أكدت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، أن تقدم الأمم وتحضرها لا يكتمل إلا بصحة مجتمعاتها وسلامة أبنائها من أمراض العصر السارية، لما فيها من دلائل على قوة وتطور منظومة الرعاية الصحية، واعتبرت سموها، أن التقدم الاقتصادي والعلمي يجب أن يكتمل بثقافة مجتمعية ومؤسساتية تدرك أهمية الموارد البشرية وتحافظ عليها. وأشارت سموها إلى أن الإنسانية هي أسمى مفاهيم التقدم والحضارة والرقي وليس أي شي أخر، ودعت سموها دول العالم كافةً إلى التعامل مع الإنسان بما يترجم المعنى الحقيقي للإنسانية وبدون أي تفريق.
جاءت تصريحات سموها خلال كلمة ألقتها في فعاليات الدورة السابعة من مؤتمر صحتي الذي يُعقد تحت شعار "نُحاور، نستمع، نُغيّر"، والذي تنظمه إدارة التثقيف الصحي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة ووقاية المجتمع، وبشراكة استراتيجية مع جامعة الشارقة والأكاديمية العربية الألمانية للعلماء الشباب في العلوم والإنسانيات "آغيا"، حول موضوع التغذية كعامل رئيسي في الوقاية من الأمراض المزمنة.
وقالت سمو الشيخة جواهر القاسمي: "الصحة انعكاس لنمط حياة الشعوب وترجمةٌ لثقافة ووعي المجتمع، فهوية المجتمعات تتشكل بصفات أهلها، وأنماط حياتهم، وليس بأي شيء آخر، ولقاؤنا اليوم للحديث عن ظاهرة السمنة المفرطة بين شبابنا، دليل على وجود ثغرات في منظومتنا الصحية والتوعوية الملازمة لها مما يستوجب التعامل معها بشكل سريع وفعال".
وتابعت سموها: "نحن في دولة الإمارات العربية المتحدة أنعم الله علينا بقيادة توجه باستمرار نحو تعزيز كفاءة خدمات الرعاية الصحية ورفدها بما يلزم من كفاءات وتقنيات، ولدينا البنية التحتية المؤهلة التي تتمثل في انتشار مراكز الرعاية بمختلف تخصصاتها، ولدينا أيضاً الموارد الكافية لتكون منظومة الرعاية الصحية لدينا من الأفضل على مستوى العالم، ولكن وبلا شك لا يزال أمامنا الكثير حتى تصبح منظومة الرعاية الصحية كما ينبغي لها أن تكون".
وتحدثت سموها عن مشاهداتها في الدول المتقدمة فيما يتعلق بمنظومة الرعاية الصحية على وجه التحديد، وقالت: "خلال جولاتنا العالمية وزياراتنا للمستشفيات في العديد من دول العالم رأينا أنظمة رعاية طبية في غاية التطور وقمة الإنسانية، معززة بأحدث التقنيات والمعدات، واطلعنا على آليات لجمع البيانات الصحية ومتابعة الحالات ورصدها عبر أنظمة استباقية متطورة تقطع الطريق على الأمراض وتحفظ للمجتمعات مواردها المادية والبشرية. إن وجود مثل هذه الأنظمة المتطورة في بلدنا أصبح ضرورة لا يمكن تأجيلها".
واعتبرت سموها أن السمة الأساسية لهذه المرحلة هي سرعة المتغيرات، وأن السرعة ليست فقط في ظهور التقنيات والتكنولوجيا وتبدل أنماط الحياة، بل وفي ظهور أمراض وتحديات صحية لم نكن نعانيها في السابق مشيرةً إلى أن السمنة في أوساط الأطفال والشباب على وجه التحديد، ظاهرة خطيرة لأنها تشكل بدايةً لجملة من الأمراض التي تستنزف الموارد البشرية والمادية للمجتمع".
وقالت سمو الشيخة جواهر القاسمي: "على منظومة الرعاية الصحية التي نسعى إليها أن تستجيب لهذه التحديات والظواهر بالسرعة ذاتها، بل يجب أن تسبقها بالتخطيط والتجهيز بالمعدات والبيانات والمهارات والبرامج الوقائية. ولنتذكر دائماً، أن قوة الدول تكمن في تكامل وظائف مؤسساتها ومنظوماتها، وعلى رأسها المؤسستين والمنظومتين الصحية والتعليمية".
وأضافت سموها: "لا غرابة أن تُذكر هاتين المنظومتين في مكان واحد عند الحديث عن تقدم الدول واستقرارها، فالأولى تصنع الموارد البشرية، والثانية تحفظها وتحميها وتوفر لها الاستقرار والأمان، فلنبنِ على القرارات السيادية السخية، وليكن تنفيذنا لها مبدعاً ومخلصاً، ولتكن الرعاية الصحية في هذا الوطن مفخرتنا الأولى التي نتباهى بها بين الأمم".
وحضر فعاليات المؤتمر سعادة الدكتور عبدالله الصاعدي، مستشار المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، وسعادة إيمان راشد سيف مدير إدارة التثقيف الصحي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، وسعادة الدكتور حسين الرند الوكيل المساعد لقطاع المراكز والعيادات الصحية في وزارة الصحة ووقاية المجتمع بدولة الإمارات، وسعادة الدكتور أيوب الجوالدة المستشار الإقليمي للتغذية في منظمة الصحة العالمية (EMRO)، سعادة الأستاذ الدكتور حميد مجول النعيمي مدير جامعة الشارقة.
وشهد مؤتمر صحتي في دورته السابعة مشاركة أكثر من 32 خبيراً وممثلاً لدول إقليم الشرق المتوسط، و20 مختصاً ومسؤولاً من القطاعات الصحية في دولة الإمارات، و25 أخصائياً ومتحدثاً في المجالات الصحية في الجلسات التثقيفية، وحضور نحو 2000 شخص على مدى يومين.