أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن الكتابة بالنسبة للكاتب الحقيقي هي جزء من حياته وقطعة من قلبه وشغفه ومسؤوليته الإنسانية تجاه ما يقدمه للقارئ والأجيال الحاضرة والقادمة، واعتبر سموه أن الكُتاب الذين يتعاملون بمسؤولية في نشر الحقائق ينصفون التاريخ ويحفظون للمستقبل إرثاً معرفياً لا ينضب.
ونوه سموه إلى أن هنالك الكثير من المعارف الملتبسة وغير المدعمة بالحقائق قدمها كُتاب ومؤلفون ومؤرخون دون أي أدلة أو مراجع موثقة، وأن الواجب يحتم على الكاتب الحقيقي أن يواجه الزيف بالحقيقة ويواجه المعلومة الملتبسة بالمعلومة الموثقة، ولا يواجههم بالقرارات أو السلطة.
وذكر سموه أن بحثه عن الحقائق التاريخية دفعه لزيارة مراكز ثقافية ومكتبات عالمية ومطالعة المخطوطات التي وثق فيها المؤرخون مشاهداتهم، ولم يركن للظاهر لأن الحقائق التي يسهل الحصول عليها قد تكون هشة ولا تشبع شغف الباحثين عن الحقائق والمؤلفين الملتزمين، معتبراً أن لا شيء يضاهي سعادة الكاتب عندما ينتهي من تأليف كتاب والمؤرخ عندما ينجح في كشف غموض مرحلة تاريخية ما.
جاء ذلك في حديث لسموه خلال حفل عشاء نظمته هيئة الشارقة للكتاب في "بيت الأدب" – مكتبة البلدة القديمة - بمدينة فرانكفورت الألمانية ليلة يوم أمس الثلاثاء عشية انطلاق فعاليات معرض فرانكفورت الدولي للكتاب.
ووقع صاحب السمو خلال حفل العشاء، أحدث أعماله الأدبية التاريخية رواية "بيبي فاطمة وأبناء الملك" التي تتحدث عن قصة امرأة طموحة، تتشبث بحكم ملوك هرمز الزائل في ظل الاحتلال البرتغالي لمملكة هرمز. وقدم سموه من خلالها وصفاً تفصيلياً للحياة الاجتماعية في هرمز، مع عدم إغفال الأوضاع العسكرية والسياسية والاقتصادية التي كانت سائدة آنذاك.
وذكر صاحب السمو حاكم الشارقة خلال التوقيع أنه كتب الرواية في ستة أسابيع فقط، مستندا في استقاء حقائقها إلى ما يزيد عن 35 مرجعا تاريخيا وقال سموه// على الرغم من الجهد الكبير الذي يبذل في كتابة المؤلفات والروايات، إلا أن الكاتب دائماً يجد سعادة كبيرة عند الانتهاء من كتاب وضع فيه كم من الحقائق والتجارب التي يأمل أن تساعد في ايصال المعارف وتوثيقها //.
وقد اشتملت الرواية على ستة فصول بعد المقدمة، حيث جاء الفصل الأول بعنوان (هرمز) قدم فيه الكاتب لمحة للموقع الجغرافي الاستراتيجي لها ووصفا دقيقا لما تميزت به من موارد طبيعية، ومقومات جغرافية مكنتها لأن تكون واحدة من أهم المناطق التجارية وميناء بحريا هو الأشهر في تلك الفترة بالإضافة إلى كونها سوقا تجتمع منتجات الشرق والغرب فيها.
أما الفصل الثاني فقد حمل عنوان (الملك فروغ شاه) والذي بدأ الحديث فيه من العام 1588م حيث الوصف الدقيق للحياة الاجتماعية في هرمز وخاصة حياة القصر والأمراء والوزراء وما حصل بينهم من زيجات وخلافات تم تتبعها حتى نهاية الرواية.
والفصل الثالث جاء بعنوان (الأمير فيروز شاه) وفيه يسرد الكاتب كيف آل ملك مملكة هرمز لهذا الأمير وما رافقه من خلافات وصراعات انتهت بتنازل والده عن الملك.
أما الفصل الرابع فقد جاء بعنوان (بيبي فاطمة) وهي بطلة هذه الرواية حيث تبدأ أحداثه من العام 1601م حينما تزوج الملك فيروز شاه بيبي فاطمة عنوة، إلا أن الوفاق لم يحالفهم أبداً، إلى أن أعلنت دخولها الدين النصراني.
ويستعرض سموه وبطريقة سردية شيقة مسيرة "بيبي فاطمة" الحافلة بالأحداث المبنية على علاقتها بالملوك وأبنائهم، من خلال آخر فصلين في الرواية واللذان جاءا تحت عنوان (الأمير توران شاه) و(الأمير محمد شاه).
وتمتاز الرواية بتقديمها لتاريخ جزيرة هرمز وتلك المرحلة الهامة في حياة المنطقة، بطريقة روائية سردية مبنية على الربط الدقيق بين الاجتماعي والاقتصادي والجغرافي والسياسي، وعلى توضيح نتائج تفاعل هذه المكونات على مستقبل الممالك والإمبراطوريات التي شهد التاريخ بزوغ فجر قوتها مثلما شهد أفولها واختفائها مخلفةً وراءها إشارات على الكيفية التي تشكلت من خلالها دول المنطقة وثقافة شعوبها.
وتحدث خلال الحفل الكاتب "بن جارود"، عالم الأحياء، الأكاديمي، مناصر قضايا المحافظة على البيئة، وله عدة مؤلفات في سياق التعريف بأهمية الاستدامة والحفاظ على موارد الكوكب، واشترك مؤخراً بتقديم أحد البرامج التلفزيونية المعروف باسم "أتينبرا والديناصور العملاق"، على قناة "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) مع السير "ديفيد أتينبرا".
كما تحدث الكاتب "إيان هدسون"، الباحث والكاتب المتخصص بالحضارات البحرية القديمة، والاستكشاف البحري العالمي، والذي حمل آخر كتاب له عنوان "من اكتشف أمريكا: التاريخ المُغّيب لاستيطان الأمريكيتين"، وسبق له إلقاء عدد من المحاضرات حول هذه المواضيع في جامعة أكسفورد، وكلية لندن للاقتصاد، وفي الولايات المتحدة والصين.
وقد تسلم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي خلال الحفل من الدكتور جورج أولمز مؤسس دار أولمز للنشر النسخة المذهبة من كتاب سموه "اسطورة القرصنة في الخليج" والمترجم حديثا للغة الألمانية والذي من المقرر إطلاقه خلال فعاليات الدورة الحالية من معرض فرانكفورت الدولي للكتاب.
وحضر الحفل إلى جانب سموه سعادة علي عبدالله الأحمد سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية ، وسعادة عبدالله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، وسعادة أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب، وسعادة عبد العزيز حمد تريم مستشار الرئيس التنفيذي مدير عام اتصالات الإمارات الشمالية، وسعادة الدكتور ماجد عبد الله بو شليبي أمين عام المنتدى الإسلامي، وسعادة محمد حسن خلف مدير عام مؤسسة الشارقة للإعلام، ومحمد جلال الريسي المدير التنفيذي لوكالة أنباء الإمارات، وراشد محمد الكوس المدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين، والدكتور عمرو عبدالحميد مدير أكاديمية الشارقة للبحوث، والسيد ميكايل كولمان رئيس اتحاد الناشرين الدوليين، والدكتور جورج أولمز مؤسس دار أولمز للنشر وعدد من رؤساء تحرير الصحف الإماراتية، وأصحاب دور النشر والمفكرين والأدباء والباحثين.