نظمت جمعية الناشرين الإماراتيين، أمس (السبت 4 أغسطس)، خلال مشاركتها في معرض ساوباولو الدولي للكتاب الـ25، الذي تحل إمارة الشارقة ضيف شرف عليه، ندوة بعنوان "نجاح سوق النشر الإماراتي حول العالم"، استعرضت أبرز العوامل التي ساعدت صناعة النشر المحلية على تصدر المشهد العربي وتعزيز مكانتها الدولية في هذا المجال.
وشارك في الجلسة، التي أقيمت ضمن الفعاليات الثقافية التي ينظمها جناح الإمارة في المعرض، كل من راشد الكوس، المدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين، والدكتورة اليازية خليفة، مؤسِّسة دار الفلك للنشر، ومحمد بن دخين المطروشي، مؤسس دار التخيل للنشر والتوزيع، عضو مجلس الإدارة، وأمين صندوق الجمعية.
واستهلت الجلسة بالإشادة بانفتاح الإمارات أمام مختلف التجارب الرائدة في صناعة النشر، ومنها التجربة البرازيلية، وأهمية هذا الانفتاح في استحداث خطط عمل، وبرامج، ومعايير جديدة تسهم في الارتقاء بالنشر الإماراتي، وتكريس حضوره على المستوى العالمي، وتعزيز التبادل الثقافي مع مختلف دول العالم.
وأكد المشاركون أن تميز سوق النشر الإماراتي عالمياً يُعزى إلى العديد من العوامل، أبرزها: نجاح القائمين على الصناعة في الالتزام بأخلاقيات النشر الدولية، وتفعيل قوانين حقوق الملكية الفكرية، وحق المؤلف، بالإضافة إلى انضمام الجمعية إلى عدد من المؤسسات والمنظمات الدولية المتعلقة بأخلاقيات النشر، وأهمها اتحاد الناشرين العرب واتحاد الناشرين الدوليين.
وأضافوا أن سوق النشر المحلي توسع بشكل ملحوظ خلال السنوات العشر الأخيرة، ليزيد حجمه على 233 مليون دولار (857 مليون درهم)، استجابةً لحاجة القراء، وتزايد أعداد الكتّاب، وتنامي الحراك الثقافي بصورة عامة داخل الدولة.
وأوضحوا أن السوق المحلي استفاد مباشرة من فتح أفق التعاون مع مختلف حراك النشر العالمي، من خلال سلسلة مبادرات لتبادل الخبرات والتجارب، ودعم الناشرين المحليين والفاعلين في مجال النشر على المشاركة في الفعاليات الثقافية الدولية، وإثراء سوق صناع النشر العالمي، وتعزيز تجاربهم في مجال إدارة مؤسسات صناعة الكتاب، وتعريفهم بالأساليب الحديثة في التسويق، والنشر، والتسويق، وغيرها من مهارات تطوير استثماراتهم.
ولفتت الجلسة إلى التزام الإمارات بعدد من المعايير الناظمة لقطاع النشر المحلي، تشترك فيها مع عدد من دول العالم، ومنها البرازيل، إذ تعتمد مجمل أخلاقيات حقوق الملكية الفكرية، وتقدم تسهيلات وخدمات واضحة على مستوى الإجراءات الجمركية، وحركة التصدير والشحن، وتتلافى معوقات الرقابة الداخلية، لتشكل نموذجاً لافتاً أمام مختلف بلدان المنطقة العربية والشرق الأوسط.
وتطرق المشاركون إلى دور جمعية الناشرين الإماراتيين، التي لعبت دوراً محورياً في دعم نجاح صناعة النشر المحلية، منوهين بسلسلة المبادرات التي أطلقتها، والمتعلقة بالقوانين الناظمة لسوق النشر المحلي، لاسيما مع المؤسسات الرسمية، واستحداث الجمعية مركز الخدمات المتكاملة في مقرها، لتسهيل إجراءات الناشرين في مكان واحد ومكتباً قانونياً بالتعاون مع أحد المكاتب القانونية، لتعريف المؤلفين بحقوقهم وحقوق دار النشر، وإيجاد حلول للتحديات التي تواجه الناشرين.
وحولدور جمعية الناشرين الإماراتيين في دعم قوانين وأخلاقيات النشر في الدولة، قال راشد الكوس: "يكمن دور الجمعية في تنظيم مهنة النشر بالتعاون مع جهات مختلفة، مثل المجلس الوطني للإعلام ووزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وتطوير واقع النشر الإماراتي من خلال التوعية بالمعايير والضوابط في أوساط صناعة النشر بشكل أكثر عمقاً".
وتابع الكوس: "هناك التزام من دور النشر في الإمارات بالقوانين واللوائح الناظمة لمعايير العمل فيما يتعلق بواقع النشر، نظراً إلى أن الجمعية أتاحت لجميع العاملين في مجالات النشر لوائح وقوانين محددة ومتوازنة تراعي في أسسها كل الحقوق والاشتراطات القانونية للطرفين، سواء كانت حقوق التأليف وضمانها، أو حقوق النشر وأتعابها، وهذا أمر تحرص الجمعية على تعزيزه دوماً وتفعيله وتحديثه كلما اقتضت الحاجة".
وحول خصوصية التجربة الإماراتية ودورها في تعزيز التبادل الثقافي بين مختلف الشعوب، لاسيما البرازيل وأمريكا اللاتينية، أكد الكوس أن "تتسم التجربة الثقافية الإماراتية بانفتاحها الكامل على مختلف الثقافات الأخرى، وهو ما أسهم في بناء مخزون معرفي إنساني كبير عزز من عمقها وريادتها، وتعد التجربة البرازيلية واحدة من أكثر التجارب تنوعاً، لذا حرصنا على الاستفادة مما تقدمه من إرث ثقافي قيم، وها نحن هنا اليوم توطيداً لهذه العلاقات، وتعزيزاً للفوائد المتبادلة التي ستثري بلاشك المحتوى الفكري والمعرفي في الثقافتين".
من جهتها، قالت الدكتورة اليازية خليفة: "تلعب جمعية الناشرين الإماراتيين دوراً حيوياً في دعم الناشرين والمؤلفين المحليين والارتقاء بصناعة النشر المحلية ككل، من خلال تسهيل مشاركتهم في الأحداث والفعاليات الثقافية الكبرى، وإتاحة الفرصة لهم للتعرف إلى أفضل الممارسات العالمية في مجال النشر والتأليف".
وأضافت: "يشكل معرض ساو باولو الدولي للكتاب نافذة مشرعة على الأدب البرازيلي، واللاتيني عموماً، كما أنه ملتقى عالمي كبير للأدباء والمألفين والمثفقين والناشرين، ما يتيح عقد شراكات واسعة وبناءة تعود على صناعة النشر الإماراتية بفوائد لا حصر لها".
وأكدت اليازية:"يعتبر وجودنا في ساو باولو فرصة قيمة للناشرين الذين يسعون لإنتاج كتب تستهدف الأطفال واليافعين على وجه الخصوص، فالتجربة البرازيلية في هذا الجانب غنية وشاملة، ويمكن الاستفادة منها بشكل كبير في الارتقاء بالتجربة المحلية بهذا المجال".
بدوره قال محمد بن دخين المطروشي: "تلعب المعايير والضوابط دوراً مهماً في ضبط المحتوى الفكري للكتب، لاسيما الموجهة لصغار السن، وأعتقد أن تطبيقها باتزان - كما يحدث في دولة الإمارات - يحصّن المشهد الثقافي المحلي، ويعود الفضل إلى جمعية الناشرين الإماراتيين التي تبنت موقفاً ثابتاً في هذا الجانب".".
وأضاف: "أثبتت الجمعية على مدار الأعوام الماضية قدرتها على إحداث تغيير إيجابي ملموس في واقع قطاع النشر المحلي، لاسيما على صعيد تمكين الناشرين المحليين من معاينة مستقبل الصناعة بشكل ناجح، وتأتي مشاركتنا اليوم في معرض ساو باولو كدليل آخر على نجاحنا في تفعيل استراتيجية الجمعية القائمة على النهوض بدور الناشر المحلي وتعزيز قدراته على المنافسة عالمياً".
يذكر أن جمعية الناشرين الإماراتيين تأسست عام 2009، بهدف خدمة وتطوير قطاع النشر في دولة الإمارات العربية المتحدة، والارتقاء به، والنهوض بدور الناشر من خلال برامج التأهيل والتدريب التي ترفع كفاءته، وتعمل الجمعية على رعاية العاملين في قطاع النشر بدولة الإمارات، وتحسين شروط المهنة والقوانين الخاصة بها بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية بالنشر داخل الدولة وخارجها.