"قرية جازان التراثية" تعود إلى الواجهة من جديد بعد تطويرها وفق معايير عالمية
عادت قرية جازان التراثية إلى الواجهة من جديد بعد اكتمال عمليات تجديد هويتها، وتطويرها وفق معايير عالمية أشرفت عليها شركة أرامكو السعودية. وبجانب إدخال اللغة الإنجليزية إلى اللوحات التعريفية لكل أجزاء، وإضافة شعار جديد وفق معايير احترافية، خضعت القرية لعملية تطوير بواسطة خبراء في مجال التصميم والعرض، بينها تصميم عروض خاصة للموروثات الشعبية القديمة لأهال المنطقة. وارتدت القرية حلة جديدة من شأنها أن تجعل القرية مقصداً لكثيرين من داخل جازان وخارجها.
وبالتزامن مع التحضيرات لإقامة منتدى جازان الاقتصادي نهاية الأسبوع الجاري، سرعت ارامكو السعودية من وتيرة العمل على تطوير القرية التراثية حتى اكتملت في وقت وجيز. ويرتبط كثيرين في جازان بعلاقة ود مع القرية التراثية، فعلى ساحل أعذب شاطئ جنوب مدينة جيزان حيث الهواء العليل وهدوء الشاطئ تقطن قريتها التراثية التي جمعت بين جنباتها أصنافاً عدة من الموروثات الشعبية والمباني التراثية تجسد الحاضر والماضي لمنطقة جازان ومحافظاتها التي تبلغ اكثر من 13 محافظة , واستطاعت القرية استقطاب الاف الزوار من داخل وخارج المملكة . فما أن تقترب من القرية حتى يستقبلك أريج الفل والكادي مع نسمات الموج العليلة وتشاهد المباني الجبلية القديمة مع مدخل القرية والتي نسجت من الحجار المنحوتة على شكل مربعات رصت بشكل هندسي بديع ذو أبواب ونوافذ من الخشب تجسد الطبيعة الجبلية في الزمن الماضي وبداخله يقطن عدد من أهالي المرتفعات الجبلية بالزي القديم يقومون بعرض كل مايتعلق بالبيئة الجبلية وأدواتها المستخدمة في الماضي من مجسمات لأسلحة وسيوف وأكلات لازال البعض يفضلها ويبحث عنها رغم ان الكثير هجرها ولا يستخدمها الا القليل من كبار السن بالاضافة الى مجسمات تشكل المساطب ومدرجات الحقول التي لازالت في تلك المناطق ويستخدمونها للزراعة. وبجوار البيت الجبلي ربدت عشة تهامية بشكل بيضاوي بديع وغطت جريدها الداخلي بالطين والنورة ومن الخارج بأعشاب الحلفا بشكل منظوم لا تتداخل الواحدة بالاخرى وصمم لها بابان من الغرب والجنوب حتى تكون انسيابية الهواء كافية تنعش زائريها الجلوس على كراسي الحبال والجريد ولا يتمنون مغادرتها بعد تأملهم لسقف العشة الداخلي مخروطي الشكل الى نهاية السقف الحاد .
وما أن تسترقك قدماك للخروج من العشة التهامية الا بجمل ( المعصرة) الذي يستخدم لعصر زيت السمسم والذي اشتهر بها التهاميون اذا لايخلو منزل في الماضي من الجمال التي يستخدمونها لحمل اغراضهم وعصر الزيت وتربطهم بها علاقة ودودة حميمة وقد لا يستطيع الشخص بيع جمله او التفريط فيه الى ان يموت. وعلى بضع خطوات من جمل المعصرة ستأخذك خطوات نحو ممر يرتفع تدريجيا يشق البحر باتجاه الشمال الغربي وعلى جنباته عدد من مراكب الصيد الخشبية القديمة الى أن يحط في البيئة البحرية الفرسانية اذ الغرف التي فرشت بأنواع الرخام والأصداف البحرية وضعت عليها هودج العرائس وزينت بالناموسية وبعض الهدايا التي كانت تستخدم في الماضي للعرائس , وفي زاوية الركن اليماني للبيئة الفرسانية لا يصدق الزوار بأنهم داخل مجسم لهيكل عظمي للحوت العظيم الذي يبلغ طوله قرابة العشرون مترا وبجواره معرض الأحياء البحرية غلف سقفه بالسعف المنظوم ولبس بشباك الصيد وعلقت به الفوانيس تأخذ معه الشخص للسفر في أعماق البحر ليتفكر في المخلوقات البحرية من أسماك ومرجان ولؤلؤ ومحارات ومحنطات لسلاحف بحرية وهياكل ضخمة للقرش الابيض والنمري .
في زاوية من القرية التراثية تجتمع عدد من النسوة لطهي مالذ وطاب من المأكولات الشعبية القديمة والتي انقرضت معظمها من زمن وكان اصرارهن على صناعة تلك المأكولات مصدر جذب لعشرات العائلات لتذوقها . أصبحت الرقصات الشعبية سمة ملازمة في ساحة القرية التراثية بشكل دائم خاصة في المهرجانات الشتوية والتي تعتبر منطقة جازان أفضل مشتى على مستوى المملكة ما أستقطبت الاف الزوار من خارج المملكة من مسؤولين وسفراء ودبلوماسيين للسياحة كانت اخرها العام الماضي اذ زارها اكثر من 150 دبلوماسي وعائلاتهم واستمتعوا بما شاهدوه من حضارات وتراث يشاهدوه لأول مرة في حياتهم. لن يشعر الزائر للقرية التراثية بالوقت وهو يقطف أزهار الفل تارة وتارة اخرى يقطف أعشابا عطرية من الخطور والكاذي ومرة يتذوق أصناف الحلوى ( المشبك والحلقوم) التي اشتهرت بها المنطقة منذ الأزل. لازالت قرية جازان التراثية تلقى رواجا منقطع النظير منذ أن وجه أمير جازان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز قبل خمس سنوات الى الان ولازال التطوير فيها سنويا كان اخرها افتتاح المركز الاعلامي الذي يبث بيانات اعلامية يومية عن الفعاليات والبرامج والزيارات .