في عالم المُصمّمين المختصين بإضاءة السيارات تُؤخذ القرارات بحكمة وإدراك تام بأنّ التفاصيل التصميمية يُمكن لها أن تُؤثّر في نفسية الانسان؛ كما يمكن أن يحدث عادة في مثل هذا الموقف المألوف تماماً: بعد انتهاء يوم عمل طويل، وقبل أن تنعم برفاهية الاسترخاء في منزلك، ما تزال أمامك طرقات طويلة تغصّ بالسيارات. والراكبون بصحبتك؛ عالقون أيضاً في هذا الزحام، وصبرهم يكاد ينفذ! ويبدأ تعكّر الأمزجة، وتبدو الأذهان والأفكار مشوّشة. ومع دقّات الساعة، تتسرّب العتمة إلى صفحة السماء. وبمجرد وصول السيارة إلى المرآب تظهر على السائق ملامح الضيق والانفعال، ويبدأ التذمر من هذه المعاناة اليومية على طريق العودة إلى البيت.
ويشرح مصمّمو ومهندسو الإضاءة في شركة فورد سبب تلك الحالة النفسية بأن الذهنية المضطربة تعتبر جزءاً من تأثيرات أنظمة الإضاءة السيئة في السيارة على نفسية الإنسان. ويعمل هؤلاء الخبراء في الإضاءة على جعل حياة السائقين والركاب أكثر إشراقاً.
وقال أرون كومار، خبير البصريات ومهندس التصميم في فورد: "نحن نُدرك تأثير التدرّجات اللونية وتجانسها في أمزجة الناس. كما نُدرك بأن العين تعمل عبر التركيز على التغيّرات في التباين اللوني، وعلى الاختلافات في درجة الإضاءة. وتلك عملية تلقائية تحدث في الدماغ، ويُمكن لها أن تُسبّب اضطراباً في المزاج، حين تكون شروط الإضاءة غير مناسبة".
ويأتي أحدث الحلول المبتكرة مع إضاءة LED التي تُسمّيها شركة فورد بالإضاءة الماسية الكريستالية Crystal Diamond Light. وقد رفعت هذه الإضاءة الجديدة من الفعّالية بنسبة 62%، وخفضت من التكلفة، وقلّلت من التجهيزات الملحقة، وتلك ناحية جمالية يسعى إليها المصمّمون. كما تُوفّر الأسطح المقطّعة للأضواء الخارجية - على شكل تقطيعات الماس - توزيعاً متساوياً وممتداً للإضاءة.
وبدأ اعتماد تقنية الإضاءة الماسية الكريستالية Crystal Diamond Light لأوّل مرّة في شاحنة فورد F-150، لتشمل فيما بعد طرازات أخرى مثل فورد فيوجن الجديدة التي ستكون السيارة التالية في اعتماد هذه الإضاءة.
وأضاف كومار: "لا تنحصر فائدة هذه الإضاءة في تأثيرها على استقرار الحالة النفسية فحسب، بل تمتد لتشمل تحقيق توفير يؤثر على البيئة العالمية. ومع نشرنا لهذه الإضاءة المبتكرة على نطاق شعبي واسع، يمكن معها توفير ملايين جالونات الوقود على مستوى العالم".
وعند تصميم الإضاءة الداخلية، تُؤخذ بعين الاعتبار أيضاً فيزيولوجيا الجسم البشري كعامل أساسي يؤثر على طبيعة التصميم. ففي الوقت الذي كان العالم يتحضر لمواجهة مشكلة الألفية الثانية Y2K والكارثة المصاحبة التي أشارت إليها التوقّعات، كانت فورد تعمل على تحديث إضاءة لوحة القيادة في سياراتها.
واشتملت المهمة على انتقاء لون يريح العين، ويُوفّر جودةً أعلى في الإضاءة، وتبايناً لونياً أفضل عند ظهور الشفق والرؤية الليلية. ولأن الرجال والنساء يرون بعض الألوان بشكل مختلف، فإن الدرجة اللونية يجب أن تكون مقبولة على نطاق عالمي، ومناسبة للمخاريط اللونية في أعين الجنسين على حدّ سواء.
وتقول شانون أوداي مهندس تنسيق التصميمات الإنسانية الداخلية في شركة فورد: "كانت لدينا أيضاً مشكلة أخرى واضحة، وهي مناسبة التصميم للأشخاص المصابين بقصور في الرؤية. فلا يمكنك أن تستخدم مثلاً: اللون الأحمر المشبع، أو الأخضر في إضاءة اللوحة، فهما لونان يعاني من المشاكل في رؤيتهما 8% من الناس على مستوى العالم، وأغلب أولئك من الذكور. وعادة ما يتم تخصيص اللونين الأحمر والأخضر لأزرار الطوارئ مثل إضاءة الخطر".
وتشرح أوداي أن المصممين والمهندسين قد اختاروا إضاءة لوحة قيادة سيارة فورد باللون الأزرق الجليدي Ice Blue TM، وهو لون يمكن رؤيته بسهولة وتراه العين البشرية أكثر إشراقاً، وهو لون يستطيع أن يخترق فوضى الألوان. وبالإضافة لذلك، ستتاح للزبون ميزة تسمح بتغيير ألوان الإضاءة المحيطة من خلال أزرار تحكم داخل السيارة. ومع ذلك، تبقى نفسية الإنسان هي أكثر ما يشغل بال المصمّمين.
وعن ذلك تقول أوداي: " الألوان واحدة من بين عوامل عديدة تجعل من الإضاءة وظيفة عملية، ومبعثاً للسرور، ففي النهاية، الأمر كلّه يتعلّق بما تراه بالعين، وتأثير تلك الرؤية على نفسية السائق."