تسبب تفشي جائحة فيروس كورونا في تجميد أنشطة العديد من القطاعات، بينما سجّل قطاع التشييد والبناء نموًا معتدلًا منذ وقوع هذه الجائحة.
ومع ذلك، فإن الشرق الأوسط وأفريقيا قد أحسنتا في العموم السيطرة على الجائحة، وعلى الرغم من التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الجائحة، إلا أن هناك فرصة منتظرة للانتعاش خلال الربع الأول من عام 2021.
من ناحية أخرى، أعلنت "بيزنيس واير" أن قطاع التشييد والبناء في الشرق الأوسط وأفريقيا سيسجل معدل نمو سنوي قدره 7.1 % بحلول عام 2024. ومع ذلك، فقد أبطأت الجائحة الأنشطة كافة، وصار الشاغل الأساسي تأخر الجداول الزمنية الناجم عن آثار فيروس كورونا.
ومع ذلك، سيتعين على قطاع التشييد والبناء التكيّف مع الوضع الجديد للحفاظ على استمرارية المشروعات. ونتيجة لهذا، ظهرت عدة اتجاهات مؤخرًا ستعيد تشكيل هذا القطاع. ووفقاً للسيد صفدار بادامي، المدير التنفيذي لمجموعة المكرّم تشمل هذه الاتجاهات ما يلي:
تشكّل الحركة الخضراء
يعود مفهوم التنمية المستدامة إلى حقبة السبعينيات. إذ يجب على المقاولين تشييد مبانٍ صديقة للبيئة ومقتصدة في الموارد التزامًا منهم ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة، بداية من تحديد المواقع وحتى التصميم والبناء والتشغيل والصيانة والتجديد والتفكيك.
أما التقنيات الجديدة فتظهر لتتكامل مع الاتجاهات الناشئة، ولكن هناك هدف ثابت في النهاية؛ ألا وهو "الحد من الأثر الإجمالي للمباني على صحة الإنسان والبيئة."
التصنيع المسبق والتصميم النموذجي
عُقد المؤتمر الأول للأمم المتحدة للتجارة والتنمية في جنيف في عام 1964. ومنذ ذلك الحين، كانت هناك زيادة في التصنيع المسبق للمكونات المتعددة، مما يسمح بتشييد عدة مبانٍ في مدة زمنية أقصر.
ومن الأمثلة على ذلك بناء أول مكتب بطريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم بدبي في 17 يومًا. يعتقد الخبراء أن هذه الممارسة تساعد على توفير الوقت والموارد الأخرى. من المرجح أن نشهد إقبالًا على هذه الجبهة، في ظل سباق المزيد من شركات البناء مع الزمن ومحاولة الوفاء بمواعيد التسليم الصارمة لاستكمال مشاريعهم المخصصة.
الابتكار
ذكر تقرير صادر عن شركة ماكينزي وشركاءه أن أكثر من 49% من جميع مهام البناء يمكن أتمتتها، ولا يقتصر هذا على زيادة الجدوى الاقتصادية فحسب، بل سيؤدي إلى تحسين جودة العمل أيضًا.
لأسباب واضحة؛ أصبح الابتكار الآن اتجاهًا سريع النمو في مجال تصنيع معدات البناء ومواده. يواجه قطاع التشييد والبناء الحاجة إلى توفير خدمات أفضل وتقديم مبانٍ مستدامة وحديثة وأكثر أمنًا. ولذلك، سيستمر الابتكار مضطلعًا بدور حيوي في قطاع التشييد والبناء، ليس فقط في المنطقة وحسب ولكن على الصعيد العالمي أيضًا.
البنية التحتية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
شهد عام 2020 أداءً قاتمًا في القطاع في جميع أنحاء العالم بسبب آثار الجائحة، لكن عام 2021 يبدو واعدًا مع التوقع بعودة النمو خلال الربع الأول.
من المتوقع أن يشهد قطاع البناء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2021 وما يليه نموًا حقيقيًا يصل إلى 3.5%.
قد يؤدي انهيار شركة أرابتك للإنشاء في دولة الإمارات إلى تباعد توقعات النمو في هذا السوق الحرجة. ومع ذلك، فقد ساهم أيضًا في تغيير العقلية لإعطاء الشركات مجالًا تنافسيًا في المنطقة.
يشهد المجال العقاري حاليًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحولاً؛ إذ تتبلور مشروعات كبرى مثل معرض إكسبو 2020 الذي طال انتظاره في دولة الإمارات. يُركز العالم نظره على الشرق الأوسط؛ ليس فقط لضمان تلبية التحول للمعايير العالمية، ولكن أيضًا ليكون هذا التحوّل بمثابة معيار لهذه الصناعة.
وعلى الرغم من آثار الجائحة وفي ظل الاتجاهات الجديدة المستمرة في الظهور، لا يزال قطاع التشييد والبناء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قادرًا على الصمود، فبإمكانه مواجهة التحديات العالمية والمحلية والصناعية.
أصدرت شركة "لاين سايت" العالمية الرائدة في استشارات الإنشاءات مؤخرًا نتائجها فيما يتعلق بقطاع البناء والتشييد في الشرق الأوسط، وتحديدًا في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت، وسلطت النتائج الضوء على التباطؤ الاقتصادي بسبب آثار جائحة فيروس كورونا، وسجلت فرصة للنمو البسيط المتوقع داخل القطاع في عام 2021 وما بعده. وعلى الصعيد الإيجابي، فإن القيود التي فرضتها الجائحة تحفز المزيد من التقدم في قطاع التشييد والبناء، وستظهر النتائج على ذلك قريبًا.