حث خبراء في قطاع الطاقة المتجددة كلاً من الحكومات والبنوك ومُلاّك العقارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مضافرة جهودهم في سبيل تشجيع الإقبال على تركيب نظم توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية فوق أسطح المباني، من أجل التوفير في تكاليف الطاقة وتعزيز فرص العمل في الوظائف "الخضراء".
جاءت هذه الدعوة في إطار التحضيرات النهائية لانعقاد القمة العالمية لطاقة المستقبل 2016، التي سوف تقام في مركز أبوظبي الوطني للمعارض بين 18 و21 يناير الجاري، وعلى خلفية توقعات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، التي تقول إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مهيّأة لتشهد استثمارات ضخمة في الطاقة المتجددة تصل إلى 35 مليار دولار سنوياً بحلول العام 2020، في ضوء تزايد الاعتماد على وحدات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بالتقنيات الكهروضوئية (Photovoltaic)، ذات التكلفة المنخفضة، في تنويع مزيج الطاقة لدى بلدان المنطقة.
ومن المتوقع نتيجة لذلك أن تنمو قدرات الطاقة الشمسية في دول مجلس التعاون الخليجي لتصل إلى 10 جيجا واط الأمر الذي يمثل فرصاً تجارية لا تقل عن 10 مليارات دولار حتى العام 2020. ومن المتوقع أن تصل قدرات الطاقة الشمسية للنظم المثبتة فوق أسطح المباني في دولة الإمارات إلى 2.5 غيغاوات وأن تتيح فرصاً تجارية تبلغ ثلاثة مليارات دولار، وفقاً لتقرير صدر حديثاً عن "فروست آند سوليفان".
وتعمل هيئة مياه وكهرباء دبي على تعزيز الابتكار في نظم توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، التي يتم تركيبها على أسطح المباني، وذلك من خلال مبادرة "شمس دبي" التي تربط النظم المثبتة فوق أسطح المباني بشبكة الكهرباء التابعة للهيئة، دعماً منها لخطة دبي الاستراتيجية 2021 ومبادرة دبي الذكية، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والرامية إلى جعل دبي واحدة من أذكى المدن في العالم، في شتى الجوانب، ومن بينها إدارة التوزيع والطلب على الطاقة.
ويأتي مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، التابع لهيئة كهرباء ومياه دبي، في سياق الجهود التي تبذلها الهيئة في سبيل تعزيز الاستفادة من الطاقة الشمسية في دولة الإمارات. ويُعتبر هذا المجمع أكبر مشروع للطاقة الشمسية في موقع واحد في العالم، ويستهدف إنتاج 5 غيغاوات من الكهرباء بحلول العام 2030، ليساهم في دعم الوصول إلى الهدف الذي حددته الإمارات والمتمثل بإنتاج 10 بالمئة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030، وفقاً لإيرينا.
وقال سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، إن استراتيجية دبي للطاقة النظيفة تهدف إلى توليد سبعة بالمئة من احتياجات الإمارة من الطاقة من مصادر الطاقة النظيفة بحلول العام 2020، و25 بالمئة بحلول العام 2030، لتنمو هذه النسبة إلى 75 بالمئة بحلول 2050، مؤكداً أن التحوّل نحو استخدام مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة يعود بمنافع عديدة على البيئة والاقتصاد والموارد الطبيعية.
وأضاف: "يساعد مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، على سبيل المثال، على تحقيق خفض يتجاوز 6.5 مليون طن من انبعاثات الكربون، كما يساعد على دعم المبادرات والبرامج الخضراء التي تنفذها حكومة دبي للحد من انبعاثات الكربون. كما أطلقت هيئة كهرباء ومياه دبي مبادرة "شمس دبي" لتركيب الألواح الكهروضوئية على أسطح المباني وربطها بشبكة الهيئة، ليتم تحويل الكهرباء المنتجة إلى شبكة هيئة كهرباء ومياه دبي".
وخلص الطاير إلى القول: "سنعرض هذه الابتكارات خلال مشاركتنا في القمة العالمية لطاقة المستقبل، علاوة على أفضل الممارسات التي نتبعها في دعم الابتكار بقطاع الطاقة من خلال البحث والتطوير".
كذلك تعتزم هيئة كهرباء ومياه دبي، خلال مشاركتها في القمة، عرض خطط ترمي إلى تحويل 30 ألف مبنىً في الإمارة إلى مبانٍ تتسم بالكفاءة في استخدام الطاقة بحلول العام 2030، وإلى تثبيت مليون عداد كهرباء ذكي بحلول العام 2020، ونشر محطات لشحن السيارات الكهربائية في جميع أنحاء دبي في إطار مبادرة "الشاحن الأخضر".
ومن المنتظر أن يشكّل معرض الطاقة الشمسية الذي يقام على هامش القمة العالمية لطاقة المستقبل، منصة داعمة للفرص التجارية والابتكار في سوق الطاقة الشمسية بالمنطقة. ويشارك في هذا الحدث المتخصص أكثر من 150 عارضاً من الشركات العاملة في حقل الطاقة الشمسية، ليشهد تفاعلهم مع مبتكرين ومطوري مشاريع ومشترين مهتمين بتجربة أحدث الابتكارات والتعرف على أحدث التوجهات في هذا المجال، إلى جانب التواصل مع خبراء الطاقة الشمسية في جلسات مؤتمر القمة العالمية لطاقة المستقبل.
ويشارك في معرض الطاقة الشمسية شركات بارزة مثل عبداللطيف جميل، و"إيه دي سي لنظم الطاقة"، و"إيه إل إي سي للطاقة"، و"أمانة"، و"إي إف جي هيرمس"، وشركة الطاقة المتجددة (آر إي سي)، و"سكاي باور"، و"سولار وورلد"، و"صن تك"، و"ينغلي سولار".
وقال الدكتور رائد بكيرات، مدير الأبحاث في جمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية ونائب الرئيس لتطوير الأعمال لمنطقة الشرق الأوسط في شبكة "فيرست سولار"، إن نظم توليد الطاقة الشمسية فوق أسطح المباني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "كانت سوقاً بيئية شديدة التخصص لكنها استطاعت أن تنمو وتحدث تغييراً في قواعد اللعبة نظراً لما تنطوي عليه من إمكانيات كبيرة للمنازل والمكاتب والمشاريع العملاقة، حتى أنها يمكن أن تغطي تكاليفها بعد أربع سنوات فقط".
وأضاف: "ومع ذلك، ينبغي على الجهات المعنية التعاون ومضافرة الجهود لتوسيع نطاق انتشار نظم توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية فوق أسطح المباني، إذ يجب على مُلاك العقارات إدراك أهمية هذه النظم ومفهومها، ويتعين على الحكومات أن تقدّم الأنظمة التشريعية اللازمة والحوافز لدعم الملاك، فيما ينبغي على البنوك أن تكون قادرة على إيجاد طرق مبتكرة لتمويل هذه النظم".
جدير بالذكر أن القمة العالمية لطاقة المستقبل 2016، التي تستضيفها شركة مصدر، سوف تنعقد بالتزامن مع القمة العالمية للمياه ومعرض ومؤتمر "إيكو ويست" لإدارة النفايات.