تحرص شركة فورد على إخضاع سياراتها لسلسلة من الاختبارات المتنوعة ضمن مرافقها الشاملة المخصصة لهذا الغرض حول العالم، لتواجه بذلك جميع الظروف الجوية الشديدة أو تلك الأبسط نسبياً والتي تتعرض لها السيارات أثناء القيادة اليومية، لضمان تقديم خطوط إنتاجها لسيارات عالمية المستوى بكافة المقاييس.
وتخوض سيارات فورد ومكوناتها في مرافق الشركة في تايلاند والهند وأستراليا ومنطقة الشرق الأوسط والصين، ظروف الارتجاج والاهتزاز والانقلاب في عدد من الاختبارات التي يجري بعضها في درجات حرارة تفوق بكثير حد التجمّد وتصل إلى 40 درجة مئوية تحت الصفر، وأخرى تحاكي لهيب الصحراء لتصل إلى 50 درجة مئوية.
الشرق الأوسط
تقع منشأة فورد لتطوير المنتجات في جبل علي بدبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويواجه فريق الهندسة الظروف الجوية الحارّة يومياً أثناء اختبارهم للسيارات.
ونظراً لدرجات الحرارة المرتفعة خلال أشهر الصيف في دولة الإمارات العربية المتحدة وصحاريها المغطاة بالكثبان الرملية، فإن الطقس الحار في الدولة يضع سيارات فورد في مواجهة ظروف حقيقية يصعب إيجادها في أي مكان آخر حول العالم.
وفي هذا السياق، قال زياد دلالة، كبير المهندسين لدى فورد الشرق الأوسط وأفريقيا قائلاً: "مع اقتراب درجات حرارة فصل الصيف من 50 درجة مئوية، لابد من ضمان مقاومة أنظمة التبريد والمحرك وناقل السرعة ونظام القيادة بالكامل لهذه الحرارة المرتفعة، علاوة على توفير الراحة القصوى لركاب السيارة. كما أن القيادة على أرض تغطيها طبقة سميكة من الرمال تفرض عبئاً كبيراً على المحرك وناقل السرعة، إذ يزداد عدد دورات المحرك بشكل كبير عند سرعات منخفضة. ويكون الجهد الذي يبذله المحرك حينها كبيراً للغاية، ويرتفع بالتالي الضغط على الأنظمة الأخرى التي تعتمد على المحرك وتستهلك الطاقة على غرار منظومة التكييف".
ويمكن لآثار الغبار والرمال أن تتسبب بضرر كبير على مكونات المحرك الداخلية وأجزاء نظام التعليق، وذلك عبر إتلاف المكونات المتحركة، لذلك يرصد الفريق أيضاً تدفق الرمال والغبار على المحرك ونوابض امتصاص الصدمات ومقصورة السيارة، لضمان قدرة سيارات فورد على التكيف مع مختلف الظروف حول العالم، حتى مع درجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط صيفاً.
تايلاند والهند
تبذل مختبرات فورد في تايلاند والهند جهوداً حثيثة كي تُبقي رضا العملاء في أفضل مستويات ممكنة من خلال إزالة جميع التفاصيل مهما بلغ حجمها والتي قد تُؤرق السائقين وتُسبب سخطهم.
ويحرص المهندسون في مرافق أسطول السيارات ضمن مصنع فورد في تايلاند، ومصنع ساناند لتجميع المحركات في الهند، على مراقبة العملاء عن كثب للتعرّف على أدق تفاصيل تجاربهم أثناء القيادة، واستشعار أي صعوبات أو معوقات واجهتهم في قيادة سيارتهم عبر مختلف الظروف والأحوال المناخية. وفي أحد المختبرات، تم تصميم طريق يحاكي البيئات الطبيعية عبر ابتكار رحلة تقطعها السيارة على مدار عدة سنوات وتسير خلالها على أسطح وعرة مليئة بالحصى للتحقق من وجود أي صرير أو ضجيج مزعج من عدمه.
وتختبر الغرف الحارة والباردة في كل من مرافق الاختبار سير عمل أجزاء السيارة مثل باب الصندوق الخلفي، والسقف والمزايا الإلكترونية على غرار التدفئة الداخلية في درجات حرارة تتراوح بين الطقس الحار جداً عند 49 درجة مئوية والأجواء شديدة البرودة عند 29 درجة مئوية تحت الصفر. وفي حين أن العملاء في تايلاند والهند نادراً ما يواجهون درجات حرارة منخفضة كهذه، إلا أن فريق العمل يحتاج إلى مراعاة الظروف الجوية التي يواجهها العملاء الذين يقطنون في بلدان حول العالم تشهد برودة شديدة ويتم تصدير سيارات فورد إليها، حيث تنال سيارات فورد فيها حصة كبيرة من اهتمام العملاء على غرار شاحنة رينجر، وإيفرست الرياضية متعددة الاستعمالات، وإيكوسبورت، وفيغو.
وأضاف جاي رادا، مدير أسطول السيارات في منطقة آسيا المحيط الهادئ، ضمن برنامج الطرازات الجديدة: "يتيح لنا اختبار السيارات ضمن ظروف جويّة مضبوطة القدرة على حماية العملاء عبر استقراء المشاكل والتحديات التي تسببها درجات الحرارة المختلفة ووعورة الطرق وطبيعتها أثناء قيادة السيارة".
أستراليا
تقع منشأة فورد لاختبار السيارات خارج مدينة ملبورن في سلسلة جبال يويانغز في أستراليا، وهي منطقة تكثر فيها حيوانات الكنغر، وتحتضن أستراليا أقدم مرافق فورد لاختبار السيارات في منطقة آسيا المحيط الهادئ، كما أنها موطن لبعض الاختبارات الأكثر أهمية في قطاع السيارات حول العالم. وفي ضوء المتغيرات المتسارعة التي يشهدها قطاع صناعة السيارات عالمياً، تشهد منشأة فورد الممتدة على مساحة 950 هكتار تحديثات مستمرة، الأمر الذي يمكّن الشركة من اختبار مجموعة أوسع من منتجاتها وتقنياتها الرائدة لمساعدة السائق.
وتمثل دورة المتانة الكاملة أحد الاختبارات العديدة التي تجريها منشأة فورد لاختبار السيارات على النماذج الأولية والسيارات الاختبارية في مرحلة ما قبل الإنتاج. ويجري هذا التقييم السريع على مدار الساعة، ليلاً ونهاراً، إذ يحاكي استخداماً مكثفاً للسيارة طيلة 10 سنوات أو لمسافة 240 ألف كيلومتر، وذلك في غضون أسابيع قليلة فقط. وتتميز مسارات الاختبار الشاقة بوعورتها نظراً لانتشار الحصى والحفر والحواجز الصخرية والمسارات المائية. وسعياً لمحاكاة ظروف بيئية أكثر قساوة، يتم إضافة الغبار والمياه والوحل على مسار الاختبار، في الوقت الذي تتولى خلاله أجهزة الدينامومتر محاكاة سحب الأحمال الثقيلة أثناء حركة السيارة وسيرها على الطرق الجبلية.
وأشار ستيفن أندروز، المشرف على ظروف الأكسدة والتآكل في مركز اختبار فورد في أستراليا: "نهدف من خلال تعريض سياراتنا لأشد عوامل الاختبار إلى ضمان حصول عملائنا على أفضل السيارات وأشدّها متانة على الإطلاق".
وأضاف: "تدفع هذه الاختبارات بالسيارات نحو ظروف قصوى من النادر أن يواجهها السائق في الظروف العادية، الأمر الذي يمنحنا ثقة كبيرة بأدائها في الظروف الحقيقية. كما أن اكتشافنا للعيوب أول الأخطاء خلال مراحل الاختبار يتيح لنا فرصة تصحيحه".
ومن الاختبارات الشديدة أيضاً التي يحرص على إجرائها مهندسو فورد في منشأتها لاختبار السيارات في أستراليا هو اختبار تآكل السيارة، والذي يجري بشكل مستمر لمدة 12 أسبوعاً، 24 ساعة يومياً طيلة أيام الأسبوع، لضمان محافظة السيارة على متانتها في أكثر الظروف الجوية رطوبة وملوحة، والتي تسود في المدن والمناطق الساحلية عموماً.
ويضم هذا الاختبار الشاق رطوبة عالية يتم التحكم بها ومن ثم الاهتزاز على ظروف الطرق المتنوعة، وتعريض السيارة للأملاح والغبار والحصى، في حين تنخفض درجات الحرارة المحيطة ومستويات الرطوبة وترتفع بشكل مفاجئ.
وتبلغ المسافة الإجمالية التي تجتازها السيارة في اختبار التآكل 10 آلاف كيلومتر، ما يمثل تقريباً ست سنوات من التعرض لهذه الظروف الجوية في مناطق مثل الساحل الشرقي لأستراليا أو الساحل الغربي لنيوزيلندا.
وعند الانتهاء من الاختبار، يتم فك ألواح جسم السيارة لفحص مدى مقاومتها لظروف التآكل. كما يتم التحقق من الأجزاء الداخلية أيضاً. وتضمن هذه العملية تقييم جميع المناطق من حيث المظهر والأداء وإمكانية صيانتها. ويتيح التعرّف على الأجزاء الأكثر تأثراً لمهندسي فورد إمكانية حمايتها بأفضل شكل ممكن من الظروف البيئية على الأمد الطويل.
نانجينغ، الصين
تضمن غرف الاختبارات البيئية الجديدة في نانجينغ، في الصين تعرض السيارات لظروف شديدة على غرار الاهتزاز ودرجات الحرارة اللاهبة والتحطم لتقييم أدائها.
وأول هذه الغرف، غرفة التعرّض لأشعة الشمس، والتي تضع السيارة تحت أشعة الشمس اللاهبة باستمرار، حيث تقف السيارة تحت مصابيح كثيفة الإضاءة تصل حرارتها إلى 45 درجة مئوية، تسبب وصول حرارة بعض أجزاء السيارة إلى 107 درجة، وهي كافية لقلي بيضة.
ولحمايتهم من قساوة الظروف التي يجري محاكاتها، يرتدي مهندسو فورد الذي يقيّمون أداء السيارات في غرف الاختبار بدلات مغطاة بالألمنيوم، حيث يبدو مظهرهم وكأنهم رواد فضاء جاؤوا من أفلام الخيال العلمي التي راجت في ستينيات القرن الماضي. وتتمتع هذه البدلات بتدابير وقائية في حالة ذوبان أي من أجزائها المعدنية باتجاه المهندسين أثناء وجودهم في الغرفة، ويمكنها حمايتهم من درجات حرارة تصل إلى 200 درجة مئوية.
وقال بريز شي، مشرف الاختبارات الهندسية في مختبر فورد للتقييم والتحقق في نانجينغ الصين: "نتطلع من خلال هذه الاختبارات إلى استقراء أية مؤشرات تدل على انثناء أجزاء السيارة أو تغير المواد المستخدمة في تصنيعها عند تعرضها للحرارة الشديدة أو ضوء الشمس اللاهب. ولا شك أن حدوث أي انتفاخ أو تغير سيدفعنا نحو إجراء تحديثات تجنّب العملاء التعرّض لأي من هذه المشاكل".
وفي الغرفة الثانية، تحاكي الاختبارات كيفية استجابة أجزاء معينة من السيارة للسير على طرقات شديدة الوعورة بمسافة 240 ألف كيلومتر- كل ذلك في غضون 72 ساعة. ويتم ربط أجزاء السيارة إلى طاولة متحركة ومتعددة المحاور، وهي عبارة عن منصة هيدروليكية دائمة الاهتزاز. وإذا لم يكن هذه الاختبار كافياً، يتم نقله إلى درجات حرارة تتراوح بين 40 تحت الصفر إلى 95 درجة مئوية. وتعتبر هذه الاختبارات وسيلة لتقييم أداء السيارة في ظل الاستخدامات القاسية التي لا تكون عرضة للتكرار في مسار الاختبار.
أما اختبارات الغرفة الأخيرة، فتقيّم الأجزاء الرئيسية للسيارة المعنية بالحفاظ على حياة السائق: وهي الوسائد الهوائية. فإذا لم تنفتح هذه الوسائد بالسرعة المطلوبة، أو ضمن حدود السلامة الضرورية، ستكون فاعليتها محدودة. لذلك تقوم غرفة اختبار الوسائد الهوائية في منشأة الاختبارات في نانجينغ باستخدام كاميرات الإعادة البطيئة الفائقة لتسجيل انطلاقها ليتمكن المهندسون من تحليل حركتها في كل ميلي ثانية للتعرّف على أية مشاكل أو عراقيل.
إن ضمان وجود مستويات مثلى من الأمان والسلامة يتطلب مراعاة أدق التفاصيل، لذلك يختبر مهندسو فورد انطلاق الوسائد الهوائية في درجات حرارة تتراوح بين 40 تحت الصفر إلى 65 مئوية. لكن المشكلة التي واجهتهم هي عدم قدرة الكاميرات على العمل في ظل درجات الحرارة هذه. لذلك عكف فريق المهندسين لحل هذه المشكلة على تطوير عمل مبتكر، حيث أوضح شي: "لقد توصلنا إلى نظام سكة يسمح لنا بتبريد أو تسخين موضوع الاختبار بالكامل في غرفة منفصلة، ثم نقله إلى غرفة مجاورة للقيام بالاختبار الفعلي. ويمكننا تحريك المنظومة بالكامل ونقلها إلى مكان الاختبار الفعلي في غضون دقيقتين فقط، في حين تكون الوسائد الهوائية محافظة على درجة حرارتها سواءً كانت شديدة الحرارة أو البرودة".
وتم تصميم مدى وشدّة الاختبارات التي تقوم بها فورد على سياراتها عبر مرافق الاختبار والتقييم في المنطقة لتضمن الحصول على أقصى أداء ممكن وأعلى مستويات السلامة حتى في أشدّ الظروف قساوة، وللمزيد من المعلومات يمكن الاطلاع على فيديو توضيحي من هنا.