو محتمل لسوق الصكوك الاسلامية في الأسواق المالية الأوروبية. وترتكز الدراسة في هذا التقرير على نهج مبتكر في الأبحاث المالية الإسلامية التي تتضمن توعية واسعة النطاق وحوار مع أبرز القادة في هذا القطاع والأوساط الأكاديمية في قطاع التمويل الإسلامي.
وينظر التقرير في الأنظمة والتشريعات القائمة في البلدان الأوروبية الرئيسية من أجل إصدار الصكوك الاسلامية وإمكانات النمو في هذه الأسواق. وقد أقدم عدد من الدول الأوروبية على إدخال قوانين وأنظمة لتسهيل نمو سوق الصكوك الاسلامية. أما الإصدار الأبرز في سوق الصكوك الاسلامية في أوروبا حتى الآن فكان في بريطانيا، بحيث تمّ جمع مبلغ 200 مليون جنيه استرليني، وتمت تغطيته بشكل ملحوظ فاق 10 أضعاف المبلغ المطلوب، وجذب مستثمرين من المملكة المتحدة والشرق الأوسط وآسيا.
كذلك، علّق جو الفضل، الشريك المسؤول عن قطاع الخدمات المالية في ديلويت الشرق الاوسط قائلاً: " إن تمويل الشركات الأوروبية الضروري للمشاريع الطويلة الأجل التي تتطلب رأس مال كبير سلفاً يواجه نقصاً في تمويل الديون مما يشكل تحدياً أساسياً. في الوقت عينه، تحتاج الأسواق التي هي في طور النمو إلى مستثمرين من الشرق الأوسط وآسيا ذو قدرة تمويلية بهدف الاستثمار في الأصول الممتثلة مع الشريعة. وبالتالي، في حال وجود الأطر الناظمة والقانونية اللازمة، تدلّ العلاقة بين الحاجة إلى الشركات الأوروبية وإلى المستثمرين من الشرق الأوسط وآسيا على إمكانات قوية لسوق الصكوك الاسلامية، مما يضمن الحماية للمستثمرين وتطبيق الحوكمة الرشيدة وإدارة المخاطر على الأموال، ليتيح ذلك فرصة للتطور والنمو في سوق سائلة ناشطة تتميّز بسهولة وسرعة الشراء والبيع فيها ."
ويقدم تقرير ديلويت عدداً من الدراسات النوعية التي تشمل مجموعة من السيناريوهات المحتملة حيث يمكن تطبيق الصكوك الاسلامية في بعض قطاعات الدول الأوروبية. وتتضمن هذه التطبيقات استخدام الصكوك الاسلامية لتمويل "استثمارات ذات مسؤولية اجتماعية" في حين تعتبر حيازة الصكوك الاسلامية على انها استثمارات تتطابق مع المعايير الأخلاقية المتعارف عليها. على سبيل المثال، يعتبر قطاع الطاقة المتجددة في ألمانيا واحد من القطاعات التي تقع تحت فئة هذه الإستثمارات والتي تتطلب ضمانات مرتفعة سلفاً مما يجعل من التمويل البديل لا سيما الصكوك الاسلامية حلاً ممكناً.
ومن أبرز النتائج التي وردت في تقرير ديلويت ما يلي: