بقلم أولي هانسن
وصل النفط الخام إلى قاع جديد عن سنوات عديدة في مطلع الأسبوع الحالي نظراً لانخفاض سعره بعد رفع العقوبات عن إيران والتصريح الذي أطلقته وكالة الطاقة الدولية قائلةً "نحن نغرق في النفط". ثم شهد ارتداداً قوياً بفضل التركيز المتواصل لماريو دراجي- رئيس البنك المركزي الأوروبي- على الحوافز، والعواصف الشتوية في الولايات المتحدّة، حيث ارتفع سعر خام برنت بمقدار يزيد عن 15% في غضون 24 ساعة.
وستبقى الأسس السلبية لقطاع النفط على حالها إلى أن نرى بوادر تشير بوضوح إلى أن مشكلة الفائض في المعروض في طريقها نحو الحل، وإلّا ستبقى إمكانية الصعود محدودة. ورغم أن دراجي كان بمثابة الشرارة التي أطلقت الارتداد الأخير، غير أن هذا التطوّر يعزى في حقيقة الأمر إلى مستويات البيع المفرطة في السوق ومواقعها قصيرة الأمد التي استمرّت لمدة أكثر من اللازم.
وعلى مدى الأسبوع بقي قطّاع الطاقة الأسوأ أداءً، في حين كانت المعادن الثمينة الأفضل حالاً بعد أن تلقى قطاعها دعماً بفعل التوقعات الإيجابية بتقديم مزيد من الحوافز من قبل البنوك المركزية، وتراجع وتيرة خطوات رفع أسعار الفائدة الأمريكية.
وقد حققّت ثلاثة من المعادن الصناعية أول أرباحها الأسبوعية مدعومة بالآمال الكبيرة بأن تقدم البنوك المركزية على مزيد من الخطوات لدعم النمو الاقتصادي والحد من الاضطرابات في السوق؛ حيث ارتفعت كافة المعادن الصناعية الستة الرئيسية – وعلى رأسها النيكل- بالتوازي مع استعادة أسهمها لعافيتها، بينما تلقّى النحاس دفعة إيجابية إثر الأخبار التي تفيد بأن أكبر شركة صينية للخدمات العامة تعتزم رفع مستويات إنفاقها على شبكة الكهرباء المحليّة.
النفط الخام: أسبوع متناقض
ساهم تأكيد رفع العقوبات عن إيران في هبوط النفط الخام إلى أدنى مستوياته منذ 13 عاماً، وكان التركيز على ارتفاع المعروض -في وقت يتم التساؤل فيه عن السبل التي من شأنها رفع معدلات الطلب- ثاني أهم عامل للضعف الذي اتسمت به السوق منذ فشل اجتماع ’أوبك‘ (الذي انعقد بتاريخ 4 ديسمبر الماضي) في تحقيق الأهداف المرجوة منه.
وازداد الطين بلّة مع تصريح وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري بأن العالم قد يجد نفسه "غارقاً في النقط" هذا العام نظراً للارتفاع المتواصل في المعروض من دول ’أوبك‘- بما فيها إيران، والذي سيكون مترافقاً مع مستويات إنتاج عالية أيضاً من خارج ’أوبك‘. ولم تستبعد الوكالة أن تنحدر الأسعار إلى مستويات أدنى بما أن العام الحالي هو السنة الثالثة على التوالي التي تشهد حالةٍ من الإفراط في الإنتاج.
ولكن مع نهاية الأسبوع بدأت حركة البيع تشهد فتوراً، لتتحول إلى ارتفاع ملحوظ كنتيجة لعوامل عديدة تشمل انخفاض درجات الحرارة في الولايات المتحدة، والحديث عن حوافز إضافية من البنك المركزي الأوروبي، وتقرير المخزون النفطي الأمريكي الذي جاء أفضل من المتوقع.
صناديق التحوّط مقابل المستثمرون الأفراد
راكم مديرو الأموال وصناديق التحوّط في وقت سابق من الشهر الحالي أكبر كمية تم تسجيلها من المواقع قصيرة الأمد؛ حيث تعرّضت السوق لانعكاس حاد مع ما يقارب 400 مليون برميل من خام برنت وخام غربي تكساس، علماً أن المرة الأخيرة التي استمرت فيها المواقع القصيرة لفترات أطول من اللازم كانت خلال أغسطس الماضي، ثم حفزت ارتفاعاً بنسبة 25% في غضون ثلاثة أيام فقط.
ويسعى المستثمرون الأفراد – الذين يستخدمون في العادة المنتجات المتداولة في البورصة عند تداول السلع- إلى استباق التعافي منذ أشهر عديدة. وقد شهد شهر يناير الحالي ازدياداً في زخم الشراء على خلفية ارتفاع ممتلكات الصندوق الأمريكي للنفط (USO) وشركة ’فيلوسيتيشيرز 3× للنفط الخام‘ (UWTI) بقيمة تقارب 1 مليار دولار.
ويبدو بأن المنظور على المدى القريب ينطوي على الكثير من التحدّيات بما أنه يتعيّن على السوق التعامل مع المعروض الإضافي من إيران والارتفاع الموسمي في المخزونات الأمريكية. وسيكون من شأن البوادر التي تعكس التوتّر المتزايد في أوساط المنتجين مرتفعي التكلّفة أن تعزّز التوقعات القائلة بأن قطاع النفط الصخري الأمريكي في طريقه نحو هزّة كبيرة ستؤدي إلى إبطاء الإنتاج في نهاية المطاف. ومن هنا تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينخفض الإنتاج من خارج ’أوبك‘ بمعدّل 600,000 برميل يومياً خلال عام 2016، مما سيساعد على موازنة المعروض الإيراني.
وقد أشار رئيس ’أرامكو السعودية‘- في سياق حديثه خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا الأسبوع- إلى أن أسعار النفط الحالية غير منطقية، وأن السوق تنحدر بشكل كبير، وأوضح بأن انخفاض الأسعار بهذه الطريقة اللامعقولة هو انعكاس للمستويات اللامعقولة من الإنتاج، لذا قد تبقى هذه الحالة مخيّمة على السوق لفترات أطول ممّا يتوقعّه المنتجون حول العالم إذا لم يتم وضع حد للإنتاج المفرط.
يتجه خام برينت نحو اختتام الاسبوع فوق 30 دولار، ولكنّه بحاجة إلى خرق للمستوى 35 دولار قبل أن يكون بالإمكان الحديث عن تشكّل قاع.
المصدر: SaxoTraderGO
الذهب لا يزال الأفضل أداءً بين مختلف الأصول
شهد الذهب أسبوعاً هادئاً في خضم الاضطرابات التي عصفت بالاصول الأخرى، ولا يزال من أفضل الأصول أداءً حتّى الآن خلال الشهر الحالي. وقد بدأ المستثمرون بالعودة إلى الذهب، بمن فيهم أولئك الذين يستخدمون المنتجات المتداولة في البورصة، في حين عادت صناديق التحوّط إلى الوضعية الحيادية من مواقع قصيرة الأمد غير مسبوق في بداية العام.
وارتفع إجمالي حجم السلع في المنتجات المتداولة عبر البورصة والمدعومة بالذهب بمقدار 42 طن منذ 6 يناير، ليعوّض ذلك عن نصف ما تم بيعه خلال حركة البيع القوية التي استمرت من أكتوبر إلى ديسمبر الماضيين. وتعتبر هذه أكبر قفزة منذ آخر يناير الماضي؛ حيث أدى تراجع الفرنك السويسري وخطوات التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي إلى حفز ارتفاع قوي في الذهب ترافق مع طلب متزايد على المنتجات المتداولة في البورصة.
وقد تراجع التهديد الذي يمثله اثنان من أهم الأسباب التي كانت تدفع إلى تجنّب الذهب مع مطلع العام، وذلك مقارنة بما كان الحال عليه قبل عدة أسابيع، فقد أدّت الاضطرابات التي تشهدها الأسواق العالمية إلى إضعاف جاذبية الدولار، ليميل المتداولون إلى الين الياباني بدلاً منه، وإلى اليورو لدرجة ما. ونظراً للمخاوف المتعلقة بحدوث تباطؤ عالمي وتراجع في مستويات التضخّم إثر هبوط أسعار النفط، فقد انخفضت التوقعات حول شدّة خطوات رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خلال الأشهر القليلة القادمة.
وكان الذهب قد حقّق ارتفاعاً بمقدار 118 دولار خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من يناير في العام الماضي، لينحدر بعدها بمقدار 150 دولار خلال بقية الربع الأول من السنة؛ إذ كان حجم السلع المتداولة عبر البورصة عندها يفوق الحجم الحالي بـ180 طنّاً، وكانت صناديق التحوّط قد راكمت مواقع طويلة الأمد تعادل 17 مليون أونصة، في حين تبلغ قيمة هذه المواقع الآن الصفر. ومن شأن هذه التطورات أن تغيّر كلاً من أسس السوق وتوزّع الحصص فيها، لتعزّز قدرة الذهب على مقاومة أية محاولات جديدة لإضعافه.
وعند هذه النقطة نحافظ على رأينا القائل بأن ارتفاع قوة الدولار وتعافي الأسهم سيبقى تحدياً أمام الذهب خلال الفترة الأولى من 2016، مع الإشارة إلى أن الأحداث الأخيرة لفتت الانتباه إلى بعض من مزايا الذهب التي كان قد خسرها لفترة. وقد نشهد محاولة أخرى لبيع وخفض سعره إلى 1000 دولار، ولكن المعنويات المرتفعة وضعف أداء السلع الأخرى ستكون حوافز تدفع الذهب إلى مستويات أعلى خلال فترات لاحقة من العام.
يتم تداول الذهب حالياً ضمن خط صاعد بدأ في ديسمبر الماضي، ومن المحتمل أن يؤدي أي كسر فوق 1,113 دولار إلى تمهيد الطريق لنشوء امتداد إلى 1,125 دولار.