تواصلت لليوم الثاني على التوالي فعاليات وأعمال "المنتدى السعودي للمياه" الذي تنظمه وزارة البيئة والمياه والزراعة بعنوان "مياه مستدامة.. لتنمية مستدامة"، الذي أطلقه أمس معالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي.
ومازالت الميزة التي رافقت انطلاقة المنتدى منذ البارحة، المتمثلة في الحضور اللافت من المهتمين والخبراء والمسؤولين متعددي التخصصات في قطاع المياه، لاسيما باتفاقهم على وضع الاستثمار في هذا القطاع وخصخصته شرطاً ضرورياً وخطوة مهمة باتجاه تحقيق الاستدامة لهذا القطاع الحيوي، مؤكدين أن استيفاء هذا الشرط سيظل مرتبطاً بالخطط الإستراتيجية الحديثة الشاملة، المعتمدة على التقنيات الحديثة، التي جاءت عنواناً لأولى جلسات ثاني أيام المنتدى التي جاءت بعنوان "الخطط الإستراتيجية واستدامة المياه" وأدارها وكيل الوزارة للتخطيط والتميز المؤسسي في وزارة البيئة والمياه والزراعة حسن بن يحيى آل حاتم، إذ تناولت ثلاثة محاور، تمثلت في: "الإستراتيجية الوطنية للمياه 2030 واستدامة قطاع المياه".
واستعرض وكيل الوزارة لشؤون المياه الدكتور فيصل السبيعي, الإستراتيجية الوطنية للمياه 2030 واستدامة قطاع المياه، ورؤية قطاع المياه والتي ترتكز على قطاع مياه مستدام ينمي الموارد المائية ويحافظ عليها ويصون البيئة ويوفر إمدادًا آمنًا وخدمات عالية الجودة والكفاءة لتسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح أن أبرز التحديات التي تواجه القطاع في المملكة، تتمثل في شح المياه وضعف كفاءة إدارتها وتنميتها، وزيادة الاستهلاك الحضري للمياه نتيجة للنمو السكاني والاقتصادي والاعتماد على مصادر كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتدني مستوى الخدمة وجاهزية القطاع لإدارة المخاطر، بالإضافة إلى قصور في الإدارة المالية وضعف العمل على الأسس التجارية، وغياب الإصلاحات المؤسسية والتنظيمية.
وأشار إلى أهداف الإستراتيجية الوطنية للمياه 2030، تشمل أمن الإمداد، والجودة والتميز في خدمة العملاء، والاستدامة البيئية، بالإضافة إلى الاستدامة الاقتصادية، وإدارة التكاليف.
وبين السبيعي أن الحلول المقترحة لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية تشمل على تخفيض الاستهلاك الزراعي للمياه من خلال تنفيذ القرار (66)، وتشجيع اعتماد ممارسات وتقنيات الري الموفرة للمياه، إضافة إلى تطبيق الإجراءات لإنتاج محاصيل مرتفعة القيمة في مواقع مناسبة حسب الميزة النسبية، وتنفيذ أنظمة حقوق المياه وتخطيط الموارد للمراقبة والتحكم باستخراج المياه، وإصلاح التعرفة في القطاع الحضري، وكفاءة استخدام المياه في المباني، وحملات التوعية.
بدوره أشار مدير إدارة الكهرباء والماء في قطاع الشؤون الاقتصادية بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور محمد الرشيدي، أشار إلى ما أُقره قادة دول المجلس -حفظهم الله- بالقمة الخليجية في دورتها الـ 31، فيما يخص اتخاذ خطوات جادة باتجاه إعداد إستراتيجية خليجية شاملة بعيدة المدى، تعنى بقطاع المياه وتشمل التخزين الإستراتيجي، والتأثيرات المحتملة لعمليات وأنشطة التحلية على نوعية مياه البحر، وثرواتها الحية، وظروف تغيّر المناخ، إضافة إلى التأثيرات المتبادلة بين قطاع الزراعة وقطاع المياه، مع التأكيد على عمليات ترشيد الاستهلاك في مختلف القطاعات التنموية، وتأثيرات تغيّر المناخ على الموارد المائية وآليات التكيف معها.
من جانبه نوّه المدير التنفيذي لقطاع المياه بـ "نيوم" السيد قافين فان توندر في ورقته التي جاءت بعنوان "بناء إستراتيجية استدامة المياه في المناطق الجديدة"، بمدى حرصهم في "نيوم" على تحقيق استدامة المياه، مشيراً إلى مصادر المياه التي يتعاملون معها، إذ تمثل مياه البحر المصدر الأول للمياه بالنسبة لهم، مشيراً إلى اعتمادهم خطة لمعالجة المياه المستخدمة بحيث تكون صالحةً للشرب، بجانب الاستفادة منها في أغراض أخرى، لافتاً الانتباه إلى الطاقة المستخدمة في "نيوم"، المتميزة بأنها طاقة نظيفة صديقة للبيئة.
وكشف عن نيتهم بإعادة استخدام 99% من المياه بشتى الطرق حول المدينة، بما يضمن لهم حماية البيئة وعدم الإضرار بها، لأن ذلك واحد من أهم أهدافهم الواجب تحقيقها، مشيراً إلى اتخاذ إجراءات وتدابير أخرى من شأنها توفير موارد أكثر للمياه في مختلف الظروف، مبيناً أنهم في هذا الجانب سيستعينون بخزانات وحاويات، صممت لاستقبال مياه الأمطار وحفظها، للاستفادة منها داخل "نيوم"، والتي من المنتظر أن تخصص لخدمة سكان المدينة، الذين نعدّهم في "نيوم" أولوية، لذا فنحن اليوم في "نيوم" نعكف على إيجاد تقنية تمكّن من تنبيه السكان وإحاطتهم، في حال حدوث عطل أو ما شابه في أنابيب المياه داخل المنازل.
وركزت حلقة النقاش التي أدارها الرئيس التنفيذي عضو مجلس الإدارة بشركة البواني للمياه والطاقة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ، على الجوانب الاستثمارية في قطاع المياه، التي تحتم الاتجاه بشكلٍ أوسع وأكبر نحو خصخصة هذا القطاع الحيوي المهم.
وكان الدكتور آل الشيخ قد سجل إشادةً وإعجاباً بالمحاور المطروحة في هذا المنتدى التي أخذت المتخصصين والعاملين في هذا القطاع إلى آفاق رحبة باتجاه أهداف أكبر تعنى باستدامة المياه، وتأثير هذه الاستدامة على التنمية في مختلف الشؤون لدورها في منح التنمية عموماً خاصية الاستدامة، منوّهاً بالجهود المبذولة في المنتدى، التي أسهمت في جمعه تحت مظلته، للجهات الحكومية والأهلية، العاملة في قطاع المياه، مؤكداً أن ذلك يضعهم أمام مسؤولية كبيرة تتمثل في تحقيق عديد القفزات التنموية لنهضة قطاع المياه بما يضمن له بلوغ هدف الاستدامة.
وعن دور المواطن في هذا الجانب بين الدكتور آل الشيخ أن دور المواطن أساسي، وذلك من خلال إدراكه ووعيه بالضرورة القصوى لترشيد المياه، لاسيما أنه المستفيد الأول من هذا السعي الذي نطمح للوصول به إلى أقصى ما يمكن من الإنجاز، الذي يعدّ إنجازاً للوطن مظلتنا جميعاً.
وناقش وكيل الوزارة للشؤون الاقتصادية والاستثمار عبدالرحمن بن محمد الزغيبي، إستراتيجيات وخطط التخصيص في قطاع المياه، بينما تناول الرئيس التنفيذي للشركة السعودية لشراكات المياه المهندس بن زويد القرشي، الاستثمار في قطاع المياه للمشاريع الجديدة، وقدم الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية المهندس محمد بن أحمد الموكلي، عرضاً عن الفرص الاستثمارية لمشاركة القطاع الخاص في قطاع توزيع المياه، واستعرض نائب المحافظ للتخطيط والتطوير المؤسسة العامة لتحلية المياه الوطنية، المهندس عبدالله إبراهيم العبدالكريم ورقة علمية عن الفرص الاستثمارية لمشاركة القطاع الخاص في قطاع إنتاج المياه (التحلية).
وناقش المتحدثون خطط تخصيص مشاريع المياه في جميع مناطق المملكة، وإشراك القطاع الخاص في تنفيذ وتشغيل مشاريع إنتاج وتوزيع المياه ومعالجة الصرف الصحي، بهدف تقليل التكلفة، مؤكدين أن الخطط توضع بناء على دراسات العرض والطلب، ودراسة طبيعة مصادر المياه في كل منطقة، وتحدث هذه الدراسات كل 6 أشهر بناء على المتغيرات.
وتناولت الحلقة عددًا من المحاور حول التقنيات الجديدة في المشروعات الجديدة، بهدف تغطية الطلب المتزايد، وتشجيع المشاركة بين القطاعين العام والخاص، داعين إلى ضرورة عمل توازن في تطبيق الشروط والإجراءات بين المستثمر المحلي والأجنبي لدعم التوطين وتطوير المحتوى المحلي.
وأشاروا إلى أن الأمن المائي والمحافظة على المخزون الإستراتيجي للمياه من الأهداف الإستراتيجية للوزارة، مؤكدين أن التركيز على قطاع التحلية يسهم بنسبة كبيرة في المحافظة على مصادر المياه غير المتجددة، داعين إلى ضرورة ترشيد المياه، ومشاركة المجتمع في المحافظة على هذه الثروة الوطنية.
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "السياسات والتشريعات ودورها في المحافظة على استدامة المياه"، وقدم فيها معالي محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج لنظام المياه الشامل للمحافظة على مصادر المياه الدكتور عبدالله بن محمد الشهري، "دور هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في الحفاظ على استدامة المياه"، فيما ركز المدير العام للإدارة العامة لتنظيم المياه في وزارة في البيئة والمياه والزراعة الدكتور عبدالعزيز بن محمد الشعيبي، على نظام المياه الشامل للمحافظة على مصادر المياه، وجاءت ثالث أوراق العمل في هذه الجلسة مناقشةً دور التشريعات البيئية في استدامة المياه، التي أكد فيها مدير إدارة التشريعات البيئية في وزارة البيئة والمياه والزراعة علي بن سعيد الغامدي، مدى الارتباط الوثيق بينهما، ولزوم الاهتمام بالتشريعات البيئية، بما يتماشى مع ترشيد استهلاك المياه، وتوفير الفرصة التي من خلالها المحافظة على موارد المياه.
وذهبت الخبيرة في الشؤون الاقتصادية البيئية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كاثلين دومينيك إلى ما يعرف بالأمن المائي وضرورة تمويله لتحقيق نمو مستدام في قطاع المياه، فيما فضل المهندس محمد عبداللطيف تسليط الضوء على قرار إيقاف زراعة الأعلاف، لاستهلاكها كميات كبيرة من الماء، طوال فترة ريها، الأمر الذي لا يوازي المردود المنتظر من زراعتها، مؤكداً أن هذا القرار أسهم في الاستفادة من كميات المياه الوفيرة التي كانت مخصصة لري الأعلاف، وتحويلها لري محاصيل أخرى أهم وأكثر جدوى على الصعيد الاستثماري والغذائي.
وناقش المشاركون في المنتدى خلال جلسة أخرى المحتوى المحلي وتوطين تقنيات المياه، حيث تناول المهندس عبدالحكيم بن سيف المدير العام للمحتوى المحلي في المؤسسة العامة للمياه المالحة، توطين تقنيات المياه في المؤسسة العامة لتحلية المياه، مؤكداً أن المؤسسة نجحت في إنتاج 5.6 مليون متر مكعب وهو الأعلى عالمياً، بينما تناول المدير العام للمشتريات في شركة أرامكو السعودية ناصر اليامي، جهود الشركة في تعزيز المحتوى المحلي، وتناول المدير عام سلسلة الإمداد في شركة المياه الوطنية، توطين تقنيات المياه في شركة المياه، مبيناً أن الشركة أنجزت 120.6 ألف توصيلة مياه وصرف صحي خلال 2018م، و3320 كيلو متر شبكات إضافية، وبلغت سعات الخزن الإستراتيجي نحو 1.4 مليون متر مكعب، موضحاً أن عدد محطات تنقية المياه بلغت 155.800 متر مكعب، ومحطات معالجة البيئة 309.500 متر مكعب.
وقدمت الشركة السعودية لشراكات المياه خلال ورشة العمل الخامسة بعنوان: "مشاركة القطاع الخاص في مشاريع المياه والصرف الصحي"، عرضاً تضمن المشاريع الحالية تحت التنفيذ، وأهم ما تم تحقيقه خلال العام 2018م، والتحديات المستقبلية والحلول، إضافة إلى هيكلة التخصيص وتوزيع المخاطر، والمشاريع التي طرحت العام الماضي، والمشاريع التي ستطرح خلال العامين 2019 و2020.