جامعة جازان... مرفأٌ للعلم على شواطىء البحر الأحمر
على الرغم من أن جازان هي مسقط رأس عدد كبير من العلماء والأدباء والمفكرين السعوديين، إلّا أنها كانت تجد صعوبة كبيرة في أن تقنعهم بالبقاء بين أحضانها. فقد كانت كأمٍ تحاول أن تقنع أبناءها الطموحين بالبقاء، خوفاً من فقدٍ تعلم أنه قادمٌ لا محالة. فتارة تحاول أن تغريهم بمنظر غروب الشمس على شواطئها، وتارةً بترابها المعطر بالريحان، بسمك الحريد، ببياض الفلّ، وبشعور بالدفئ تعلم أنّهم لن يجدوه سوى بين أحضانها. لكنهم كانوا قد انتهوا من حزم حقائبهم، حاملين أحلامهم الكبيرة على متن ما يسميه الشاعر الجيزاني عيسى جرابا "زورق الأمل" الذي يحمل المبدعين من أبناء المنطقة نحو مستقبل أفضل. لذلك كان دوماً حلم المدينة أن تحتضن كلية أخرى بجانب كلية التربية، لتغري بعضاً من أبناءها ممّن لم يركبوا "زورق الأمل" بعد، بالبقاء.
لذلك لا يمكن أن ينسى أهالي جازان زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله للمنطقة، حين أمر بإنشاء جامعة في جازان، قبل أن يضع حجر أساسها في 14 شوال عام 1427 هـ الموافق للعام 2006. واليوم تشارك الجامعة بفعالية في التحضيرات الجارية لتنظيم منتدى جازان الإقتصادي، باعتبارها شريك في النجاح للمشاريع التنموية الواعدة في جازان.
وتضم الجامعة 22 كلية للبنين ومثلها للبنات، إضافة إلى تسع عمادات مساندة، وأكثر من مائة قسم وتخصص في كل من الهندسة والطب والحاسب الآلي ونظم المعلومات والاداب والقانون والترجمة والصيدلة، والتصاميم المعمارية، بجانب الادارة والعلوم التطبيقية، وغيرها من الكليات في كافة محافظات المنطقة. يضاف إلى ذلك التعليم عن بعد، والذي افتتح قبل اربع سنوات في تخصصات الصحافة والاعلام واللغة العربية والانجليزية كأحدث وسائل التعليم على مستوى المملكة. بحسب الاحصاءات الأخيرة التي جمعتها جامعة جازان، فقد خُصص للمدينة الجامعية موقع كبير بلغت مساحته 9,000,000 متر مربع يطل على ساحل البحر الأحمر شمال مدينة جازان، وتضم كليات وإسكاناً ومستشفى جامعي، وفندقاً للمرحلة الأولى من المشروعات المنجزة.
وأعطى موقع الجامعة على شاطىء البحر الأحمر جمالية للجامعة ما يجعل مبنى جامعة جازان بين أجمل مباني الجامعات السعودية. أما في المشاريع الأخرى قيد التنفيذ، فتتمثل في كليات للبنين والبنات، وسكن للعزاب وآخرٌ لأعضاء هيئة التدريس، بالإضافة إلى برج الإدارة العملاق، المكون من 18 طابقاً، والمستشفى الجامعي بسعة 800 سرير. بينما يأمل الأهالي أن يسهم المستشفى في أن يلبي احتياجات الأهالي الذي يضطر بعضهم للسفر إلى خارج المنطقة بحثا عن العلاج في المستشفيات الأخرى.
وتعتبر المدينة الجامعية نافذة لأبناء المنطقة إلى العديد من الفرص، ودافعاً يحث المبدعين على البقاء في جازان. فجانب خدمتها العملية التعليمية، فإنها توفر أجواء مثالية لأعضاء هيئة التدريس والطلاب، حيث تقع على ضفاف البحر الأحمر ما يعطيها جمالاً أخاذا يزيد من جمال تصميمها.
وتشكل زيارات الباحثين والأكاديميين من المملكة وخارجها للجامعة، رافدا لاكتساب المعرفة عن المنطقة وتبادل الخبرات، كما أن اتفاقيات عدة أبرمت لابتعاث الطلاب والطالبات من الجامعة إلى عدد الجامعات الشهيرة في دول أوروبا وأميركا واسيا واستراليا. وفي حين تتواصل التحضيرات لمنتدى جازان الاقتصادي، فقد كان للجامعة دور بارز في التحضير لاستضافته. إذ قدمت الجامعة عشرات من الطلاب والطالبات المتطوعين الذي سيكون لهم دور بارز في التحضير، بجانب تخصيص قاعاتها ومبانيها لاستضافة عدد من الفعاليات والورش التحضيرية للمنتدى.