حذر أطباء من مشكلة بطانة الرحم المهاجرة التي تصيب 10% من النساء وتتسبب بآلام شديدة ومضاعفات تشمل التأخر في الحمل والعقم في حال تأخر التشخيص وعدم العلاج في الوقت المناسب، وضرورة التدخل الجراحي للحد من المضاعفات.
وأكد الأطباء أن التكلفة الاقتصادية لمرض بطانة الرحم المهاجرة تصل إلى ثلاث أضعاف مقارنة مع سرطان الثدي لجهة تغيب المرأة عن العمل وتكلفة العلاج والتأثير على تفاصيل الحياة اليومية للمرأة المصابة.
وطالب الأطباء بمناسبة شهر التوعية بمرض بطانة الرحم المهاجرة الذي يصادف خلال مارس / آذار من كل عام بضرورة رفع درجة الوعي بين أفراد المجتمع وبين الكادر الطبي لتشخيص الحالات مبكراً وإعطاء العلاج في الوقت المناسب للحد من الآلام الشديدة وتجنب المضاعفات باعتبار أن هذا المرض مزمن ولا يوجد له شفاء تام.
وقال الدكتور إسلام صدقي استشاري أمراض النساء والولادة وجراحات المناظير في مستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال في أبوظبي نائب رئيس جمعية الإمارات لانتباذ بطانة الرحم أن هناك تزايد ملحوظ في الحالات التي تعاني من آلام شديدة نتيجة أعراض بطانة الرحم المهاجرة في الفئة العمرية بين 12 عاماً و 20 عاماً، وهذه الآلام الشديدة تؤثر سلباً على تفاصيل الحياة اليومية للمريضة لجهة التغيب عن الدراسة وعن العمل ومراجعة المستشفى للحصول على المسكنات لشدة الآلام .
وأضاف أن أفراد المجتمع وحتى الكادر الطبي ما زال بحاجة إلى التوعية وبشكل كبير حول هذه المشكلة الصحية التي تصيب ما بين 7 إلى 10% من النساء بين الفئة العمرية من 13 عاماً إلى 45 عاماً وفق الدراسات العالمية، كما أظهرت الدراسات العالمية أن 50% من النساء اللائي يعانين من مشاكل في الإخصاب وعدم حدوث الحمل يعانين من مشكلة بطانة الرحم المهاجرة.
وأوضح أن التشخيص المبكر لحالات بطانة الرحم المهاجرة يساعد كثيراً في السيطرة على الحالة بإعطاء العلاج في الوقت المناسب وبالتالي تجنب حدوث المضاعفات والحد من معاناة المريضة ما يتطلب التركيز على حث الكوادر الطبية المعنية للاهتمام بتشخيص هذه الحالات في وقت مبكر.
وأكد أن نسبة كبيرة من الحالات يتم تشخيصها في وقت متأخر ما يصعب معها الاستجابة بشكل جيد للعلاج وحدوث مضاعفات نتيجة تأخر العلاج والتي قد تكون خطيرة في حال حدوث التصاقات بمنطقة الحوض وظهور أكياس في مختلف أعضاء الجسم الداخلية الأمر الذي قد يتطلب التدخل الجراحي للحالات المتأخرة.
و قال الدكتور إسلام صدقي أن مستشفى دانة الإمارات الذي تملكه وتشرف على تشغيله المجموعة الشرقية للخدمات الطبية نظمت العديد من الفعاليات بالتعاون مع جمعية الإمارات لانتباذ بطانة الرحم خلال هذه الفترة بمناسبة شهر التوعية بهذا المرض على المستوى العالمي، شملت محاضرات بعدة لغات موجهة للمترددات والمراجعات للمستشفى إلى جانب الكادر الطبي للتعريف بالمرض وأهمية الكشف المبكر لتشخيص الحالات في الوقت المناسب حيث يكون العلاج سهل ومتيسر وتجنباً لحدوث المضاعفات.
وأوضح أن بطانة الرحم المهاجرة هو مرض مزمن يصيب بعض النساء لأسباب غير معروفة خلال فترة الدورة الشهرية ويكون مصحوب بآلام شديدة، وما يحدث هو أن خلايا بطانة الرحم بدلاً من خروجها خارج الجسم تتجه إلى داخل تجويف البطن بالذات منطقة المبايض وقنوات فالوب ومن الممكن أن تصل إلى المثانة والأمعاء ويصاحبها آلام شديدة تزداد شهراً بعد شهر، وفي حال عدم التشخيص تستمر سنوات إلى أن يصبح المرض مصتعصي ويؤدي إلى حدوث مضاعفات.
و قال أن التشخيص يعتمد على معرفة تاريخ المشكلة والأعراض وهل هي مرتبطة مع حدوث الدورة، ثم إجراء تحليل دم وفحوصات بالموجات فوق الصوتية وقد يتطلب الأمر إجراء أشعة مقطعية وقد ينتهي الأمر إلى إجراء منظار جراحي وعلاجي في الوقت ذاته للتأكد من وجود الإصابة.
وأضاف أن خلايا بطانة الرحم تتسبب في المنطقة التي تصل إليها في ظهور أكياس وندب تكون مصحوبة بآلام شديدة مشيراً إلى أن العارض الأساسي لهذا المرض هو آلالم شديدة ما يصعب معه تشخيص الحالة في المراحل الأولى باعتبار أن الألم يكون مصحوب لغالبية الأمراض.
وأوضح أنه تم يوم الخميس الماضي تنظيم محاضرة باللغة العربية بمستشفى دانة الإمارات في أبوظبي للمترددات على المستشفى للتعريف بالمرض وأعراضه وأهمية التشخيص المبكر والعلاج في الوقت المناسب تجنباً لحدوث المضاعفات وقد لاقت حضور لافت كما تحدث الأطباء عن هذا المرض أيضاً في منتصف مارس في معرض المرأة الذي حضره أكثر من 500 سيدة في أبوظبي، وسيتم تنظيم محاضرة ثانية بالمستشفى باللغة الإنجليزية يوم الخميس المقبل لغير الناطقات باللغة العربية.
ومن جانبه أكد الدكتور أمين حسن عبد المجيد استشاري أمراض النساء والولادة وجراحات المناظير في مستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال أن مرض بطانة الرحم المهاجرة مرض معقد وعنيد ومزمن وللأسف محاط بكم هائل من عدم الوعي بتفاصيله من قبل أفراد المجتمع على المستوى العالمي، ومحاط أيضا بكثير من الأوهام وعدم المعرفة عند نسبة من الكادر الطبي.
و قال من تحديات المرض أن بعض الحالات لا تستجيب للعلاج حيث تكون هذه الحالات مستعصية لتأخر التشخيص الذي قد يستمر من 7 إلى 10 سنوات مع المريضة دون تشخيصه موضحاً أنه في حال تشخيص الحالات مبكراً تكون نسبة السيطرة على المرض أفضل وأقل صعوبة وأقل مخاطر.
وأضاف في حال تأخر التشخيص لأكثر من 10 سنوات تتفاقم المشكلة وتحدث مضاعفات تتطلب التدخل الجراحي لاستصال الأجزاء المصابة من تجويف البطن موضحاً أن هذا المرض مرتبط بالخصوبة، بمعنى أن نسبة كبيرة من الحالات يتم تشخيصها بعد أن تراجع السيدة الطبيب لتأخر الإنجاب، ومع إجراء الفحوصات والتحاليل يتبين أنها تعاني من بطانة الرحم المهاجرة، وإذا تأخر التشخيص لسنوات قد يصعب معه حدوث الإنجاب حتى باستخدام وسائل الإخصاب المساعد.
وأكد الدكتور أمين حسن عبد المجيد أن الحل الأمثل هو الاجتهاد في رفع درجة الوعي بين أفراد المجتمع وبين الأمهات لمتابعة طالبات المدارس وملاحظة أي أعراض تشير إلى وجود الإصابة لمراجعة الطبيب المختص في الوقت المناسب الأمر الذي يسهم في الحد من المعاناة ومنع حدوث المضاعفات.
وأوضح ان الدراسات أظهرت أن المتوسط ما بين ظهور الأعراض وتشخيص المرض من 7 إلى 10 سنوات، ما يتطلب رفع درجة الوعي بين الكادر الطبي للاهتمام الكاف بهذه الحالات من خلال الاجتهاد في تشخيصها مبكراً والتركيز على مسار العلاج المتخصص والعلاج الأمثل باعتبار أن التدخل الجراحي للتعامل مع هذه الحالات يعتبر من أصعب الجراحات في معالجة أمراض النساء.
وأشار الدكتور غسان لطفي رئيس جمعية الإمارات لانتباذ بطانة الرحم إلى أن الدراسات أظهرت أن واحدة من كل عشر نساء يعانين من مرض بطانة الرحم المهاجرة على المستوى العالمي وفي المجتمعات العربية، وإلى الآن لا توجد وسيلة مباشرة و واضحة للكشف المبكر عن المرض، وأن تأخر التشخيص يزيد من معاناة المريضة إلى جانب حدوث مضاعفات أهمها الإصابة بالعقم، مع الأخذ في الاعتبار أن المرض مزمن ولا يوجد له شفاء تام، والمرض يظل مستمر مع استمرار حدوث الدورة الشهرية إلا أن التشخيص المبكر يساعد في السيطرة على المرض ومنع حدوث مضاعفات والحد من الآلام المصاحبة.
وأوضح أنه سبق إجراء دراسة أولية على 277 طالبة من طالبات المرحلة الثانوية في مدارس في أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان أظهرت أن 30 الى 33% من الطالبات يغبن عن المدارس بسبب الآلام الشديدة للدورة ما يزيد من احتمالية الاصابة ببطانة الرحم المهاجرة.
و قال أنه بشكل عام وجد أن الآلام الشديدة المصاحبة للدورة وتناول المسكنات خلال الدورة والغياب عن المدرسة خلال فترة الدورة من المؤشرات القوية على المعاناة من بطانة الرحم المهاجرة، وإذا تأخر التشخيص والعلاج فإن خصوبة المرأة تتأثر سلباً.
وأكد الدكتورغسان لطفي أن الدراسات العالمية أظهرت أيضا أن التكلفة الاقتصادية للتعامل مع حالات بطانة الرحم المهاجرة ومعالجة مضاعفاتها ترتفع إلى ثلاثة أضعاف مقارنة مع تكلفة معالجة سرطان الثدي ومضاعفاته وذلك لجهة تغيب المرأة عن العمل والتأثير السلبي على تفاصيل حياتها اليومية الأمر الذي يؤكد على أهمية التركيز على برامج التوعية الموجهة لأفراد المجتمع والكادر الطبي للاهتمام المبكر بمثل هذه الحالات وعلاجها في الوقت المناسب.
و قال أن هناك دلائل كثيرة من واقع دراسات بحثية عالمية أشارت إلى وجود علاقة بين أورام المبيض وبطانة الرحم المهاجرة بنسبة 1,5 إلى 2 % بالذات في حال تأخر العلاج، مشيراً إلى أن العلاج المبكر يتيح للمرأة المصابة بحياة شبه طبيعية إلى جانب رفع نسبة الخصوبة، كما وجد أن 50 الى 60% من اللائي يعانين من آلام مزمنة في الحوض يعانين من بطانة الرحم المهاجرة.
وأضاف أنه يتطلب من الأطباء عدم التساهل مع مثل هذه الحالات وتوعية الأطباء في مراكز طب الأسرة ومختلف العيادات على الأخذ في الاعتبار مرض بطانة الرحم المهاجرة عند وجود آلام شديدة مصاحبة مع الدورة وآلام مزمنة بمنطقة الحوض وتأخر الحمل، كما يجب في الوقت ذاته مراعاة علاج مثل هذه الحالات من قبل الأطباء الأخصائيين الذي يمتلكون خبرات جيدة وصولاً إلى نتائج أفضل.