تعتبر عملية رسم ملامح خطة عملٍ جديدة بالتفصيل أمراً حيوياً للغاية لضمان نجاح أيّ مشروعٍ تجاري مرتقب، لا سيّما عند إطلاق مفاهيمٍ مبتكرة لمطاعمٍ جديدة، فهي لا توفر خارطة طريقٍ مثالية فحسب، بل تحلّل الجوانب المحيطة بالفرص الناجمة وتستعدّ لمواجهة التحديات المحتملة مسبقاً والتصدي لها وفق رأي خبراء.
وحول ذلك أشار السيد عبد القادر سعدي، المدير العام لدى شركة ’جلي لحلول الضيافة‘ الذي اكتسب مكانةً رفيعةً في مجاله بفضل ابتكار وتطوير وتشغيل مفاهيم مطاعم ناجحة في الشرق الأوسط، إلى أن الحاجة اليوم هي لابتكار نماذج أعمالٍ موجهة ومفاهيم مطاعمٍ فريدة قادرة على النجاح والبروز في ظلّ البيئة التنافسية الراهنة.
حيث يرى سعدي بأنّ نجاح أي عمل يعتمد على الإدارة المناسبة والتخطيط السليم، مشدداً على أهمية الدور الذي تلعبه الخبرة إلى جانب المهارة والتعليم والالتزام في رسم ملامح نجاح أي مفهوم أو فكرة.
كما علّق السيد سعدي: "يكمن مفتاح نجاح جميع أنواع الأعمال بما فيها قطاع المطاعم في إدارة التوقعات؛ وذلك يتمّ عبر محاولة فهم العملاء بشكلٍ جيد من خلال تحديد الأهداف والرؤية والرسالة واحتياجات العميل أو المستثمر، ومن المهمّ تحديد نوع المفاهيم الذي تحتاجها السوق، سواءً كان يهدف العميل لامتلاك مطعمٍ واحد أو سلسلة مطاعمٍ خلال مدةٍ زمنيةٍ محددة. كما يعتبر تحديد نوع المطعم الذي يفضله العميل أمراً في غاية الأهمية، سواءً كان مطعماً للوجبات السريعة أو مطعماً ذا درجةٍ متوسطة أو فاخرة".
وحالما يتمّ فهم وتحليل كامل متطلبات العميل يبدأ تنفيذ الخطوات التالية كما أوضح السيد سعدي: "بعد استيعاب جميع احتياجات العميل بشكلٍ كامل، نبحث عن نقصٍ ما في السوق ونبدأ بإجراء أبحاثٍ مكثفة لتحديد المفهوم الجديد والمطبخ والموقع والسوق المستهدفة ولتحليل البيئة التنافسية. كما نقوم في هذه المرحلة بإعداد خطة جدوى مالية مناسبة لوضع اللمسات الأخيرة على كامل خارطة الطريق للمشروع الجديد".
بعد الانتهاء من الأبحاث والتحليل اللازمة، يتمّ تحديد ما يقارب أربعة أو خمسة مواقع استراتيجية، كما يتمّ إعداد دراسة جدوى خاصة بالموقع بناءً على الشكل النهائي له، وتأتي الخطوة التالية لتحضير خطة تصميم داخلي للمطعم توفر العديد من الأفكار والخيارات.
وعقّب السيد سعدي: "إنّ ابتكار تصاميمٍ مميزة للعملاء والخبراء الاستشاريين بالتنسيق مع مصممينا هو عمليةٌ شخصية ورائعة للغاية، حيث تؤثر الديكورات على أجواء المطعم الاستثنائية التي يأتي الضيوف لاختبارها إلى جانب أطباق الطعام، لذا من الضروري أن يكون التصميم الداخلي جذاباً يحمل حساً فنياً رفيعاً". ومن الجدير بالذكر أنّه من المهم دوماً تصميم وابتكار مطعم ذا معايير جودةٍ عالية ولا يعيق الجانب الخدمي أيضاً، وعند هذه النقطة تبدأ عملية التجهيز التي تتطلّب الكثير من التنسيق والإشراف.
وأوضح السعدي أنّ عمليات التوظيف تجري بالتزامن مع أعمال تجهيز الموقع، واصفاً منطقة الخليج بالسوق التي ما زالت في مرحلة التطور حيث يعتبر الحصول على المرشحين الأكفاء تحدياً حقيقياً، "يتطلب التوظيف عمليات فحصٍ دقيقة للمرشحين المحتملين يخضعون خلالها إلى مقابلات من 2-3 مستويات لاختيار المرشح المناسب وفقاً للشروط المطلوبة".
وبعد الانتهاء من تنفيذ جميع مراحل تجهيز المطعم، يحين الوقت للجلوس مع رئيس الطهاة لوضع اللمسات الأخيرة على قائمة الطعام وقائمة الأسعار، كما يلعب ابتكار قائمة الطعام واختبار أطباقها دوراً هاماً في تحديد طابع ومفهوم المطعم الفريد، وتساعد سلسلة من جلسات التذوق فيما بعد على إبراز فرادة المفهوم وإنجاحه.
أضاف السعدي: "يتمّ فيما بعد تصميم استراتيجيةٍ تسويقية مفصّلة للمفهوم تأخذ القنوات المتنوعة بعين الاعتبار، ولأنّ كل مفهوم يختلف عن غيره، فإنّه لا بدّ من تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات بشكلٍ مفصّل لفهم جميع العوامل الداخلية والخارجية، كما لا بدّ من فهم الجمهور المستهدف وسلوكه الشرائي قبل تصميم أي استراتيجية تسويقية بناءً على القنوات التسويقية المختلفة المحددة".
وختم السعدي حديثه بالقول: "يرغب المالكون والمستثمرون والمصرفيون بامتلاك خطةٍ استباقية تعزّز من نمو عملهم، ولا يمكن الاعتماد على الشعبية السريعة والكلام المنقول في التسويق لتحقيق هذا الهدف. في حين يشبه امتلاك مفهومٍ راسخ وناجح القوة القادرة على تحويل الحلم إلى واقع ملموس، لكن لا بدّ من موازنة الأحلام مع الواقع عندما يتعلق الأمر بوضع خطة عملٍ سليمة، بالإضافة إلى إجراء أبحاث سوقٍ معمقة تثبت تماشي الافتراضات النظرية مع احتياجات السوق، فالمستهلكون لا يشترون ما تبيعه، بل يشترون ما يجدون فيه قيمةً لهم".