محمية دبي الصحراوية DDCR جوهرة كامنة في بحر من الرمال، ومعظمنا لا يعرف عنها شيئاً. وتسلّط هذه المنطقة الخفية الضوء على الوجه الآخر لإمارة دبي المتألّقة بإنجازاتها وحيويتها، وهو قدرتها على العناية بالحياة الفطرية الطبيعية فيها، والاهتمام بالكائنات التي تعيش في صحرائها.
وموقع منتجع المها الصحراوي الذي بدأ كمنتجع ونادٍ صحّي في العام 1999 مع محمية طبيعية بلغت مساحتها 27 كم2 تضمّ 70 من المها العربي، توسعت الآن لتشغل مساحتها نسبة 4.7% من مساحة دبي الإجمالية، أو ما يعادل 225 كم2.
ولإنشاء المحمية، نُقلَت جميع حيوانات المها من المنطقة إلى الولايات المتحدة الأمريكية للاختبار، ثم أعيدت الأفراد ذات المواصفات الجينية الأقوى إلى الإمارات العربية المتحدة. والآن، يمكننا التحقق من نجاح هذا البرنامج برؤيتنا للأعداد الصحّية من المها التي زادت لتصل إلى 500 ضمن بيئتها الطبيعية.
وفي كلّ عام، تستقبل محمية دبي الصحراوية زائريها المحافظين على البيئة والمتطوّعين من بيوسفير إكسبيديشنز، المنظمة البيئية العلمية المحلية غير الربحية، والحائزة على الجوائز، والتي ساعدت محمية دبي الصحراوية في الرصد والمتابعة، ورسم الخرائط، وتجميع البيانات الإضافية عن الحياة البرية في المحمية. وأولئك الذين انضمّوا إلى بعثة دبي كلّ عام قادمين من مختلف أنحاء العالم، يعملون أيضاً على ذلك بهدف مشترك: التبادل الثقافي والمحافظة على البيئة.
ولا ترتبط رحلات المحافظة على البيئة بمجرّد الرغبة بالهروب إلى الطبيعة؛ بل تتجاوز ذلك إلى إتاحة الفرصة بإعادة التواصل معها. ويكون ذلك عبر قضاء أسبوع من التخييم الذي تختفي فيه رفاهية الحمامات الباردة، ويفلت المرء بنفسه من سيل ثقافة الإنترنت المتدفق باستمرار، ومن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، ويبدو الخلاص من الزحام المروري في ساعة الذورة مكافأة بحدّ ذاته. ولكن، تركيز أولئك الذين انضمّوا إلى بيوسفير إكسبيديشنز واهتمامهم عادة ما يكونان منصبّين على أشياء قليلة محددة؛ وهي الفصائل في المحمية الصحراوية (المها العربي)، والبيئة (الصحراء) والخبرات التعليمية، وقضاء وقت كافٍ مع عالم متخصّص يحافظ على شغف المتطوعين المهتمين بالبيئة.
ولا يعتمد نجاح البرنامج، أو نجاح جهود المحمية على الحجم أو المساحة التي تحتلها في دبي، كما أنه لا يعتمد فقط على قائد الفريق المتحمس - مثل ضابط المحمية ستيفن بيل- وإنما يعتمد على الأدوات الصحيحة المستخدمة لجمع المعلومات، والتحليل والتنقّل والملاحة. ويمكن القول بأن ذلك لا يقلّ أهمية عن التمويل والدعم اللوجستي المطلوب على مدار العام.
ومن هؤلاء المتبرّعين شركة فورد موتور كومباني، حيث دعمت مبادرة منح فورد جهود بيوسفير إكسبيديشنز للمحافظة على البيئة على مدى يتجاوز 5 سنوات، وأصبح برنامج منح فورد للمحافظة على البيئة حدثاً سنوياً في الشرق الأوسط. ومنذ إنشائه في عام 2000 وحتى تاريخه، دعم قسم منح فورد لدول الشرق الاوسط والخليج العربي حوالي 200 مشروع بمنح تزيد قيمتها عن 1.5 مليون دولار أمريكي.
ودعمت منح فورد المشاريع الجارية غير الربحية التي تركز على الهندسة البيئية، وحماية البيئة الطبيعة، والتثقيف البيئي. وهذا هو السبب الذي استحقّت من خلاله بيوسفير إكبيديشنز الدعم المتواصل من صانعة السيارات. واتّجه التمويل الذي تبرعت به فورد لبيوسفير إكسبيديشنز نحو نقاط محلية في الشرق الأوسط، كجزء من حملة بيوسفير إكسبيديشنز لتثقيف المجتمع المحلي عن الطبيعة، وبشكل أهمّ، حماية الطبيعة، وتدريب الأجيال المحلية القادمة من الأفراد المحافظين على البيئة.
واستكمالاً للتمويل السنوي الذي يقدمه برنامج منح فورد، استلمت بيوسفير إكسبيديشنز لهذا العام أيضاً شاحنتي فورد F-150 خلال فترة عملها في محمية دبي الصحراوية، هذه السيارة التي تدعوها قائدة الفريق مليكة فتاك "أداة البحث الحيوية". وقد أتاحت إعارة هاتين المركبتين خلال فترة البرنامج مجالاً لتوفير تمويل مهم يمكن توظيفه في نشاط آخر من نشاطات المحافظة على الطبيعة.
وكان ضابط المحمية بيل سريعاً في تلميحه إلى ذلك بقوله: "من الرائع أن تكون لدينا شاحنتا فورد F-150، حيث تمكّنا من وضع الفريق بأكمله داخلهما فهما مريحتان وواسعتان. ومن الرائع أيضاً أن يكون لدينا رصيف التحميل الخلفي؛ حيث أن جميع المعدات، مثل الكاميرات المخفية، يمكن نقلها مع بقاء مساحة أكثر من كافية لنقل المتطوعين.
وفي المحمية نفسها، هناك احتمالات أيضاً لوجود تغييرات مثيرة تجري على قدم وساق. ويشير بيل إلى أن المحمية قد بلغت مرحلة أصبح معها وجود حيوان مفترس مسيطر أمراً حيوياً للتحكّم الطبيعي بالنموّ المتزايد لأعداد المها، وتغيير الديناميكية الحيوية الشاملة في محمية دبي الصحراوية؛ حيث تنعم جماعات المها بنمط حياة مرفّه متميز، لكنّ هناك خطورة في فقدانها لجميع غرائزها الحيوانية البرّية، وهي النتيجة التي ستكون معاكسة تماماً للهدف الجوهري من إنشاء المحمية.
وتجري الآن خطط لإدخال الذئب العربي إلى المحمية، والذي لن يسهم فقط في تغيير ديناميكيات المنطقة الحيوية؛ بل سيساعد أيضاً في الإبقاء على التوازن الطبيعي. وحسب بيل، تعتمد الفكرة على إدخال 5 ذئاب في محمية دبي الصحراوية، ومراقبة تصرفاتها عن كثب لضمان أنها لا تقتل لمجرد التسلية، ثم الانتقال إلى مستويات إضافية من البحوث التي يقوم بها فريق المحمية.
ولا يمكن التقليل من أهمية إدخال حيوان مفترس طبيعي إلى المحمية؛ فهو سيسهم أولاً في إبقاء أعداد المها وغيرها من الغزلان محدودة، والذي سيؤثر بدوره على أنواع الظباء كي تتصرف على طريقتها الفطرية كحيوانات برية، بدلاً من تجمّعها في نقاط التزويد بالطعام بدون أيّ خوف من الحيوانات المفترسة. كما يشير بيل إلى إمكانية تخفيض وتيرة التغذية في المحمية قبل التوقف عنها بشكل نهائي، حين تتولى المحمية نفسها مهمة المحافظة على استمراريتها بفضل تنوعها الطبيعي.
وسيكون لإدخال الذئاب إلى المحمية تأثير فعّال آخر وهو الحدّ من أعداد الثعالب الحمراء، بما سيسهم في زيادة أعداد القوارض، ويفترض أيضاً تزايد أعداد قطط جوردون البرية، والثعلب الصحراوي. وتبدو أعداد النسور والعقبان جيدة أيضاً في المحمية، وهو ما سيضمن بالتأكيد ازدهار محمية دبي الصحراوية وتحوّلها إلى نظام بيئي متكامل.
ونظراً لوجود هذه المحمية على مشارف دبي، وعلى مرمى حجر من الحاضرة المتلألئة الصاعدة في وسط مدينة دبي، فإنها تستحقّ اهتماماً أكبر؛ فهي ضرورية للتكامل بين ما أبدعته يد الإنسان وبين البيئة المحيطة. وبالطبع، لا يفترض بأن يكون تحفيز الاهتمام برحلات الحفاظ على البيئة مطلباً صعباً، باعتبارنا أمناء على هذا العالم الذي نقطنه، وأن أبناءنا هم الذين سيرثون هذه الأرض من بعدنا.
إن دعم فورد المستمرّ للبرامج والحملات الفاعلة في المحافظة على الطبيعة وصداقة البيئة، سواء من خلال المنح المستحقّة، أم عبر التبرع بالسيارات، يُسلّط الضوء على قضية تتجاوز مجرّد تحقيق الربح، فهي مسألة متأصّلة في صميم القيم الأساسية للشركة.
وقد آن أوان الانطلاق واختبار البيئة الرائعة التي شكّلتها الطبيعة من حولنا. وستكون مشاريع بيوسفير إكسبيديشنز التالية في المنطقة هي مشروع غوص في مسندم من 23 إلى 29 أكتوبر (www.biosphere-expeditions.org/musandam) والعودة إلى محمية دبي الصحراوية في العام القادم بين 21 و28 يناير (www.biosphere-expeditions.org/arabia). والمجال مفتوح لمشاركة المتطوّعين والمحليين ذوي الاهتمام الحقيقي، أو العاملين في مجال المحافظة على البيئة، وهم مدعوّون للتقدّم بطلب تعيينهم لمهمّة عبر الصحفة www.biosphere-expeditions.org/placements.