كشف تقرير بحثي عالمي جديد صادر عن مجموعة الاتصال التابعة لمجلة الدراسات الاستراتيجية "إم آي تي سلون مانجمنت ريفيو"، عن أن الاستثمارات التقنية التي تنفذها الجهات الرائدة في مجال تجربة العملاء تكفل لها تحقيق عوائد مالية أفضل من منافسيها.
وأشار التقرير الذي حمل عنوان "تقديم تجربة عملاء تكسب الأعمال التجارية وترسّخ الولاء: روّاد تجربة العملاء يكشفون عن استراتيجياتهم"، ووُضع برعاية شركة "ساس"، إحدى أبرز الشركات العالمية في تحليلات البيانات، إلى أن الجهات الرائدة في مجال تجربة العملاء تحقق عوائد أفضل من المنافسين بفضل استثماراتها في التقنيات الحديثة في مجال تجربة العملاء، وذلك عبر نجاحها في إدارة تجربة العملاء على امتداد الشركة من خلال فرق متعددة الوظائف ومهام عمل محدّدة بوضوح، علاوة على الاستخدام المكثّف لتحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي.
ويستند التقرير على دراسة استطلاعية شملت 2,670 مشاركًا، 15 في المئة منهم فقط مؤهلون ليكونوا روّادًا في مجال تجربة العملاء.
وأكّد جلال قاوقلو مدير استشارات العملاء لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لدى "ساس"، أن توقعات العملاء تتغير بسرعة، مشيرًا إلى أن أزمة الجائحة العالمية "أبرزت هذا الأمر بوضوح". وقال في معرض تعليقه على تقرير مجلة "إم آي تي سلون مانجمنت ريفيو"، إن توقعات العملاء "لا تزال مرتفعة"، داعيًا الشركات إلى إجراء تعديلات في عملياتها على المستوى الاستراتيجي، والسعي لتحقيق الانسجام في هذا الجانب بين جميع الإدارات والأقسام التابعة لها، لتغدو قادرة على تقديم منتجاتها وخدماتها بطريقة تمنح عملاءها تجربة متقدمة ذات طابع شخصي.
وأضاف قاوقلو: "يستطيع التسويق الذكي المصمّم لتحقيق أهداف محدّدة أن يخلق تفاعلات فورية جذابة من شأنها أن تعزز الإمكانيات الربحية وترسّخ ولاء العملاء للعلامة التجارية. وتساعد تقنيات تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي الشركات على إضفاء المزيد من القيمة على تجربة العملاء عبر إتاحة المجال أمام اتّباع نهج تخصصي مدروس يسمح بإثراء تجربة العملاء وزيادة التفاعل البنّاء معهم، وتقرير "إم آي تي سلون مانجمنت ريفيو" يؤكّد هذا الأمر ويضع معيارًا واضحًا للشركات يمكّنها من اللحاق بالرَّكب".
الذكاء الاصطناعي أداة قوية لبناء تجربة عملاء ناجحة
تتربّع الجهات الرائدة في تجربة العملاء على قمّة الاستخدام المتقدّم للتحليلات والذكاء الاصطناعي، ويحقق أكثر من 80 في المئة من تلك الجهات استفادة كبيرة من التحليلات على امتداد تجربة العملاء، بدءًا من السعي وراء العملاء واكتسابهم ووصولًا إلى التفاعل المستمر معهم. ومن المرجح أن يعتمد رواد تجربة العملاء على الذكاء الاصطناعي أكثر بثلاث مرات من أولئك الذين أسمتهم الدراسة "المتقاعسين"، حيث تقلّ النسبة عن 40 في المئة.
ويأتي رواد تجربة العملاء أيضًا في صدارة المشهد فيما يتعلق بتبنّي أدوات تجربة العملاء، التي من المتوقع أن يصبح بعضها مستخدمًا على نطاق واسع من قبل الجهات الرائدة في مجال تجربة العملاء خلال العامين المقبلين بحسب التقرير الذي أظهر أن:
ووجدت الدراسة، من جانب آخر، أن رواد تجربة العملاء يميلون كثيرًا إلى استخدام أساليب "ذكية" لتحسين تجربة عملائهم، مثل أدوات المساعدة الذكية المضمَّنة في الهواتف والأجهزة اللوحية. كما أنهم يتوقعون تحقيق التفوّق على المنافسين في استخدامهم للحوسبة الحدّية ذات القدرة على تعزيز التحليلات الفورية.
ولعلّ الأمر الأكثر إثارة للاهتمام في التقرير يتمثل في استعداد الشركات الأضعف في تجربة العملاء أكثر من نظيرتها المتقدمة في هذا المجال، لاستخدام أحدث تقنيات الواقع الافتراضي.
الاستراتيجية الرقمية ومفتاح التعاون
لا يتطلب رفع أداء تجربة العملاء وجود مسؤول تنفيذي يتولّى الإشراف عليها، إذ أظهرت الدراسة أن ربط استراتيجية تجربة العملاء بالاستراتيجية الرقمية للشركة من شأنه إحداث فرق كبير في الأداء. ويضمن القيام بذلك وضع أهداف ومؤشرات أداء رئيسية على المستوى المؤسسي. كذلك بيّنت الدراسة أن نحو 75 في المئة من رواد تجربة العملاء "يوافقون بشدّة" على أن استراتيجياتهم وتقنياتهم الخاصة بتطوير تجربة العملاء تُعدّ جزءًا أصيلًا من مسيرة شركاتهم نحو التحوّل الرقمي.
وبوسع رواد تجربة العملاء بناء فِرق متعددة الوظائف أو فرق لا مركزية تتمتع بصلاحيات عالية، من خلال الارتقاء باستراتيجية تجربة العملاء إلى مستوى الاستراتيجيات المؤسسية والرقمية. وقام 70 في المئة من الرواد أيضًا بتوثيق سير الإجراءات المتبعة في تجربة العملاء، ضمانًا لتوحيد المعايير. ويحرص أغلبية رواد تجربة العملاء على تنسيق أنشطتهم عبر منصات وتطبيقات برمجية تشاركية تسمح لجميع المعنيين في هذه العملية بالعمل عبر نقطة واحدة.
وينصبّ تركيز أكثر من 60 في المئة من الرواد حاليًا على مَنح هذه الفرق مزيدًا من الصلاحيات، في مقابل 43 في المئة فقط من "المتقاعسين". ومن المتوقع في غضون عامين، أن يعتمد 93 في المئة من الرواد على هذه الفرق، وفقًا لنتائج الاستطلاع.
رواد تجربة العملاء: الخدمات المالية والتجزئة وتقنية المعلومات والاتصالات
وتشكّل شركات تقنية المعلومات والاتصالات أكبر حصة من رواد تجربة العملاء، كما أن هذا القطاع يُعتبر المستخدم الأنشط للعديد من الأدوات التقنية الخاصة بتجربة العملاء. أما المؤسسات المالية، فما زال يتعين عليها أن تتقدم بين القطاعات الأخرى، بالرغم من وضعها خططًا صارمة للاستثمار في تقنيات تجربة العملاء. من ناحية أخرى، تحتلّ شركات التجزئة والسلع الاستهلاكية مكانة متقدمة على غيرها من القطاعات بشكل عام في استخدام أدوات المساعدة الذكية المدمجة في الهواتف والأجهزة اللوحية، وهي متقدمة نسبيًا في استخدام الدردشة المباشرة، وتقنيات التعديل الشخصي، واستخدام روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وإتاحة تجارب غامرة لعملائها. لكن هذا القطاع ما زال متأخرًا عن القطاعات الأخرى في تطوير تجارب القنوات المتعددة المترابطة، وهو أمر مهمّ لا يغيب عن أذهان معظم المستهلكين.
ويخطط ما يقرب من 50 في المئة من الشركات في قطاعات الخدمات المالية، والتجزئة والسلع الاستهلاكية، وتقنية المعلومات والاتصالات، لزيادة استثماراتها في تقنيات تجربة العملاء بأكثر من 25 في المئة خلال العامين المقبلين. وتخطط حوالي 10 في المئة من الشركات في هذه القطاعات لزيادة استثماراتها بأكثر من 75 في المئة في المدة نفسها، في حين أن بعضها يخطط لمضاعفة استثماراته في تلك التقنيات.