أكدت معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، رئيسة جامعة زايد، أن "دولة الإمارات كانت ومازالت موطناً للتسامح والتعايش والسلام، موضحة أن هذه هي التقاليد التي نشأ عليها أبناء هذا الشعب، وحرص قادته على زرعها فيهم جيلاً بعد جيل، ولطالما شددّ على أهميتها الوالد الراحل، مؤسس هذه الدولة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي نحتفل والشعب كله، بالذكرى المئوية لميلاده، والذي تفخر الجامعة بحمل اسمه. ونحن اليوم نجدد العهد مرة أخرى بأن نصون إرثه، ونحقق رؤيته واقعاً ملموساً، وأن نكون رواداً للعملية التعليمية والبحثية في المنطقة، وأن نستمر في نهجنا بالمشاركة في صنع غد مشرق لدولة الإمارات وللإنسانية بشكل عام".
جاء ذلك خلال الكلمة التي افتتحت بها معاليها الملتقى السنوي العشرين لأسرة الجامعة، الذي عُقِد اليوم (الثلاثاء) في مركز المؤتمرات بفرع الجامعة في أبوظبي.
وقالت معاليها في مستهل كلمتها: "يشرفني أن أنتهز مناسبة ملتقانا اليوم لأتوجّهَ بعميقِ الشكرِ والتقدير للدّعمِ القويّ والمتواصلِ الذي تُوليه قيادتُنا الرشيدةُ لجامعة زايد، وعلى رأسِها صاحبُ السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيسُ الدولة، حفظه الله.
وتوجهت بكل الشكرِ والامتنانِ إلى أخيهِ صاحبِ السمو، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائبِ رئيسِ الدولة، رئيسِ مجلسِ الوزراءِ، حاكمِ دبي، رعاهُ الله، لحرصِ سُمُوّهِ المتواصلِ على دعم جامعة زايد حتى تبلغ مكانتها في مضمار التميز.
كما تقدمت معاليها بعظيمِ الشكرِ وفائقِ التقديرِ إلى صاحبِ السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وليّ عهدِ أبوظبي، القائدِ الأعلى للقوات المسلحة، لتوجيهاتِهِ السديدةِ والمستمرةِ طيلةَ مسيرةِ الجامعة.
وتوجهت بخالص الشكر والامتنان إلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير شؤون الرئاسة، لتقديم كافة أوجه الدعم لجامعة زايد، من أجل أن تقوم برسالتها على الوجه الأمثل.. وإلى سمو الشيخ عبد الله بن زايد رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية لرعاية سموه ومتابعته لمسيرة الجامعة، ومؤسسات التعليم العالي بشكل عام.
وقالت: "ولا ننسى أن نتوجه بالدعاء اليوم، وكل يوم، لشهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم في سبيل أن ننعم بالأمن والسلام، ونسأل الله أن يلهم اهلهم وذويهم الصبر والسلوان ويجزيهم الخير والثواب".
حضر الملتقى سعادة الأستاذ الدكتور رياض المهيدب مدير الجامعة والدكتور عبد المحسن أنسي نائب مدير الجامعة المشارك رئيس الشؤون الأكاديمية وعمداء الكليات وأعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية بحرمي الجامعة في أبو ظبي ودبي.
وأوضحت معالي الشيخة لبنى القاسمي في كلمتها أن جامعة زايد بدأت العام الأكاديمي بأعلى معدل للتسجيل الطلابي حتى اليوم وهو (10,500) طالب وطالبة، يقوم على تدريسهم أكثر من 600من أعضاء الهيئة التدريسية، معربة عن ترحيبها بالكوكبة الجديدة من الأساتذة والإداريين، وعددهم (100) انضموا إليها حديثاً ليصل العدد الكلي لأسرة العاملين بالجامعة إلى ما يزيد على (900) فرد.
وشددت على القول إن الجامعة تواصل السعي دائماً في استقطاب الكوادر التعليمية المتميزة من جميع أنحاء العالم، ومن مواطني الدولة على وجه الخصوص، حيث انضم خلال العام الماضي ثلاثة وثلاثون إدارياً، وتسعة أساتذة جدد من أبناء الدولة، ليصل مجموع الأساتذة المواطنين إلى خمسين عضواً، فهنيئا لنا هذه الإضافة النوعية والتي هي أصدق دليل على أننا نولي نجاح أبنائنا أهميةً لافتةً، ونحرص على أن نكون شركاء في رحلتهم لبلوغ القمم.
وحَيَّت معاليها أعضاء أسرة الجامعة الجدد من هيئة التدريس والعاملين، الذين جاؤوا من بلدان بعيدة واختاروا العيش والعمل في دولتنا الحبيبة. وقالت: "إننا ندرك تمام الإدراك أنكم هنا اليوم، جئتم من أكثر من 80 دولة في مختلف جهات الأرض، لما تملكون من كفايات علمية، وإمكانيات عالية، ستسهم في تحقيق أهداف الجامعة المنشودة ورؤيتها: "في أن تكون معترفاً بها عالميا كمؤسسة تعليمية رائدة للتميز في المنطقة في مجال الابتكارات التعليمية والبحثية وتنمية المهارات القيادية الطلابية التي تخدم التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للدولة".
وأشارت إلى أن الجامعة لم تألُ جهدا للوصول إلى هذه الرؤية الطموحة بخطى حثيثة، والتي يتجلى أثرها دائما في أداء طلبة الجامعة ونجاحاتهم. وكيف ولا؟ وهم محور هذه المنظومة التعليمية برمّتها. بل إن الثقة الكبيرة التي أولتها إيانا القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، ووضعها أولياء الأمور في أساتذة وإدارييّ الجامعة تزيدنا فخرا، وتدفعنا نحو مواصلة العمل لتهيئة الطلبة لما بعد التخرج، ولاستلام الأدوار القيادية.
وأضافت: "إن أبناءنا هم رهاننا الحقيقي للمستقبل، وهم اليوم بين أيدينا، فلنحرص على صون هذه الأمانة الملقاة على عاتقنا، ولنعمل سويا على إثراء تجربتهم العلمية، وخلق بيئة إيجابية جاذبة".
ولفتت معالي الشيخة لبنى إلى أن جامعة زايد "واصلت سعيها خلال الأعوام العشرين الماضية لتوفير تعليم عالي الجودة لطلبتها، وزرع القيم النبيلة في نفوسهم، وأن يستمروا في البحث عن المعرفة مدى الحياة. كما دأبت على تنمية حس المسؤولية لديهم تجاه أسرهم وأوطانهم. فانضم عدد منهم للخدمة الوطنية، وشارك آخرون بالأعمال التطوعية في داخل الدولة وخارجها، منها المشاركة في الفعاليات الرئيسية مثل الأولمبياد الخاص، والتي تعد جميعها فرصاً ذهبيةً لأبنائنا الطلبة، لتنصهر معارفهم في بوتقة الحياة، من خلال الاستكشاف والتحليل والابتكار، دون السعي نحو الكمال البحت، فهم سيخطئون أحيانا بلا شك، وتلك هي مدرسة الحياة، فالخطأ جزء من العملية التعليمية، وهو أداة مهمة لخلق شخصية قيادية لا تهاب التجربة أو التغيير. وفي هذا السياق، لم تدخر الجامعة جهداً في دفع الطلبة للتعرف على قدراتهم، والعمل على شحذها إلى أقصى مدى، ولعل خيرَ مثال على ذلك هم أبناؤنا الطلبة من أصحاب الهمم، حيث حرصوا على الاستفادة فورا من قرار رئيس مجلس الوزراء، بدمج الطلبة من أصحاب الهمم في المجتمع، ليحصلوا على جميع الفرص المتاحة لأقرانهم، ولينالوا حقهم في الحياة الكريمة، مشدداً على المجالات التعليمية لكونها أحد أهم ركائز التمكين والنجاح لهذه الفئة".
وأضافت: "وإنني لفخورة حقاً بأن جامعة زايد اتخذت خطوات راسخة لتوفير الخدمات المبتكرة، والتي جعلت منها أنموذجاً في هذا المجال، والمكان الأمثل لأصحاب الهمم للحصول على فرص تعليمية متكافئة. ولا أخفيكم سرا، بأنني أنتهز الفرص متى أتيحت لي، للتحدث عن مركز التقنيات المسانِدة الرائع المتوفر في كلا الحرمين، والأداء غير المسبوق لإدارة الخدمات الطلابية في تطبيق توجيهات صاحب السمو رئيس مجلس الوزراء، وتقديم المساندة للطلبة من أصحاب الهمم، لبناء الثقة بالنفس بما يساعدهم في تحقيق النجاح".
وقالت معالي الشيخة لبنى القاسمي: إننا أمام عام أكاديمي مليء بالإنجازات بإذن الله، وذلك لجملة من الأسباب منها: استحداث برامج تعليمية جديدة، بما يتوافق مع احتياجات المجتمع والعالم بشكل عام، كما إننا بصدد البدء في التوسعة الإنشائية في حرم الجامعة بدبي، لإضافة المزيد من القاعات الدراسية والمختبرات، ولنتمكن من استقبال الطلاب فيه من جديد. كما أننا بصدد طرح عدد من البرامج الجامعية لمرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا في السنوات القادمة بإذن الله، والتي تأتي ضمن سعي الجامعة لتلبية احتياجات الدولة والاهتمامات الطلابية.
وأضافت: "ولكن ليس ثمة شيء أكثر ارتباطاً باحتياجات الدولة والحقبة الزمنية الراهنة من مجالات ريادة الأعمال والابتكار. ولعل خير دليل على الحاجة الملحة لهذه المجالات، إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم- رئيس الوزراء حاكم دبي- عن الاستراتيجية الوطنية للابتكار في عام 2014. ونحن في جامعة زايد نفخر بكوننا مركزاً ريادياً في هذه المجالات منذ نشأتها، ولذا، حريُّ بنا أن نقدم المزيد لدعمها، عبر زرع ثقافة الابتكار في طلبتنا، حيث تستند استراتيجية الابتكار في الدولة إلى مبدأ: "أن بناء الإنسان أهم من بناء البنيان،" وأن التعليم المبني على المعايير العالمية هو أحد الأسس الرئيسة في تعزيز الابتكار، وعلينا كذلك الاستمرار في دفعه أبنائنا الطلبة للتغلب على المخاوف التي تحد دون انطلاقهم نحو الابتكار، وإنشاء الأعمال الريادية، ولنحرص على سبر الفرص المواتية لتحقيق النجاح، من خلال التدريبات والخبرات التي نرمي من ورائها إلى صقل قدراتهم القيادية والريادية.
وعلينا أن نحرص دائماً على أن تظل جامعتنا رافداً خصباً للبحوث، والابتكار، والإبداع، والبيئة التي تتحول فيها الأفكار إلى أعمال فنية ومنتجات واختراعات وأعمال ريادية وبحوث ودراسات، تسهم في إغناء الحقول السبعة التي تهدف الاستراتيجية إلي تنمية الابتكار فيها وهي: الطاقة المتجددة، والنقل، والصحة، والتعليم، والتكنولوجيا، والمياه، والفضاء. بل إن الجامعة تحتفي بالمدعين والمفكرين في هذه المجالات وغيرها. لذا، فنحن قادرون بلا شك على وضع بصمتنا المؤثرة أينما حللنا. وفي هذا السياق، أود التعبير عن مدى سروري لإنشاء مركز جديد للابتكار والريادة، تحت إشراف لجنة توجيهية بأعضاء من شتى التخصصات. ولهذا الغرض، تم تنسيق لقاءات بين أعضاء الهيئة التدريسية في فترة ما بعد الغداء اليوم، لمناقشة سبل تحسين التجربة الجامعية لتصبح أكثر ابتكاراً ورياديةً بإذن الله.
وقالت: "واسمحوا لي أن أعبر لكم مرة أخرى عن امتناني لجهودكم المبذولة، التي أسهمت في أن تبلغ الجامعة مكانةً متقدمة، فضلاً عن تمثيل أبنائنا لأسرهم وللجامعة ولوطنهم بصورة مشرفة في شتى حقول المعرفة: منها البحوث المعروضة دولياً، والأعمال الفنية، والمنافسات الرياضية".
وأضافت: "وإنه ليثلج صدري أن يكون خريجو وخريجات جامعة زايد هم دائماً الخيار الأول لأصحاب العمل في القطاعين الحكوميّ والخاص. بل إنهم اليوم يتبوؤون أفضل المناصب القيادية في الجهات الحكومية، ومجالات ريادة الأعمال، والرعاية الصحية، والإعلام، والتربية، ويقدمون إسهامات غير مسبوقة في مجالات الثقافة والفنون، وهم كذلك يجسدون أجمل صور الأبوة والأمومة حيث يحرصون على تنشئة أبنائهم وبناتهم على القيم والمبادئ التي اكتسبوها خلال سنوات دراستهم في الجامعة، ويغرسون فيهم الوعي بأهمية العلم. إن الطلبة الدارسين في قاعاتنا الدراسية اليوم، هم أصحاب الإنجازات الملهمة غداً، فكونوا على ثقة كاملة بهم.
وعلى الصعيد العالمي، فإن الجامعة تواصل شقّ طريقها نحو الارتقاء بسمعتها، وكما تعلمون، فقد نجحت الجامعة في الوصول إلى التصنيف العالمي للجامعات للمرة الأولى منذ نشأتها، وعلى الرغم من كوننا مازلنا في بداية الطريق، إلا أن هذا الإنجاز يعد محطةً مهمةً في تاريخ الجامعة. والحق أن هذا الإنجاز الذي خطت به جامعة زايد خطوات واثقة نحو العالمية، لم يكن ليتأصّل لولا الجهود الحثيثة التي تبذلونها، والرعاية الكريمة من لدن قيادات الدولة.
وفيما يتعلق بالإصدارات والأعمال البحثية، فقد شهدت الأعوام السابقة نمواً ملحوظاً في هذا المجال من حيث الكم والنوع والجودة، فشكراً لكم على أدائكم الرائع، فنحن نثق بكم، أساتذةً، وطلبةً، وإداريين، ونحثكم على تقديم المزيد من الإنجازات على جميع الأصعدة.
واختتمت معالي الشيخة لبنى كلمتها قائلة: " لتعلموا أن ثمة ما يميز قطاع الجامعات عن غيره من القطاعات، فبعد سنوات طويلة من قيادتي لعدد من الوزارات، وإدارة الأعمال الريادية المختلفة، والعمل مع حكومات ومؤسسات عدة، أستطيع القول بأن للجامعات صِبغَةً خاصةً، فهي تتميز بارتباطها بمستقبل الدول، ولا تختلف جامعة زايد عن أقرانها من حيث سعيها نحو تحقيق الأهداف من خلال مجموعة من السياسات والمشاريع المختلفة، ولكنني أؤكد لكم أن لهذه المؤسسة الرائدة أهمية خاصة، حيث تضم أسرة الجامعة أحد عشر ألف شخص من مختلف الفئات، منهم الطلبة والأساتذة والإداريون. الذين يعمل حوالي 3٪ منهم فقط في مجالات الدعم الإداري. أما الآخرون، فجميعهم هنا، الآلاف من الطلبة، وأعضاء هيئة التدريس، للتعلم، ولاكتشاف المعرفة الجديدة ونشرها، وتوظيفها لفهم دروس الماضي، وحل معضلات الحاضر، وخلق مستقبل يسمح للأفراد والمجتمعات بالازدهار. وتذكروا جميعا: إنما هي أدوار ومهام لا وظائف وحسب، فلنعمل يدا بيد لكي نستحق هذا التميّز. فنحن جزء من عالم المعرفة، والأفكار، والابتكار، والإبداع، والتعليم والتعلم – هذا هو عالمنا. إنه العمل الأكثر إثارة وتأثيراً في الأفراد والمجتمعات.".