بقلم السيدة أميلي جرينييه بولاي، مديرة PubMatic في إيطاليا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تشهد الإعلانات الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لحظةً محورية، تفرض على المتسوقين والمشترين العمل ضمن منظومة من المنصات والقنوات، ومواكبة قوانين الخصوصية دائمة التطور، إلى جانب التعامل مع القلق المتزايد حول سلامة العلامة، والمطالبات بالتفاعل مع الجمهور بدقة أكبر. وفي ضوء ما ظهر من محدودية قدرات اساليب البرامج التقليدية، يبرز تنظيم الوسائط المبرمجة كحل استراتيجي يتماشى تماماً مع التطورات التنظيمية الإقليمية، بما في ذلك قانون حماية البيانات الشخصية في المملكة العربية السعودية وسوق التلفزيون المتصل الآخذة في التوسع بسرعة في المنطقة. [1].
أسباب تنامي أهمية التنظيم في تطور البرماج لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
يُعيد التنظيم المبرمج تقديم الأساليب التي يعتمدها المُعلنون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإدارة مخزونهم الرقمي، مما يوفر تحكماً أكبر في أماكن عرض الإعلانات المتميزة، مع إمكانية دمج بيانات الجمهور بسلاسة لزيادة كفاءة الاستهداف. وتمنح العلامات التجارية في المنطقة الأولوية للجودة وسلامة العلامة؛ وبناءً عليه، يُوفر التنظيم البرمجي الشفافية والحماية من الاحتيال، بصفتهما عاملين أساسيين لبناء ثقة المستهلك، الأمر الذي يعزز الاستراتيجيات البرمجية القائمة عبر زيادة مستويات الدقة والملاءمة.
ويهيئ التنظيم المبرمج أساساً أقوى لنجاح الإعلانات الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا سيما عند دمجه مع تحسين مسار العرض واستهداف المحتوى، مع التركيز على المحتوى باللغة العربية والحساسية الثقافية بشكل خاص.
وفي ضوء ذلك، يُمثل التنظيم الطريقة الأكثر كفاءة لإدارة حملات البرماج على امتداد العديد من الدول، بما يضمن تحقيق الجودة والكفاءة على حد سواء. وعلى سبيل المثال، تتطلع الكثير من الشركات السياحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى استهداف الأسواق الأوروبية والآسيوية؛ ويمكن لهذه الشركات الاستفادة من التنظيم المبرمج لإنشاء أسواق عالية الجودة وآمنة للعلامات التجارية ومصممة خصيصاً لكل منطقة. كما تضمن الشركات ظهور إعلاناتها في أكثر البيئات تأثيراً، مع توفير الرقابة اللازمة للشفافية والأداء، وذلك من خلال اختيار جهات نشر بارزة، ومخزون إعلاني مدروس، وفئات جمهور مناسبة. وبخلاف الشراء من السوق المفتوحة، الذي يمكن أن يكون عشوائياً وخطِراً بالنسبة لعلامة تجارية تتبع قواعد صارمة، فإن التنظيم المبرمج يتيح لهذا النوع من العلامات تبسيط استراتيجيتها والوصول إلى مخزون رفيع المستوى بسهولة، فضلاً عن إطلاق الحملات في أسواق جديدة، وهو ما يُسهم بشكل سريع في زيادة مستويات الوصول إلى الشرائح المناسبة والعائد على الاستثمار.
تعزيز إمكانية الوصول في إطار ثقافة الخصوصية السائدة
تتمثل المساهمة الأبرز للتنظيم المبرمج في تأثيره الإيجابي على تعزيز إمكانية استهداف الجمهور في سوق تشهد تزايد الحرص على الخصوصية. ولا يزال العديد من الناشرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المراحل الأولى من اعتماد هذا الأسلوب، في الوقت الذي يشهد انتقال الأسواق العالمية إلى العمل وفق استراتيجيات بيانات الطرف الأول. ويُساعد التنظيم المبرمج في سد هذه الفجوة القائمة في هذا المجال، من خلال إقامة الشراكات التعاونية التي تسمح للناشرين والمُعلنين بإنشاء شرائح جمهور مخصصة، ضمن بيئات متميزة دون الاعتماد على معرّفات الجهات الخارجية.
وتعود هذه المنهجية بالنفع على كِلا الطرفين؛ إذ تزداد إيرادات الناشرين من خلال الحصول على الصفقات المضمونة والتكلفة العادلة لكل ألف ظهور للإعلان، في حين يحصل المُعلنون على فرصة الوصول إلى مخزون عالي الجودة مع إمكانية الاستهداف الدقيق. ويضمن التنظيم حفاظ الإعلانات على ارتباطها بالمحتوى المطلوب والمناسبة لشرائح الجمهور المستهدفة، لا سيما في الأسواق متعددة اللغات التي تشهد تفاعل الجمهور مع المحتوى باللغتين العربية والإنجليزية، مع تنامي حضور لغات جنوب آسيا. ويؤدي ذلك إلى تطوير نماذج ديناميكية لتحديد الأسعار بما يعكس الأهمية الحقيقية للجمهور، ما يقود إلى بناء منظومة أكثر كفاءة تتمحور حول الجودة بدلاً من الكمية.
آفاق التلفزيون المتصل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تلعب حلول التنظيم دوراً محورياً في مجال التلفزيون المتصل، الذي يتطور بشكل متسارع بوصفه المحطة المقبلة في عالم الإعلان المبرمج. وبرغم ما يوفره التلفزيون المتصل من فرص فريدة من حيث المخزون ووصولٍ أسهل إلى شرائح واسعة من الجمهور، فإنّ المشهد يزداد تعقيداً نظراً لتنوعه عبر العديد من المنصات وجهات النشر. ويُسهم التنظيم المبرمج في تعزيز مستويات الوضوح والحد من العشوائية، من خلال تحسين اختيار المخزون وضمان استهداف الجمهور بدقة.
وبفضل التفعيل المركزي للبيانات والقياس المتسق، يبسّط التنظيم المبرمج تنفيذ الحملات عبر المنصات المختلفة، مع الحفاظ على جودة المخزون وإتاحة المجال للتوسع بسلاسة عبر مختلف الأسواق، الأمر الذي يضمن فعالية الحملات في جميع مستويات التفعيل.
وعلى سبيل المثال، تستطيع علامات السيارات الفاخرة التي تتطلع إلى جذب العملاء الأثرياء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاستفادة من التنظيم المبرمج ، الذي يتيح لها الوصول إلى المخزون المتميز للتلفزيون المتصل عبر مختلف الخدمات عند الطلب على مقاطع الفيديو المحلية، مع التركيز على أنواع الدراما والأفلام الوثائقية التي تحظى بأكبر قدر من التفاعل من قبل المشاهدين الأثرياء والمثقفين. وتضمن هذه المنهجية ظهور الإعلانات في بيئات عالية الجودة ومناسبة للعلامة التجارية، ما يضمن الحصول على النتائج المطلوبة لدى الجمهور المستهدف.
تعزيز النجاح من خلال التطبيق العملي
تحقق استراتيجيات التنظيم المبرمج الناجحة التوازن بين تحسين الإيرادات وإدارة الأداء. ويقدم هذا الحل فرصة لتحويل مزيد من الإيرادات إلى برمجيات دون المساس بميزة التحكم بالأسعار، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تشهد اعتماد العديد من الناشرين المتميزين على الصفقات المباشرة حتى الآن.
ويمكن للناشرين حماية قيمة المخزون مع تحقيق العائد الأمثل، من خلال الجمع بين الأسواق المنظمة والصفقات المباشرة ذات التكلفة العالية لكل ألف ظهور للإعلان، بالإضافة إلى الأسواق الخاصة والحملات المضمونة برمجياً، والصفقات الاستراتيجية المفضلة مدعومةً بتحسين مسار العرض.
ومع ارتفاع الإقبال على مفهوم تحسين مسار العرض في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يزداد تركيز المُعلنين بشكل أكبر على كفاءة التكاليف والحد من الرسوم غير الضرورية لتكنولوجيا الإعلانات. ومن جانبها، تسهم عمليات التكامل التقني الاستراتيجي في جانب البيع والشراكات الآمنة للبيانات في تعزيز القدرات البرمجية، مما يضمن استهداف الجمهور بدقة على نطاق واسع مع المحافظة على التحكم في جودة الوسائط.
وبالنسبة للمشترين، فإنّ تتبُّع مقاييس الأداء الرئيسية ضرورية لتعزيز فعالية التنسيق، وهي تشمل إمكانية المشاهدة وسلامة العلامة التجارية والعائد على الإنفاق الإعلاني وتتبع الإحالات عبر المنصات. وتسمح هذه التحليلات بإجراء التحسينات بشكل مستمر، ما يساعد الناشرين على تحسين أساليبهم وتحقيق نتائج أفضل. ويضمن الجمع بين التطبيق الاستراتيجي والقياس الدقيق قدرة التنظيم البرمجي على توفير الأداء والحماية مع الحفاظ على قيمة المخزون المتميز.
مستقبل التنظيم المبرمج في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
مع تنامي دور الإعلان المبرمج، يوفر التنظيم البرمجي الهيكلية اللازمة للتعامل مع المشهد التنظيمي المتغير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالتوازي مع مواءمة القنوات الجديدة. وتشهد المنطقة تشديداً في قوانين خصوصية البيانات، وبوتيرة مختلفة في كل سوق. ولمعالجة هذه المشكلة، يقدم هذا الحل وسيلة ناجعة للحفاظ على دقة الاستهداف دون الإخلال بمستوى الامتثال.
ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تعزيز دور التنظيم المبرمج في وضع الاستراتيجية البرمجية، نظراً للدور المرتقب للتحسين المعزز بالذكاء الاصطناعي، والتكامل الأعمق مع بيانات الطرف الأول، والقدرات المحسّنة عبر القنوات المتعددة. بالتوازي مع نضوج هذه الابتكارات، يبقى التنظيم المبرمج ضرورياً لتحقيق التوازن بين الأداء والتحكم، وضمان قدرة المعلنين والناشرين على تحقيق نتائج مجدية ضمن منظومة رقمية متنامية.
وتحتاج جهات التسويق إلى التحرك سريعاً نحو اعتماد هذا الحل المبتكر، في ضوء تطور المشهد الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويعمل التنظيم المبرمج على المواءمة بين مصالح المعلنين والناشرين وفئات الجمهور المختلفة، من خلال منح الأولوية للجودة والملاءمة وسلامة العلامة التجارية، والتي تعد عوامل حاسمة في هذه المنطقة التي تولي أهمية كبيرة للمخزون المتميز وثقة الجمهور. وستكون الشركات التي تتبنى الإمكانات الاستراتيجية للتنظيم المبرمج في وضع أفضل لإدارة حملات متوافقة مع الخصوصية، وموجهة بشكل كبير حيث تعزز من مستويات التفاعل الهادف والنتائج القابلة للقياس في المنطقة.
لمحة حول PubMatic
توفر PubMatic، شركة التكنولوجيا المستقلة المدرجة في بورصة ناسداك تحت الرمز NASDAQ: PUBM أكبر قيمة للعملاء من خلال تقديم سلسلة توريد مبتكرة للإعلانات الرقمية. وتعمل منصة البيع الخاصة بالشركة على تمكين رواد صناعة المحتوى الرقمي في العالم على امتداد شبكة الإنترنت المفتوح من التحكم في الوصول إلى مخزونهم وزيادة عوائدهم من خلال تمكين المسوقين من زيادة عائد الاستثمار والوصول إلى الجمهور المناسب من خلال الصيغ والأجهزة الإعلانية. وتتبع الشركة منذ عام 2006 نهجاً قائماً على البنية التحتية لإتاحة فرصة المعالجة الفعالة للبيانات واستخدامها في الوقت الفعلي. كما تحرص على تحسين نتائج عملائها من خلال تقديم ابتكارات برمجية مرنة وقابلة للتطوير، فضلاً عن ريادة سلسلة توريد إعلانات رقمية حيوية وشفافة.
لمحة حول أميلي جرينييه بولاي
تتولى السيدة أميلي جرينييه بولاي، مديرة PubMatic في إيطاليا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مسؤولية تطوير الشراكات الاستراتيجية مع الوكالات وشركات الإعلان والناشرين والأسواق الجديدة بالكامل، كما تدير العديد من الوظائف ضمن الشركة لرفدها بإيراداتٍ إضافية باستمرار. وتتمتع أميلي بشخصية قيادية وعزيمة قوية، تستند فيها إلى 15 عاماً من الخبرة الدولية في مجالات الإعلام الرقمي وتكنولوجيا الإعلانات. كما تتميز بفهمها المعمق لممارسات الأعمال العالمية وتكنولوجيا البرمجة في مشهد الإعلام الرقمي الأوروبي. شغلت أميلي قبل انضمامها إلى PubMatic العديد من المناصب لدى Yahoo! وAOL في ألمانيا والمملكة المتحدة، كما تتقن أربع لغات وهي خريجة برنامج ماجستير إدارة الأعمال التنفيذي (EMBA) في كلية إنسياد الشهيرة لإدارة الأعمال.