شهد القطاع العقاري في دبي خلال الربع الثاني من عام 2020، ظروفاً صعبة فرضتها تدابير التباعد الاجتماعي والإجراءات الاحترازية المرتبطة بفيروس كوفيد-19، الذي ترك أثراً سلبياً واضحاً على أداء السوق بشكلٍ خاص والواقع الاقتصادي على نطاقٍ أوسع. ولكن على الرغم من ذلك، أشار ارتفاع عدد التصرفات العقارية في شهر يونيو إلى وجود مؤشرات إيجابية في هذا الجانب، حيث من المتوقع أن نشهد تحسناً في حجم المبيعات في الربع الثالث، وذلك وفقاً للتقرير الأخير "مراقبة السوق العقاري في دبي خلال الربع الثاني من عام 2020" والصادر عن شركة تشيسترتنس.
على مستوى التصرفات العقارية، بلغ إجمالي عدد المعاملات العقارية السكنية 5,233 معاملة خلال الربع الثاني من العام الحالي، بانخفاض قدره 40% على أساس سنوي و45% على أساس ربع سنوي، بقيمة بلغت 9.06 مليار درهم إماراتي. يُعزى الانخفاض الحاد في المعاملات بصورة رئيسية إلى التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية التي تم تطبيقها للحد من تفشي فيروس كوفيد-19، والتي أثرت بشكلٍ كبير على المبايعات العقارية خلال شهري أبريل ومايو التي سجلت 1,739 و1,373 مبايعة على التوالي.
بهذه المناسبة، قال كريس هوبدن، رئيس الاستشارات الإستراتيجية لدى تشيسترتنس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "في الوقت الذي نتوقع فيه أن نشهد انخفاضاً في أسعار الوحدات السكنية وتراجعاً في معدلات الإيجار بشكلٍ أكبر خلال النصف الثاني من عام 2020، نتيجةً للتقلبات الاقتصادية وحالة الركود التي نمر بها وكذلك التراجع المحتمل في أعداد المقيمين في دبي، إلا أن هنالك بعض المؤشرات الإيجابية التي يمكن استخلاصها من نتائج الربع الثاني، والاستفادة منها في دعم القطاع العقاري السكني في دبي خلال الفترة المقبلة.
"إن الانخفاض الملحوظ في مبيعات الوحدات السكنية الجديدة على المخطط، والتي بلغت 4,458 وحدة خلال النصف الأول من عام 2020، مقارنةً بـ 12,222 وحدة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، و21,435 وحدة في النصف الأول من عام 2018، يعد شيئاً إيجابياً بالنسبة لديناميكية العرض والطلب على المدى المتوسط. هذا وسيسهم إصدار "المؤشر" وهو مؤشر أسعار البيع الرسمي في إمارة دبي، في زيادة الشفافية ورفع ثقة المستثمرين".
في سوق المبيعات، انخفض متوسط أسعار الشقق السكنية بنسبة 2.6% مقارنةً بالربع الأول من عام 2020، وبنسبة 9.8% على أساس سنوي. في هذا الصدد، شهدت منطقة ديسكفري جاردنز الانخفاض الأكبر على مستوى المبيعات بنسبة 6.1%، ليصل سعر القدم المربع إلى 524 درهم إماراتي، تليها مباشرةً موتور سيتي، حيث تراجعت الأسعار فيها بنسبة 5.3%، وبواقع 535 درهم لكل قدم مربع.
وفي منطقة "ذا جرينز"، انخفضت الأسعار بشكلٍ طفيف بنسبة 0.5% وبواقع 836 درهم إماراتي لكل قدم مربع، في حين شهدت منطقة "الخليج التجاري" تراجعاً معقولاً في الأسعار بلغ 1% فقط، ليصل سعر القدم المربع فيها إلى 997 درهم. أما منطقة "مرسى دبي"، فقد سجلت هي الأخرى هبوطاً مقبولاً بنسبة 1.1%، وبواقع 1,009 درهم للقدم المربع. في هذا الصدد، انخفضت أسعار الشقق السكنية على أساس سنوي بنسبة 9.8%.
بالانتقال إلى أسعار الفلل السكنية، شهد الربع الثاني انخفاضاً ضئيلاً بنسبة 1.2%، في حين وصل معدل الانخفاض على أساس سنوي إلى 7.1%.
ففي منطقة نخلة جميرا التي تعد من أكثر المناطق ازدهاراً في سوق مبيعات الفلل، انخفضت الأسعار في هذا الربع بواقع 2.2%، ليستقر سعر القدم المربع عند 1,820 درهم. في الوقت الذي شهدت فيها مناطق "ذا ميدوز" والينابيع "ذا سبرينغز" تراجعاً بنسبة 2% على أساس ربع سنوي، بعد أن سجلت ارتفاعاً بنسبة 1.2% في الربع السابق، ليصل سعر القدم المربع إلى 815 درهم.
أما مناطق البحيرات والمرابع العربية وجميرا بارك، فقد شهدت تراجعاً ضئيلاً في أسعار الفلل بنسبة أقل من 1% على أساس ربع سنوي وبواقع 0.4% و0.6% و0.7% على التوالي. في ضوء ذلك، انخفض سعر القدم المربع في منطقة البحيرات من 1,038 درهم في الربع الثاني من عام 2019 إلى 980 درهم في الربع الثاني من عام 2020، في حين استقر متوسط سعر القدم المربع في كل من المرابع العربية وجميرا بارك عند 790 درهم و720 درهم على التوالي.
وعلى أساس سنوي، شهدت منطقة جميرا بارك الانخفاض الأكبر في متوسط الأسعار، ليهبط سعر القدم المربع إلى 720 درهماً بانخفاض قدره 12.9%.
تعليقاً على ذلك، أضاف هوبدن قائلاً: "في معظم الأحيان كانت هنالك فجوة بين توقعات أسعار المشتري والبائع في الربع الثاني من هذا العام، حيث نتوقع أن تتجه الأسعار إلى المزيد من الانخفاض بالتزامن مع نمو عدد التعاملات العقارية".
وفي سوق تأجير الشقق السكنية في دبي، انخفضت المعدلات بنسبة 3.9% في الربع الثاني من هذا العام، حيث شهدت جميع المناطق السكنية في الإمارة تراجعاً في معدلات الإيجار نتيجة التأثير المباشر لجائحة كورونا على الوضع الاقتصادي. في هذا الإطار، شهدت منطقة موتور سيتي أكبر انخفاض ربع سنوي في إيجار الشقق بنسبة 6.6%، حيث بات بالإمكان استئجار شقة مكونة من غرفة نوم واحدة مقابل 53,000 درهم إماراتي سنوياً، في حين أن وصل معدل استئجار شقة مؤلفة من ثلاث غرف نوم في منطقة دبي لاند إلى 99,000 درهم سنوياً بانخفاض نسبته 10%.
في المقابل، استقرت معدلات الإيجار للوحدات السكنية المكونة من ثلاث غرف نوم في كل من "إنترناشونال سيتي" ومركز دبي المالي العالمي عند 65,000 درهم و175,000 درهم سنوياً على التوالي، وهو ما يشير إلى أن الأسعار وصلت إلى حدها الأدنى بالفعل. في الوقت ذاته، بقيت أسعار الإيجار للوحدات المكونة من ثلاث غرف نوم في أبراج بحيرات جميرا دون تغيير عند 118,500 درهم في السنة، وهو ما يسلط الضوء بشكلٍ أكبر على الوحدات السكنية الأكبر حجماً في ظل جائحة كوفيد-19.
وعلى أساس سنوي، شهد متوسط الإيجارات في كل من موتور سيتي و"ذا فيوز" الانخفاض الأكبر بنسبة 14.8% و13.2% على التوالي. فيما سجلت معدلات الإيجار في "ذا جرينز" وواحة دبي للسيليكون ومدينة دبي الرياضية وديسكفري جاردنز انخفاضاً مضاعفاً منذ الربع الثاني من عام 2019، مع هبوط متوسط إيجار الشقة المؤلفة من غرفة نوم واحدة إلى 59,350 درهم و38,000 درهم و40,000 درهم و45,000 درهم سنوياً على التوالي.
من جانبه شهد سوق تأجير الفلل انخفاضاً متوقعاً بنسبة 2.6% على أساس ربع سنوي، وكان الانخفاض الأكبر في منطقة عقارات جميرا للجولف بتراجع قدره 2.2%، حيث وصل متوسط استئجار فيلا مكونة من ثلاث غرف نوم إلى 165,000 درهم سنوياً، أما في المرابع العربية، فقد تراجعت معدلات الإيجار بنسبة 2.3%، وأصبحت الفيلا المكونة من ثلاث غرف نوم متاحة مقابل 140,000 درهم سنوياً.
وعلى أساس سنوي، شهدت كل من الينابيع و"ذا ميدوز" أكبر انخفاض سنوي في معدلات الإيجار بنسبة 12.2% و12.7% على التوالي، وذلك مقارنةً بالربع الثاني من عام 2019، وباتت الفيلا المكونة من ثلاث غرف نوم متاحة مقابل 130,000 درهم سنوياً في منطقة الينابيع و165,000 درهم سنوياً في "ذا ميدوز". أما مناطق جزر جميرا ونخلة جميرا والبحيرات، فقد سجلت انخفاض سنوي على مستوى الإيجارات بنسبة 2.9% و3.1% و5%، وبات بالإمكان استئجار وحدات سكنية مكونة من ثلاث غرف نوم مقابل 138,000 درهم و250,000 درهم و163,000 درهم على التوالي.
واختتم هوبدن بالقول: "مع الهبوط السنوي بنسبة 9.5% و7.2%، فإننا نتوقع أن يتحمل ملّاك العقارات الجزء الأكبر من هذا التراجع، مع انتظارهم بدء تعافي السوق. من وجهة نظر المستأجرين، تعد هذه الأرقام جيدة ومبشرة، وستخفف الكثير من الأعباء المالية التي تواجه الناس في الوقت الراهن نتيجة خفض الرواتب.
"في المرحلة المقبلة، نتوقع أن تقوم العائلات التي بإمكانها تحمل تكاليف الإيجارات بالانتقال إلى وحدات سكنية ذات المساحات الأكبر، حيث يعد الانتقال من العيش في شقة سكنية إلى فيلا مع حديقة خارجية، خياراً مثالياً للكثير من العائلات. في الوقت الذي من المتوقع أن تواجه فيه شقق الاستوديو تحديات أكبر من غيرها، جنباً إلى جنب مع الأبراج السكنية المعزولة التي تحتوي على عدد قليل من المرافق، حيث يتطلع الناس إلى الحصول على المزيد من الخدمات مقابل الأموال التي يدفعونها.